رجحت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، في مقابلة مع صحيفة لو باريزيان الفرنسية، أن تقلص باريس حجم قواتها المنتشرة في منطقة الساحل الإفريقي، بعد تحقيق نجاح عسكري كبير في المنطقة خلال العام 2020.
وتأتي تصريحات بارلي فيما تواجه الحكومة الفرنسية، ضغوطاً متزايدة لتقليص مدى انتشارها العسكري في منطقة الساحل، بسبب تزايد عدد القتلى في صفوفها.
وقالت بارلي إن "فرنسا، ستضطر على الأرجح إلى تعديل حجم انتشارها في المنطقة، باعتبار أن التعزيزات العسكرية إجراء مؤقت"، في إشارة إلى قيام باريس بإرسال تعزيزات مؤلفة من 600 جندي إلى منطقة الساحل العام الماضي، ليرتفع عدد قواتها في المنطقة إلى 5100 جندي.
وأوضحت بارلي أنه "سيتم اتخاذ قرار بهذا الشأن في القمة المشتركة المقبلة، بين فرنسا ودول قوة الساحل الخمسة (موريتانيا، مالي، بوركينافاسو، النيجر وتشاد) في فبراير المقبل، في العاصمة التشادية نجامينا".
وتنتشر القوات الفرنسية في الساحل الإفريقي، وتحديداً في مالي، ضمن عملية "برخان"، التي تحارب الجماعات المتشددة الناشطة في المنطقة، والتي بدأت أعمالها القتالية في العام 2014، بالاشتراك بين قوة فرنسية، وقوة الساحل.
واعتبرت وزيرة الدفاع الفرنسية، أن "عملية برخان حققت في العام 2020 نجاحات عسكرية كبيرة، من خلال تحييد عدد من كبار قادة الجماعات الإرهابية، من بينهم عبد المالك درودكال"، زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب" شمال مالي في يونيو 2019.
كما أعلنت فرنسا في نوفمبر تحييد باه أغ موسى، الذي يوصف بأنه "القائد العسكري" لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، التابعة لتنظيم القاعدة.
"سلاح الجبناء"
وشجبت الوزيرة ما أسمته "طرق خبيثة، تتبعها الجماعات المتشددة"، بعد مقتل 5 جنود من القوة الفرنسية في مالي، في وقت سابق. وأكدت أن "الظروف الأمنية لا تزال في منطقة الساحل صعب، الإرهابيون يستخدمون سلاح الجبناء"، في إشارة إلى العبوات الناسفة التي تستخدم في الهجوم على القوات الفرنسية.
وتابعت بارلي: "آمل أن نتمكن من فعل الكثير لحماية جنودنا بشكل أفضل"، من دون أن تقدم مزيداً من التفاصيل.
وأكدت الوزيرة موقف بلادها بعدم التفاوض مع الجماعات "المتشددة" التي تحاربها فرنسا، خصوصاً تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، مشيرة إلى أن "الجماعات الإرهابية، تقتل من دون تمييز، وأيديها ملطخة بالدماء".
ولفتت إلى أن "الباب مفتوح أمام من ألقوا أسلحتهم، والذين لا تحركهم إيديولوجية متطرفة وإجرامية". وأضافت أنه "يتعين عليهم الانضمام إلى اتفاقات الجزائر للسلام"، التي تم توقيعها في عام 2015.
ضغوط متصاعدة
وتواجه الحكومة الفرنسية ضغوطاً متزايدة من أجل سحب قوة "بارخان"، بعد ارتفاع عدد الجنود الفرنسيين الذين خسرتهم فرنسا، إلى أكثر من 50 جندياً.
ودعت وسائل إعلام ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي الحكومة، إلى الانسحاب من الساحل، في وقت شدد فيه الرئيس إيمانويل ماكرون، على ضرورة استمرار الوجود العسكري.
وكتبت صحيفة "لوبينيون" في افتتاحية بعنوان "هذا يكفي إن لعب الأدوار الدولية لا يبرر هذه الخسارات في الأرواح"، مشددةً على أن "فرنسا لم تواجه أبداً تهديدات إرهابية قادمة من الساحل".
فيما قالت "القناة الإخبارية" الفرنسية (LCI) إن فرنسا أصبحت تواجه مهمة مستحيلة في مالي، ولم يبق أمامها سوى حل الانسحاب.
عملية برخان
وبرخان هي عملية لمكافحة "التمرد" في منطقة الساحل الأفريقي، بدأت في الأول من أغسطس 2014، وهي تتألف من 5100 جندي فرنسي بعد تعزيز القوة بـ 600 جندي مؤخراً.
والمقر الرئيسي للقوة الفرنسية يقع في نجامينا عاصمة تشاد. وسميت العملية بـ "برخان" نسبة لشكل هلال الكثبان الرملية في الصحراء.