"نكبة ثانية".. رفض وتحذيرات عربية من "التهجير القسري" لسكان قطاع غزة

فلسطينيون يفرون بأمتعتهم من شمال مدينة غزة بعد تحذير الجيش الإسرائيلي بمغادرة منازلهم قبل هجوم بري متوقع. 13 أكتوبر 2023 - Reuters
فلسطينيون يفرون بأمتعتهم من شمال مدينة غزة بعد تحذير الجيش الإسرائيلي بمغادرة منازلهم قبل هجوم بري متوقع. 13 أكتوبر 2023 - Reuters
عمان/ بيروت/ دبي -رويترزالشرق

حذرت دول عربية عدة، من "التهجير القسري" لسكان قطاع غزة، بعد أن طالبت إسرائيل سكان القطاع البالغ عدد قاطنيه أكثر من مليوني شخص بالنزوح جنوباً، وسط مناشدات دولية بفتح ممر إنساني، مع تصاعد القصف الإسرائيلي وتزايد الحشود على حدود القطاع، ما يرجح "توغلاً برياً محتملاً". 

وأدانت السعودية ومصر والأردن، تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة، بينما وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ذلك التهجير، بأنه سيكون بمثابة "نكبة ثانية".

وأكدت الكويت "رفضها القاطع" لدعوات الجيش الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين القسري من قطاع غزة، واستمرار التصعيد وعمليات القتل والتدمير العشوائي، والذي يعد خرقاً للقانون الدولي الإنساني، وكذلك أعلنت قطر، السبت، رفضها القاطع لمحاولات "التهجير القسري" للفلسطينيين من قطاع غزة.

وذكر بيان صادر عن الخارجية القطرية، أن دولة قطر "تدعو إلى رفع الحصار عن القطاع وتوفير الحماية التامة للمدنيين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".

وحذر البيان من خطورة اتخاذ "سياسة العقاب الجماعي بما في ذلك الدعوات لإخلاء شمال قطاع غزة من السكان"، معتبرة أن إجبار السكان على النزوح أو اللجوء يعد "انتهاكاً للقوانين الدولية"، فيما دعت المجتمع الدولي إلى التحرك لفتح ممرات إنسانية.

وتعكس المخاوف العربية عميقة الجذور من أن تؤدي الحرب الدائرة حالياً إلى موجة نزوح جديدة من الأراضي التي يريد الفلسطينيون بناء دولتهم المستقبلية عليها.

ووفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع لهيئة الأمم المتحدة، فإن "التقديرات تشير إلى أن عشرات الآلاف في غزة فروا جنوباً"، بعد مهلة إسرائيلية لإخلاء شمال القطاع خلال 24 ساعة، موضحاً أنه قبل صدور أمر الإخلاء، كان أكثر من 400 ألف فلسطيني نزحوا فعلياً داخل القطاع، بسبب الهجوم الإسرائيلي.

السعودية أعلنت، حسبما ورد في بيان عن الخارجية السعودية، مساء الجمعة، رفضها بشكل قاطع "دعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة"، معلنة إدانتها لـ"استمرار استهداف المدنيين العزّل هناك".

وجددت الرياض، في بيانها، الجمعة، مطالبتها المجتمع الدولي بـ"سرعة التحرك لوقف كافة أشكال التصعيد العسكري ضد المدنيين، ومنع حدوث كارثة إنسانية، وتوفير الاحتياجات الإغاثية والدوائية اللازمة لسكان غزة"، واصفة حرمانهم من هذه المتطلبات الأساسية للعيش الكريم، بأنه خرق للقانون الدولي الإنساني، وسيفاقم عمق الأزمة والمعاناة التي تشهدها المنطقة.

وطالبت السعودية بـ"رفع الحصار عن الأشقاء في غزة، وإجلاء المصابين المدنيين، والالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، والقانون الدولي الإنساني، والدفع بعملية السلام وفقاً لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية".

"نكبة ثانية"

الرئيس الفلسطيني بدوره، شدد خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في العاصمة الأردنية عمّان، الجمعة، على "ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي بشكل فوري والرفض الكامل لتهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية".

وقال عباس خلال اللقاء، إن "الأمن والسلام يتحققان من خلال إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وضرورة الذهاب للحل السياسي وتنفيذ حل الدولتين المبني على الشرعية الدولية"، لافتاً إلى أن سياسة منظمة التحرير الفلسطينية "الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، تنبذ العنف، وتتمسك بالشرعية الدولية والمقاومة الشعبية السلمية والعمل السياسي طريقاً لتحقيق أهدافنا الوطنية في الحرية والاستقلال".

وحذَّر عباس، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، من حدوث كارثة إنسانية في قطاع غزة جراء توقف كافة الخدمات الإنسانية، وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة.

وطالب الرئيس الفلسطيني بـ"ضرورة السماح بفتح ممرات إنسانية عاجلة لقطاع غزة، وتوفير المستلزمات الطبية، وإيصال المياه والكهرباء والوقود للسكان".

ودعا إلى "ضرورة وقف إرهاب المستعمرين ضد أبناء شعبنا في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، ووقف اقتحامات المتطرفين للمسجد الأقصى التي تتسبب في تصعيد الأوضاع"، مؤكداً "رفض الممارسات التي تتعلق بقتل المدنيين أو التنكيل بهم من الجانبين"، داعياً إلى إطلاق سراح المدنيين والأسرى والمعتقلين.

وكذلك عبرت مصر، عن رفضها، دعوات الجيش الإسرائيلي لسكان غزة والتوجه إلى جنوبي قطاع غزة، وطالبت مجلس الأمن الدولي "الاضطلاع بمسؤوليته لوقف الدعوات الموجهة من الجيش الإسرائيلي لسكان غزة بمغادرة منازلهم"، مؤكدة أن هذه الدعوات "مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني".

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال الخميس، إن "القضية الفلسطينية، قضية القضايا، وقضية العرب كلهم، ومن المهم أن يبقى الشعب الفلسطيني صامداً وحاضراً على أرضه".

وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح، أكد رفض الكويت القاطع لدعوات الجيش الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين القسري من قطاع غزة، واستمرار التصعيد وعمليات القتل والتدمير العشوائي، والذي يعد خرقاً للقانون الدولي الإنساني.

وأوضح، في بيان، أن "تلك الدعوات ستؤدي إلى مزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني الذي يعاني القصف والحصار الذي أودى بحياة مئات من الضحايا الأبرياء"، مطالباً المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي، بالتدخل الفوري لإيقاف هذا التصعيد الخطير ووضع حد لهذه الحرب الشعواء التي لا تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية".

ودعا الصباح إلى "إيقاف استهداف المدنيين، وأن يضطلع الجميع بمسؤولياته سياسياً وإنسانياً، وأن يتحرك المجتمع الدولي على الفور نحو رفع الحصار وضمان دخول المساعدات الإنسانية والطبية وتوفير الغذاء والمياه للشعب الفلسطيني الشقيق من خلال الأمم المتحدة ووكالاتها التابعة والمنظمات غير الحكومية المعنية بالشؤون الإنسانية".

ممرات إنسانية

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، شدد على ضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية إلى قطاع غزة، مشدداً على أهمية حماية المدنيين، ووقف التصعيد والحرب على غزة.

وشدد الملك عبد الله، خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، على ضرورة عدم إعاقة عمل المنظمات الدولية في قطاع غزة لكي تؤدي واجباتها الإنسانية، لافتاً إلى أهمية تكثيف الجهود الدولية لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع تدهور الأوضاع وتوسعها إلى الضفة الغربية، حسبما نقل الديوان الملكي في الأردن.

وحذر الملك عبد الله من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم، مشدداً على عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين، كما حذر من انتهاج سياسة العقاب الجماعي تجاه سكان قطاع غزة، مؤكداً ضرورة حماية المدنيين الأبرياء من الجانبين، انسجاماً مع القيم الإنسانية والقانون الدولي والقانون الإنساني.

وجدد التأكيد على ضرورة "بناء أفق سياسي لضمان فرص تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ومنع اندلاع المزيد من دوامات العنف والحروب في المنطقة"، وشدد على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، لافتاً إلى الاستمرار في حماية ورعاية المقدسات بموجب الوصاية الهاشمية عليها.

الجامعة العربية: انتهاك صارخ

الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة بإدانة المحاولة الإسرائيلية "غير العقلانية" لنقل السكان، على نحو عاجل.

 وقال أبو الغيط، الجمعة، إنه وجه خطاباً عاجلاً إلى أنطونيو جوتيرش، طلب فيه "بضرورة أن يضع ثقله السياسي والمعنوي للحيلولة دون جريمة حرب جديدة تخطط إسرائيل لارتكابها، كجزء من حملتها الدموية المخزية ضد قطاع غزة عبر مطالبتها سكان شمال قطاع غزة بالانتقال إلى جنوبه".

وأضاف في منشور عبر منصة X: "هذه الجريمة الجديدة هي انتهاك صارخ وفقاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على القوة القائمة بالاحتلال أن تنقل السكان قسرياً، وستؤدي إلى معاناة لا حدود لها للفلسطينيين".

وتابع: "ما تقوم به إسرائيل هو عمل انتقامي بشع باستخدام غاشم للقوة العسكرية لمعاقبة المدنيين والسكان الذين لا حول لهم ولا قوة في قطاع غزة، عبر استهدافهم عشوائيا ودون أي تمييز".

نكبة 1948

وبالنسبة للفلسطينيين، فإن فكرة الرحيل أو إجبارهم على الخروج من الأرض التي يريدون إقامة دولتهم عليها تعيد إلى الأذهان ذكرى "النكبة"، عندما فر الكثير منهم من منازلهم خلال حرب عام 1948 التي صاحبت قيام إسرائيل.

وفر نحو 700 ألف فلسطيني، أي نصف السكان العرب في فلسطين التي كانت تحت الحكم البريطاني في ذلك الوقت، أو طُردوا من منازلهم، ونزح الكثير منهم إلى الدول العربية المجاورة، حيث يقيمون هم أو العديد من أحفادهم. ولا يزال العديد منهم يعيش في مخيمات اللاجئين.

وترفض إسرائيل الاعتراف بحقيقة أنها طردت الفلسطينيين، مشيرة إلى أنها تعرضت لهجوم من 5 دول عربية في اليوم التالي لإعلانها دولة.

ومنذ أن شنت إسرائيل قصفها المكثف على غزة بعد الهجوم الكاسح الذي شنته حركة "حماس" في 7 أكتوبر الجاري، فر مئات الآلاف من سكان غزة، لكنهم ما زالوا يقيمون داخل القطاع.

وكان مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، قال إن التحذير بالإخلاء يهدف إلى "نقل المدنيين إلى الجنوب مؤقتاً (...) للتخفيف من الأضرار التي تلحق بهم".

وأضاف خلال فعالية في الأمم المتحدة مع عائلات الإسرائيليين الذين أسرتهم "حماس": "يتعين على الأمم المتحدة أن تشيد بإسرائيل لاتخاذ هذه الإجراءات الاحترازية. على مدى سنوات، وضعت الأمم المتحدة رأسها في الرمال في مواجهة حشد حماس للإرهاب في غزة".

يشار إلى أن مصير اللاجئين الفلسطينيين يشكل إحدى القضايا الشائكة في عملية السلام المتداعية، إذ يقول الفلسطينيون والدول العربية إن الاتفاق يجب أن يشمل حق اللاجئين وأحفادهم في العودة، وهو أمر ترفضه إسرائيل دائماً.

تصنيفات

قصص قد تهمك