قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إنه في ظل انتشار فيروس كورونا وتبعاته المؤثرة صحياً واقتصادياً واجتماعياً، كان التعاون في مجموعة العشرين، أكثر أهمية من أي وقت مضى، معرباً عن فخر المجموعة بما أنجزته هذه السنة، مؤكداً أن "أمامنا الكثير للقيام به".
وأضاف في بيان رئاسة مجموعة العشرين عقب اختتام أعمال القمة التي ترأستها السعودية، أن رئاسة المملكة لمجموعة العشرين، كرست جهودها لبناء عالم أقوى وأكثر متانة واستدامة، ويتوازى مع ما تشهده المملكة من تحول اقتصادي واجتماعي كبير، مسترشدين فيه برؤية المملكة 2030".
وبيّن أن المملكة ستواصل دعم الجهود الدولية المتعلقة بتوفير لقاحات وعلاجات فيروس كورونا للجميع، بشكل عادل وبتكلفة ميسورة، بمجرد توافرها، وستعمل مع شركائها الدوليين والرئاسة الإيطالية لمجموعة العشرين في العام المقبل لتحقيق ذلك.
وتابع الأمير محمد بن سلمان: "في ظل انتشار فيروس كورونا وتبعاته المؤثرة صحياً واقتصادياً واجتماعياً، كان تعاوننا أكثر أهمية من أي وقت مضى، وتعاملنا معاً مع هذا التحدي بجدية تستوجبها مسؤولية صون حياة الإنسان وحماية سبل العيش، وتقليل الأضرار الناتجة عن هذه الجائحة، ورفع الجاهزية لمواجهة الأزمات المستقبلية".
وأضاف أن "هذه الجائحة لم تعترف بالحدود، فقد وصلت إلى جميع الدول، وأثرت بشكل مباشر وغير مباشر في كل إنسان يعيش في هذا الكوكب، الأمر الذي استوجب تفعيلاً للدور المحوري الذي تلعبه مجموعة العشرين، ومن أجل ذلك اجتمع قادة المجموعة مرتين خلال رئاسة واحدة لمجموعة العشرين في سابقة هي الأولى منذ تأسيس المجموعة".
وأشار ولي العهد السعودي إلى أن دول المجموعة بادرت، لمواجهة هذا التهديد العالمي الذي تشهده البشرية جمعاء، باتخاذ إجراءات غير مسبوقة وتدابير مُنَسقة للتعامل مع الجائحة وتبعاتها".
جهود بناء عالم أقوى
وتابع الأمير محمد بن سلمان: "نقف اليوم في نهاية عام استثنائي حظينا فيه بشرف ومسؤولية رئاسة المجموعة. هذا العام الذي وضعنا منذ بدايته هدفاً واحداً هو اغتنام فرص القرن الـ21 للجميع، متضمناً محاور تشمل تمكين الإنسان، وحماية كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة".
وأوضح أن المجموعة تبنت هذا العام أولويات لتنفيذها، وعلى رأسها معالجة الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الجائحة، واتخاذ كل ما يلزم لحماية الأرواح وسبل العيش ومساندة الفئات الأكثر احتياجاً، ولتحقيق ذلك بادرت المجموعة بتقديم الموارد اللازمة لمن هم في الصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا".
وقال: "تعهدت دول مجموعة العشرين في بداية الجائحة بأكثر من 21 مليار دولار أميركي، لتلبية احتياجات التمويل الفورية، وتحديداً لتطوير الأدوات التشخيصية واللقاحات والعلاجات الفعالة، وقد أسهمت المملكة بـ 500 مليون دولار لدعم هذه الجهود. واتفقنا في المجموعة على ألا ندخر أي جهود لتهيئة الظروف للجميع للحصول على لقاحات وأدوات تشخيصية وعلاجات للفيروس، بشكل عادل وميسور التكلفة".
وأضاف: "اتخذنا أيضاً تدابير استثنائية لدعم اقتصاداتنا وشعوبنا، وذلك كجزء من خطة عمل مجموعة العشرين هذا العام، وقمنا بضخ ما يزيد على 11 تريليون دولار أميركي في الاقتصاد العالمي، لدعم الشركات وحماية سبل العيش للأفراد، ويعد ذلك إسهاماً غير مسبوق من قبل مجموعة العشرين. وقمنا كذلك بتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية لحماية أولئك المعرضين لفقدان وظائفهم ومصادر دخلهم"، فضلاً عن تقديم "دعم طارئ للبلدان الأكثر عرضة للخطر في العالم، والتي تهدد الجائحة بإهدار عقود من التقدم التنموي المحرز فيها".
وتابع ولي العهد السعودي: "من خلال مبادرة تعليق خدمة الديون، وفّرنا ما يزيد على 14 مليار دولار لتخفيف أعباء الديون على البلدان الأكثر عرضة للخطر، والتي يزيد عدد سكانها على مليار شخص، كما قمنا بتمديد هذه المبادرة وسنستمر بتقييم الأوضاع لمعرفة ما إذا كان هناك ما يستلزم التمديد مرة أخرى، وتم توفير أكثر من 300 مليار دولار من خلال بنوك التنمية، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تعمل مع مجموعة العشرين لمساعدة البلدان الناشئة والمنخفضة الدخل".
وأكد الأمير محمد بن سلمان، أن التعاون الدولي في مواجهة الجائحة، يُظهر "أن قوتنا تكمن في وحدتنا. وهذا الهدف الذي أنشئت من أجله مجموعة العشرين، لكي تجتمع دول العالم من كافة القارات لمجابهة التحديات الملحة لهذا العصر واتخاذ حلولِ فعالة ومشتركة حيالها".
مبادرات مستقبلية
وختم كلمته بالقول: "ندرك جيداً أهمية تحقيق حماية أفضل من الجوائح في المستقبل، كما يتوجب علينا أخذ الدروس من هذه الأزمة، ولتحقيق ذلك اقترحت رئاسة المملكة لمجموعة العشرين مبادرة تسهم في (الوصول إلى أدوات التصدي للجوائح)، وتسعى هذه المبادرة لتحقيق 3 أهداف هي: تشجيع البحث والتطوير، والتوزيع للأدوات التشخيصية والعلاجات واللقاحات لجميع الأمراض المعدية، وتشجيع وتسهيل التمويل الدولي للتأهب للجوائح العالمية، وكذلك دعم تدريب المختصين في الأوبئة بجميع أنحاء العالم".
وأضاف أنه في إطار رئاسة المملكة العربية السعودية، اتفق أعضاء مجموعة العشرين على عدد من المبادرات الحيوية التي من شأنها إرساء الأسس للتعافي العالمي، والتي آمل أن يستمر أثرها لعقود قادمة.
ومن هذه المبادرات، مبادرة الرياض بشأن مستقبل منظمة التجارة العالمية لتقديم الدعم اللازم لإصلاح منظمة التجارة العالمية تحت مظلتها، إضافة إلى مواصلة الجهود لتمكين النساء والشباب من خلال توفير التعليم النوعي والشمول المالي.
وأولت رئاسة المملكة أهمية كبيرة لحماية كوكب الأرض، إذ "اتفقنا في المجموعة على نهج الاقتصاد الدائري للكربون لتحسين إدارة انبعاثات الكربون في جميع قطاعات الاقتصاد، وضمان الوصول إلى طاقة أنظف وأكثر استدامة وأيسر تكلفة. وأطلقنا مبادرة مجموعة العشرين للحد من تدهور الأراضي والحفاظ على الشُعب المرجانية، وذلك لحماية النظم البيئية الأساسية والتنوع البيولوجي لكوكبنا، على الأرض وفي محيطاتنا.
ولفت ولي العهد، إلى تكثيف الجهود "الجماعية لضمان توفر المياه العذبة المُدارة بأمان لكل شخص على وجه الأرض، مع مواجهة التحدي الرئيسي المتمثل في ضمان الأمن الغذائي للجميع، في وقت يتزايد فيه الطلب والضغوط البيئية".
وأكد أن "المملكة ستواصل دعم الجهود الدولية المتعلقة بتوفير لقاحات وعلاجات فيروس كورونا المستجد للجميع بشكل عادل وبتكلفة ميسورة، بمجرد توفرها. وأعلم أن هناك الكثير ممن يشاركونا هذا الالتزام. وسنعمل مع شركائنا الدوليين والرئاسة الإيطالية لمجموعة العشرين في العام المقبل لتحقيق ذلك"، كما "ستواصل المملكة تلبية النداء العالمي للتصدي لتحديات القرن الحادي والعشرين، جنباً إلى جنب مع أعضاء مجموعة العشرين".