ألقى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كلمة في مدينة ديترويت بولاية ميشيجان الأميركية مساء الأربعاء (بالتوقيت المحلي)، أمام عمال صناعة السيارات في خضم إضراب عمال الصناعة للمطالبة بتحسين الأجور وضمان الوظائف، بينما يجتمع منافسوه الجمهوريون على منصة المناظرة الجمهورية الثانية في كاليفورنيا، التي قرر عدم حضورها.
وتأتي جولة المرشح الأوفر حظاً عن الحزب الجمهوري في انتخابات 2024، بعد أن بات الرئيس جو بايدن أول رئيس حالي في تاريخ الولايات المتحدة يسير في فعالية اعتصامية، بعد مشاركته الثلاثاء، في فعالية مع اتحاد عمال السيارات المضربين في ديترويت.
وتعهد ترمب في كلمته التي ألقاها الأربعاء، بـ"إحياء القومية الاقتصادية"، قائلاً إنه يريد مستقبلاً "يحمي العمال الأميركيين، لا العمال الأجانب، ويضع أحلام الأميركيين فوق أرباح الشركات الأجنبية".
وانتقد ترمب أداء بايدن والديمقراطيين وقال: "تصريحاتي ستجعلني في موضع مساءلة.. ولكنني لن أتوقف"، ووصف بايدن بأنه "أكثر الرؤساء الأميركيين فساداً"، وقال: "أنا الرئيس الذي سيعيد لأميركا مجدها".
كما اتهم الرئيس السابق، بايدن بـ"الاهتمام بثراء عائلته"، فيما أشار إلى أنه "سيهتم بثراء عائلات الأميركيين".
"عولمة يسارية"
وهاجم ترمب الرئيس جو بايدن قائلاً إنه "تحت رئاسة جو بايدن بدلاً من القومية الاقتصادية، لديك عولمة يسارية، إنهم يكرهون بلادنا، والعمال الأميركيين لا يحصلون على شيء".
واعتبر أن جو بايدن "جاء إلى ميشيجان ليحصل على صورة، ولكن سياسته هي من أرسلت عمال صناعة السيارات إلى الأوضاع التي هم فيها حالياً".
واتهم إدارة بايدن بأنها "تسلب حقوق العمال الأميركيين"، مشيراً إلى تركيز بايدن على صناعة السيارات الكهربائية، قائلاً إن ذلك "سيدمر صناعة السيارات في الولايات المتحدة".
وقال مخاطباً العمال المضربين: "لن تحصلوا على شيء سيتم القضاء على قطاع السيارات.. مئات الآلاف من الوظائف للأميركيين ستختفي بسبب جو بايدن الفاسد. لست على ثقة بأنه يعرف ما يقوم به، هو محاط بيساريين وفاشيين، هم يبيعونكم إلى الصين ولأجل الأجندة البيئية، والمتطرفين اليساريين".
وتابع: "الحزب الديمقراطي لا يعرف ما يفعله أو ما يجب فعله. جو بايدن الفاسد يدعم من سيقضي على صناعة السيارات ويدمر بلادنا".
مهاجمة السيارات الكهربائية
وقال ترمب إنه لا يفهم سياسة شركات عمالقة صناعة السيارات، مضيفاً: "لا أفهم لماذا فورد وجنرال موتورز لا يناضلون لكي يصنعوا سيارات يتمكنوا من بيعها (سيارات ديزل)، لقد استسلموا. رأينا ما تفعله شركات النفط، هم يروجون لتوربينات الهواء، وهو ما يتعارض مع صناعتهم. خسروا شجاعتهم ولا يفهمون ما يحدث، يدعمون السيارات الكهربائية التي ستقضي على صناعتهم".
وأضاف: "شركات صناعة السيارات الكبرى استسلمت سريعاً لتصنيع سيارات كهربائية مكلفة ولا تجتاز مسافات كبيرة، التصويت لجو الفاسد يعني أن مستقبل الصناعة سيكون صنع في الصين".
وتعهد بضمان مستقبل صناعة السيارات داخل الولايات المتحدة، قائلاً: "السيارات ستصنع في أميركا، وسيتم تشغيلها بالطاقة الأميركية والحصول عليها من موردين أميركيين بمواد أميركية، وبأيدي عمال أميركيين يحصلون على رواتب مرتفعة.. ما يفعلونه لبلادنا فظيع وما يفعلونه في صناعة السيارات غير منطقي".
إضراب عمال صناعة السيارات
وتضغط نقابة عمال السيارات من أجل رفع الأجور وتقليل ساعات العمل وتوفير ضمانات من كبار الشركات المصنعة للسيارات في الولايات المتحدة بتشكيل نقابات جديدة لوظائف السيارات الكهربائية، وفق "أسوشيتد برس".
ويعرض الظهور المزدوج للرئيسين الحالي والسابق ما ترجح وكالة "أسوشيتد برس" أنه سيكون "ديناميكية رئيسية في الانتخابات العامة لعام 2024"، والتي تشبه إلى حد كبير "مباراة إعادة" بين ترمب وبايدن، على حد وصف الوكالة الإخبارية.
وتوقعت "أسوشيتدبرس" أن تكون ميشيجان مرة أخرى ساحة معركة فاصلة حيث يحاول المرشحان تقديم نفسيهما كأبطال من الطبقة العاملة.
ويأتي قرار ترمب بعدم الظهور في المناظرة الثانية، بفضل تقدمه الكبير في استطلاعات الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، حتى في الوقت الذي يواجه فيه 4 لوائح اتهام جنائية منفصلة، وفي الوقت الذي تعمل فيه حملته الانتخابية على التركيز على الانتخابات العامة قبل أشهر من بدء التصويت في الانتخابات التمهيدية العام المقبل.
أهمية انتخابية
وحاول الرئيس السابق الاستفادة من الإضراب للإيقاع بين بايدن وعمال النقابات، وهي مجموعة ذات ثقل انتخابي ساعدت في تمهيد الطريق لفوزه المفاجئ في عام 2016.
وفاز ترمب في هذه الانتخابات بأصوات الناخبين في معاقل الديمقراطيين، مثل ميشيجان وويسكونسن وبنسلفانيا، ما أعاد تشكيل التحالفات التصويتية عندما حشد ضد اتفاقات التجارة العالمية وتعهد بإحياء المدن الصناعية المحتضرة.
ولكن في انتخابات 2020، تمكن بايدن من الفوز بهذه الولايات عندما شدد على جذوره العمالية والتزامه بدعم الاتحادات العمالية. وغالباً ما يطلق الرئيس الحالي على نفسه "الرئيس الأكثر موالاة للنقابات" في تاريخ الولايات المتحدة، ويؤكد أن الاستثمارات التي تقوم بها إدارته في مجالات الطاقة الخضراء وتصنيع السيارات الكهربائية ستضمن مستقبل الصناعة في الولايات المتحدة.
على الجانب الآخر يسعى ترمب هذه المرة إلى الاستفادة من حالة الغضب بشأن تعامل بايدن مع الاقتصاد وسط التضخم المستمر. وحذر الرئيس السابق مراراً من أن تمسك بايدن بالسيارات الكهربائية، التي تمثل مكوناً أساسياً من أجندته للطاقة النظيفة، ستؤدي في نهاية المطاف إلى خسارة الوظائف، وزيادة مخاوف بعض العاملين في قطاع السيارات الكهربائية الذين يشعرون بالقلق من أن السيارات الكهربائية تتطلب عدداً أقل من العمال في تصنيعها، وعدم وجود ضمانة على أن المصانع المنتجة ستسمح للعمال بالانتظام في نقابات.
وصرح ترمب في أعقاب الزيارة التي قام بها بايدن، الثلاثاء، بأن "دعم جو بايدن الكاسح للسيارات الكهربائية، والذي لا يمكن الدفاع عنه سيدمر صناعة السيارات في الولايات المتحدة وسيكلف آلافاً لا حصر لهم من عمال صناعة السيارات وظائفهم".
وبينما قدم ترمب نفسه على أنه "موال للعمال"، إلا أنه اصطدم مراراً وتكرارا بالقيادات النقابية وحاول تأليب أعضاء النقابات على زعمائهم. ففي مقطع فيديو نشرته حملته مؤخراً، حض ترمب عمال صناعة السيارات على دفع مستحقات النقابات، والادعاء بأن قادتهم "أبرموا بعض الصفقات لحساب أنفسهم"، ووعدهم قائلاً: "سأحافظ على وظائفكم وسأجعلكم أغنياء".
وقبيل ساعات من زيارة ترمب نشر اتحاد عمال السيارات UAW مقطع فيديو على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" احتجاجاً على إغلاق المصانع من قبل شركات تصنيع السيارات في ديترويت والذي تضمن لقطة عام 2017 عندما أخبر ترمب حشداً في شمال أوهايو بعودة الوظائف في مجال صناعة السيارات. وبعد عامين، أغلقت شركة "جنرال موتورز" مصنع تجميع ضخم في مدينة لوردستاون بولاية أوهايو، ما أدى إلى خسارة آلاف الوظائف.
وبعدما سحبت النقابة تأييدها لبايدن بعد دعمها له في انتخابات عام 2020، ظهر رئيس اتحاد عمال السيارات UAW، شون فين، إلى جانب بايدن أثناء زيارته الثلاثاء، فيما انتقد ترمب بشدة.