كشف تقييم للأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة، أن الأعراض العصبية الغامضة التي ظهرت على مجموعة من الدبلوماسيين الأميركيين في الصين وكوبا، تتطابق مع تأثيرات الموجات الكهرومغناطيسية (موجات راديو) الموجهة، بحسب ما أفادت شبكة "إن بي سي" وصحيفة "نيويورك تايمز".
وخلص فريق من الخبراء الصحيين والعلميين، الذين درسوا الأعراض لدى نحو 40 من موظفي وزارة الخارجية الأميركية والحكومة عموماً، إلى أن حالاتهم لا سوابق لها في الأدبيات الطبية المدونة، لكنهم شعروا بحسب التقرير بأن "عدداً كبيراً من الأعراض الحادة التي رصدها هؤلاء الموظفون، تتوافق مع تأثيرات ترددات موجات الراديو الموجهة".
ولم يستنتج التقرير إن كانت هذه الموجات موجهة عمداً بواسطة سلاح، كما يعتقد كثير من مسؤولي الاستخبارات الأميركية، لكنه أثار هذه الاحتمالية المقلقة، محذراً من "أدوات جديدة لإلحاق الأذى بالآخرين".
واستعرض التقرير أربعة احتمالات لشرح الأعراض التي يعانيها الموظفون الأميركيون، وهي: العدوى، والتعرض لمواد كيماوية، والعوامل النفسية، والموجات الكهرومغناطيسية، مشيراً إلى أن الأخيرة تظل "الآلية الأكثر احتمالاً".
أعراض غامضة
ومنذ عام 2017، قال عدد من الموظفين والدبلوماسيين الأميركيين، الذين خدموا في كوبا والصين، إنهم يعانون أعراضاً عصبية حادة تجعلهم يسمعون أصواتاً عالية، ويشعرون بالضغط في رؤوسهم، إضافة إلى الإحساس المستمر بالدوار، والاضطراب في المشي، والاختلالات البصرية.
وخلال العام الماضي رصد عدد من الحوادث المشابهة لعملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" في أوروبا وآسيا، بما في ذلك ضابط الاستخبارات مارك بوليميروبولوس، الذي تقاعد بعد أعراض أرجعها إلى إصابة دماغية تعرض لها في رحلة إلى العاصمة الروسية موسكو.
روسيا.. المتهم الأول
وقالت شبكة "إن بي سي نيوز" إن مسؤولين في واشنطن، يعتبرون روسيا المشتبه فيه الرئيس في ما صنفوه "هجمات متعمدة" على الدبلوماسيين الأميركيين، ومسؤولي "سي آي إيه" خارج البلاد.
ونقلت الشبكة عن مصادر في "سي آي إيه"، قولها إنَّ الوكالة "علمت عن طريق استخدام بيانات الموقع في الهواتف المحمولة، أن عملاء للاستخبارات الروسية سبق لهم العمل على أسلحة الطاقة الموجهة، كانوا موجودين في بعض المدن في الوقت ذاته الذي بدأ فيه عملاء وكالة الاستخبارات المركزية المعاناة من الأعراض الغامضة".
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن المحللين المتخصصين في روسيا في وكالة الاستخبارات المركزية، يعتقدون أن روسيا وراء الحوادث، نظراً لتاريخها في استخدام الأسلحة التي تسبب إصابات دماغية، ورغبتها في زعزعة العلاقات بين واشنطن وكوبا، لكن روسيا أنكرت أي تورط في هذه الحوادث.
الخارجية الأميركية
وفي ردها على التقرير، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن "جميع الأسباب المحتملة تبقى تخمينية"، مضيفة أن التحقيق في القضية "لا يزال مستمراً".
وأكدت الخارجية أنه لا ينبغي النظر إلى التقرير المذكور باعتباره "نهائياً"، مشيرة إلى أنه واجه تحديات أثناء الدراسة، تتعلق بمحدودية البيانات التي أتيحت للباحثين.
لكنها أشارت مع ذلك إلى أن هذا القصور لا يقلل من قيمة الدراسة، لافتة إلى أنها من الممكن إضافتها إلى البيانات والتحليلات التي قد تساعد في التوصل إلى "استنتاج نهائي".
اتهامات بالتستر
واتهمت صحيفة "نيويورك تايمز" في تحقيقها، وزارة الخارجية الأميركية بإساءة التعامل مع الحوادث. وقالت إن الوزارة خرجت بتقييمات متضاربة للمرضى والحوادث، متجاهلة التشخصيات الصحية، وحاجبة المعلومات عن الكونغرس.
وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة ترمب، كانت على علم منذ وقت مبكر بالحوادث، إذ سحبت في عام 2017 معظم طاقمها من سفارتها في كوبا، وأصدرت تحذيراً بالسفر قائلة إن "الدبلوماسيين الأميركيين هناك عانوا هجمات موجهة".
كما طرد الرئيس ترمب 15 دبلوماسياً كوبياً من واشنطن، وبدأ مراجعة مستقلة للوضع، على الرغم من إنكار كوبا لأي تورط في الحوادث.
لكن إجراءات مماثلة لم تتخذ في ما يتعلق بروسيا والصين، وهو ما أرجعته الصحيفة إلى "اعتبارات سياسية ودبلوماسية"، بما في ذلك رغبة الرئيس ترمب حينها في تعزيز العلاقات مع روسيا، وحرصه على الفوز بصفقة تجارية مع الصين.