كان وزير العدل الأميركي، بيل بار، الذي استقال الاثنين، من أقرب المقربين للرئيس دونالد ترمب، إلى أن رفض الانجرار خلف مزاعم الرئيس الجمهوري بأن الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الـ3 من نوفمبر، شابتها عمليات تزوير، في محاولة يائسة للاحتجاج على هزيمته.
وكالعادة أعلن ترمب النبأ على "تويتر" مرفقاً به كتاب استقالة وزير العدل، وكتب تغريدة، الثلاثاء، قال فيها: "لقد عقدت للتو اجتماعاً لطيفاً جداً مع وزير العدل بيل بار في البيت الأبيض، كانت علاقتنا جيدة جداً، بيل سيغادر قبيل عيد الميلاد لتمضية العطلة مع عائلته"، مشيراً إلى أنه عيّن نائبه جيف روزن، وزيراً بالإنابة.
ومنذ أسابيع انتشرت شائعات عن استقالة بار، الذي أثار غضب ترمب، لعدم تنديده بعمليات الغش والتزوير في الانتخابات الرئاسية التي زعم الرئيس الجمهوري بأنها حدثت لتغيير نتيجتها، بعد فوز جو بايدن بها.
وكان أعلن في الأول من ديسمبر الجاري، أن "وزارتي الأمن الداخلي والعدل فتحتا تحقيقاً. وفي الوقت الراهن ليس هناك أي دليل يمكن البناء عليه" لإثبات التزوير.
ويصر ترمب على حدوث عمليات غش على نطاق واسع، ويرفض الاعتراف بهزيمته. لكن معسكره لم يتمكن من تقديم أي دليل لأثبات هذه الاتهامات، كما رُفضت في المحاكم كل الطعون التي قدمها بما في ذلك أمام المحكمة العليا.
كما عبر ترمب خلال الأيام الماضية، عن "خيبته الكبرى" لأن وزير العدل لم يكشف قبل اقتراع نوفمبر الماضي، وجود تحقيق حول الوضع الضريبي لهانتر نجل جو بايدن. وكان بار فرض نفسه داخل الحكومة كأحد أشد المدافعين عن ترمب واليمين المحافظ.
"محامي الرئيس"
وبار المحامي (70 عاماً)، من مؤيدي الصلاحيات الرئاسية الواسعة وعقوبة الإعدام، ومنح الشرطة الفيدرالية صلاحيات في إدارة التظاهرات ضد عنف الشرطة، التحرك التاريخي الذي تشهده البلاد منذ مقتل الأميركي من أصول إفريقية، جورج فلويد.
ولدى وصوله إلى وزارة العدل في فبراير 2019، كانت صورة هذا الرجل الهادئ الطباع، إيجابية. وسبق أن تولى هذا المنصب مطلع التسعينيات، كدليل على الجدية في إدارة كان عدد المبتدئين فيها كبيراً.
لكن هذا التوافق النسبي حول شخصه لم يصمد مطولاً وسرعان ما لقب بار بـ"محامي الرئيس". واتهم خصوصاً بأنه بذل كل جهده لحماية ترمب في تحقيق المدعي الخاص روبرت مولر بشأن تواطؤ محتمل بين روسيا وفريق حملة المرشح الجمهوري في 2016. وفي نهاية 2019 دعم نظرية اتبعها ترمب، تتناقض تماماً مع وزارته.
وكان ترمب أكد في حينها أن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، فتح تحقيقاً حول علاقات محتملة بين موسكو وفريق حملته لأسباب سياسية، وهو اتهام دحضه المفتش العام (الهيئة المستقلة داخل الوزارة).
توافق.. وفراق
لكن بيل بار فضل توجيه انتقادات للشرطة الفيدرالية مؤكداً أن ثمة "سوء نية" محتملة من قبل بعض العملاء.
ووفقاً لمناصريه كان بار المولود في نيويورك والمتخرج في جامعة كولومبيا الراقية، يدافع عن المنصب الرئاسي، وليس عن شخص دونالد ترمب.
وكان ينتقد بانتظام المعارضة الديمقراطية واليسار الأميركي اللذين شنا في رأيه "هجوماً منهجياً على القواعد ودولة القانون"، ما عرض الرئيس لـ"مضايقات مستمرة".
وبار الكاثوليكي المتدين دان أيضاً تراجع القيم الدينية في الولايات المتحدة، و"حملة" التقدميين "للقضاء على النظام الأخلاقي التقليدي"، رغم بقائه إلى جانب رئيس طلق مرتين، وأثارت تعليقاته الجنسية فضيحة في 2016.
وكانت تغريدة ترمب التي أعلن فيها استقالة بار، جاءت بعيد لحظات من تثبيت الهيئة الناخبة فوز بايدن في الانتخابات بعدما أدلى كبار الناخبين بأصواتهم في كاليفورنيا، الولاية التي فاز بها بايدن على ترمب بفارق شاسع (أكثر من 63% من الأصوات)، ما مكن نائب الرئيس السابق من تجاوز عتبة الـ270 صوتاً (من أصل 538 تتألف منها الهيئة الناخبة) اللازمة للفوز بالانتخابات.
وأكد مسؤول أميركي كبير لوكالة "فرانس برس"، أن "بار استقال بمحض إرادته. ولم يتعرض لضغوط أو يُجبر على الاستقالة"، مؤكداً أن الاجتماع بين الوزير المستقيل والرئيس المنتهية ولايته كان "ودياً".