تعهد زعيم حزب "العمال" البريطاني المعارض كير ستارمر بأن تشهد بريطانيا "عقداً من التجديد الوطني" بعد 13 عاماً من حكم المحافظين، بينما كان يطرح رؤيته لعودة حزبه إلى السلطة في أعقاب الانتخابات العامة المتوقعة العام المقبل.
وقال الزعيم العمالي، أمام الجماهير التي احتشدت خلال المؤتمر السنوي للحزب في إحدى قاعات مدينة ليفربول، الثلاثاء، إن "ما كُسِر يمكن إصلاحه"، وفق "بلومبرغ".
وفي إطار مساعيه من أجل الحصول على ولايتين على الأقل في الحكومة، حض ستارمر الناخبين على أن يديروا ظهورهم لما وصفه بـ"تراجع حزب المحافظين الذي لا ينتهي باستقبال عقد من التجديد الوطني".
كما وعد الزعيم العمالي بإصلاح قواعد التخطيط، التي عرقلت الاستثمار في البنية التحتية، لافتاً إلى أن حزبه "سيمد يد الشراكة إلى قطاع الأعمال".
بداية مثيرة
وشهدت بداية خطاب ستارمر حادثة غير متوقعة، إذ صعد أحد المحتجين إلى المسرح، ونثر مادة لامعة على رأس الزعيم العمالي، كنوع من الاحتجاج، قبل أن يتدخل رجال الأمن لإبعاده والسيطرة على الموقف.
وقال ستارمر، بعد أن خلع سترته، إن "الاحتجاج ليس من القوة في شيء (...) لهذا السبب قمنا بالتغيير في حزبنا".
ويأتي التجمع الذي يستمر 4 أيام في مدينة ليفربول، شمال غرب إنجلترا، في وقت بالغ الأهمية لستارمر الذي يحاول تعزيز صورة حزب "العمال" لدى الناخبين المتأرجحين وإقناعهم بأنه مستعد لتقلد منصب رئيس الوزراء.
ومع إجراء تصويت وطني بحلول يناير 2025 على أقصى تقدير، وإن كان متوقعاً قبل ذلك، يتبنى حزب العمال نغمة "الحكومة قيد الانتظار" في مؤتمر تشوبه روح التفاؤل، رغم سيادة شعور بضرورة العمل من أجل مزيد من الإقناع للناخبين.
"حق" إسرائيل
ووفقاً لـ"بلومبرغ"، برزت نزعة ستارمر "لتجديد" حزب العمال عندما أعلن، في خطابه، أن "إسرائيل يجب أن تتمتع دائماً بحق الدفاع عن شعبها" بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس، السبت، حيث وقف الناشطون العماليون على أطراف أصابعهم، وأشعلوا القاعة بالتصفيق الحار.
وأضاف ستارمر: "إنني أدين بشدة قتل الرجال والنساء والأطفال بدم بارد على يد إرهابيي حماس".
ورفض زعيم حزب العمال السابق اليساري جيرمي كوربين مراراً إدانة الهجوم الذي شنته الحركة المسلحة ضد إسرائيل، السبت، ما جعل من هذا المؤتمر الانتخابي اختباراً لسيطرة ستارمر على العمال.
ونجح ستارمر في إقصاء كوربين عن تمثيل الحزب في البرلمان بعد أشهر من توليه منصبه عام 2020، ونقل "العمال" منذ ذلك الحين إلى نقطة الاعتقاد أن بإمكانه الفوز في الانتخابات، بحسب "بلومبرغ".
وأشارت "بلومبرغ" إلى تقدم حزب العمال على حزب المحافظين، الذي يقوده رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، بـ20 نقطة في استطلاعات الرأي التي أجريت منذ أشهر.
مع ذلك يحتاج حزب العمال إلى 123 مقعداً آخر للحصول على أغلبية مطلقة، بعد أن قاد كوربين حزبه قبل 4 سنوات إلى أفدح هزيمة مُني بها منذ عام 1935.
رؤية لإعادة بناء بريطانيا
وقال ستارمر إن "الناس يتطلعون إلينا لأنهم يريدون أن تلتئم جراحنا، ونحن المداوون".
وأضاف: "إذا كنتم تعتقدون أن مهمتنا في عام 1997 كانت إعادة بناء المجال العام المتداعي، وكانت في عام 1964 تحديث الاقتصاد الذي تخلف عن مواكبة التكنولوجيا، وفي عام 1945 بناء بريطانيا جديدة للخروج من صدمة التضحية الجماعية، فإن مهمتنا في عام 2024 يجب أن تكون المهمات الثلاث".
كما تعهد ستارمر في خطابه بأن يصلح حزب العمال هيئة خدمات الصحة الوطنية، وجعلها "تعمل على مدار الساعة"، وطالب بـ"تدمير القواعد التي تمنع المملكة المتحدة من بناء الطرق والمختبرات والاتصال بشبكة الكهرباء".
وأكد أن "الوقت حان لإعادة بناء بريطانيا مجدداً"، مشدداً على ضرورة بناء "الجيل القادم من مدن حزب العمال الجديدة، و1.5 مليون منزل جديد من دون تمزيق الحزام الأخضر".
وتعهد ستارمر مجدداً بخوض الانتخابات المقبلة "على أساس النمو الاقتصادي"، وهي الأرضية السياسية التي يطرحها المحافظون دائماً.
ولفتت "بلومبرغ" إلى أن هذا الخطاب أعقب خطاباً آخر، الاثنين، أثار موجة من الترحيب والتصفيق الحار، حددت خلاله وزيرة الخزانة في حكومة الظل، راشيل ريفز، أولويتها في "تحفيز النمو"، بما في ذلك عن طريق "تخفيف قواعد التخطيط على البنية التحتية الكبيرة".
انتقادات للمحافظين
وقارن ستارمر خطته لـ"بناء بريطانيا" بقرار سوناك إلغاء الجزء الشمالي من خط السكك الحديدية الرئيسي عالي السرعة.
وأوضح: "عندما يقول ريشي سوناك بضرورة التراجع عن مهمتنا المناخية، أقول بضرورة التقدم سريعاً إلى الأمام"، في إشارة إلى قرار رئيس الوزراء البريطاني بتخفيف الأجندة الخضراء لبريطانيا.
واعتبر أن "المحافظين مستعدون لإحراق الأرض فقط للانتصار علينا".
وقال ستارمر إن مهمتنا تتمثل في "تخفيف العبء عن فئة العاملين، وليس إضافة أعباء إليها"، مضيفاً: "يجب أن نكون الحكومة التي تتخذ قرارات كبيرة حتى يتسنى للعاملين الاستمتاع بما يحبونه"، مشدداً على ضرورة توفير "المزيد من الوقت، والمزيد من النشاط، والمزيد من الإمكانيات، والمزيد من الحياة".
عدم يقين
ورغم ذلك، أظهرت استطلاعات رأي أنه في حين ينصرف الناخبون عن فوضى حزب المحافظين، إلا أنهم لا يولون وجوههم مباشرة شطر حزب "العمال".
فقد وجد استطلاع رأي أجرته شركة YouGov، الأسبوع الماضي، أن 28% من المشاركين "لا يعتزمون التصويت" أو "لا يعرفون لمن سيصوتون".
كما تتوفر دلائل على أن الناخبين لا يزالون "غير متأكدين" مما يمثله ستارمر، وبالتالي كانت عبارتا "لا شيء" و"لا أعرف" ضمن الإجابات الأكثر شيوعاً التي ارتبطت بستارمر في الاستطلاع الذي أجراه مركز أبحاث More in Common لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، ما أثار قلق حزب العمال مع اقتراب موعد الانتخابات العامة، التي يتعين إجراؤها بحلول يناير 2025 على أقصى تقدير.