تستضيف المملكة العربية السعودية، السبت، أعمال قمة مجموعة العشرين لأول مرة عربياً، في اجتماع افتراضي مصغّر تخيّم عليه جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد والأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة التي تسبّب فيها.
وتنعقد قمة أغنى دول العالم التي ستتواصل اجتماعاتها على مدى يومين، في ظل رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإقرار بهزيمته في الانتخابات الرئاسية، وسط انتقادات لما يعتبره نشطاء استجابة غير كافية من قبل المجموعة لأسوأ ركود اقتصادي منذ عقود.
سيلتقي زعماء العالم بينما تتكثف الجهود العالمية لإنجاز وتوزيع لقاحات ضد فيروس كورونا المستجد على نطاق واسع في أعقاب تجارب ناجحة مؤخراً، فيما تتوالى دعوات دول مجموعة العشرين إلى سد العجز في صندوق خاص بتمويل هذه الجهود.
وستكون أعمال القمة مصغّرة ومختصرة مقارنة بما كانت عليه في السابق، إذ إنها كانت تشكّل عادة فرصة للحوارات الثنائية بين قادة العالم، على أن تنحصر هذه المرة في جلسات عبر الإنترنت ضمن ما يسميه مراقبون "الدبلوماسية الرقمية".
وسيترأس العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز القمة التي أدرجت التغيّر المناخي على جدول أعمالها كبند رئيسي، بحسب مصادر مقرّبة من المنظمين لوكالة "فرانس برس".
ومن المقرر أن يتحدث العديد من الزعماء ومن بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويقول المنظمون إن دول مجموعة العشرين ضخّت 11 تريليون دولار "لحماية" الاقتصاد العالمي، وساهمت بأكثر من 21 مليار دولار لمكافحة وباء كورونا المستجد الذي أصاب قرابة 55 مليون شخص على مستوى العالم وخلّف نحو 1.3 مليون حالة وفاة.
وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومقرها باريس، أن ينكمش الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 4.5% هذا العام.
وقد أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن قمة مجموعة العشرين ستسعى إلى "تعزيز التعاون الدولي لدعم تعافي الاقتصاد العالمي".
"إجراءات أكثر جرأة"
يواجه قادة مجموعة العشرين ضغوطاً متزايدة لمساعدة الدول النامية على عدم التخلف عن سداد ديونها.
وكان وزراء مالية المجموعة أعلنوا الأسبوع الماضي عن "إطار عمل مشترك" لخطة إعادة هيكلة ديون البلدان التي اجتاحها الفيروس، ولكن نشطاء ومسؤولين وصفوا الإجراء بأنه غير كافٍ.
وفي رسالة إلى زعماء مجموعة العشرين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هذا الأسبوع إلى اتخاذ "إجراءات أكثر جرأة"، مشدداً على "الحاجة إلى المزيد من العمل لتخفيف الديون".
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، الخميس، إن "الحل الطبي للأزمة يلوح في الأفق" مع لقاحات بلغت مراحلها الأخيرة، لكن يبقى الانتعاش الاقتصادي "عرضة لانتكاسات".
وطالبت رئيسة الوزراء النرويجية إيرنا سولبرغ ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في رسالة دول المجموعة، بتقديم 4.5 مليار دولار لسد عجز مالي في صندوق لقاحات تقوده منظمة الصحة العالمية.
ومن المفترض أن يحضر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى المملكة خلال أعمال القمة، كما سيشارك ترمب في أعمال القمة، ولم يتضح بعد إذا كان سيتحدث إلى جانب زعماء هنّأ كثير منهم منافسه الفائز بالانتخابات الرئاسية جو بايدن، علماً أنه شارك الجمعة في قمة آسيا والمحيط الهادئ.
تغيّر المناخ أولوية
ستسعى الدول الأوروبية في مجموعة العشرين أيضاً للحصول على زخم جديد لإصلاح منظمة التجارة العالمية المتعثرة، أملاً في اغتنام فرصة من تغيير الإدارة الأميركية الوشيك. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أوشكت ولايته على الانتهاء يفضل الصفقات التجارية الثنائية على العمل من خلال الهيئات الدولية.
ويثير تغيّر القيادة الأمريكية الآمال أيضاً في بذل المزيد من الجهود المتضافرة على مستوى مجموعة العشرين لمكافحة ظاهرة تغيّر المناخ.
وعلى خطى الاتحاد الأوروبي، يخطط نصف الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، ومنها اليابان والصين وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا، لأن تصبح حيادية المناخ أو على الأقل حيادية الكربون بحلول عام 2050 أو بعد ذلك بقليل.
وخلال رئاسة ترمب، انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية باريس لمكافحة المناخ لكن من المرجح عدول الرئيس المنتخب جو بايدن عن ذلك القرار.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين "نتوقع بالطبع زخماً جديداً من الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن هذه المسألة بفضل إعلان الرئيس المنتخب (بايدن) أن الولايات المتحدة ستنضم مرة أخرى إلى اتفاقية باريس".
وللمساعدة في تمويل مكافحة تغيّر المناخ، سيحث الاتحاد الأوروبي مجموعة العشرين على الاتفاق على معايير عالمية مشتركة بشأن ما يشكل استثماراً في مجال البيئة أو ما يعرف بالاستثمار "الأخضر".
ومن شأن ذلك أن يساعد في جذب الاستثمار الخاص الضخم اللازم لأن العديد من صناديق الاستثمار تحرص على الاستثمار في مشاريع مستدامة بيئياً لكن لا توجد طريقة متفق عليها لاختيارها. ويعمل الاتحاد الأوروبي فعلاً على مثل هذه المعايير بهدف تطبيقها بحلول عام 2022.