يبحث الديمقراطيون في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، كيفية تهيئة الظروف لتقديم المساعدات العسكرية المستقبلية إلى إسرائيل، حسبما نقلت مجلة "بوليتيكو" عن اثنين من أعضاء الحزب في كلا المجلسين، في حين أشار عضو في مجلس الشيوخ، إلى أن المناقشات تشمل وضع شروط للمساعدات العسكرية الأميركية إلى تل أبيب.
وقالت المجلة، إنه ليس من الواضح ما إذا كانت المحادثات الجارية بين الديمقراطيين ستتطور إلى تبني إجراء في الكونجرس.
وقال سيناتور ديمقراطي في مجلس الشيوخ، إن "مسؤولي البيت الأبيض على عِلم بهذه المناقشات"، في حين تم تحذيرهم من أن حلفاء الإدارة قد يضغطون علناً من أجل "فرض شروط في المستقبل القريب".
وأضاف السيناتور، الذي طلب عدم كشف هويته، أن "مناقشات الكابيتول بشأن تقييد وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دفعت الديمقراطيين إلى إجراء مناقشات مماثلة بشأن وضع شروط لإرسال المساعدات العسكرية لإسرائيل".
وذكر عضو ديمقراطي في مجلس النواب، رفض كشف هويته أيضاً، أن "الديمقراطيين يتجهون نحو الضغط من أجل فرض تلك الشروط بشأن المساعدات المستقبلية".
وكان السيناتور بيرني ساندرز، استضاف مأدبة غداء، الأربعاء، للديمقراطيين في مجلس الشيوخ للحديث بشأن الحرب في غزة، حسبما أفاد 4 أشخاص مطلعين على الأمر.
هل تضع أميركا خطوطاً حمراء لدعم إسرائيل؟
وتحدَّث رئيس برنامج "أنور السادات للسلام والتنمية" في جامعة ميريلاند، شبلي تلحمي، إلى المشرعين بشأن هذه القضية، وأكد عقْد الاجتماع، كما قال 3 أشخاص آخرين إن تلحمي كان ضيفاً في المأدبة، إلى جانب الكاتب توماس فريدمان من صحيفة "نيويورك تايمز"، ومفاوض السلام السابق في الشرق الأوسط دينيس روس.
ونقلت المجلة الأميركية عن أحد الحضور، لم تكشف هويته، قوله: "لقد أثيرت مسألة وضع شروط للمساعدات العسكرية من قبل بعض أعضاء مجلس الشيوخ".
وتأتي المحادثات مع اشتداد القتال في غزة، وارتفاع عدد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين إلى أكثر من 12 ألفاً، مما يثير تساؤلات بين حلفاء إسرائيل التقليديين بشأن وضع خطوط حمراء لتقديم المساعدات إلى تل أبيب، بحسب "بوليتيكو".
وفي وقت سابق هذا الشهر، قال 13 عضواً ديمقراطياً في مجلس الشيوخ في بيان مشترك: "نراقب الحرب في غزة من كثب، ونعتقد أنه يجب القيام بالكثير لحماية حياة المدنيين، إن عدم توفير الحماية الكافية لهؤلاء يهدد بتصعيد كبير للصراع في المنطقة، ويلحق أضراراً بالغة بآفاق التعايش السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وأشارت المجلة، إلى أنه في حال تحولت المحادثات الجارية حالياً في أروقة الكابيتول إلى إجراء تشريعي حقيقي، والذي من شأنه زيادة الضغوط بشكل هائل على البيت الأبيض، فقد يجبر ذلك الرئيس الأميركي جو بايدن على "تخفيف تبنيه لموقف إسرائيل أثناء انتقامها من حماس" في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر، ومن شأن ذلك أن يرضي التقدميين في الكونجرس الذين يريدون من الولايات المتحدة الدفع باتجاه وقف إطلاق النار في غزة.
وكانت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، قالت في وقت سابق من الشهر الجاري: "لن نضع أي شروط على الدعم الذي نقدمه لإسرائيل للدفاع عن نفسها".
ولم يستقر الديمقراطيون على كيفية أو حتى الضغط من أجل فرض شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، لكن كلا المشرعين اللذين تحدثا إلى "بوليتيكو" قالا إن المحادثات الجارية تدور بشأن استخدام السلطات الحالية مثل تفعيل "قانون ليهي"، الذي يحظر إرسال الأموال إلى البلدان التي توجد بها معلومات موثوقة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.
واستبعد مسؤول دفاعي كبير سابق، طلب عدم كشف هويته، أن تضع الإدارة الأميركية شروطاً على مساعداتها لإسرائيل. وقال: "من الصعب للغاية فرض شروط على المساعدات العسكرية، فكيف سنضمن تنفيذ ذلك؟".
وأضاف المسؤول السابق: "لسنا في وضع يسمح لنا حقاً بإرشاد صديق وحليف، صحيح أنه يمكننا أن نقترح عليهم بعض الأمور، أو نحثهم على القيام بها، ولكن ليس بالضرورة أن تكون مساعداتنا مشروطة".
خلافات داخل إدارة بايدن
وأقر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بوجود "خلافات" داخل وزارته بشأن مقاربة إدارة بايدن للحرب على غزة، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى العاملين بالوزارة.
وجاءت رسالة بلينكن إلى موظفي الوزارة، وسط حالة من "الغضب والمعارضة المتزايدين"، ليس فقط في أوساط العاملين في وزارة الخارجية، وإنما داخل إدارة بايدن بوجه عام، وفق ما ذكرت شبكة CNN الأميركية.
ووقَّع مئات العاملين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID على خطاب مفتوح للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب تواتر التقارير عن "مذكرة معارضة" داخل وزارة الخارجية. واتهمت موظفة بالخارجية الأميركية إدارة بايدن بـ"التواطؤ في إبادة جماعية في غزة".
كما تقدَّم مسؤول في وزارة الخارجية باستقالته علناً في أكتوبر الماضي، احتجاجاً على السياسة التي تنتهجها إدارة بايدن بشأن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.
وأقر بلينكن الشهر الماضي، بـ"الأثر العاطفي" الذي تركته حرب إسرائيل على قطاع غزة، وأشار إلى "الظروف الصعبة" التي تؤثر في السلك الدبلوماسي الأميركي الذي يشعر بعض المنتمين إليه بـ"موجات الخوف والتعصب" التي يولّدها النزاع.
ضغوط على الإدارة الأميركية
تواجه إدارة بايدن ضغوطاً متزايدة من أجل الرد على تصرفات إسرائيل، وتحديداً بعد محاصرة واقتحام مجمع الشفاء الطبي في شمال غزة، واستهداف غيرها من المنشآت الطبية، وأماكن الإيواء.
كما تجري الولايات المتحدة محادثات مستمرة مع الحكومة الإسرائيلية بشأن إمكانية إنشاء مناطق آمنة في جنوب غزة مما يسمح للمنظمات الإنسانية بالعمل بحرية أكبر وبعيداً عن مناطق تبادل إطلاق النار.
وتتلقى إسرائيل مساعدات عسكرية تقدر بنحو 3.8 مليار دولار سنوياً من الولايات المتحدة.
ومرر مجلس الشيوخ، بتصويت من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مشروع قانون بشأن حزمة تمويل حكومية مؤقتة جنَّبت الحكومة الأميركية الإغلاق الفيدرالي، وتم إرساله إلى بايدن لتوقيعه، وذلك بعد يوم واحد من تمريره في مجلس النواب بتصويت ساحق من الحزبين أيضاً.
ولا يشمل التشريع، الذي حظي بانتقادات واسعة من قِبَل الجمهوريين المسيطرين على مجلس النواب، مساعدات لصالح أوكرانيا وإسرائيل.
وتعهد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الذي صاغ الخطة، بأنه لن يدعم أي إجراءات تمويل مؤقتة أخرى، والمعروفة باسم "القرارات المستمرة".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، عرقل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ، مسعى نظرائهم الجمهوريين للحصول على موافقة سريعة على مشروع قانون يقدم مساعدات طارئة لإسرائيل أقره مجلس النواب، لكنه لا يقدم أي مساعدات لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.
واعترض الديمقراطيون على مشروع القانون، وطالبوا بتقديم مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية لغزة وللأزمات الأخرى، وتمويل أمن الحدود.
ومن شأن مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب أن يقدم 14.3 مليار دولار لإسرائيل، على أن يخفض هذا المبلغ من دائرة الإيرادات الداخلية.
وتشمل المساعدات تخصيص 4 مليارات دولار لشراء أنظمة دفاع لمنظومتي "القبة الحديدية"، و"مقلاع داوود" الإسرائيليتين لمواجهة التهديدات الصاروخية قصيرة المدى، بالإضافة إلى بعض عمليات نقل العتاد من المخزونات الأميركية.
