انقسم زعماء منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أبيك" في ختام قمتهم، التي استضافتها مدينة سان فرانسيسكو الأميركية على مدى يومين بشأن حربيْ أوكرانيا وغزة، إلا أنهم تعهدوا بدعم إصلاح منظمة التجارة العالمية وتوفير بيئة تجارية واستثمارية حرة ومنفتحة وعادلة.
ودخل أعضاء المنظمة الاجتماعات منقسمين بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا وحرب إسرائيل على قطاع غزة التي دخلت يومها الـ 42، وسط مناشدات أممية ومخاوف من توسع رقعة الصراع.
وفي بيان أورده البيت الأبيض، دان "معظم" أعضاء المنظمة بشدة العدوان على أوكرانيا، فيما تبادل الزعماء وجهات النظر بشأن حرب غزة، مع اعتراض البعض على لغة بيان رئيسة الدورة الحالية الولايات المتحدة في إعلان "Golden Gate" المصاحب الذي يغطي القضايا الاقتصادية على أساس أنهم "لا يعتقدون أن أبيك هو منتدى لمناقشة القضايا الجيوسياسية".
وذكر بيان رئاسة "أبيك" أن بعض زعماء المنتدى شاركوا الرسائل الموحدة للقمة العربية الإسلامية المشتركة التي عقدت في 11 نوفمبر الماضي في الرياض، إذ قالت بروناي وإندونيسيا وماليزيا، إنها من بين زعماء "أبيك" الذين أيدوا رسائل "قمة الرياض"، الداعية لوقف فوري للعمليات العسكرية في غزة، ورفض مبدأ إسرائيل في الدفاع عن النفس.
كما دعت الدول الثلاث إلى هدنة إنسانية "فورية ودائمة ومستدامة"، وتوفير السلع والخدمات الأساسية دون عوائق للمدنيين في غزة.
وهيمنت على اجتماعات استمرت لأيام شارك فيها وزراء وزعماء "أبيك"، قمة عقدت الأربعاء بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج بهدف تهدئة التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم، والتي أثارت قلق المنطقة.
وتوصلت قمة بايدن وشي إلى اتفاقات لاستئناف الاتصالات العسكرية والعمل على الحد من إنتاج مادة الفنتانيل، ما أظهر بعض التقدم الملموس في أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ عام، لكن الأمر لم يصل إلى إعادة ضبط التنافس الاستراتيجي بينهما بشكل كبير.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، إن اجتماع بايدن وشي كان "إشارة مطلوبة بشدة على أن العالم يحتاج إلى مزيد من التعاون، وإشارة إيجابية للتعاون في مواجهة التحديات العالمية وخاصة تغير المناخ".
بيئة تجارية حرة وعادلة
وبعيداً عن السياسة، أكد إعلان زعماء "أبيك" إصرارهم على توفير بيئة تجارية واستثمارية حرة ومنفتحة وعادلة وغير تمييزية وشفافة وشاملة يمكن التنبؤ بها.
وأضاف البيان: "نلتزم بالإصلاح الضروري لمنظمة التجارة العالمية لتحسين جميع وظائفها، بما في ذلك إجراء مناقشات بهدف وجود نظام كامل وفعال لتسوية النزاعات لجميع الأعضاء بحلول عام 2024".
وتابع: "تعتمد الالتزامات على عمل الدول المضيفة السابقة لمنظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، وتحرك منطقتنا نحو طرق جديدة لجلب المرونة والاستدامة والترابط والابتكار والشمول مباشرة إلى أولوياتنا والعمل معاً للاستجابة لتحدياتنا الاقتصادية الأكثر إلحاحاً".
وأردف البيان: "نلتزم خلال رؤية بوتراجايا 2040، وخطة عمل أوتياروا، بمجتمع آسيا والمحيط الهادئ المنفتح والديناميكي والمرن والسلمي بحلول عام 2040، ومن خلال تركيز هذه الرؤية، فقد اعترفنا بالتحديات الجديدة التي تواجهنا وبالطرق المبتكرة للاستجابة لتلك التحديات".
ورحب البيان بمبادئ سان فرانسيسكو بشأن دمج الشمولية والاستدامة في سياسة التجارة والاستثمار، وكذلك المداولات على المستوى الوزاري للاجتماعات الوزارية القطاعية لعام 2023 للنقل والتجارة وإدارة الكوارث والأمن الغذائي والصحة والاقتصاد والطاقة، بما في ذلك مبادئ التحول العادل للطاقة، كما رحب بإطار العمل وخطة العمل المحدثين للحد من مخاطر الكوارث.
ودعت المنظمة الاقتصادات المشاركة إلى "العمل نحو تحقيق حل النزاعات في الوقت الملائم، والتنفيذ الفعال لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية"، مؤكدة التزامها بالمشاركة البناءة لضمان نجاح المؤتمر الوزاري الـ 13 وتحقيق نتائج إيجابية.
كما أكدت التزامها بـ "تعزيز التكامل الاقتصادي في المنطقة بطريقة تحركها السوق، بما في ذلك من خلال العمل على منطقة التجارة الحرة لأجندة آسيا والمحيط الهادئ، فضلاً عن تعزيز المشاركة مع أصحاب المصلحة، بما في ذلك المجلس الاستشاري للأعمال التابع لمنظمة أبيك، وزيادة الحوارات بين القطاعين العام والخاص".
وأضاف البيان: "لا نزال ملتزمين بتنفيذ مخطط الاتصال (2015-2025) من خلال تعزيز الاتصال المادي والمؤسسي والشعبي، إذ سنكثف جهودنا، ونؤكد من جديد أهمية تطوير البنية التحتية الجيدة والاستثمار، وسنواصل العمل لضمان تكافؤ الفرص لتعزيز بيئة التجارة والاستثمار المواتية، ونؤكد التزامنا بتسريع العمل لمراجعة منتصف المدة لخارطة طريق القدرة التنافسية وتنفيذها بحلول عام 2025".
وأردف: "نؤكد مجدداً التزامنا بإبقاء الأسواق مفتوحة ومعالجة اضطرابات سلسلة التوريد، بما في ذلك من خلال العمل على دعم أعمالنا في بناء سلاسل توريد آمنة وفعالة ومرنة ومستدامة ومفتوحة تخلق منطقة آسيا والمحيط الهادئ يمكن التنبؤ بها وتنافسية ومترابطة رقمياً".
وعلى الرغم من الانقسامات حول الحربين في أوكرانيا والشرق الأوسط، توفر المحادثات الصينية الأميركية متنفساً لأعضاء المنظمة الذين يشعرون بالقلق إزاء المسار المتفاقم في التنافس بين القوتين العظميين واللتين تشكلان أيضاً أكبر اقتصادين في العالم.
يشار إلى أن منتدى "أبيك" الحكومي الدولي عقد على مدى يومين في سان فرانسيسكو، ويضم 21 دولة عضواً في حافة المحيط الهادي، إذ يعزز التجارة الحرة في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط.