في كتاب سيصدر قريباً.. بيلوسي تكشف بداية شرارة صراعها مع ترمب

دبي-الشرق

تروي رئيسة مجلس النواب الأميركي، الديمقراطية نانسي بيلوسي، في كتاب جديد سينشر قريباً، بداية شرارة الصراع الأولى بينها وبين الرئيس السابق دونالد ترمب.

ونقلت صحيفة "يو إس توداي" مقاطع من كتاب "السيدة رئيسة مجلس النواب: نانسي بيلوسي ودروس في القوة"، للصحافية سوزان بيدج، والذي سينشر في 20 أبريل الجاري.

 

كتاب  - twitter@SusanPage
كتاب "السيدة رئيسة مجلس النواب: نانسي بيلوسي ودروس في القوة" - twitter@SusanPage

 وكشفت بيلوسي حالتها في صباح يوم الانتخابات الأميركية عام 2016، عندما كانت على يقين بأن المرشحة هيلاري كلينتون، ستصنع التاريخ بالفوز بسدة البيت الأبيض، وذلك بعد قرابة قرن من حصول المرأة الأميركية، على حقها في التصويت.

السياسية الأعلى مرتبة في التاريخ الأميركي، على حد وصف مذيعة برنامج "نيوز أور" على شبكة "بي بي إس"، جودي وودروف، كانت سعيدة بتسليم عباءة أقوى السياسيات في تاريخ الولايات المتحدة، لهيلاري كلينتون.

وتحول فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية حينها، من كابوس لنانسي، إلى "ألم مادي، مثل بغل يركلك في ظهرك مراراً وتكراراً"، وفق وصف بيلوسي.

وتساءلت بيلوسي بعد فوز ترمب، عن "كيفية أن يكون هذا الشخص رئيساً للولايات المتحدة، لم يكن الأمر يتعلق فقط ببقاء السقف الزجاجي للمرأة في السياسة الأميركية على حاله، لكن انتخاب دونالد ترمب في ذاته كان مرعباً، وكيف يمكن أن ينتخبوا هذا الشخص الوقح، والذي يتحدث بهذه الفظاظة عن النساء، وبالنسبة لي المخيف لأقصى درجة".

سوزان بيدج، رئيسة مكتب "يو إس توداي" في واشنطن، والتي أجرت 10 مقابلات مع بيلوسي، من أجل جمع مادة هذا الكتاب، و150 مقابلة مع أصدقائها، وأفراد عائلتها، وحلفائها وخصومها السياسيين، قالت في الكتاب إن بيولسي "كانت ترى ترمب غير لائق بالبيت البيض".

ولكن بحسب الكتاب، الآن فقط ستبرز بيلوسي كأكثر الديمقراطيين المثابرين في الكابيتول هيل، وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة، في إفشال خطط ترمب "لتغيير الهوية الأميركية".

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى الصحفيين-ديسمبر 2016 - AFP
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث إلى الصحفيين -ديسمبر 2016 - AFP

أول مكالمة هاتفية

في صباح الأربعاء، الذي أعقب إعلان فوز ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية، هاتفت بيلوسي الرئيس المنتخب، الموجود في برج ترمب بمدينة نيويورك.

والتقط ترمب بنفسه الهاتف، وبدا من صوته أنه كان مندهشاً للغاية من مكالمة بيلوسي، وسألها: "كيف حصلت على الرقم؟".

وبادرت بيلوسي بتقديم الشكر إلى ترمب على إجابته على مكالمتها، وهنأته بفوزه بالانتخابات، بعد ذلك مباشرة قالت له، إنها تتطلع إلى "التعاون معه بشكل خاص"، وأنهما "يتقاسمان أرضية مشتركة"، بما في ذلك "فكرة تنفيذ استثمارات فيدرالية كبرى في مشروعات البنية التحتية". 

وأجاب ترمب: "وأنا أيضاً يا نانسي، سوف ننجز معاً بعض الأشياء الجيدة"، ثم أثنى عليها كشخص "قادر على الإنجاز أفضل من أي شخص آخر"، وفقاً للكتاب.

واقترحت بيلوسي أن يحدد الرئيس المنتخب موعداً لجلسة قريبة، مع "تجمع الكونغرس المعني بقضايا المرأة" من أعضاء الحزبين، فيما أجابها ترمب: "تحدثي في هذا الشأن إلى ابنتي"، ثم أعطى الهاتف إلى إيفانكا ترمب، الأمر الذي صدم بيلوسي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل عدد من الاتصالات في البيت الأبيض - AFP
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يستقبل عدداً من الاتصالات في البيت الأبيض - AFP

وجدت الزعيمة الديمقراطية في مجلس النواب نفسها تستمع إلى ابنة ترمب، البالغة من العمر 35 عاماً، والتي لا تنطوي سيرتها الذاتية، سوى على مناصب في مؤسسات تتبع جميعها لترمب، لتسرد لها أفكارها الخاصة عن "سياسات رعاية الطفولة في الولايات المتحدة".

وفي نهاية المكالمة، التقط ترمب الهاتف من ابنته، وقال لبيلوسي: "لا تنسي، لقد كنت مؤيداً لك"، في إشارة إلى مساهمة حصلت عليها منه ذات مرة في "لجنة حملات الكونغرس الديمقراطية" قبل أن "يصبح جمهورياً". واختتم ترمب المكالمة قائلاً: "أعتقد أنك رائعة".

الخصم المعتاد

ولفترة من الزمن، كانت بيلوسي، بحسب الكتاب، "الخصم المعتاد" الوحيد الذي لم يتحول إلى "لقب ساخر في تغريدات ترمب على تويتر". وحتى قبل أسبوعين من انتخابات التجديد النصفي في عام 2018، أخبر ترمب سوزارن بيدج، أن وجود بيلوسي كرئيسة لمجلس النواب "لن يكون سيئاً للغاية".

وعلى متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان"، قابلت صاحبة الكتاب سوزان بيدج، برفقة زميلها في صحيفة "يو إس توداي"، ديفيد جاكسون، الرئيس في طريقه إلى تصدر مسيرة ضخمة في هوستون، نيابة عن عضو مجلس الشيوخ عن تكساس، السيناتور تيد كروز، الذي أطلق عليه ترمب "تيد الكاذب".

ترمب جلس حينها على مكتبه العريض على متن طائرته الرئاسية، وكانت تبدو عليه علامات التفاؤل، بشأن "إمكانية خسارة الجمهوريين سيطرتهم على مجلس النواب"، وقال لبيدج ورفيقها: "سأكون صريحاً معكما، إذا نجح الديمقراطيون، أعتقد أنني سأتمكن من العمل معهم".

وأضاف: "إنهم بحاجة إلي، إنهم لا يريدون أن يقعدوا هناك على مدى عامين، من دون أن يقدموا شيئاً، إنهم يريدون تمرير أشياء، ولا يريدون أن يخرجوا صفر اليدين".  

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يجلس على مكتبه بالطائرة الرئاسة في قاعدة أندروز الجوية في ماريلاند - AFP
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يجلس على مكتبه بالطائرة الرئاسة في قاعدة أندروز الجوية في ماريلاند - AFP

لكن فكرته عن بيلوسي "ستتغير سريعاً، وبصورة جذرية"، كما قالت بيدج، مضيفةً أن بيلوسي ستصبح "النظير الذي لا يشق له غبار، في وجه ترمب".

بيلوسي، وبحسب بيدج، تمتلك القوة للوقوف في وجهه، ورباطة الجأش للتحديق فيه بازدراء، وكانت "الرمز الوحيد الذي يستطيع أن يقرر ما إذا كان سيتم عزله، ومتى".

وأشارت إلى خروجها الواثق من "الجناح الغربي" للبيت الأبيض في معطفها الأحمر، بعدما "دحضت الرئيس" في أول مقابلة جمعت بينهما في المكتب البيضاوي، في أعقاب انتخابات التجديد النصفي في عام 2018، "بعدما استرد الديمقراطيون هيمنتهم على مجلس النواب".

وأشارت بيدج إلى صورة شهيرة أخرى، عندما صفقت بيلوسي بسخرية في الكونغرس، بعد خطاب ترمب عن "حالة الاتحاد" بعد شهرين من اجتماع البيت الأبيض، المشار إليه سابقاً.

الدرجة الثالثة

وقفت بيلوسي أمام الطاولة في "غرفة مجلس الوزراء، في هذا الخريف"، مشيرةً بإصبعها نحو ترمب، قبل أن تقود "انسحاباً ديمقراطياً" من اجتماع حاول فيه الرئيس السابق أن ينال منها بسخريته المعهودة، ويسمها بأنها "سياسية من الدرجة الثالثة".

على إثر ذلك، قامت بيلوسي بتمزيق الأوراق التي حملت نص خطاب "حالة الاتحاد" لعام 2020، والتي كان ترمب أعطاها إياها لتوه، بينما كان يقف مولياً لها ظهره، ليستقبل تصفيق الجمهوريين الحار.

رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تمزق نص كخطاب حالة الاتحاد - Getty Images via AFP
رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تمزق نص خطاب حالة الاتحاد - AFP

حتى بعد ترشيح الرئيس الحالي جو بايدن، للانتخابات الرئاسية في 2020 عن الحزب الديمقراطي، ظلت نانسي بيلوسي الوجه الأبرز في الحزب في تلك الفترة المحفوفة بالمخاطر.

ففي حين أجبر وباء كورونا بايدن على تدشين "حملة افتراضية"، لعدة أشهر من منزله في ديلاوير، كانت بيلوسي تذهب بانتظام إلى مبنى الكابيتول هيل، أسبوعاً بعد أسبوع، للتفاوض حول "تريليونات الدولارات، كبرامج إغاثة وإنفاق تحفيزي".

وتميزت بيلوسي بحضور دائم وطاغٍ على جميع الشبكات للدفاع عن قضايا الديمقراطيين، وقادت المفاوضات بنجاح مع وزير الخزانة ستيفن منوشين، وبذلت قصارى جهدها لتجاهل، أو حتى استنكار، تغريدات ترمب، وتمكنت من المحافظة على تماسك الحزب الديمقراطي، إزاء قضايا بالغة التعقيد.