أصدر الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، 6 أوامر تنفيذية، تهدف للتصدي لانتشار عنف الأسلحة النارية في أنحاء البلاد، الذي وصفه بـ"الوباء والإحراج الدولي".
وتمثل هذه الخطوات، أول إجراءات بايدن للسيطرة على الأسلحة النارية منذ توليه الرئاسة، لكن "الرابطة الوطنية للسلاح" الأميركية، اعتبرت أنها "اعتداء على الدستور"، وتحديداً على التعديل الثاني منه.
وقال بايدن في تصريحات من حديقة البيت الأبيض، أوردتها وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية: "اليوم نتخذ خطوات لمواجهة ليس فقط أزمة السلاح، ولكن ما هو في الواقع أزمة أمنية عامة".
وأضاف في خطاب أمام ناجين من هذه الحوادث، أن "العنف باستخدام سلاح ناري في هذا البلد، هو وباء، إنه عار دولي".
وأردف: "فكرة أن لدينا الكثير من الأشخاص يموتون كل يوم من عنف السلاح في أميركا، تمثل وصمة في شخصيتنا كأمة".
وتابع: "آلامهم هائلة"، في إشارة إلى الناجين، قبل أن يعرض خطة محدودة لمكافحة ظاهرة انتشار الأسلحة النارية.
وبعد أن وجه التحية لأسر ضحايا عنف الأسلحة النارية والنشطاء، طمأنهم قائلاً: "نحن عازمون بالتأكيد على صنع تغيير".
وفي ما يتعلق بحيازة الأميركيين بنادق هجومية، قال بايدن: "علينا أيضاً حظر البنادق الهجومية والملقمات ذات القدرة الكبيرة".
التعديل الثاني للدستور
وأكد بايدن أن الإجراءات التي تتضمنها الخطة، لا تشكل التفافاً على التعديل الثاني للدستور الذي يعتبر المدافعون عن الأسلحة النارية، أنه يضمن حقهم في اقتناء سلاح.
وقال الرئيس: "لا شيء أنا على وشك أن أوصي به يمس التعديل الثاني بأي شكل من الأشكال"، واصفاً الأحاديث التي تشير إلى أن تلك الحقوق الدستورية معرضة للخطر بأنها "زائفة".
ومضى قائلاً: "لا تعديل.. لا تعديل للدستور مطلقاً. لا يمكنك الصراخ للتحذير من حريق في دار سينما مزدحمة مستنداً إلى حرية التعبير. منذ البداية، لم يكن بإمكانك امتلاك أي سلاح تريد امتلاكه. منذ البداية عندما كان التعديل الثاني موجوداً، هناك أشخاص محددون لم يكن مسموحاً لهم بحيازة أسلحة".
وأضاف: "لذا فإن الفكرة هي مجرد فكرة غريبة، أن نقترح أن بعض الأشياء التي نوصي بها تتعارض مع الدستور".
خسائر بشرية ومادية
وسلط بايدن الضوء على حجم المشكلة لافتاً إلى وقوع أكثر من 850 حادث إطلاق نار أسفر عن مقتل 250 وإصابة 500 في الولايات المتحدة خلال الفترة بين عملية القتل الجماعي في مركز تدليك بولاية أتلانتا، وإطلاق النار في متجر بقالة كولورادو الشهر الماضي، على حد قوله.
وقال الرئيس، إن عنف السلاح كان يشكل أيضاً ضغوطاً اقتصادية هائلة، مشيراً إلى تكاليف زيارات المستشفيات، والرسوم القانونية، وتكلفة إبقاء الأشخاص في السجن، وتقديم العلاج للضحايا وغيرهم.
كما أعلن بايدن ترشيح ديفيد تشيبمان، العميل الفيدرالي السابق، وأحد المدافعين عن فرض ضوابط على الأسلحة النارية، والمستشار في مجموعة "غيفوردز" للرقابة على الأسلحة، لقيادة مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات التابع لوزارة العدل، وهو أمر مهم في مكافحة عنف الأسلحة.
في دليل على غياب الإجماع السياسي حول هذا الموضوع شديد الحساسية، لم يتم تثبيت مدير لهذه الوكالة من قبل مجلس الشيوخ منذ عام 2015.
دعوة الكونغرس للتحرك
وحث بايدن الكونغرس على التحرك، ودعا مجلس الشيوخ إلى اتخاذ الإجراءات التي أقرها مجلس النواب، لسد ثغرات تتعلق بالتحقق من الخلفية الجنائية.
وقال إنه يتعين على الكونغرس تمرير قانون مكافحة العنف ضد المرأة، وإلغاء الاستثناءات القانونية لمصنعي الأسلحة، وحظر الأسلحة الهجومية وخزائن الذخيرة عالية السعة، مشدداً على أن "هذه ليست قضية حزبية بين الشعب الأميركي"، مؤكداً أنه "على استعداد للعمل مع أي شخص لإنجاز ذلك".
وإلى جانب نائب الرئيس كامالا هاريس، شارك بايدن في هذه المناسبة المدعي العام ميريك غارلاند، الذي قال إنه "لا تراوده أي أوهام بشأن مدى صعوبة حل مشكلة عنف السلاح".
وشدد غارلاند على الحاجة إلى "جهد جماعي لإبعاد الأسلحة عن أيدي المجرمين وإنقاذ الأرواح".
وقال إن وزارة العدل لا تستطيع حل المشكلة بنفسها، لكن "هناك عمل يتعين على الوزارة القيام به، ونعتزم القيام به".
جمهوريون: "لن نقف مكتوفي الأيدي"
في المقابل، أثارت خطط بايدن انتقادات جماعات تدافع عن حقوق حمل السلاح، وغضب نواب جمهوريين بارزين أعربوا عن شكوكهم في أن "أجندة بايدن تتجاوز" ما أعلنه الخميس، وربما "تمس الحقوق" الدستورية للأميركيين.
وقالت "الرابطة الوطنية للسلاح" في بيان: "بتعيين ميريك غارلاند المناهض للسلاح مدعياً عاماً، وترشيح ديفيد تشيبمان وهو موظف كبير سابق في جماعة ضغط بارزة للرقابة على الأسلحة، لرئاسة مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، أوضح بايدن أن هدفه هو تقييد حقوق أصحاب الأسلحة الملتزمين بالقانون، بينما يتجاهل المجرمين ويتخلى عن إجراءات أساسيية ستحافظ في الواقع على سلامة الأميركيين".
وأضاف البيان: "علاوة على ذلك، فإن المقترحات التي أعلن عنها بايدن الليلة قد تلزم المواطنين الملتزمين بالقانون بتسليم ممتلكات قانونية، وتمكن الولايات من توسيع نطاق أوامر مصادرة الأسلحة. ستحارب الرابطة الوطنية للسلاح هذا الترشيح والإجراءات التنفيذية غير المدروسة".
بينما قال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب النائب عن ولاية كاليفورنيا كيفين مكارثي: "يخطط الرئيس بايدن للإعلان عن محاولاته لوطء حقوقنا الدستورية بموجب التعديل الثاني بأمر تنفيذي".
وأضاف أنه "متساهل مع الجريمة، لكنه ينتهك حقوق المواطنين الملتزمين بالقانون. أنا لن أقف مكتوف الأيدي. وكذلك الجمهوريين في مجلس النواب. تقيدوا بالدستور!".
وقال في تغريدة لاحقة: "أمر الرئيس بايدن وزارة العدل بإصدار قواعد جديدة ستؤدي بالتأكيد إلى تجاوزات غير دستورية. سيعارض الجمهوريون بشدة ويسعون وراء جميع الخيارات -سواء كانت تشريعية أو قضائية- لحماية الحق في الاحتفاظ بالأسلحة وحملها، من انتهاك هذه الإدارة".
من جانبه، قال السناتور عن ولاية تكساس تيد كروز، في تغريدة عبر "تويتر": "الحل ليس تقييد حقوق التعديل الثاني للمواطنين الملتزمين بالقانون، الحل هو ملاحقة المجرمين العنيفين والضغط عليهم بقسوة".
وعلى نحو مماثل، قال السناتور كيفن كارمر عن ولاية نورث داكوتا، في بيان، إن "التعديل الثاني للدستور هو جزء أساسي من بلدنا، ومفتاح لحماية حرياتنا. إن تقليص قدرة المواطنين الملتزمين بالقانون على ممارسة هذا الحق لن يجعل شوارعنا أكثر أماناً، ولكنه قد يعرض الأشخاص الطيبين للخطر".
وأضاف: "الرئيس بايدن يتجاوز سلطته القانونية ويقوّض الدستور. ستشجع أفعاله الولايات على سن قوانين صارمة لمراقبة الأسلحة وتحد من السبل التي يمكن للناس من خلالها حماية أنفسهم وأسرهم".
الرئيس يفي بوعده
وتعتبر الإجراءات التي أعلنها بايدن، وفاء بأحد وعوده، الشهر الماضي، باتخاذ "خطوات عاقلة" فورية للتعامل مع عنف الأسلحة النارية، بعد سلسلة من هجمات إطلاق النار أعادت إلى الأذهان القلق من المشكلة.
ويأتي إعلانه أيضاً في نفس يوم أحد الهجمات في كارولاينا الجنوبية، والذي أسفر عن مقتل 5 أشخاص، حسب "أسوشيتد برس".
تشديد رقابة الأسلحة
ويسعى بايدن إلى تشديد اللوائح الخاصة بمشتري "البنادق الشبحية"، وهي الأسلحة النارية محلية الصنع التي تجمع عادةً من أجزاء، وغالباً ما تفتقر إلى أرقام تسلسلية لتعقبها.
ويعتبر صنع مسدس في منزل أو ورشة عمل، أمراً قانونياً، ولا توجد متطلبات فيدرالية لفحص الخلفية، لكن الهدف هو "المساعدة في وقف انتشار هذه الأسلحة النارية"، وفقاً للبيت الأبيض.
ومن المقرر أن تصدر وزارة العدل، قاعدة مقترحة تهدف إلى تشديد الرقابة على "البنادق الشبحية" في غضون 30 يوماً، على الرغم من أن تفاصيل القاعدة لم تصدر بعد.
والقاعدة الثانية المقترحة، المتوقعة في غضون 60 يوماً، تشدد اللوائح الخاصة بأقواس تثبيت المسدس، مثل تلك التي استخدمها مطلق النار في بولدر بولاية كولورادو، في واقعة الشهر الماضي، التي خلفت 10 قتلى.
وستحدد القاعدة المسدسات المستخدمة مع دعامات التثبيت كبنادق قصيرة الماسورة، والتي تتطلب ترخيصاً فيدرالياً لامتلاكها وتخضع لعملية تطبيق أكثر شمولاً وضريبة قدرها 200 دولار.
وتنشر الوزارة أيضاً، تشريعات نموذجية في غضون 60 يوماً تهدف إلى تسهيل تبني الولايات لقوانين "العلم الأحمر" الخاصة بها، وتسمح هذه القوانين للأفراد بتقديم التماس إلى المحكمة للسماح للشرطة بمصادرة أسلحة من أشخاص يعتبرون خطراً على أنفسهم أو على آخرين.
اقرأ أيضاً: