يخطط مرشح أكبر حزب معارض في تايوان لدفع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تأكيد التزامها بـ"الدفاع عن بلاده" عندما يزور الولايات المتحدة، الأسبوع المقبل، وذلك فيما تتحفظ الصين التي تعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها على زيارة أي من المسؤولين للولايات المتحدة.
وقال مرشح حزب "كومينتانج" المعارض، هو يو إيه، خلال حوار مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، "نحن دول حليفة. نحن نقف معاً".
واختار الحزب هو يو إيه، رئيس بلدية مدينة تايبيه الجديدة في مايو الماضي، ليكون مرشحه لخوض انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل 2024.
وتجري الاستعدادات للانتخابات المقررة في منتصف يناير المقبل في وقت يحتدم فيه التوتر بين تايبيه وبكين، إذ تجري الصين تدريبات عسكرية متكررة بالقرب من تايوان، لتأكيد مزاعمها بالسيادة على الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي، وتعترض الأخيرة بشدة على هذه المناورات.
وأضاف هو يو إيه: "سأسأل المسؤولين الأميركيين مباشرة، الأشخاص من المعهد الأميركي في تايوان (سفارة واشنطن الفعلية). ما هو موقفهم في دعمنا وإلى أي مدى سيفعلون ذلك؟".
وسلطت تعليقات هو يو إيه، الضوء على أهمية الانتخابات العامة خارج تايوان، حيث يختلف المرشحون الأربعة الذين يتنافسون على الرئاسة، بشأن كيفية مواجهة طموحات بكين لإخضاع الجزيرة تحت سيطرتها، بحسب الصحيفة البريطانية.
والمرشحون لرئاسة تايوان هم، هو يو إيه مرشح حزب كومينتانج المعارض، ووليام لاي نائب رئيسة تايوان، والملياردير تيري جو مؤسس شركة فوكسكون، المورد الرئيسي لشركة أبل، إضافة إلى كو وين جي رئيس حزب الشعب التايواني".
ضغط صيني متكرر
لم تحكم الصين تايوان قط، لكنها تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وهددت باستخدام القوة لاستعادتها "إذا لزم الأمر".
وأصبح هذا الخطر أشد وطأة، إذ كثفت بكين الضغط العسكري حول تايوان بشكل متكرر من خلال مناورات جوية وبحرية واسعة النطاق.
وأعلنت تايبيه، الخميس الماضي، رصد 68 طائرة حربية صينية و10 سفن عسكرية في الأجواء والمياه المحيطة بالجزيرة، وذلك بعدما حذرت من أن بكين تجري مناورات في غرب المحيط الهادئ.
وواشنطن ملزمة بموجب القانون الأميركي بمساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها، لكنها تجنبت منذ فترة طويلة توضيح ما إذا كانت ستتدخل عسكرياً بشكل مباشر في حال شنت الصين هجوماً على الجزيرة.
ورغم أن بايدن قال في مناسبات سابقة إن واشنطن ستدافع عن تايوان ضد أي هجوم صيني غير مبرر، تصر الإدارة الأميركية على أن سياستها لم تتغير، ولكن استطلاعات الرأي في تايوان تظهر أن ثقة الجمهور في تأكيدات واشنطن "مهتزة".
ومن المرجح أن يشعر بعض المسؤولين الأميركيين بالقلق من مطالب حزب "كومينتانج" بدعم أكثر وضوحاً من واشنطن. وفي أغلب الأحيان لم يدعم الحزب المعارض جهود رئيسة تايوان تساي إينج ون لتعزيز القوات المسلحة وتبني استراتيجية دفاعية غير متكافئة أوصت بها واشنطن.
وتسعى مثل هذه الاستراتيجية إلى ردع الصين عن غزو تايوان من خلال الاعتماد على أسلحة رخيصة ومتنقلة يصعب اكتشافها، بدلاً من محاولة مضاهاة الجيش الصيني في الطائرات المقاتلة والسفن الحربية.
وتقدّم هو يو إيه، في الاستطلاعات مع بداية السباق الرئاسي، لكنه تراجع إلى المركز الثاني خلف وليام لاي مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، والذي يعد الأوفر حظاً في الفوز بالانتخابات.
ومع ذلك، يتوقع محللون سياسيون وحتى مسؤولو الحزب الديمقراطي التقدمي، أن يفقد الحزب الحاكم أغلبيته التشريعية، ما يمكّن المعارضة من عرقلة سياسات مثل زيادة الإنفاق الدفاعي.
وسيلتقي هو يو إيه بمسؤولين في مجلس الأمن القومي الأميركي، ووزارة الخارجية عبر المعهد الأميركي في تايوان.
ومن المقرر أيضاً أن يحضر مائدة مستديرة مغلقة يستضيفها مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، الجمعة، كما سيتحدث في فعاليات ينظمها صندوق مارشال الألماني، ومؤسسة بروكينجز ومؤسسة هيريتيج في واشنطن، مطلع الأسبوع المقبل.
مسيرة محلية
واقتصرت مسيرة هو يو إيه السياسية على السلطة المحلية، إذ يشغل رئيس جهاز الشرطة السابق، منصب رئيس بلدية مدينة تايبيه الجديدة، الأكثر اكتظاظاً بالسكان في تايوان، ما أثار مخاوف بعض المراقبين من أن المباحثات الأمنية الحساسة مع الولايات المتحدة قد تكون صعبة.
فيما قال مسؤول سابق في حزب "كومينتانج" إن أطراف الحوار مع، هو يو إيه، في الولايات المتحدة سيختبرونه بشأن سياسة الدفاع والصين، وهي موضوعات سيكون "من الأسهل على وليام لاي نائب رئيسة تايوان، المرشح الأوفر حظاً للفوز بمنصب الرئيس، معالجتها"، والذي شارك كعضو في إدارة الرئيسة تساي في اجتماعات بشأن الأمن القومي وكان لحزبه موقفاً أكثر ثباتاً.
وأضاف المسؤول السابق: "أخشى ألا يبرز حضوره خلال اجتماعاته في واشنطن".
وردّ هو يو إيه، على هذه الادعاءات بقوله "لقد عملت مع ضباط شرطة من جميع أنحاء العالم في مكافحة الجريمة. كيف تعتقد أنني كنت أتعامل معهم؟". وأضاف "أنا لا أتحدث الإنجليزية بطلاقة، لكن المعتقدات والأهداف والقيم المشتركة أكثر أهمية".
وأشار إلى أنه لن ينتقد حكومة تايوان في الخارج، لكن يبدو أنه يلقي باللوم على الرئيسة تساي إينج ون، في تصاعد التوترات عبر مضيق تايوان. وقال "على مدى السنوات السبع الماضية، خلقت حكومتنا بمهارة الوضع الراهن الجديد"، مضيفاً أن التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين لعب دوراً كذلك.
وأثار هو يو إيه، القلق في يوليو الماضي، حينما لفت إلى أنه سيفكر في إلغاء تمديد تساي للخدمة العسكرية الإلزامية بعد استقرار العلاقات مع الصين.
وفي ديسبمر الماضي، مددت رئيسة تايوان الخدمة العسكرية الإلزامية من 4 أشهر إلى عام واحد. مؤكدة أن "الخدمة العسكرية الحالية لمدة أربعة أشهر ليست كافية للرد على الوضع المتغير باستمرار وبوتيرة متسارعة".
وبعد الضغط عليه بشأن كيفية تعامله مع بكين، قال "بينما لا تعترف الصين وتايوان بسيادة بعضهما البعض، فلن ينكرا سلطتهما المتبادلة في الحكم"، وهو مفهوم صاغه ما ينج جيو، السياسي في حزب "كومينتانج" الذي كان رئيساً لتايوان لولايتين بين 2008 و2016.
وأوضح "فيما يتعلق بالسيادة، لم نكن أبداً تابعين لبعضنا البعض في المقام الأول"، مردداً جزءاً من تعريف الرئيسة تساي للعلاقات عبر المضيق.
وأردف بقوله "في المرحلة الراهنة، يتطلب الموقف المسؤول أن نعزز دفاعاتنا. لكن تقليل مخاطر الصراع هو أهم شيء". موضحاً "نحن بحاجة إلى حوار وتبادل من أجل ذلك. حتى الولايات المتحدة تتواصل مع الصين، كيف لا يمكننا فعل ذلك؟ في نهاية المطاف نحن جيران".
اقرأ أيضاً: