تل أبيب تسعى لنزع سلاح القطاع وتشكيل "إدارة مدنية" والبحث مع أميركا عن "خطة خروج"

خطة إسرائيل لاجتياح غزة براً.. 10 أهداف ميدانية واستراتيجية

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي يتوسط عدداً من الجنود في محيط قطاع غزة. 16 أكتوبر 2023 - twitter/IDF
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي يتوسط عدداً من الجنود في محيط قطاع غزة. 16 أكتوبر 2023 - twitter/IDF
دبي-الشرق

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ما يمكن اعتباره "الخطوط العريضة" لعملية الاجتياح البري الذي تعتزم إسرائيل شنّه في قطاع غزة، مشيرة إلى أنها تقوم على 5 فرضيات أساسية، وتسعى لتحقيق 5 أهداف ميدانية إضافة إلى 5 أهداف استراتيجية.

وتوعدت إسرائيل بالقضاء على حركة حماس من خلال "هجوم لا هوادة فيه" على قطاع غزة، وسط قلق أميركي من أن إسرائيل "لم تضع بعد استراتيجية للخروج" بعد اجتياح غزة، وتساؤلات لمسؤولين إسرائيليين بشأن عدم وجود تصور واضح لما قد يكون عليه الوضع في المستقبل بعد الحرب.

واستدعت إسرائيل عدداً قياسياً من قوات الاحتياط بلغ 360 ألف جندي، ولم يتوقف قصفها للقطاع الصغير منذ هجوم "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر الجاري، والذي أودى بحياة حوالي 1400 شخص، فيما أشارت السلطات في غزة إلى أن 3500 فلسطيني لقوا حتفهم بالفعل جراء القصف الجوي، ثلثهم تقريباً من الأطفال، وهو عدد أكبر من ضحايا أي صراع سابق بين الجانبين.

5 فرضيات أساسية

وتقوم الخطة الإسرائيلية على فرضية أولى بأن قدرات حماس والجهاد تشكل تهديداً مباشراً على الإسرائيليين على بعد مئات الأمتار من شمال النقب وعلى بعد 70 كيلومتراً من تل أبيب، ما يعني أن بوسع الفلسطينيين إفساد ووقف الحياة اليومية للإسرائيليين، على غرار ما حدث في 7 أكتوبر. وبالتالي يرى قادة إسرائيل إنهم بحاجة بشكل عاجل إلى استعادة 3 مكونات مهمة للأمن القومي: الردع الاستراتيجي الذي تآكل بشدة في 7 أكتوبر، والأمن المادي الملموس في الجنوب، واستعادة شعور الإسرائيليين بالأمن والثقة في القيادة السياسية والمؤسسة الأمنية.

وتتعلق الفرضية الثانية بحقيقة أن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، معظمهم يريدون أن يعيشوا حياة طبيعية، يشعرون فيها بالأمن، ويحتاجون إلى كسب لقمة العيش وحرية التنقل والخدمات المدنية (الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والصرف الصحي العام).

وأقرت الصحيفة الإسرائيلية بأن الفلسطينيين في غزة لا يحصلون على الحد الأدنى من احتياجاتهم تلك، لكنها ألقت بالمسؤولية على حركة حماس التي تحكم القطاع.

وتذهب الفرضية الثالثة في التصور الإسرائيلي إلى أن حماس والجهاد وغيرها من الفصائل الفلسطينية تهدد بذلك قدرة إسرائيل وسكان قطاع غزة على العيش حياة طبيعية. لذلك، فإن تغيير هذا الوضع يتطلب إزالة نظام حماس وتدمير قدراته وبنيته التحتية العسكرية وقدرات التنظيمات الأخرى على الأرض، بل ويجب التأكد من أن حماس والمنظمات الأخرى لا تستطيع إعادة تأهيل قدراتها العسكرية والحكومية أو بناء بنية تحتية جديدة تحت ستار أو تشكيلات جديدة، ولم يوضح التقرير كيف يمكن تحقيق ذلك.

وتقوم الفرضية الرابعة على وجود احتمال معقول بأن ينضم حزب الله وربما إيران وعناصر أخرى إلى الحرب، ليفتحوا جبهة أخرى ضد إسرائيل في الشمال وربما أيضاً في الشمال الشرقي. وترى إسرائيل أن كل ذلك يثبت أنها بحاجة إلى الولايات المتحدة للحصول على دعم سياسي ولوجيستي ودعائي، وربما حتى دعم عملياتي لاعتراض الصواريخ والقذائف.

ويؤكد هذا التصور، بحسب الصحيفة، أن احتياج إسرائيل للأميركيين ظاهرة لن تختفي بل ستزداد، وأن من الأفضل أن يعترف الإسرائيليون بهذه الحقيقة وأن "نساعد الأميركيين على مساعدتنا، دون أن نفقد حريتنا المستقلة في اتخاذ القرار والأمن والعمل السياسي".

أما الفرضية الخامسة فتقوم على الادعاء بعدم وجود تسوية قابلة للتطبيق مستقرة طويلة الأجل للصراع النشط على حدود غزة، أو للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل عام.

ويصف التقرير فكرة "دولتان لشعبين" بأنها، في ظل الظروف الحالية في الشرق الأوسط، مجرد شعار أكثر من كونها خطة سياسية يمكن تنفيذها في المستقبل المنظور. وتربط الأمر بعدم وجود سبيل إلى القضاء على فكرة "الإسلام الأصولي القاتل"، بحسب تعبير الصحيفة الإسرائيلية التي تقول إن جماعة الإخوان المسلمين وحماس والجهاد الإسلامي تنتمي إليه.

5 أهداف ميدانية

ويستهدف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة تنفيذ خطة على مراحل، تبدأ بالعمليات الجارية الآن، وتنتهي بترتيبات متوسطة الأجل تمكن الجيش الإسرائيلي من مغادرة قطاع غزة.

وفي ضوء ذلك، تضع إسرائيل 5 أهداف ميدانية لهجومها على غزة.

الأول هو تنفيذ عملية على غرار الدرع الواقي، تشمل الهجوم في شمال قطاع غزة من أجل السيطرة العسكرية على القطاع تمهيداً لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذها فورياً على الأرض. بمعنى القبض على عناصر من الفصائل الفلسطينية وانتزاع معلومات منها عن مواقع أو مخابئ تابعة لها، ومهاجمتها فوراً.

ويستهدف ذلك بالدرجة الأولى وقف إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه البلدات والمدن الإسرائيلية، بالإضافة إلى اجتثاث قيادات حماس والجهاد وتدمير قدراتهما العسكرية والتنظيمية، لا سيما في شمال القطاع، حيث يتمركز مقاتلو الحركتين وبنيتهما التحتية العسكرية ومركز عملياتهما. وفي حالة تحقق ذلك، ستكون حماس قد فقدت "عاصمتها"، بحسب تعبير التقرير. 

ويأتي الهدف الثاني في جنوب قطاع غزة، لتحقيق نفس أغراض الهدف الأول باستخدام أساليب مختلفة، استناداً إلى معلومات استخباراتية دقيقة، يقول التقرير إنها "موجودة بالفعل لدى جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) والاستخبارات العسكرية، أو معلومات استخباراتية يتم جمعها أثناء القتال. 

ويقع الهدف الثالث في شمال إسرائيل، حيث سيواصل الجيش الإسرائيلي الاشتباك مع حزب الله والفلسطينيين الذين يعملون من الأراضي اللبنانية، وربما أيضاً مع جماعات مسلحة من سوريا والعراق، مع مراعاة السعي لإبقاء تلك الاشتباكات دون مستوى الحرب وحصرها في المناطق الحدودية. 

ومع ذلك سيواصل الجيش الإسرائيلي الحفاظ على استعداده لحرب واسعة النطاق في لبنان، بما في ذلك المناورات البرية، إذا شن حزب الله حرباً شاملة.

ويلفت التقرير إلى أن إسرائيل تفضل تركيز أفضل قواتها ومواردها على القتال في غزة من أجل تحقيق إنجازات سريعة هناك، بينما سيؤدي دخول حزب الله للمعركة إلى استمرار القتال في غزة لفترة أطول.

ويتمثل الهدف الرابع للخطة الإسرائيلية في عمل إسرائيل مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة على مستوى المساعدات الإنسانية للحفاظ على زخم الدعم السياسي واللوجستي الذي تقدمه الولايات المتحدة وحلفاؤها للعملية العسكرية الإسرائيلية، على أن يتم ذلك بالتوازي مع القتال في شمال وجنوب قطاع غزة.

ويقول التقرير إن ذلك سيتحقق عبر إتاحة ممرات إنسانية ومناطق ملاذ آمن للفلسطينيين الذين فروا من منازلهم في غزة، على أن تزود الجهات الفاعلة الدولية والدول العربية هذه المناطق – تحت إشراف الجيش الإسرائيلي والأمم المتحدة – بالضروريات الأساسية، بما في ذلك المياه والغذاء والدواء والخدمات الأساسية مثل الكهرباء (المولدات) والسكن المؤقت (الخيام).

ويأتي الهدف الخامس وفقاً للنتائج التي تحققت على الأرض في الأسابيع الأولى من القتال، حيث يتوجب على إسرائيل التوصل إلى قرارات مع الولايات المتحدة بشأن "خطة خروج" مرضية والشروع في الخطوات السياسية اللازمة لتحقيقها وتنفيذها. 

كما يجب، بحسب التصور الإسرائيلي، أن تضمن خطة الانسحاب من قطاع غزة وإجراءات الترتيب على الأرض بعد المغادرة تحقيق الأهداف الاستراتيجية المرجوة لإسرائيل والولايات المتحدة على المدى المتوسط، أي لفترة تتراوح بين 5 و10 سنوات.

5 أهداف استراتيجية

وفي ما يتعلق بالأهداف الاستراتيجية التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تحقيقها عبر اجتياح قطاع غزة برياً، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الهدف الأول لإسرائيل "أن يكون القطاع بأكمله منزوع السلاح، مع وضع ترتيبات وآليات لضمان ذلك".

ويتمثل الهدف الثاني في أن تل أبيب ستعمل على أن تصبح الإدارة في غزة "مدنية- مهنية، وليست أيديولوجية- دينية، أو سياسية"، وأن يقتصر اهتمامها وتوجيهاتها على ما سماه بـ"رفاهية الفلسطينيين".

وترى إسرائيل أن هذه الإدارة أو الحكومة التي ستتولى شؤون غزة ستكتسب سلطتها من قاعدة شرعية دولية واسعة شريطة ألا يكون أعضاؤها نشطاء سابقين في الجناح العسكري لحركة حماس أو تنظيمات مسلحة أخرى.

ووفقاً للتصور الإسرائيلي، ستعتمد آلية الحكومة المدنية، بالإضافة إلى الشرطة المحلية، على "قوة دولية" لفرض القانون وتولي ترتيبات إنهاء القتال.

ويلوح التقرير الإسرائيلي بأن غزة ستحصل في ضوء ذلك على ميناء بمياه عميقة تحت إشراف أمني، مع السماح كذلك بحركة سفر واستقبال سائحين من وإلى قبرص.

‏أما الهدف الثالث فهو إنشاء إسرائيل نظام إنذار ودفاع متكامل على الحدود، مع ترتيبات أمن تشمل منطقة آمنة بعرض يتراوح بين كيلومتر واحد و3 كيلومترات، لن يكون مسموحاً لسكان غزة بدخولها إلا بموجب تصريح خاص من إسرائيل، مع التنبيه بأن من يدخل هذه المنطقة يعرض حياته للخطر.

وبعد ذلك يأتي الهدف الرابع الرامي إلى عدم بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة لفترة أطول من المطلوب لتحقيق أهدافه الميدانية الفورية وتمكين حكومة بديلة في القطاع.

ومع ذلك، سيحتفظ الجيش الإسرائيلي والشاباك بحق ما يمكن تسميته بالمطاردة الساخنة لإحباط أي هجمات أو استعدادات قتالية بعد خروج الجيش الإسرائيلي من غزة.

وأخيراً يتمثل الهدف الاستراتيجي الخامس في أن تأخذ إسرائيل بعين الاعتبار المصالح والاعتبارات الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة، والاعتبارات السياسية الداخلية والمصالح الدينية والاستراتيجية لدول المنطقة التي ترتبط باتفاقيات سلام وتطبيع وعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

تصنيفات

قصص قد تهمك