بدأت حملة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في تحويل صورته الجنائية الخاصمة بقضية التلاعب في الانتخابات بولاية جورجيا، إلى "سلاح سياسي"، من خلال جمع تبرعات وإنتاج سلع ترويجية باستخدام صورته، التي ظهر يحدق فيها بنظرات نارية، في حين علّق خلفه الرئيس جو بايدن ساخراً، "رجل وسيم".
ونُشرت الصورة الجنائية لترمب، في سابقة هي الأولى لرئيس أميركي في تاريخ الولايات المتحدة، بعد احتجازه لمدة 20 دقيقة في سجن فولتون المتهالك في أتلانتا بولاية جورجيا، الخميس، على خلفية اتهامات بمحاولة التلاعب بنتيجة انتخابات الولاية عام 2020.
ولائحة اتهام ولاية جورجيا هي الرابعة بحق ترمب، ولكنها الأولى التي يصدر عنها صورة جنائية، وهو إجراء غالباً ما يرتبط بتجار المخدرات أو السائقين المخمورين.
في الصورة الأيقونية، يظهر ترمب الذي كان في السابق أقوى رجل في العالم، عابساً أمام الكاميرا بينما كان يرتدي بدلته الزرقاء المعتادة وقميصاً أبيض وربطة عنق حمراء.
وظهرت الصورة على الشاشات في جميع أنحاء البلاد، وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، وتصدرت الصفحات الأولى لصحف "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، والصحف في جميع أنحاء العالم.
وبينما اعتبر الملايين الصورة "رمزاً للعدالة التي لاحقت في نهاية المطاف متآمراً غير نادم، ودليلاً على أنه لا أحد فوق القانون"، رأى ملايين آخرون فيها "وجهاً للتحدي، وصورة لا تمحى لمضطهد استهدفه أعداؤه".
"رجل وسيم"
وعلّق الرئيس بايدن، الجمعة، على الصورة الجنائية لترمب بعد احتجازه في سجن مقاطعة فولتون، قائلاً إن منافسه السياسي الرئيسي "رجل وسيم"، ما أثار تفاعلاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال بايدن، للصحافيين خلال قضاء عطلته في بحيرة تاهو، بولاية كاليفورنيا: "لقد رأيتها بالفعل على شاشة التلفزيون. رجل وسيم".
وقال ترمب لشبكة "فوكس ديجيتال"، بعد الواقعة: "لقد أصروا على التصوير، ووافقت على القيام بذلك. هذه هي المرة الوحيدة التي يتم فيها التقاط صورة جنائية لي".
"سلاح سياسي" ومكاسب
وبعد إطلاق سراحه بكفالة قدرها 200 ألف دولار، لم يهدر ترمب أي وقت في السعي لتحقيق مكاسب. وعلى منصة التواصل "إكس" تويتر سابقاً، نشر الصورة الجنائية وعبارة "تدخل في الانتخابات. لا تستسلم أبداً!" مع رابط لموقعه على الإنترنت، يوجه إلى صفحة جمع التبرعات.
وكانت هذه أول مشاركة له منذ 8 يناير 2021، عندما أوقفت شركة تويتر حسابه بعد الهجوم على مبنى الكابيتول، قبل استعادته في نوفمبر الماضي، بعد وقت قصير من شراء الملياردير إيلون ماسك للشركة، ليكسر ترمب صمتاً دام أكثير من عامين، ثم يطمأن متابعيه بأنه سيظل متمسكاً بمنصته للتواصل "تروث سوشيال" (Truth Social).
جاء هذا المنشور بينما كان ترمب عائداً إلى نيوجيرسي. والرئيس السابق لديه على منصة "إكس" 86.6 مليون متابع، متخطياً بدرجة كبيرة منافسيه في سباق عام 2024، على المنصة التي استخدمها "كمكبر صوت شخصي" قبل وأثناء رئاسته.
في غضون ذلك، طبعت حملة ترمب لعام 2024 صورته الجنائية على قوارير وأكواب قهوة، وقبعات وقمصان وغيرها من البضائع. وورد في أحد الإعلانات المرسلة بالبريد إلكتروني عن قميص: "أخبار عاجلة: الصورة الجنائية هنا"، وأضاف: "هذه الصورة ستظل خالدة في التاريخ إلى الأبد كرمز لتحدي أميركا للاستبداد".
واعتبرت الصحيفة أن هذه الصورة بمثابة "مصدر ربح ضروري، بالنظر إلى حجم الأموال التي تنفقها حملة ترمب على المحامين، إذ يواجه 91 تهمة جنائية في 4 ولايات قضائية. ويمكن أن تكون أيضاً نقطة حشد لجهوده لاستعادة البيت الأبيض، وربما أفضل آماله في تجنب السجن".
مع ذلك، قال كريس لاسيفيتا، مساعد ترمب، على منصة "إكس"، ليل الخميس: "إذا كنت عضواً في الحملة الانتخابية، أو لجنة العمل السياسي، أو محتالاً، وحاولت جمع الأموال من الصورة الجنائية لدونالد ترمب، دون الحصول على موافقة مسبقة.. فسنلاحقك.. لن تخدع المانحين".
تجدر الإشارة إلى أن الحملة جمعت أكثر من 5 ملايين دولار خلال 48 ساعة بعد أول لائحة اتهام جنائية له هذا العام في الدعوى القضائية التي رفعها المدعي العام لمقاطعة مانهاتن ألفين ألفين براج، بحسب موقع "أكسيوس".
انتقادات جمهورية
وقال نجل الرئيس السابق دونالد ترمب جونيور، للصحافيين، بعد أول مناظرة بين الجمهوريين في ميلووكي، الأربعاء: "ستكون الصورة الأكثر شهرة في تاريخ السياسة الأميركية، إذا لم تكن في تاريخ الولايات المتحدة".
وعندما سألته "الجارديان"، عما إذا كان والده يخشى الذهاب إلى السجن، أجاب: "لقد اعتدنا على هذا، حتى أننا لا نفكر في الأمر. نحن نمزح لأننا نفهم بالضبط ما يحدث، ونأمل أن ينتبه الشعب الأميركي أيضاً إلى ما يحدث بالضبط".
وأضاف: "هذه هي الأمور التي سيغضب منها الحزب الديمقراطي، والعديد من وسائل الإعلام عندما يحدث ذلك في روسيا. عندما يحدث ذلك في الولايات المتحدة، فإنهم يكونون هادئين بشكل غريب، وهذا أمر ذو مغزى".
على نحو مماثل، شارك جمهوريون متشددون في لهجة الخطاب المؤجج، إذ قالت سارة بالين، حاكمة ألاسكا السابقة والمرشحة لمنصب نائب الرئيس، لشبكة "نيوزماكس" اليمينية: "أولئك الذين يديرون هذه المهزلة ويخلقون نظام العدالة ذو المستويين، أريد أن أسألهم هل تريدون أن تتسببوا في حرب أهلية؟ لأن هذا ما سيحدث"، مضيفة: "لن نستمر في تحمل هذا الأمر".
"ركوب الموجة"
ومع انتشار صورة ترمب على منصات التواصل الاجتماعي، حاول بعض الجمهوريين "ركوب الموجة" ونشر صورهم الجنائية المزيفة، ما دفع حملة ترمب للتهديد بـ"ملاحقة أي محتال" يستخدم الصورة لجمع الأموال.
وفي تعليق على الأمر، قال الأستاذ بجامعة جنوب كاليفورنيا مارتي كابلان، لوكالة "أسوشيتد برس"، إن الصورة الجنائية الشهيرة، وهي أول صورة تلقطها لرئيس أميركي سابق أو حالي، "ستكون إلى الأبد جزءاً من أيقونات كونك على قيد الحياة في هذا الوقت".
ونشرت النائبة الجمهورية عن ولاية جورجيا، مارجوري تايلور جرين، صورة معدلة لنفسها بالفوتوشوب على منصة "إكس" في إطار التصوير الجنائي الخاص بمقاطعة فولتون. ونفس الشيء فعله المدون المحافظ جيم هوفت، والناشطة المؤيدة لترمب، إيمي كريمر.
وحتى لا يتفوق عليه أحد، نشر، ديريك إيفانز، النائب السابق عن ولاية ساوث فرجينيا، والمدان في أحداث 6 يناير، صورته الشخصية إلى جانب صورة ترمب على منصتي "إكس" و"تروث سوشيال".
اقرأ أيضاً:
