مكارثي أمام تحدٍ عصيب وقد يخسر منصبه

الكونجرس الأميركي يحشد الأصوات في اللحظة الأخيرة لتجنب الإغلاق الحكومي.. والبيت الأبيض يحذر

دبي/ واشنطن-وكالاتالشرق

 يجتمع أعضاء الكونجرس الأميركي، السبت، دون سبيل واضح لحل خلاف من المرجح أن يؤدي إلى إغلاق قطاعات واسعة من الحكومة الاتحادية خلال ساعات، فيما حذر البيت الأبيض من التداعيات.

وتدفع خلافات داخلية بين الجمهوريين، الذين يسيطرون على مجلس النواب، الولايات المتحدة إلى حافة الإغلاق الجزئي الرابع خلال عقد إذ لم يتمكن المجلس من إقرار تشريع من شأنه أن يحول دون إغلاق الحكومة بعد بداية السنة المالية في الأول من أكتوبر.

ومن المقرر على الجانب الآخر أن يقدم مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون مشروع قانون تمويل مؤقت لكن التصويت النهائي عليه قد لا يتم قبل أيام.

العد التنازلي للإغلاق

وبدأت حكومة الولايات المتحدة العد التنازلي لإغلاق مؤسساتها الفيدرالية، الأحد، وذلك بعدما فشل رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي في تقديم مشروع قانون مؤقت لتمديد التمويل الحكومي بعد الموعد النهائي الحاسم.

وصوت 198 نائباً لصالح هذا المشروع مقابل رفض 232 آخرين، ليفشل مجلس النواب في تمرير القرار الذي من شأنه تمويل الحكومة حتى 31 أكتوبر، وتجنيب إغلاق الحكومة الفيدرالية.

ورفض مكارثي قبول مشروع قانون التمويل قصير الأجل الذي يشق طريقه عبر مجلس الشيوخ، إذ يعد مشروع القانون، الذي يتضمن 6 مليارات دولار لأوكرانيا و6 مليارات دولار للمساعدات في حالات الكوارث، محاولة أخيرة لتجنب إغلاق طويل الأمد، ويبدو أنه يحظى بدعم قوي من الحزبين في مجلس الشيوخ.

تداعيات الإغلاق على ملايين الأميركيين

وحذر البيت الأبيض من التداعيات المحتملة للإغلاق في جميع أنحاء البلاد، بدءاً من قطاع السفر إلى الغذاء والاقتصاد، إذ ستتوقف العديد من العمليات الحكومية، بينما ستستمر الخدمات التي تعتبر "ضرورية" فقط.

وفقاً للبيت الأبيض، فإن الإغلاق سيجبر أكثر من 13 ألف مراقب للحركة الجوية و50 ألف ضابط من إدارة أمن المواصلات على العمل دون أجر، كما سيجبر 1.3 مليون جندي في الخدمة على العمل دون أجر.

وسيعرض الإغلاق المساعدات الغذائية لنحو 7 ملايين شخص للخطر، ويمنع الأسر في المناطق الريفية من الوصول إليها، كما سيمنع المزارعين من الحصول على قروض جديدة.

وسيتم إغلاق معظم المباني الفيدرالية والمعالم السياحية، لكن المتنزهات الوطنية ستكون مفتوحة من دون توافر الخدمات المتعلقة بمراكز الزوار ودورات المياه والطرق.

كما أن 90٪ من الموظفين في وزارة التعليم قد يحصلون على إجازة، في وقت تستعد فيه لاستئناف دفعات قروض الطلاب الفيدرالية في الأول من أكتوبر، وسيؤدي هذا الإغلاق أيضاً إلى تأخير ما يقرب من ألفيْ مشروع للتعافي من الكوارث وسيقوض استعداد المجتمع.

ويمكن أن يؤثر الإغلاق أيضاً على الاقتصاد والتصنيف الائتماني للبلاد، والذي تضرر بالفعل في أعقاب أزمة سقف الديون في وقت سابق من هذا العام.

ولن يجد مئات الآلاف من الموظفين الاتحاديين التمويل اللازم للقيام بأعمالهم إذا لم يرسل المجلسان مشروع قانون الإنفاق إلى رئيس البلاد الديمقراطي جو بايدن ليوقعه ليصبح قانوناً بحلول الساعة 12:01 صباحاً (0401 بتوقيت جرينتش الأحد).

ووضعت الوكالات الاتحادية بالفعل خططاً تفصيلية توضح الخدمات التي يجب أن تستمر مثل فحص المطارات ودوريات الحدود، وما يجب إغلاقه مثل البحث العلمي والمساعدات الغذائية لسبعة ملايين من الأمهات الفقيرات.

ولن يحصل معظم موظفي الحكومة الذين يتجاوز عددهم 4 ملايين على رواتبهم، سواء كانوا يعملون أم لا.

وتأتي هذه الأزمة بعد أشهر فقط من دفع الكونجرس للحكومة الاتحادية إلى حافة التخلف عن سداد ديونها البالغة 31.4 تريليون دولار.

كيف يحدث الإغلاق؟

وعادة ما يمرر الكونجرس مشروعات قوانين الإنفاق المؤقتة لكسب المزيد من الوقت للتفاوض على التشريعات التفصيلية التي تحدد تمويل البرامج الاتحادية.

ومنعت مجموعة من الجمهوريين هذا العام اتخاذ إجراء في مجلس النواب في ظل ضغوطهم من أجل تشديد القيود على الهجرة وخفض الإنفاق إلى ما دون المستويات المتفق عليها في أزمة سقف الدين في الربيع الماضي.

وانضم 21 جمهورياً إلى الديمقراطيين، الجمعة، في مواجهة مشروع القانون الذي يعكس تلك المطالب، قائلين إن المجلس يجب أن يركز بدلاً من ذلك على تمرير مشاريع قوانين الإنفاق التفصيلية للسنة المالية بأكملها حتى لو أدى ذلك إلى إغلاق على المدى القريب.

وأثار ذلك غضب باقي الجمهوريين في المجلس الذين قالوا إنهم أهدروا فرصة لتعزيز السياسات المحافظة.

ووفقاً لموقع cnbc، فإنه يتعين على الكونجرس سنوياً إصدار تشريع لتمويل الحكومة الفيدرالية للسنة المالية القادمة، فيحدث الإغلاق إذا لم يتمكن المشرعون من إنهاء عملية الاعتمادات هذه في وقتها المحدد.

وتبدأ السنة المالية للحكومة 2024 في الأول من أكتوبر، وإذا لم يتمكن الكونجرس من إقرار فواتير الإنفاق الضرورية أو القرار الذي يوفر تمويلاً مؤقتاً، فسيبدأ الإغلاق صباح الأحد، إذ يتطلب ذلك إجماعاً من كلا الحزبين، لتمرير الموافقة للرئيس جو بايدن، لإبقاء الحكومة مفتوحة.

ومن المتوقع أن يحدث الإغلاق هذا العام، إذ يستخدم المحافظون اليمينيون "المتشددون" في مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، الإغلاق المحتمل كوسيلة ضغط لفرض تخفيضات كبيرة في الإنفاق الفيدرالي.

ورفض الجمهوريون دعم مشروع القانون، رغم التخفيضات الحادة في الإنفاق، التي بلغت ما يقرب من 30٪، ووصفوها بأنها "غير كافية"، وفق وكالة "أسوشيتد برس".

لذا، سيكون لزاماً على الكونجرس إقرار تشريع يمكن لبايدن أن يوقعه ليصبح قانوناً بحلول منتصف ليل السبت، لتجنب منح أجازات لمئات الآلاف من العاملين في وكالات اتحادية ووقف مجموعة واسعة من الخدمات.

وبحسب مركز Bipartisan Policy Center، فإن البلاد شهدت 14 حالة إغلاق منذ عام 1980، كان آخرها الإغلاق الجزئي في 2018-2019، وكانت أيضاً الأطول، إذ استمرت 34 يوماً.

مكارثي أمام تحدٍ عصيب

أما رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي فسيواجه التحدي الأكبر في مسيرته، إذ يقف أمام معارضة من المحافظين المتشددين وتهديدات بشأن إمكانية إجراء تصويت للإطاحة به من منصبه.

وفي حين أن مكارثي يمكن أن يلجأ ظاهرياً إلى الديمقراطيين للحصول على الأصوات التي سيحتاجها للموافقة على إجراء الإنفاق، إلا أنها خطوة من المرجح أن تؤدي إلى الإطاحة به من منصبه.

وفي اجتماع مغلق، قال مكارثي إن "الجمهوريين سيتعين عليهم اختيار مشروع قانون مجلس النواب أو نسخة مجلس الشيوخ، أو المخاطرة بإلقاء اللوم عليهم بسبب الإغلاق"، لكن المشرعين أكدوا أنهم "لن يغيروا موقفهم، إلا بمعالجة أولوياتهم".

وفي وقت متأخر مساء الجمعة، كتب مكارثي على منصة إكس، تويتر سابقاً، أن اقتراح مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي للحفاظ على تمويل الحكومة حتى 17 نوفمبر، والذي يشمل المساعدات لأوكرانيا، "ليس له طريق للمضي قدماً وقد مات عند وصوله".

وواجه الجمهوري مكارثي انتقادات عدة، إذ قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين: "إن فشل الجمهوريين في مجلس النواب في التصرف بشكل مسؤول سيضر بالأسر الأميركية ويسبب رياحاً اقتصادية معاكسة يمكن أن تقوض التقدم الذي نحرزه".

بدوره، انتقد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، مكارثي لطرحه اقتراحاً "متطرفاً" لم يتمكن من تمريره في كلا المجلسين، قائلاً: "إن الشراكة بين الحزبين هي الخيار الوحيد لتجنب الإغلاق".

في حين كتبت السكرتيرة الصحافية للبيت البيض، كارين جان بيير، في بيان عبر المنصة: "لقد أدار الجمهوريون المتطرفون في مجلس النواب ظهورهم لاتفاق الميزانية التي وافق عليها الحزبان، والتي صوت عليها ثلثهم قبل بضعة أشهر. إذا فرضوا إغلاقاً جمهورياً متطرفاً، فستخسر الشركات الأميركية الصغيرة أكثر من 100 مليون دولار من التمويل الحيوي يومياً".

تصنيفات

قصص قد تهمك