"بوليتيكو": الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس من أولويات بايدن رغم قدرته على تحقيق السلام

الرئيس الأميركي جو بايدن في مكتبه بالبيت الأبيض - 30 مارس 2021 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن في مكتبه بالبيت الأبيض - 30 مارس 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

قالت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن، ليس مهتماً بحل الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية المستمرة منذ عقود، رغم كونها "الجائزة الكبرى" في العمل الدبلوماسي، التي يسعى إليها تقريباً كل رئيس أميركي حديث.

وقالت "بوليتيكو" إنه على عكس الرئيسين الأميركيين السابقين، باراك أوباما ودونالد ترمب، لم يُعين بايدن مبعوثاً خاصاً للتركيز على الملف الإسرائيلي الفلسطيني، مُضيفة أن بايدن، على عكس الرئيس الأسبق بيل كلينتون، "ليس لديه خطط لأي نوع من مؤتمرات السلام أو حتى عملية سلام في أي وقت قريب".

وأوضحت الصحيفة أن نهج الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، تجاه القضية هو الأقرب لنهج بايدن، "لكن بوش وجد في نهاية المطاف أنه لا يُمكنه تجاهل الصراع". 

وأضافت "بوليتيكو"، أنه "باستثناء اتخاذ بعض الخطوات البسيطة لعدول الموقف الأميركي عن الانحياز الشديد لإسرائيل الذي كان متبعاً في عهد ترمب، بما في ذلك إعادة بعض المعونات البسيطة للفلسطينيين، يُشير بايدن وفريقه إلى أن القضية الفلسطينية الإسرائيلية "ببساطة ليست أولوية".

وبحسب الصحيفة، بالنظر إلى أن الإسرائيليين يقومون بفرز نتائج "الانتخابات الفوضوية"، وأن الفلسطينيين لديهم انتخابات قادمة، وأن بايدن يواجه تحديات مثل العلاقات المتوترة على نحو متزايد مع الصين، فإن المسؤولين والمحللين الذين يراقبون الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتفهمون امتناع الولايات المتحدة عن الخوض فيه الآن.

ومع ذلك، يُحذر البعض من أن بايدن "قد يجعل الحل القائم على قيام دولتين بعيد المنال، بسبب عدم إعطاء أولوية للقضية أو التحرك ببطء شديد، وخاصة إذا استمرت إسرائيل في توسيع مستوطناتها في الأراضي التي يطالب بها الفلسطينيون".

وقال مدير برنامج الشؤون الفلسطينية الإسرائيلية في معهد الشرق، خالد الجندي، للصحيفة، إن إدارة بايدن "لا تعد نفسها لتكون مسؤولة عن إقامة دولة فلسطينية"، مضيفاً أنها "لا تسعى لتحقيق ذلك بأي درجة من الأولوية أو الاستعجال، وهو الأمر المطلوب إذا كنت ستضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية".

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أشار، خلال جلسة المصادقة على تعيينه في يناير الماضي، إلى أن "الطريقة الوحيدة لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، ومنح الفلسطينيين دولة يستحقونها، هي من خلال ما يُسمى بالحل القائم على قيام دولتين"، وأضاف: "أعتقد بشكل واقعي أنه من الصعب أي احتمالات قريبة للمضي قدماً في ذلك".

تضاريس صعبة

وترى "بوليتيكو"، أن بايدن هو الرئيس القادر على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، موضحة أنه على دراية بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر من أسلافه بسبب وجوده في مجلس الشيوخ الأميركي لعقود، وشغله منصب نائب الرئيس في عهد أوباما.

ويتمتع بايدن أيضاً بعلاقات مع شخصيات رئيسية في الصراع، بما في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. ولا تزال هذه العلاقات قائمة على الرغم من الضغوطات الشديدة، كمحاولات نتنياهو تقويض سياسة أوباما تجاه إيران، ودعمه للمستوطنات الإسرائيلية، وتملقه العلني لترمب.

واستغرق حديث بايدن بعد توليه الرئاسة إلى نتنياهو، بعض الوقت، وقال الرئيس الأميركي لنتنياهو في وقت سابق، مستخدماً اسمه الحركي: "بيبي، أنا لا أتفق مع أي شيء تقوله، ولكني أحبك".

ومع ذلك، تواجه إدارة بايدن بعض الصعوبات لتحديد موقفها في القضية الحساسة دائماً، بسبب مكائد إدارتي نتنياهو وترمب. فعلى سبيل المثال، واجه مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي، صعوبة في الرد على أسئلة بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال تعتقد أن الضفة الغربية محتلة من قبل إسرائيل.

وجاءت الأسئلة بعد إصدار تقرير حقوق الإنسان السنوي للوزارة. وكانت تقارير حقوق الإنسان لا تحتوي على إشارات بشأن الاحتلال في عهد ترمب، لكن بايدن أعادها إلى تقرير. إلا أنه لم يُعد عنوان القسم الخاص بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية إلى "إسرائيل والأراضي المحتلة"، الذي كان مستخدماً قبل عهد ترمب، إذ أبقى العنوان "إسرائيل، والضفة الغربية، وغزة".

وأجاب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، بعد ضغط متكرر من الصحافيين، الخميس الماضي: "هل نعتقد أن الضفة الغربية محتلة؟ نعم".

وفي خضم هذا الشجار، منعت واشنطن لقاء رجلي أعمال فلسطينيين من مقابلة المسؤولين الأميركيين، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وقالت "بوليتيكو"، إن تفاصيل المقابلة غير الرسمية ليست واضحة، وأن الزيارة كانت محاولة لإيجاد طرق لإعادة العلاقات بين الولايات المتحدة والفلسطينيين، بعد انقطاعها في عهد ترمب.

وقررت القيادة السياسية في فلسطين وقف التواصل مع فريق ترمب بعد ديسمبر عام 2017، بعد اعتراف الأخير بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إلى تل أبيب.

ومع ذلك، قدم بايدن ومساعدوه إشارات متضاربة بشأن اهتمامهم بإعادة الاتصال بالفلسطينيين، إذ أفادت تقارير بأن مسؤولين "منخفضي المستوى" يتواصلون بانتظام مع نظرائهم الفلسطينيين، لكن بايدن لم يتحدث حتى الآن إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورفض الأخير عرضاً سابقاً للتحدث إلى بلينكن، قائلاً إنه يود التحدث إلى الرئيس الأميركي مباشرة.

غياب الحركة والإرادة

في المقابل، قال مسؤولون سابقون ومحللون على دراية بشؤون المنطقة، إن تحركات بايدن أو عدم وجودها، أحبطت الفلسطينيين. وقرر بايدن عدم التراجع عن قرار سلفه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعدم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب، ولم يكن هذا الأمر مفاجأة للفلسطينيين ومؤيديهم.

وكان الفلسطينيون يأملون أن يعيد بايدن فتح القنصلية الأميركية العامة في القدس بعدما أغلقها ترمب، إذ كان يمثل هذا المكتب قناة دبلوماسية رئيسية للفلسطينيين، الذين لا يريدون التعامل مع السفارة الأميركية التي تتعامل مع إسرائيل.

وعلى الرغم من إشارة إدارة بايدن إلى رغبتها في إعادة فتح القنصلية، فإن موعد قيامها بذلك ليس واضحاً بعد. كما أنها لم تقم حتى بأي خطوة رمزية في هذا الاتجاه، مثل وضع علامة القنصلية على المبنى. كما أنه ليس واضحاً متى ستسمح الولايات المتحدة بإعادة فتح مقر البعثة الدبلوماسية الفلسطينية بواشنطن التي أغلقها ترمب.

ويُعد إعادة فتح مكتب البعثة الفلسطينية أمراً معداً من الناحية القانونية، بسبب القانون الذي وقعه ترمب ويمنع الفلسطينيين من فتح مكتب في الولايات المتحدة، إلا بعد دفع مئات الملايين من الدولارات كغرامات فرضتها المحكمة الأميركية "نتيجة للهجمات السابقة التي كان من بين ضحاياها مواطنون أميركيون"، بحسب الصحيفة.

اقرأ أيضاً: