يتوجه وفدان من أستراليا واليابان إلى الصين، خلال الفترة المقبلة، لإجراء مباحثات بشأن ملفات اقتصادية، رغم المخاوف والتوترات الأمنية التي شهدتها علاقات بكين مع الدولتين الحليفتين للولايات المتحدة في الآونة الأخيرة.
وتكتسب الزيارتان أهمية خاصة بعد توقف الاجتماعات من هذا النوع بين كل من أستراليا واليابان من جهة والصين من جهة أخرى في السنوات الأخيرة، بسبب خلافات عميقة بشأن ملفات ثنائية وإقليمية.
وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية بني وونج، السبت، إن وفداً صناعياً وحكومياً وأكاديمياً وإعلامياً من أستراليا سيسافر إلى بكين لإجراء حوار مع نظرائه الصينيين، الخميس،
وكانت الاجتماعات رفيعة المستوى بين أستراليا والصين، التي لا تضم وزراء الحكومة، تعقد سنوياً منذ عام 2014 كمحفل لمناقشة القضايا محل الاهتمام، لكنها توقفت بعد عام 2020.
وقال بيان صادر عن مكتب وونج إن وزير التجارة الأسترالي السابق كريج إيمرسون سيترأس الوفد الأسترالي، ويضم وزير الخارجية والتجارة جان آدامز، الذي شغل منصب سفير في بكين خلال آخر اجتماع رفيع المستوى. كما سيضم وزيرة الخارجية السابقة جولي بيشوب.
وأضاف البيان أنه سيتم مناقشة ملفات تتعلق بالتجارة والاستثمار والأمن الإقليمي والدولي، فيما سيترأس الوفد الصيني وزير الخارجية الصيني السابق لي تشاو شينج.
وجاء في بيان وونج: "هذه هي المرة الأولى التي يُعقد فيها الحوار منذ أوائل عام 2020، ويمثل خطوة أخرى نحو زيادة المشاركة الثنائية واستقرار علاقتنا مع الصين".
وقال وزير التجارة الأسترالي السابق إن الاجتماع فرصة لإيجاد أرضية مشتركة بين البلدين.
وتوقفت التبادلات الدبلوماسية بين الشريكين التجاريين الرئيسيين في عام 2020، عندما فرضت الصين قيوداً على عشرات الصادرات الأسترالية، رداً على دعوة أستراليا لإجراء تحقيق في أصول جائحة كورونا.
وخفت حدة التوترات منذ أن انتخبت أستراليا حكومة عمالية في مايو 2022، وقيام الصين في الآونة الأخيرة برفع الرسوم الجمركية على صادرات الشعير الأسترالية.
ومن المتوقع أن يزور رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بكين هذا العام، رغم أنه لم يتم تحديد موعد بعد.
وفد ياباني
وفي اليابان، أفادت وكالة "كيودو" بأن وفداً من قادة الأعمال اليابانيين سيزور الصين في يناير المقبل، وسيضم ماساكازو توكورا رئيس اتحاد الأعمال الياباني وهو أكثر جماعات الأعمال نفوذاً في البلاد، وكين كوباياشي رئيس غرفة التجارة والصناعة اليابانية، وكوسي شيندو رئيس شركة نيبون ستيل كورب الذي يرأس الرابطة الاقتصادية اليابانية الصينية.
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة قولها إن الزيارة ستكون الأولى من نوعها منذ عام 2019، بعد الاضطرابات الناجمة عن جائحة كورونا، وأضافوا أن الوفد يخطط لتبادل الآراء مع كبار المسؤولين في اللجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح، وكذلك وزارة التجارة، خلال الزيارة التي تستغرق 4 أيام اعتباراً من 23 يناير.
وعلى الرغم من التوترات المستمرة الناجمة عن قضايا مختلفة، مثل إطلاق المياه المشعة المعالجة من محطة فوكوشيما للطاقة النووية في البحر، تهدف مجموعة الأعمال اليابانية إلى التأكيد على أهمية التعاون الاقتصادي بين الجارتين الآسيويتين.
وسيستضيف المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، وهو منظمة اقتصادية، الوفد الياباني.
وعلى الرغم من العلاقات المتوترة، من المتوقع أن تسعى بكين إلى زيادة الاستثمارات اليابانية في الصين التي تكافح الانكماش الاقتصادي، الذي تفاقم بسبب أزمة سوق العقارات في الآونة الأخيرة.
وخلقت التوترات الثنائية بيئة معادية لبعض الشركات اليابانية العاملة في الصين. وفرضت بكين، التي تعارض بشدة إطلاق مياه فوكوشيما، حظراً على جميع واردات المأكولات البحرية من اليابان.
وأدى تصاعد المشاعر المعادية لليابان رداً على تصريف المياه في المحيط إلى إلغاء العديد من الرحلات الجماعية الصينية المقررة إلى اليابان، ودعوات واسعة النطاق عبر الإنترنت لمقاطعة المنتجات اليابانية.
كما تواجه الشركات اليابانية في الصين مخاطر متزايدة على موظفيها، بعد احتجاز موظف في شركة "أستيلاس فارما" في بكين في مارس للاشتباه في قيامه بالتجسس، إلى جانب سن قانون مكافحة التجسس المعدل في يوليو، مما زاد من تشديد الرقابة في البلاد، بحسب وكالة "كيودو" اليابانية.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في اتحاد الأعمال الياباني قوله إن الوفد يأمل في استكشاف مجالات للتعاون المحتمل خلال الرحلة "التي طال انتظارها" إلى الصين. وأضاف أنه "على الرغم من أن العلاقات الثنائية تواجه وضعاً حاداً، فإن (الصين) دولة مهمة بالنسبة لليابان".
تحذيرات أميركية
وكانت الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لليابان وأستراليا، قد حذرت من أن الصين تعاني أزمة اقتصادية حادة ومشاكل في النمو الاقتصادي.
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن، الشهر الماضي، الصين بأنها "قنبلة موقوتة" بسبب ما تواجهه من تحديات اقتصادية، وأنها "في مأزق". وقال "لديهم بعض المشاكل. وهذا ليس جيداً لأنه عندما يواجه أشخاص سيئون مشاكل فإنهم يفعلون أموراً سيئة".
وجاءت تلك التصريحات بعد يوم من توقيع بايدن أمراً تنفيذياً يحظر بعض الاستثمارات الأميركية الجديدة في الصين بمجال التقنيات الحساسة مثل رقائق الكمبيوتر. وفي المقابل عبرت الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، عن قلقها البالغ وقالت إنها تحتفظ لنفسها بحق اتخاذ ما تراه من إجراءات.
كما أظهرت واشنطن الوحدة مع حليفيها اليابان وكوريا الجنوبية بمواجهة الصين، خلال قمة جمعت زعماء الدول الثلاث في الولايات المتحدة، الشهر الماضي، إذ أصدروا أقوى تنديد مشترك حتى الآن لما وصفوه بـ"السلوك الخطير والعدواني" للصين في بحر الصين الجنوبي.
وقال البيان المشترك بختام القمة الثلاثية في كامب ديفيد "في ما يتعلق بالسلوك الخطير والعدواني الداعم للمزاعم البحرية غير القانونية التي شهدناها في الآونة الأخيرة من قبل جمهورية الصين الشعبية في بحر الصين الجنوبي، نعارض بشدة أي محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في مياه المحيطين الهندي والهادئ".
في المقابل، قال المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن ليو بنج يو إن المجتمع الدولي قادر على الحكم وتحديد من يؤجج التوترات.
وأضاف: "محاولات حشد المجموعات المتنافرة المختلفة وخلق مواجهة بين التكتلات والكتل العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لن تحظى بدعم وستقابل باليقظة والمعارضة من دول المنطقة".