بدأ رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، وكبار الجمهوريين في وضع استراتيجية بشأن كيفية المضي قدماً في تحقيق لعزل الرئيس جو بايدن هذا الخريف (سبتمبر وأكتوبر ونوفمر)، على خلفية مزاعم بارتكابه مخالفات مالية، وفقاً لما ذكرته، الاثنين، شبكة "سي إن إن".
ووصفت الشبكة هذه الخطوة، بأنها أحدث مؤشر على أنَّ الحزب الجمهوري في مجلس النواب "يضع الأساس بجدية لبدء إجراءات نادرة ضد الرئيس الحالي".
وفي الأسابيع الماضية، أبلغ مكارثي، الجمهوريين، بشكل خاص أنه يخطط للمضي في تحقيق بهدف عزل بايدن، ويأمل في بدء العملية بحلول نهاية سبتمبر، وفقاً لما نقلته الشبكة الأميركية عن مصادر متعددة من الحزب الجمهوري على دراية بالمحادثات.
وقالت المصادر، إن مكارثي أرسل إشارات قوية بشأن نواياه خلف الأبواب المغلقة.
وأوضحت الشبكة الأميركية، أنه لا يوجد إجماع بين القيادة الجمهورية على فكرة إجراء تحقيق في إطار عزل الرئيس بسبب أنها "محفوفة بمخاطر سياسية".
سؤال عالق
وأوضحت CNN، نقلاً عن المصادر، أنَّ أحد أكبر الأسئلة العالقة هو ما إذا كان الجمهوريون سيحتاجون إلى إجراء تصويت للتصريح رسمياً ببدء تحقيقهم.
وأشارت إلى أنه لا يوجد مطلب دستوري بأن يفعلوا ذلك، لكن في الوقت نفسه لا يملكون حالياً الـ218 صوتاً اللازمة لفتح تحقيق بهدف العزل.
وقالت "سي إن إن"، إن تخطي التصويت الرسمي، وهو الأمر الذي سيكون صعباً بالنسبة للعديد من أعضاء الحزب الأكثر اعتدالاً، سيمنح قيادة الجمهوريين مزيداً من الوقت لإقناع بقية الأعضاء الجمهوريين بالانضمام إلى إجراءات العزل.
وخلال إجراءات العزل الأولى للرئيس السابق دونالد ترمب، انتهى الأمر بالديمقراطيين في مجلس النواب بالتصويت لإضفاء الطابع الرسمي على تحقيقهم، ووضع معايير للعملية بعد أن امتنعوا في البداية عن القيام بذلك وسط انقسامات داخل صفوفهم.
وقال النائب الجمهوري عن فلوريدا مات جايتز، الذي يدعم عزل بايدن ويشغل عضوية اللجنة القضائية بمجلس النواب، لشبكة "سي إن إن": "لا أعتقد أن تصويت مجلس النواب مطلوب لفتح تحقيق في إجراءات العزل".
وهناك عامل آخر يمكن أن يعقد الجدول الزمني لتحقيق العزل، إذ ينتهي التمويل الحكومي في نهاية سبتمبر. وأشار مكارثي بالفعل إلى أن مجلس النواب سيحتاج إلى تمرير شريحة إنفاق قصيرة المدى للحفاظ على استمرار عمل الحكومة، وهو ما رفضه المحافظون المتشددون.
وقالت "سي إن إن"، إنَّ المضي قدماً رسمياً في تحقيق المساءلة يمكن أن يساعد في تخفيف ضغط المحافظين الغاضبين على مكارثي بشأن شريحة الإنفاق.
وربط رئيس مجلس النواب نفسه بين القضيتين علناً، محذراً من أنَّ إغلاق الحكومة قد يعيق قدرة الجمهوريين في مجلس النواب على مواصلة تحقيقاتهم ضد إدارة بايدن، في مؤشر على الضغوط التي يواجهها رئيس المجلس.
وقال مكارثي الأحد، على قناة "فوكس نيوز": "إذا تعطلت الحكومة (الأميركية) عن العمل، فسيتعطل كل شيء، بما في ذلك التحقيقات وكل شيء آخر".
تشكك جمهوري في الاتهامات
وأشار الجمهوريون إلى مزاعم لم يتم التحقق منها، وفق "سي إن إن"، تقول إن بايدن استفاد من التعاملات التجارية الخارجية لابنه كأساس لإجراءات العزل، وزعموا أيضاً أنه كان هناك تدخلاً سياسياً من وزارة العدل في قضية هانتر بايدن الجنائية المستمرة، وهو ما لم يتمكن الجمهوريون من إثباته بحسب تأكيدات الديمقراطيين والبيت الأبيض.
وحتى بعض الجمهوريين، ما زالوا غير مقتنعين بأنهم اكتشفوا أي دليل على جرائم وجنح كبيرة، وهو ما يمنع إجراءات العزل.
وكان النائب الجمهوري عن ولاية كولورادو، كين باك، وهو عضو في تجمع الحرية المتشدد ويشغل عضوية اللجنة القضائية بمجلس النواب، قد اتهم مكارثي سابقاً بالانخراط في "مسرح العزل".
وقدم أحد المشرعين الجمهوريين، الذي طلب عدم كشف هويته للتحدث بحرية أكبر، تقييماً أكثر صراحة إذ قال: "لا يوجد دليل على أن جو بايدن حصل على المال، أو أن جو بايدن، كما تعلمون، وافق على فعل شيء حتى يتمكن هانتر من الحصول على المال. لا يوجد دليل على ذلك. ولا يمكنهم عزله بدون هذا الدليل. ولا أعتقد أن الأدلة موجودة".
ووصف مكارثي التحقيق بهدف عزل بايدن، بأنه "خطوة طبيعية إلى الأمام" ، ولكن عندما ضغطت عليه مذيعة "فوكس نيوز" ماريا بارتيرومو، بشأن ما إذا كانت لديه الأصوات اللازمة لعزل بايدن، حاول مكارثي المراوغة قائلاً: "حسناً، لقد خرجنا في عطلة صيفية. عندما نعود، سنناقش هذا. لكننا نجد معلومات جديدة كل أسبوع".
وانتقد المتحدث باسم البيت الأبيض، إيان سامز، في بيان، الاثنين، الجمهوريين في الكونجرس بشأن احتمال إجراء تحقيق بهدف العزل، معتبراً أن "ممارسة إجراءات العزل التي لا أساس لها ستكون كارثة للجمهوريين في الكونجرس".
حشد الدعم
وأمضى كبار الجمهوريين قسطاً من عطلة أغسطس، في العمل على حشد المشرعين الجمهوريين وراء فكرة التحقيق بهدف إطلاق إجراءات العزل.
وعقد الجمهوريون في اللجنة القضائية بمجلس النواب، حيث ستنشأ بنود إجراءات العزل المحتملة، مؤتمراً عبر الهاتف مع أعضاء اللجنة الأسبوع الماضي لمناقشة موضوع العزل ومسائل أخرى، وفقاً لما نقلته "سي إن إن" عن اثنين من المشرعين شاركا في ذلك المؤتمر.
وخلال المؤتمر، أخبر رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، جيم جوردان، الأعضاء بأن مكارثي كان يناقش بجدية تحقيق العزل، وفقاً لأحد المشرعين، لكنه لم يحدد جدولاً زمنياً.
وقال النائب الجمهوري عن فلوريدا، مات جايتز، إن معظم الأعضاء أعربوا عن دعمهم لإجراء تحقيق في هذا الشأن خلال المؤتمر.
وأضاف: "كان هناك اهتماماً كبيراً بين زملائي في اللجنة القضائية بإشراك الجميع في المؤتمر. هناك رغبة حقيقية في إشراك الجميع ومراجعة الأدلة مع أولئك الذين قد يظلون متشككين".
لا إجماع
لكن لا يوجد إجماع حتى الآن بين الجمهوريين. وخلال المؤتمر، ضغط أحد أعضاء اللجنة المتشككين على جوردان بشأن الغرض من التحقيق، وفقاً لمصدر في شارك في المؤتمر.
وكان مكارثي يدافع، علناً وسراً، عن أن التحقيق ليس هو نفسه التصويت الفعلي على العزل، رغم أنَّ العديد من الجمهوريين يعتقدون سراً أنهم إذا فتحوا تحقيقاً فلن يكون لديهم خياراً سوى متابعة إجراءات العزل.
وقالت النائبة، مارجوري تايلور جرين، حليفة ترمب والمؤيدة القوية لعزل بايدن، لشبكة "سي إن إن"، إن احتمال إجراء تحقيق "يبدو جيداً جداً". وقالت إنها تحدثت إلى مكارثي بشأن هذا الموضوع الأسبوع الماضي.
وأضافت: "إنه (مكارثي) يقضي العطلة في الحديث عن ذلك باستمرار. أشعر حقاً بقوة أن هذا شيء سيحدث".
وفيما يتعلق بالجدول الزمني المحتمل، جعلت جرين تفضيلاتها معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قالت: "يجب أن نصوت على تحقيق العزل بمجرد عودتنا إلى الانعقاد في منتصف سبتمبر. لا توجد أعذار للانتظار".
كما أن ترمب، الذي طلب مؤخراً من الأعضاء على متن طائرته المتجهة إلى ولاية أيوا تحديثات بشأن إجراءات عزل بايدن المحتملة، يواصل أيضاً الضغط على الجمهوريين للتصرف، وبدأ ينفد صبره من وتيرة جهودهم، وفق "سي إن إن".
وكتب ترمب عبر منصته "تروث سوشال" للتواصل الاجتماعي: "يواصل الجمهوريون في الكونجرس الحديث عن تحقيق بشأن إجراءات العزل حيال جو بايدن غير المؤتمن.. إنكم لا تحتاجون تحقيقاً مطولاً لإثبات ذلك، لأنه مثبت بالفعل".