مناظرة الجمهوريين.. ترمب يربح بالغياب وديسانتيس ينجو بـ"الهدوء"

المرشحون الجمهوريون مايك بنس، ورون ديسانتيس، ونيكي هالي، وفيفيك راماسوامي، في المناظرة الأولى للحزب الجمهوري. 23 أغسطس 2023 - REUTERS
المرشحون الجمهوريون مايك بنس، ورون ديسانتيس، ونيكي هالي، وفيفيك راماسوامي، في المناظرة الأولى للحزب الجمهوري. 23 أغسطس 2023 - REUTERS
واشنطن-رشا جدة

رغم غيابه عن المناظرة التمهيدية الأولى للمرشحين الجمهوريين، الأربعاء، كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب "الغائب الحاضر" خلال المناقشات، وأبرز المستفيدين بحسب استطلاعات رأى.

وقال خبراء ومحللون، لـ"الشرق"، إن السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي كانت أبرز من تركت انطباعات جيدة بعد المناظرة، فيما سلطوا الضوء على استراتيجية حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس "الباردة"، معتبرين أنها جنبته سهام المشاركين.

وقرر ترمب إجراء مقابلة مع مذيع شبكة Fox News السابق تاكر كارلسون على منصة "X"، تويتر سابقاً، وعدم المشاركة في المناظرة، وتمكن من الهيمنة على التغطية الإخبارية والتقليل من أهمية الحدث الجمهوري بالنسبة لكثيرين.

وأظهر استطلاع رأي، أجرته وكالة "رويترز" وشركة "إبسوس"، تقدم ترمب على ديسانتيس بنحو 40 نقطة مئوية في السباق للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، رغم تخلفه عن المناظرة.

وشارك في الاستطلاع عبر الإنترنت 1004 ناخبين أميركيين، بينهم 347 جمهورياً في جميع أنحاء الولايات المتحدة، واستمر لمدة يومين حتى الجمعة.

وتصدر ترمب خيارات الجمهوريين المشاركين في الاستطلاع بنسبة 52%، بينما استمر ديسانتيس في المركز الثاني بنسبة لا تتجاوز 13%.

وحصل نائب الرئيس السابق مايك بنس على 6%، وحصد رجل الأعمال فيفيك راماسوامي 5%، والسفيرة الأممية السابقة نيكي هالي 4%.

صورة توضيحية تظهر نتائح استطلاع اجرته وكالة
صورة توضيحية تظهر نتائج استطلاع اجرته وكالة "رويترز" وشركة "إبسوس" - REUTERS/Ipsos

أفضل الانطباعات

وترك ديسانتيس وهالي وراماسوامي أفضل الانطباعات، بحسب استطلاع رأي سريع، أجراه موقع FiveThirtyEight بالشراكة مع شركة "إبسوس" وصحيفة "واشنطن بوست".

واستهدف الاستطلاع مجموعة من الناخبين الجمهوريين المحتملين في الانتخابات التمهيدية، وذلك قبل وبعد صعود المرشحين إلى منصة المناظرة.

وطلب الاستطلاع من المشاركين تقييم مدى توقعهم لأداء كل مرشح على مقياس من 5 نقاط من "ممتاز" إلى "سيئ" قبل وبعد المناظرة.

وقال 14% من المشاركين إن حاكم "أركنساس" السابق آسا هاتشينسون قدم أسوأ أداء، إلا أنه لم يكن الفائز بلقب "الأداء الأسوأ"، إذ وصف 22% ممن شملهم الاستطلاع حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي بأنه أسوأ مُناظر.

صورة توضيحية تظهر نتائج استطلاع أجرته صحيفة
صورة توضيحية تظهر نتائج استطلاع أجرته صحيفة "واشنطن بوست" وFiveThirtyEight و"إبسوس" - The Washington Post

 نتائج سابقة لأوانها

أستاذ الإدارة السياسية ومدير الأبحاث في مركز الإدارة السياسية بجامعة "جورج واشنطن"، مايكل كورنفيلد، قال لـ"الشرق" إن "من السابق لأوانه" معرفة الفائز الذي حظي بمعدلات مرتفعة حقيقية في تلك المناظرة.

وأرجع كورنفيلد السبب إلى أن "المانحين والناخبين لم يسجلوا بعد ردود أفعالهم"، موضحاً أن الأمر ربما يحتاج إلى أسبوع كامل على الأقل لخروج استطلاعات آراء مدروسة يمكن الاعتماد على نتائجها.

ورغم عدم اعتداده بنتائج المناظرة في هذا التوقيت، رأى كورنفيلد أن هالي قدمت الأفضل، مشيداً بإجاباتها "الجوهرية التي قالتها بشغف". واعتبر أن راماسوامي كان الأسوأ، والآخرون في المنتصف.

واتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة "نيوهامبشير"، أندرو إي سميث، مع كورنفيلد، في أن المانحين مازالوا يدرسون خياراتهم ويعيدون ترتيب أوراقهم بعد المناظرة الأولى لاختيار أفضل المرشحين الذي سيدعمونهم، واستدرك: "لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للناخبين".

وأوضح سميث لـ"الشرق"، أن المناظرة لم تحظ بنسبة مشاهدة عالية، مستبعداً أن يكون السبب مقابلة ترمب على منصة "فوكس نيوز"، مضيفاً: "المشاهدات كانت قليلة بسبب طبيعة الشعب الأميركي الذي لا يهتم كثيراً بالسياسة، ولا ينشغل بالقضايا السياسية كثيراً".

نيكي.. أفضل من التوقعات

أداء نيكي هالي الجيد، كان أبرز نتائج استطلاع رأي "فايف ثيرتي إيت"، إذ زادت نسبة الراغبين في تأييدها قبل المناظرة من 30% إلى 47% بعد انتهائها.

وفي استطلاع "رويترز"، رجح حوالي 4 من كل 10 جمهوريين دعم هالي أو راماسوامي بناءً على المناظرة.

وقدمت هالي في عرضها صورة قاتمة نسبياً عن الوضع السياسي للحزب الجمهوري، إذ تحدثت عن خسائر الحزب لنتائج الأصوات الشعبية في 7 انتخابات رئاسية من أصل 8، بما في ذلك سباقي ترمب.

وقالت إنه ليس لديها ما يمكنها الوقوف عنده في انتقاد الديمقراطيين بسبب الإنفاق المفرط، ووصفت ترمب، بأنه "أكثر السياسيين المكروهين في أميركا". 

وعند الحديث عن الإجهاض، كانت هالي أكثر تردداً في تبني الحظر الفيدرالي المحتمل، ووصفت نفسها بأنها "مؤيدة للحياة"، وقالت إن الحظر الفيدرالي لن يمرر، ودعت الديمقراطيين والجمهوريين إلى "إيجاد توافق في الآراء" بشأن هذه القضية.

وأظهرت هالي قدرتها على منافسة راماسوامي، الذي احتل قبل المناظرة المركز الثالث بفارق كبير في استطلاعات الرأي الوطنية، وهو ما يجده الخبير السياسي ومدير معهد الدراسات النووية بـ"الجامعة الأميركية في واشنطن"، بيتر كوزنيك، "أمراً شيقاً".

وأضاف كوزنيك لـ"الشرق"، أن هالي بدت أنها الأكثر عقلانية وواقعية، والأكثر جاذبية بين المتناظرين الجمهوريين.

ومع ذلك، قال كوزنيك، إن آراء هالي في السياسة الخارجية تجعلها من "الصقور المتطرفين"، وهو ما لا يتماشى مع غالبية الناخبين الجمهوريين.

واستدرك: "لكن إن كان هناك فائز في تلك المناظرة ستكون هالي ومايك بنس أيضاً".

ظهور مايك بنس

ويتفق سميث مع كوزنيك، في أن هالي قدمت أفضل أداء بين المرشحين، لكنه يرى أيضاً، أن بنس أدى بشكل جيد وأنه برهن على كونه "المحافظ المجرب والحقيقي في السباق، ولم يول أي اهتمام بمؤيدي ترمب الصاخبين في القاعة".

ووصف كوزنيك، أداء بنس في المناظرة بأنه "بدا أكثر شراسة من أي وقت سابق، خاصة عند تطرقه إلى دفاعه عن الدستور خلال هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول".

وأشار كوزنيك إلى أن بنس "حصل على أكبر وقت تلفزيوني بين جميع المرشحين، لقد ناشد الإنجيليين بمناشداته الدينية، وأكد مراراً وتكراراً على خبرته الأعظم".

وتابع: "مع ذلك، فإن وجهات نظره قد تعتبر متطرفة من قبل معظم الأميركيين. لقد وقف في وجه ترمب في السادس من يناير، وحظي بدعم معظم الآخرين على المسرح، لكن وجهات نظره بعيدة كل البعد عن القاعدة الجمهورية، التي يعارض معظمها استمرار تمويل أوكرانيا".

وتوقع كوزنيك أن بنس "ليس لديه عملياً أي طريق نحو النصر، ولا يوجد طريق ليكون مرة أخرى نائب للرئيس، لذا فإن ترشيحه لن يذهب إلى أي مكان".

استراتيجية ديسانتيس

ورأى الخبراء أداء حاكم ولاية فلوريدا، كان مخيباً للآمال. إذ حصد المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي الوطنية بعد ترمب، وكان الرهان يدور بأنه سيُحدث زخماً في غياب الرئيس السابق.

وتوقع الخبراء أنه سيتلقى سهام المرشحين الآخرين لزعزعته، لكن حضوره كان "بارداً"، ولم يستدع حتى الهجوم عليه من منافسيه. حتى أن كوزنيك قال إن ديسانتيس لم يكن موجوداً في المناقشة.

وأضاف: "ربما كانت هذه هي استراتيجيته، الابتعاد عن الأضواء، والسماح للمرشحين الآخرين باستهداف راماسوامي وترمب.. لا أدري".

أما سميث عبر عن اعتقاده بأن ديسانتيس "تلاشى وسط الحشد، وتجاهله المنافسون"، مضيفاً: "بالنسبة لحملة ديسانتيس كان أمراً جيدا ألا تصوب له النيران، خاصة أنه قضى الأشهر الأخيرة بتصنيفات مخيبة للآمال، وانتقادات واسعة كانت يمكن أن تطيح به تماماً، رغم بقائه الأعلى في استطلاعات الرأي بين أطراف المناظرة".

ترمب.. الغائب الحاضر

لم يؤثر قرار ترمب بتجاهل المناظرة على مكانته بين الناخبين الجمهوريين، ورغم غيابه تم استدعاء اسمه أكثر من مرة، أولها من قبل حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة، نيكي هالي، التي وضعته مع جمهوريين آخرين على خشبة المسرح واتهمتهم بالإنفاق بشكل غير مسؤول.

ورغم مواجهة الرئيس السابق 91 تهمة جنائية في 4 قضايا جنائية، يبدو أن ذلك لم يؤد إلا لتعزيز موقعه باعتباره المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري.

وأظهر استطلاع رأى أجرته شبكة CBSNews بالتعاون مع شركة "يوجوف"، الأسبوع الماضي، أن ترمب يحتفظ بأكبر تقدم له في استطلاعات الرأي حتى الآن، بدعم 62% من الناخبين الجمهوريين المحتملين في الانتخابات التمهيدية.

وبيّن الاستطلاع أن ترمب يتقدم على أقرب منافسيه التاليين، ديسانتيس، بفارق 46 نقطة، مع حصول كل المرشحين الآخرين على أرقام فردية.

تقدم يراه أستاذ العلوم السياسية سميث "كبيراً ومؤهلاً للسباق الرئاسي"، مشدداً على أن ترمب لم يتأثر بغيابه عن المناظرة، بل إن "القرار كان ذكياً، وأمنه من خسارة أصوات مؤيدة له، وأثبت أنه مازال محتفظاً بتقدمه ومكانته بين المنافسين الآخرين رغم غيابه".

في الوقت نفسه، يجد الخبير السياسي كوزنيك أن المرشحين الآخرين لم يبد أي منهم استعداداً أو قدرة على منافسة ترمب.

وتابع كوزنيك أن "أنصار ترمب لا يستسلم أي منهم لحقيقة أنه يواجه 4 لوائح اتهام، و91 تهمة، أو ارتكابه جريمة خيانة (...) قالت عنهم هيلاري كلينتون إنهم يرثى لهم. كثيرون منهم من المتعصبين للبيض. وبعضهم فاشيون علنيون. لذا فإن أياً من المرشحين الآخرين ليس مستعداً أو قادراً على الحلول محل ترمب كمرشح جمهوري". 

وتساءل كوزنيك: "لماذا تصوت لصالح أصداء ترمب مثل راماسوامي أو سكوت، في حين يمكنك التصويت لصالح ترمب نفسه؟ ربما لا يكون الرئيس السابق حصاناً أسود في السباق، لكنه أثبت أنه حصاناً أبيض".

راماسوامي.. كثير من اللغط

ووصف ترمب، راماسوامي بأنه "الفائز" في المناظرة الرئاسية للحزب الجمهوري، لأن الأخير أشاد به قائلاً: "أعتقد أن ترمب كان أفضل رئيس في القرن الحادي والعشرين".

وأعاد ترمب نشر مقطع راماسوامي على موقع "تروث سوشال"، واعتبر أنها "خطوة جيدة من قبل الوافد السياسي الجديد البالغ من العمر 38 عاماً (...) أعطت هذه الإجابة راماسوامي فوزاً كبيراً في المناظرة بسبب شيء يسمى الحقيقة.. شكراً لك".

وأثار رجل الأعمال الشاب الكثير من اللغط بشأن آدائه في المناظرة، وتبايناً في آراء الخبراء حوله.

وقال أستاذ العلوم السياسية بكلية "إثاكا"، كارلوس فيجيروا، أن راماسوامي هو الحصان الأسود الذي بنى زخماً كبيراً خلال الأشهر الماضية من خلال الظهور على الشاشات، ووسائل التواصل الاجتماعي المحافظة والليبرالية.

وتابع: "جذب الأضواء إليه خلال المناظرة من خلال التحدث بقوة ومواجهة المناظرين الآخرين بصورة بدا فيها أنه يلعب ليكون نائب ترمب في العام المقبل".

في المقابل، رأى سميث أن راماسوامي، كان أدائه مشابهاً لأداء التلاميذ أو الهواة، واندفع بشكل عدواني كبير للدفاع عن ترمب.

لكن فيجيروا يقول لـ"الشرق" إن عدوانية راماسوامي مع المرشحين الآخرين وحدته أمر مطلوب في تلك المرحلة وقد ترفع من أسهمه بين الناخبين، وتظهر أن بإمكانه النجاح ليس فقط ضد خصومه الجمهوريين، بل أيضاً ضد الديمقراطيين في الانتخابات العامة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات