اعتبرت وكالة أسوشيتد برس أن تصويت مجلس النواب لعزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد يشكّل محطة مهمة بالنسبة إلى النائبة الجمهورية ليز تشيني، التي ساندت إطاحة الأخير من منصبه بعد اقتحام مؤيّدين له مقرّ الكونغرس الأسبوع الماضي.
وأشارت الوكالة إلى تشديد الرئيس، أمام عشرات الآلاف من أنصاره، قبل الهجوم على مبنى الكابيتول، على وجوب "التخلّص" من تشيني.
وأضافت أن تشيني، التي تمثل ولاية وايومنغ وتُعتبر ثالث أبرز نائب جمهوري، كانت نأت عن ترمب "في كل شيء"، بما في ذلك وضع كمامة أثناء فيروس كورونا المستجد، ونقضه مشروع قانون الإنفاق الدفاعي، وسحبه القوات الأميركية من أفغانستان. وتابعت أن ذلك "قد يشكّل لحظة حاسمة في المسيرة السياسية لتشيني".
وأشارت أسوشيتد برس إلى أن دعم تشيني عزل ترمب "قدّم بعض الغطاء" لتسعة نواب جمهوريين آخرين فعلوا الأمر ذاته، علماً أن جميع النواب الجمهوريين رفضوا عزل الرئيس العام الماضي. ولفتت إلى أن لتحدي ترمب هذه المرة "وزناً تاريخياً، إذ جاء من ابنة نائب الرئيس (السابق) ديك تشيني، وهو شخصية محافظة نافذة في واشنطن منذ عقود".
وذكّر زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس النواب ستيني هوير بالمعارضة التي واجهها من ديك تشيني، في مجلس النواب وأماكن أخرى. وزاد، في إشارة إلى ليز: "إنها ليست عضواً جديداً غير مسؤول في الكونغرس. إنها ابنة نائب الرئيس السابق، وتعلم عمّا تتحدث".
تحدي اليمين
وتمثّل ليز تشيني إحدى أبرز الولايات الموالية للجمهوريين، التي أيّد حوالى 70٪ من ناخبيها ترمب في انتخابات نوفمبر 2020، وهي النسبة ذاتها تقريباً في انتخابات 2016.
وقد يثير تصويتها تحدياً أساسياً من اليمين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام المقبل. وهذا ما يجعل دعمها عزل الرئيس أكثر إثارة للدهشة، إذ تسعى إلى تعزيز مكانتها الوطنية، لتولّي مناصب بارزة في الحزب الجمهوري، وفقاً لما أفادت به "أسوشيتد برس".
تشيني دافعت عن قرارها بدعم عزل ترمب، قائلة: "سأواصل التحدث والاستماع إلى ناخبيّ، في كل أنحاء وايومنغ. ولكن تحريض رئيس الولايات المتحدة على حشد لغوغاء، هو جرائم وجنح ضخمة". وأضافت: "على المسؤولين المنتخبين التصرّف أحياناً بطريقة لا تأخذ السياسة في الاعتبار. أعتقد بأن التفكير في هذا القرار وهذا التصويت، في سياق السياسة، سيكون خطأً".
ومع ذلك، تُعتبر تشيني مرشحاً محتملاً لرئاسة مجلس النواب، إذا استعاد الحزب الجمهوري الغالبية في عام 2022، أو بعد ذلك، باعتبارها المرأة الوحيدة في قيادة الحزب بالمجلس. وقد يمهد ذلك لخوضها انتخابات الرئاسة مستقبلاً.
"قرار محسوب"
وفي إشارة إلى تشيني، قال مارك سانفورد، وهو حاكم سابق لولاية كارولاينا الجنوبية، وعضو في الكونغرس خسر في عام 2018 أمام خصم محافظ أيّده ترمب: "ستحدث انتكاسات داخل ولايتها وأنصار ترمب فيها، لكنني أعتقد بأنه قرار محسوب إلى حد ما. هناك درجة معيّنة من مجازفة، تليها مكافأة".
واستبعدت أسوشيتد برس صعود تشيني في قيادة الحزب الجمهوري بمجلس النواب، أقلّه الآن، مشيرة إلى أن القياديَين الجمهوريَين اللذين يتقدّمان عليها، زعيم الأقلية كيفن مكارثي، و"نائبه" ستيف سكاليس، لا يزالان يدعمان ترمب.
وفيما بدأ أعضاء بارزون آخرون في الحزب يطالبون تشيني بالاستقالة، أو بعزلها، من منصبها كرئيسة لمؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب، وصف النائب جيم جوردان موقفها من عزل ترمب بأنه "خاطئ تماماً". أما النائب مات روزندال فاعتبر أنها "تجاهلت خيارات الناخبين الجمهوريين"، ورأى أن ذلك يثبت أنها "غير مؤهلة للقيادة".
على الرغم من ذلك، تشير الوقائع إلى أنه سبق لتشيني أن تجاوزت ظروفاً أخرى صعبة، بما في ذلك عندما سخرت المؤسسة الجمهورية وناشطون محافظون من تحديها لفترة وجيزة، السيناتور مايك إنزي، بولاية وايومنغ في عام 2014.
رئيسة جمهورية لمجلس النواب؟
فازت تشيني بالمقعد الوحيد لولايتها في مجلس النواب في عام 2016، ورفضت لاحقاً دعوات وجّهها قياديون جمهوريون للترشح لمقعد إنزي، عندما تقاعد العام الماضي، واختارت البقاء في قيادة الحزب بمجلس النواب، مثيرة تكهنات بعزمها على أن تصبح أول امرأة جمهورية ترأس المجلس.
لطالما رفضت تشيني تلميحات إلى أنها ستترك قيادة الجمهوريين في مجلس النواب، قائلة: "هذا تصويت مرتبط بالضمير... لكن أمّتنا تواجه أزمة دستورية تُعتبر سابقة منذ الحرب الأهلية" (1861-1865).
وفي بيانها الرسمي الداعم لعزل ترمب، شكت تشيني من اجتياح مبنى الكابيتول ونهبه، بعدما "استدعى ترمب الغوغاء" و"أشعل فتيل هذا الهجوم". وأضافت: "لم يرتكب رئيس خيانة أكبر من ذلك".
ولفتت أسوشيتد برس إلى أن المسائل المرتبطة بأهلية الرئيس للمنصب، ليست غريبة عن أسرة تشيني. فقبل توليه منصب نائب الرئيس، كان ديك تشيني أبرز موظفي إدارة الرئيس السابق جيرالد فورد، الذي خلف ريتشارد نيكسون وعفا عنه في النهاية، بعد استقالته من الرئاسة نتيجة فضيحة "ووترغيت".
وكان ديك تشيني من أبرز مهندسي مبادرات سياسة الرئيس السابق جورج بوش الابن، أسعدت القاعدة الجمهورية، بما في ذلك تخفيضات ضريبية وغزو العراق.