هل يؤثر تعثر الاقتصاد الصيني على الولايات المتحدة؟

علما الولايات المتحدة والصين. 6 سبتمبر 2019 - AFP
علما الولايات المتحدة والصين. 6 سبتمبر 2019 - AFP
دبي-الشرق

قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه من من غير المرجح أن يكون لتعثر الاقتصاد الصيني تداعيات كبيرة على الولايات المتحدة، مُشيرة إلى محدودية الدور الذي تلعبه الصين كدولة مشترية للسلع الأميركية، وضعف العلاقات بين الأنظمة المالية في البلدين، إلا أن الوضع قد يتغير إذا تفاقمت حالة "عدم الاستقرار" المالي في بكين.

ووصفت الصحيفة، الأخبار المتعلقة بالاقتصاد الصيني خلال الأسابيع القليلة الماضية بـ"المخيفة"، مُشيرة إلى تراجع المعدل السنوي لنمو اقتصاد الصين من 8% سنوياً إلى ما يقرب من 3%.

ولفتت إلى انهيار الشركات العقارية في الصين بعد "الإفراط في البناء على مدى عقود، وشعور المواطنين الصينيين بالإحباط بسبب الإغلاقات المطولة خلال جائحة كورونا، وفقدان الثقة في الحكومة".

ونشرت شركة "ويلز فارجو"  للخدمات المالية تقريراً، الخميس، قدمت فيه محاكاة لسيناريو تراجع نمو الاقتصاد الصيني بشكل حاد، يتوقع انخفاض معدل النمو على مدى السنوات الثلاث المقبلة بنسبة 12.5% عن المعدلات السابقة، وهو سيناريو مشابه للركود الاقتصادي الذي حدث في الفترة بين عامي 1989 و1991.

ولكن حتى في ظل هذه الظروف، توقع السيناريو تراجع نمو الاقتصاد الأميركي المعدل لحساب التضخم بنسبة 0.1% فقط في عام 2024، وبنسبة 0.2% في عام 2025.

هل تتغير الأمور؟

ولكن الصحيفة، قالت إن الوضع قد يتغير إذا ما تفاقم "عدم الاستقرار" الحالي في الصين، وتحول إلى انهيار يؤدي إلى تراجع الاقتصاد العالمي المتباطئ بالفعل.

وقالت "نيويورك تايمز" إنه عند النظر في العلاقة الاقتصادية بين البلدين "من الضروري ملاحظة أن واشنطن لعبت دوراً في المشكلات التي تواجهها بكين".

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تخطت مرحلة زيادة الاستهلاك التي حدثت أثناء الجائحة وأدت إلى وصول قيمة الواردات الصينية إلى 536.8 مليار دولار في عام 2022، وسط تراجع الطلب على السلع الصينية، مع إنفاق الأميركيين على الرحلات البحرية، والحفلات الموسيقية بدلاً منها. 

وانخفض الطلب على السلع الصينية بسبب مجموعة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، وأبقت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، على جزء كبير منها.

معضلة اللجوء للصادرات

ويعرب القادة الصينيون منذ سنوات عن رغبتهم في الاعتماد على إنفاق الأسر الصينية لدفع النمو الاقتصادي، لكنهم لم يتخذوا سوى إجراءات قليلة لدعم الاستهلاك المحلي، مثل دعم شبكات الضمان الاجتماعي، ولذلك يشعر البعض بالقلق من أن تلجأ الصين مجدداً إلى تشجيع الصادرات لتعزيز النمو.

وربما تنجح هذه الاستراتيجية نظراً لضعف العملة الصينية أمام الدولار، ومن الممكن أن تتفادى الرسوم الجمركية المفروضة على بعض السلع من خلال تجميع الأجزاء الصينية في دول أخرى مثل فيتنام والمكسيك.

وربما تؤدي زيادة الصادرات الصينية إلى انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية في أميركا، ما يساعد على انخفاض التضخم في الولايات المتحدة، لكنها قد تتسبب كذلك في عرقلة الجهود الأميركية لإنعاش التصنيع، ما يزيد التوتر السياسي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2024، بحسب الصحيفة.

وقال براد سيتسر، وهو زميل بارز في "مجلس العلاقات الخارجية" البحثية، للصحيفة: "ما أخشاه هو أن يصطدم تعافي الصين القائم على التصدير، مع عالم لا يرغب في أن يصبح أكثر اعتماداً على الصين في التصنيع، وأن يصبح ذلك مصدراً للتوتر".

وأوضحت "نيويورك تايمز" أن الصادرات الأميركية إلى الصين ليست ضخمة، إذ شكلت 7.5% فقط من إجمالي الصادرات الأميركية في عام 2022.

مخاوف الشركات

ويضم الاقتصاد الأميركي ملايين الشركات التي تواجه مخاوف معينة، ولكن بعض هذه الشركات لديه ما يدعوه للقلق أكثر مع تعثر الاقتصاد الصيني.

وحققت شركة "تسلا" الأميركية، على سبيل المثال، نجاحاً في السوق الصينية، لكن مبيعاتها تراجعت في الأشهر الأخيرة بسبب المنافسة الشديدة مع العلامات التجارية المحلية التي تقدم نماذج أقل تكلفة. 

وتحقق شركة "أبل" للهواتف 20% تقريباً من إيراداتها من الصين، ما يعني أنها قد تتضرر من اختيار السكان للمنتجات الأرخص.

ويضخ السياح الصينيون الأموال إلى المدن الأميركية عندما يزورونها، الأمر الذي قد يتراجع في الفترة المقبلة. 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "بوكنج هولدنجز"، جلين فوجيل، أثناء إعلانه أرباح الشركة، إن "الحجوزات القادمة من الصين كانت ضعيفة"، متوقعاً عدم تعافي الطلب الصيني "لبعض الوقت، وربما لفترة.

انتقال "العدوى المالية"

ويرى سيتسر، الباحث في "مجلس العلاقات الخارجية"، أنه لا توجد "قنوات حقيقية لانتقال العدوى المالية من الصين إلى الولايات المتحدة". 

وأشار إلى أنه "في حال توقف البنك المركزي الصيني عن شراء سندات الخزانة الأميركية، يُمكن احتواء أي تأثير على السوق بشكل عام".

وأضاف: "لا يوجد سيناريو حقيقي تستطيع فيه الصين تعطيل سوق السندات بطريقة لا يستطيع الاحتياطي الفيدرالي معالجتها".

وأشارت "نيويورك تايمز"، إلى إمكانية نقل المستثمرين الصينيين الذين لا يجدون فرصاً للاستثمار في الداخل، المزيد من أموالهم إلى الولايات المتحدة، متوقعةً أن ينعكس ذلك إيجابياً على الشركات الأميركية.

وبيّنت الصحيفة، أن الاستثمار الصيني المباشر في الأصول الأميركية منخفض نسبياً، وقد يواجه عقبات جديدة مع سعي بعض الولايات إلى فرض قيود على المشتريات الصينية للعقارات والمؤسسات التجارية الأميركية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات