رجّح قيادي في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين ألا تتهاون بلاده في حملة تشنّها في إقليم شينغيانغ، مستدركاً أن تركيزها يتحوّل أكثر إلى معالجة جذور التطرف.
وتقيم في شينغيانغ أقلية الأويغور وجماعات عرقية أخرى ذات غالبية مسلمة، فيما تتهم الولايات المتحدة ودول غربية أخرى الصين بانتهاك حقوق الإنسان في الإقليم.
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن محللين ذكروا أن الصين احتجزت أكثر من مليون شخص في شينغيانغ، وأرغمت كثيرين منهم على التخلّي عن عناصر من عقيدتهم وتقاليدهم. ويتهم ناشطون بكين بانتهاج سياسة الاعتقالات الجماعية، والعمل القسري، وتحديد النسل القسري، والقضاء على لغة الأويغور وثقافتهم.
لكن مسؤولين صينيين ينفون الاتهامات، ويتحدثون عن جهد ناجح لاقتلاع التطرف من السكان وتأمين تدريب وظيفي لهم، مشيرين إلى أن الإقليم لم يشهد هجوماً إرهابياً منذ 4 سنوات.
"تهديدات قائمة"
ونقلت "أسوشيتد برس" عن شو غويشيانغ، نائب المدير العام لقسم الدعاية في الحزب الشيوعي بشينغيانغ، قوله خلال مقابلة في بكين: "لا يمكننا أن نشعر بالرضا عن النفس في هذه اللحظة، لأن التهديدات لا تزال قائمة".
وأضاف أن الحزب يعزّز التدابير المُتخذة حتى الآن، وسيستكشف أيضاً سبل تحقيق استقرار مستدام في المناطق الحدودية متعددة الأعراق، مثل شينغيانغ، التي تقع في أقصى غرب الصين وتبعد نحو 2400 كيلومتر عن بكين. وتابع: "علينا أن نمعن التفكير بشأن كيفية تسوية الملفات عميقة الجذور، بما في ذلك الأساس الاجتماعي والتربة، التي تؤدي إلى التطرف والإرهاب".
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن الصين أقامت "دولة بوليسية" في شينغيانغ، بعد هجمات شهدها الإقليم وأماكن أخرى. واقتحم رجل من الأويغور حشداً بسيارته في ساحة تيانانمين ببكين في عام 2013، كما ألقى رجال قنابل من سيارتين في شارع مزدحم بأورومتشي، عاصمة شينغيانغ، ما أوقع 43 قتيلاً في عام 2014.
واستدركت الوكالة أن التهديد قد يكون انحسر، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة حذفت "الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية"، وهي جماعة في شينغيانغ، من لائحتها للتنظيمات الإرهابية في نوفمبر الماضي.
وذكرت الوكالة أن شو غويشيانغ لم يردّ بشكل مباشر على سؤال بشأن احتمال تخفيف الإجراءات الأمنية في الإقليم، لكنه اعتبر أن القرار الأميركي يمكن أن يحفّز نشاط الجماعة. وأضاف: "4 سنوات من دون إرهاب لا تعني عدم وجود تهديد أو خطر".
العمل القسري
وكرّر نفي الحكومة الصينية اتهامات بإرغام أفراد من الأويغور على العمل القسري، علماً أن ذلك يشمل ضغوطاً مزعومة على خريجي تدريب مهني، للعمل في مصانع، في شينغيانغ وأماكن أخرى في الصين. وذكر شو أن 117 ألف شخص يعملون في أجزاء أخرى من الصين منذ عام 2014، من خلال برامج مكّنتهم من تطوير مهاراتهم والتخلّي عن عملهم في المزارع، والانتقال إلى مصانع تقدّم رواتب أفضل.
ومنعت وكالة الجمارك الأميركية واردات الملابس وسلعاً أخرى من شينغيانغ هذا العام، نتيجة مسألة العمل القسري، فيما يطالب ساسة بريطانيون الشركات في بلادهم بضمان أن تخلو سلاسل التوريد الخاصة بهم من بضائع العمل القسري.
وأشار شو غويشيانغ إلى أن القيود الأميركية دفعت شركات في الإقليم إلى البحث عن أسواق أخرى، لافتاً إلى وجود فرص كثيرة، في داخل الصين وخارجها. وأضاف: "لا يمكن للمرء أن يفترض أن شركات شينغيانغ لن تستمرّ من دون سوق الولايات المتحدة، أو بعض شركاتها".
وعقد شو ومسؤولون آخرون مؤتمراً صحافياً لثلاث ساعات في بكين الاثنين، لدحض انتقادات دولية مستمرة ومكثفة لممارسات الحكومة في شينغيانغ.
وأفادت "أسوشيتد برس" بأن منظمي المؤتمر جلبوا اثنين من خريجي مراكز التدريب المهني، وعاملَين، وعرضوا مقابلات مصوّرة مع آخرين. وأشاد الجميع بالفرص الممنوحة لهم، ولم يتحدثوا عن إرغامهم على فعل أي شيء، علماً أن السلطات في شينغيانغ لم تسمح لصحافيين يعملون في وسائل إعلام أجنبية بالعمل بحرية في الإقليم، كما لم تسمح سوى بزيارات مرتّبة سلفاً وخاضعة لمراقبتها.
ونقلت الوكالة عن إليجان أنايات، وهو ناطق أويغوري باسم حكومة شينغيانغ، قوله إن تقارير عن تعقيم قسري للحدّ من النموّ السكاني للأويغور، هي محض افتراء من قوى مناهضة للصين.
وانخفض معدل المواليد في شينغيانغ إلى 10.7 لكل ألف شخص في عام 2018، بعدما بلغ نحو 15.5 في السنوات الثماني الماضية.
وبرّر شو غويشيانغ ذلك برغبة جيل الشباب في أسر أقلّ عدداً، وبتنفيذ أكثر صرامة للقيود الحكومية المفروضة على عدد الأطفال، منذ عام 2017. وعدّلت الصين سياسة تنظيم الأسرة آنذاك، للسماح بطفلين للعائلات الحضرية في شينغيانغ، وثلاثة للعائلات الريفية.