كشف مسؤولون فلسطينيون لـ"الشرق" الثلاثاء، أنَّ هناك توافقاً سعودياً فلسطينياً بشأن المسار السياسي في المرحلة المقبلة، مؤكدين "التوصل إلى تفاهمات بشأن أهداف المرحلة الحالية، والأهداف التي يمكن تحقيقها في المراحل التالية".
وقال مسؤول فلسطيني رفيع إنَّ الاجتماع الأخير بين وفدي السعودية وفلسطين في الرياض أغسطس الماضي، "توصل إلى تفاهمات بشأن الأهداف الواقعية التي يمكن تحقيقها في المرحلة الحالية".
وأضاف أن "الجانبين الفلسطيني والسعودي متمسكان بمبادرة السلام العربية أساساً للحل السياسي في فلسطين، لكنهما يدركان أنه من غير الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن تطبيقها دفعة واحدة، لذلك توافق الطرفان على العمل لتحقيقها على مراحل".
كما كشف المسؤول أنَّ "الوفد الفلسطيني قدم للوفد السعودي قائمة من 14 نقطة في اتفاقات أوسلو لم تطبقها إسرائيل".
وبحسب المسؤول الفلسطيني شملت هذه القائمة النقاط الآتية: "وقف الإجراءات أحادية الجانب خاصة الاستيطان، وسيادة السلطة على مناطقها، والتوقف عن اجتياحها، ومواصلة الانسحاب من مناطق مصنَّفة (ج) أي تحت السيطرة الإسرائيلية، وإقامة مطار، وعدم اقتطاع أموال من الإيرادات الجمركية، وإعادة التفاوض على البروتوكول الاقتصادي، وإعادة الأمن الفلسطيني إلى المعابر الخارجية وغيرها".
وسلم السفير السعودي نايف بن بندر السديري أوراق اعتماده إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء، في رام الله، سفيراً فوق العادة مفوضاً غير مقيم لدى دولة فلسطين وقنصلاً عاماً في مدينة القدس.
المملكة وضعت شروطاً على الإدارة الأميركية خلال مباحثاتهما، بعضها مهم للمملكة والآخر مهم لفلسطين
مسؤول فلسطيني
رسائل سعودية
وقال مسؤول فلسطيني ثان، إنَّ الرسالة التي حملها السفير السعودي للرئيس محمود عباس "مفادها أنَّ المملكة وضعت شروطاً على الإدارة الأميركية خلال مباحثاتهما، بعضها مهم للمملكة والآخر مهم لفلسطين".
من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور أحمد مجدلاني لـ"الشرق" إن "القيادة الفلسطينية تُراهن على دور وثقل السعودية في وضع الملف الفلسطيني على طاولة المباحثات الجارية مع الإدارة الأميركية، للعمل على وقف الإجراءات الإسرائيلية أولاً، وتعزيز وتقوية الكيان الفلسطيني على طريق إقامة دولة مستقلة".
بدوره، أشار الدكتور محمود الهباش مستشار الشؤون الدينية للرئيس محمود عباس، إلى أنَّ الرئيس الفلسطيني قدم رؤيته للقيادة السعودية، لافتاً إلى أنَّ "هناك توافقاً بين الجانبين الفلسطيني والسعودي بشأن ما يمكن وما لا يمكن قبوله في أي اتفاق سياسي مقبل".
اهتمام فلسطيني
وفي السياق، حظي وصول أول سفير سعودي إلى فلسطين باهتمام إعلامي وسياسي واسعين، حيث توافدت عشرات المؤسسات الإعلامية الدولية والعربية والفلسطينية إلى مقر وزارة الخارجية الفلسطينية لتغطية وصول السفير نايف بن بندر السديري.
وأكد السديري دعم المملكة للشعب الفلسطيني حتى ينال استقلاله، ويقيم دولته، وعاصمتها القدس الشرقية، مبيناً أنه سيكون أيضاً قنصلاً عاماً للمملكة في مدينة القدس.
وينظر الفلسطينيون باهتمام كبير لتعيين قنصل عام سعودي غير مقيم في القدس المحتلة، والتي ترفض إسرائيل إقامة أي تمثيل دبلوماسي لمصلحة فلسطين فيها.
وفتحت السعودية أول قنصلية لها في القدس عام 1941. وكانت هذه القنصلية تصدر تأشيرات للفلسطينيين لدخول المملكة لأداء مناسك الحج والعمرة والعمل.
وقال السديري في منشور سابق له عبر منصة X (تويتر سابقاً) إنَّ "الدبلوماسي الراحل عبد العزيز السديري افتتح مقراً للقنصلية السعودية في القدس عام 1947 بصفته قنصلاً عاماً لدى فلسطين في ذلك الوقت". وظلَّت القنصلية قائمة حتى احتلال المدينة عام 1967.
وقال السفير السديري في تصريح لـ"الشرق" إنه "سيقوم بزيارة القدس والمسجد الأقصى في المرات القادمة".
"زيارة مهمة"
واستقبل الرئيس الفلسطيني السفير السعودي بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، ورحب به مشيداً "بزيارته المهمة" إلى فلسطين. وجاء ذلك بعد أن سلم السفير السعودي، أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في مقر الوزارة بالضفة الغربية المحتلة.
ورحَّب المالكي بالسفير السعودي والوفد المرافق له في فلسطين، وأشاد بـ"العلاقات التاريخية والأخوية المتجذرة التي تربط البلدين الشقيقين"، بحسب بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية.
"محطة تاريخية"
واعتبر وزير الخارجية الفلسطيني الزيارة "محطة تاريخية مهمة لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وفتح المزيد من آفاق التعاون المشترك في المجالات كافة".
وثمَّن المالكي "المواقف الأخوية الصادقة للرياض في دعم وإسناد حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية العادلة والمشروعة في المحافل كافة، خاصة الجهود التي بذلتها المملكة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78 بنيويورك".
من جانبه، عبّر السفير السعودي عن سعادته بتمثيل بلاده لدى دولة فلسطين التي وصفها بأنها "بلده"، وحيا صمود وتضحيات الشعب الفلسطيني، متعهداً بأن يبذل قصارى جهوده لتطوير وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، بحسب البيان.
وأعلنت السعودية في أغسطس، تعيين سفيرها لدى الأردن نايف بن بندر السديري سفيراً فوق العادة غير مقيم لدى فلسطين وقنصلاً عاماً في القدس، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.