أبرز الهجمات التي طالت برنامج إيران النووي والعاملين فيه

الشرطة الإيرانية في موقع اغتيال العالم النووي مصطفى أحمدي بالعاصمة طهران - 2011 - REUTERS
الشرطة الإيرانية في موقع اغتيال العالم النووي مصطفى أحمدي بالعاصمة طهران - 2011 - REUTERS
دبي-الشرق

تعرض البرنامج النووي الإيراني خلال العقدين الماضيين لضربات كبرى، تمثلت باغتيالات طالت علماء بارزين في مجال الذرة، وهجمات سيبرانية تسببت بتعطيل أنظمة تخصيب اليورانيوم في عدد من المفاعلات، كما طالت انفجارات غامضة لمنشآت نووية حيوية على غرار "نطنز".

وعلى الرغم من تعتيم السلطات الإيرانية على تفاصيل تلك الحوادث، لكنها دائماً ما توجه الاتهام إلى الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية.

آخر العمليات التي استهدفت برنامج إيران الإيراني، تمثلت باغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده، في كمين قرب العاصمة طهران، الجمعة، حيث يشتبه الغرب منذ فترة طويلة في أنه العقل المدبر لبرنامج سري للقنبلة النووية.

آثار الدماء بجانب سيارة العالم الإيراني محسن فخري زاده الذي تعرض لهجوم قرب طهران - AFP
آثار الدماء بجانب سيارة العالم الإيراني محسن فخري زاده الذي تعرض لهجوم قرب طهران - AFP

وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية، أن زاده، فارق الحياة في المستشفى، متأثراً بإصابته بالرصاص، بعد أن تم تفجير مركبة على مقربة من سيارته، في حين توعد مسؤولون في الجيش بالرد، وأشاروا إلى صلة إسرائيل بعملية الاغتيال.

مفاعل "نطنز"

صباح 2 يوليو 2020، تسبب حادث غامض بأضرار جسيمة في أحد مباني منشأة "نطنز" النووية (250 كلم جنوب طهران)، ورغم التعتيم الإيراني على تفاصيل ما جرى، ذكرت وسائل إعلام أن انفجاراً استهدف مستودعاً لتطوير أجهزة الطرد المركزي في الموقع الذي يشهد عمليات تخصيب اليورانيوم تحت الأرض.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" آنذاك عن مسؤول استخباراتي في الشرق الأوسط، أن "إسرائيل زرعت قنبلة في مبنى شهد استئناف العمل في أجهزة الطرد المركزي بمنشأة نطنز النووية". غير أن الانفجار لم يخلّف إصابات أو تسرباً للإشعاع، وفقاً لهيئة الطاقة الذرية الإيرانية.

وأقر رئيس الهيئة، بأن الحادثة خلفت "أضراراً مادية جسيمة"، وأن البناية مخصصة لإنتاج "أجهزة طرد مركزي متطورة".

وقبل 6 أعوام أعلنت السلطات الإيرانية، أنها تمكنت من إسقاط طائرة إسرائيلية مسيرة كانت تحلق فوق مفاعل "نطنز" بغية استهدافه، ونشرت وسائل الإعلام الإيرانية صوراً زعمت أنها لتلك الطائرة.

طائرة
طائرة "درون" أسقطتها السلطات الإيرانية قرب مفاعل "نطنز" عام 2014 وقالت إنها تابعة لإسرائيل - AFP

سرقة ملفات سرية

في شهر أبريل من العام 2018، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "ملفات سرية نووية" تثبت أن إيران كانت تسعى سراً لإنتاج أسلحة نووية، على حد زعمه. واستعرض نتنياهو، من مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، ما قال إنه "نسخ طبق الأصل" من وثائق حصلت عليها الاستخبارات الإسرائيلية من مخزن سري في طهران.

وقال إن "آلاف الصفحات من المواد التي حصلت عليها إسرائيل توضح أن إيران خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى لإنتاج أسلحة نووية".

كما تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خبراء إيرانيين يعملون ضمن البرنامج النووي، وعرض صور بعضهم، ومن أبرز هؤلاء العالم محسن فخري زاده.

نتنياهو خلال مؤتمر بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب يستعرض وثائق عن برنامج إيران النووي - REUTERS
نتنياهو خلال مؤتمر صحافي بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب يستعرض وثائق عن برنامج إيران النووي - REUTERS

 هجوم "ستوكسنت" السيبراني

في نوفمبر عام 2010، قالت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، إن برنامج إيران النووي يواجه مشاكل تقنية أدت لإيقاف آلاف أجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم. ورجح أحد المسؤولين في المنظمة، أن يكون الفيروس المعروف باسم "ستوكسنت" وراء تلك المشاكل التقنية، وهو أول فيروس يستهدف منظومات التحكم بالمنشآت النووية الإيرانية.

وفي 2 سبتمبر 2019 كشف موقع "ياهو"، لأول مرة عن تفاصيل تتعلق بهجمات "ستوكسنت" السيبرانية، التي بدأت عام 2007، وذكر أن الضربة الرقمية الكبرى استهدفت عدة مفاعلات وعلى رأسها "نطنز"، تعاونت فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، بمساعدة ألمانيا وفرنسا وهولندا.

وأشار الموقع إلى أن الموساد والاستخبارات الأميركية نجحا بتجنيد مهندس إيراني يعمل في المنشآت النووية، حيث زرع الفيروس في الأنظمة الرقمية للمفاعلات، ما نتج عنه تعطيل أجهزة الطرد المركزي في منشآت عدة.

زاده ليس الأول

لم يكن اغتيال زاده الحادث الأول الذي يطال خبراء إيرانيين، إذ شهدت السنوات الماضية العديد من محاولات اغتيال، بعضها نجح، فيما أخفق البعض الآخر.

بين عامي 2010 و2012، في ذروة الأزمة مع القوى العالمية بشأن البرنامج النووي الإيراني، اغتيل 5 علماء إيرانيين في طهران. واتهمت إيران وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وجهاز الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء عمليات الاغتيال.

ومن أشهر تلك العمليات، اغتيال عالم الفيزياء النووية بجامعة طهران، مسعود محمدي، في 12 يناير 2010، عبر انفجار دراجة نارية مفخخة أمام منزله في طهران. وبعد مرور عام أصدر القضاء الإيراني حكماً بإعدام شخص يُدعى مجيد جمالي فاشي بتهمة اغتيال محمدي من خلال العمل لصالح الموساد الإسرائيلي.

مصلون يحملون تابوت العالم الإيراني مصطفى أحمد بعد اغتياله بواسطة قنبلة في طهران - REUTERS
مصلون يحملون جثمان العالم الإيراني مصطفى أحمدي بعد اغتياله بواسطة قنبلة في طهران - REUTERS

وفي نوفمبر من العام ذاته، لقي العالم النووي مجيد شهرياري مصرعه بقنبلة مغناطيسية ألصقت بسيارته أثناء مروره بأحد شوارع العاصمة طهران، وعلى غرار حادثة محمدي، اتهمت السلطات الإيرانية الاستخبارات الإسرائيلية ومن خلفها الأميركية باغتياله.

وفي 23 يوليو 2011، كان العالم النووي الإيراني داريوش رضائي نجاد يقود سيارته شمال طهران وترافقه زوجته، قبل أن ترديه 5 رصاصات أطلقها مسلحون مجهولون كانوا يستقلون دراجات نارية. وقد حمل المسؤولون الإيرانيون الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية اغتيال رضائي الذي لم يتجاوز آنذاك 35 عاماً.

وبعد أقل من عام، تكرر سيناريو مصرع مجيد شهرياري، عندما زرعت قنبلة في سيارة العالم النووي والأستاذ الجامعي مصطفى أحمدي روشن. وذكرت تقارير أن روشن كان متخصصاً في الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وتركزت مهامه في مفاعل نطنز.

وكانت طهران قد اتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل باختطاف العالم النووي شهرام أميري الذي اختفى قبل 10 أعوام.