أبرم الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، اتفاقات مع فيتنام تتعلق بأشباه الموصلات والمعادن، فيما رفع البلدان علاقاتهما إلى أرفع مكانة دبلوماسية، بعد 50 عاماً من انسحاب آخر جندي أميركي من فيتنام عقب سنوات من الحرب.
وتضغط الولايات المتحدة منذ أشهر من أجل رفع العلاقات إلى هذا المستوى، لأنها ترى فيتنام دولة صناعية رئيسية بالنسبة للاستراتيجية الأميركية، الرامية لتأمين سلاسل التوريد العالمية من المخاطر المرتبطة بالصين.
وأشار بايدن خلال الزيارة إلى الخطوات التي تُتخذ نحو تحسين العلاقات. وقال: "يمكننا تتبع 50 عاماً من التقدم بين بلدينا، من الصراع إلى التطبيع، إلى هذا الوضع الرفيع الجديد".
وأضاف بايدن، بعد اجتماع في هانوي أن الشراكة مع فيتنام جزء من مسعى إدارته "حتى نثبت لشركائنا في منطقة المحيطين الهندي والهادي والعالم، أن الولايات المتحدة دولة في المحيط الهادي ولن تبتعد عنه".
وقال مسؤولون ودبلوماسيون إن من المتوقع أن يزور كبار المسؤولين الصينيين، ربما من بينهم الرئيس شي جين بينج، فيتنام في الأيام أو الأسابيع المقبلة، إذ تسعى هانوي إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع القوى العظمى.
محادثات بشأن أسلحة روسية
تواجه علاقة فيتنام الممتدة منذ زمن بعيد مع روسيا، اختبارات تتعلق بالحرب في أوكرانيا، منها المحادثات مع موسكو بشأن صفقة جديدة لتوريد الأسلحة، يمكن أن تؤدي إلى فرض عقوبات أميركية.
وعشية زيارة بايدن، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير، السبت، إلى أن فيتنام تجري محادثات مع روسيا بشأن صفقة جديدة لتوريد أسلحة.
وكشفت الصحيفة عن وثيقة لوزارة المالية الفيتنامية، تشير إلى أن عملية تمويل الصفقة ربما يتم عبر مشروع نفطي مشترك بين روسيا وفيتنام، يقع في منطقة سيبيريا.
وتصف الوثيقة روسيا، بأنها "أهم شريك استراتيجي في مجالي الدفاع والأمن"، فيما قال مسؤول فيتنامي إن قيمة الصفقة "تبلغ 8 مليارات دولار على مدى 20 عاماً".
وذكرت وكالة "رويترز" أن المحادثات تشمل تسهيلاً ائتمانياً تقدمه روسيا إلى فيتنام من أجل شراء أسلحة ثقيلة، من بينها صواريخ مضادة للسفن، وطائرات ومروحيات مضادة للغواصات، وأنظمة صواريخ مضادة للطائرات والمقاتلات.
وكانت إحدى تلك الوثائق رسالة من رئيس الوزراء الفيتنامي في مايو إلى الحكومة الروسية، وأظهرت اهتماماً بالصفقة الجديدة المحتملة.
وأكد ضابط بالجيش الفيتنامي لـ"رويترز"، صحة الرسالة والمحادثات بشأن تسهيل ائتماني جديد حجمه ثمانية مليارات دولار لشراء أسلحة ثقيلة.
وتجري هانوي محادثات مماثلة مع العديد من موردي الأسلحة، ومنهم الولايات المتحدة، وانخرطت على مدى الأسابيع الماضية في عدة اجتماعات دفاعية رفيعة المستوى مع كبار المسؤولين الروس.
صناعة أشباه الموصلات في فيتنام
تأتي زيارة بايدن في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية نمواً، ويحتدم النزاع الطويل الأمد في المنطقة بين فيتنام والصين بخصوص بحر الصين الجنوبي.
ومما يسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لفيتنام بالنسبة لشركات التكنولوجيا الأميركية، من المتوقع عقد اجتماع في هانوي الاثنين، بين مديرين تنفيذيين لشركات مثل جوجل وإنتل وأمكور ومارفيل وجلوبال فاوندريز وبوينج، مع قادة شركات التكنولوجيا في فيتنام، بحضور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
غير أن مسؤولين أمريكيين قالوا إن صناعة أشباه الموصلات "هي محور خطة العمل التي اعتُمدت خلال زيارة بايدن".
وإلى جانب الإعلانات المحتملة من قبل الشركات الأميركية، فمن غير الواضح ما الذي يمكن أن تعنيه هذه الشراكة تحديداً.
وهناك 500 مليون دولار تحت تصرف الإدارة الأميركية على مدى خمس سنوات، بموجب قانون يهدف لدعم سلاسل توريد أشباه الموصلات على مستوى العالم. وقال مسؤولون إن "جزءاً كبيراً منها قد يذهب إلى فيتنام".
وأفادت "بلومبرغ"، أنه من المتوقع خلال الزيارة أن توقع الخطوط الجوية الفيتنامية اتفاقية مبدئية لشراء حوالي 50 طائرة من طراز بوينج 737 ماكس، في صفقة تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار. وسيُنظر إلى أي طلبية على أنها إنجاز كبير لشركة بوينج، حيث أن الخطوط الجوية الفيتنامية هي مشغل طائرات إيرباص.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر للصحافيين على متن طائرة الرئاسة في طريقه إلى فيتنام الأحد: "إن فيتنام علاقة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة".
وأضاف إن الأمن سيكون جزءاً من علاقات التعاون، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن فيتنام "تشعر بعدم الارتياح على نحو متزايد" لعلاقاتها مع روسيا.
وكانت فيتنام ثامن أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في عام 2022، وفقاً للسفارة الأميركية في فيتنام، إذ بلغ حجم مبيعاتها 139 مليار دولار. وقد ازدهرت الاستثمارات الأميركية في اقتصاد السوق المفتوحة في فيتنام على مدى العقود الثلاثة الماضية.