أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، عزم بلاده حلّ جماعة تركية قومية تعرف باسم "الذئاب الرمادية"، بعد تشويهها نصباً تذكارياً للأرمن نهاية الأسبوع الماضي.
وأوضح دارمانان أمام لجنة برلمانية أن حل الجماعة سيُطرح على الحكومة الفرنسية، الأربعاء المقبل، وفق ما أوردته وكالة "فرانس برس".
وجاء إعلان فرنسا لهذه الخطوة بعد قيام أعضاء مؤيدين للحركة بتشويه نصب تذكاري للإبادة الجماعية للأرمن خارج مدينة ليون، بشعارات مؤيدة لتركيا مثل "الذئاب الرمادية" و"RTE"، في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
جماعة قومية
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، تصنّف حركة "الذئاب الرمادية" كمنظمة تركية يمينية "متطرفة"، تشكّلت في أواخر عام 1960، وتعتبر الذراع المسلحة غير الرسمية لـ"حزب الحركة القومية"، وتعارض أي تسوية سياسية مع الأكراد.
وتنسب تقارير تركية تأسيس الحركة إلى العقيد السابق في الجيش التركي، ألب أرسلان توركش، وأحد الضالعين في انقلاب عام 1960، الذي أطاح بحكومة رئيس الوزراء المنتخب عدنان مندريس.
وتشتهر الجماعة التركية بعلامة مميزة، يرفع خلالها السبابة والخنصر، مع إبقاء الأصابع المتبقية مضمومة إلى بعضها، مشكلة ما يشبه رأس الذئب.
وتواجه "الذائب الرمادية" تهماً بالضلوع في أعمال عنف أواخر سبعينيات القرن الماضي، أبرزها مذبحة العلويين عام 1978 في مدينة مرعش جنوب شرقي تركيا، التي راح ضحيتها 100 شخص، وفقاً لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية.
وفي أوائل التسعينيات، وسّعت "الذئاب الرمادية منطقة عملياتها، وشارك الآلاف من أعضائها في النزاع على إقليم ناغورنو قره باغ، إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا، لكن بعد محاولة انقلاب فاشلة وقعت في باكو عام 1995، جرى حظر الجماعة، كما واجهت حظراً مماثلاً في كازاخستان عام 2005.
وتشير تقارير إخبارية أذربيجانية إلى ضلوع مقاتلين من الجماعة في الحربين الشيشانيتين، الأولى والثانية، إلى جانب الشيشان.
التحالف مع "الإسلاميين"
وعُرفت الجماعة سابقاً بمعاداتها السلطات التركية، لكن موقفها تغيّر بعد تحالف زعيم "حزب الحركة القومية"، دولت بهتشلي الذي يقود الحركة منذ عام 1997، مع "حزب العدالة والتنمية"، الذي يرأسه أردوغان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو 2016.
ووفقاً لتقارير تركية، عمد بهتشلي على إصلاح المنظمة خلال العقدين الأخيرين، وتشير إحصاءات إلى تأييد 3.6% من الناخبين الأتراك لـ"الذئاب الرمادية".
وبحسب موقع "راديكال" التركي، يُنكر بعض المنتسبين لجماعة "الذئاب الرمادية" طبيعتها السياسية، ويدّعون أنها مؤسسة ثقافية وتعليمية، في إشارة لاسمها الرسمي الكامل "المؤسسة التعليمية والثقافية للأندية المثالية".
خريطة انتشارها
ويعرف عن الجماعة التركية انتشارها خارج تركيا في جمهورية شمال قبرص، غير المعترف بها دوليّاً، كما يتوزّع منتسبوها بين الصين وسوريا وأوروبا.
وتشير تقديرات إلى أن ألمانيا تضم العدد الأكبر من منتسبي الجماعة في أوروبا، رغم تضارب التقديرات حول عددهم، إذ قدّرت مجلة "دير شبيغل" عدد منتسبيها عام 2014، بما لا يقلّ عن 10 آلاف عضو، فيما أشار تقرير نشرته "الوكالة الفيدرالية للتربية المدنية" عام 2017، إلى أن عددهم يقدّر بأكثر من 18 ألف عضو، ما يجعلها أكبر تنظيم سري في البلاد.
وفي فرنسا، شهدت البلاد في يناير من عام 2012 مظاهرة خرج فيها منتسبو الجماعة تنديداً بمشروع قانون "يجرّم إنكار الإبادة الجماعية للأرمن في البلاد".
أفكار "متطرفة"
وبينما يُعرف عن "الذئاب الرمادية" تبنّيها أفكاراً توصف بأنها "مؤيدة للعنف والتغيير بالقوة"، يُنسب إليها مقالات وأفعال تحريضية ضد قوميات عدة، لكنها تركز تحديداً على الأكراد والأرمن.
وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت مدن فرنسية أعمال عنف تسبب فيها أفراد من الجالية التركية، رفعوا خلالها شعارات تدعو إلى استهداف الجالية الأرمينية، على خلفية النزاع في إقليم ناغورنو قره باغ.
وقالت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية إن أفراداً من الجالية التركية ينتمون إلى "الذئاب الرمادية" خرجوا في تظاهرات ليلية مرددين شعارات "سنقتل الأرمينيين"، "أين أنتم أيها الأرمينيون؟".
وأظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي مواجهات بين أفراد من الجالية الأرمينية وأفراد من "الذئاب الرمادية"، خلال وقفة احتجاجية في أحد الطرق جنوب ليون، تطالب بوقف الهجوم الأذربيجاني على إقليم ناغورنو قره باغ المتنازع عليه.
وكانت مدينة "ديجون" الفرنسية، شهدت ليل الخميس أعمال عنف جديدة لأفراد من الجالية التركية، استهدفت أفراداً من الجالية الأرمينية، دفعت بالشرطة إلى التدخل وإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وأشارت مجلة "لوبوان" إلى أن أفراداً من الجماعة التركية يضعون أقنعة على وجوههم، ويحملون أسلحة بيضاء، كسروا محلات للجالية الأرمينية في ديسين-شاربيو، وأوقفت الشرطة أربعة أشخاص، وغرّمت العشرات الآخرين بسبب كسرهم حظر التجول.