أعلن حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الأربعاء، رفع ميزانيته العسكرية لعام 2024 بنسبة 12% لتصل إلى 2.03 مليار يورو، كما سيرفع ميزانيته المدنية بنسبة 18.2% لتصل إلى 438.1 مليون يورو.
وبحسب بيان للحلف، أشار الناتو، إلى أن زيادة الميزانية العسكرية تسمح للحلفاء بمواجهة التحديات الأمنية المشتركة بشكل أكثر فعالية.
وتوفر الميزانية المدنية لحلف شمال الأطلسي، الأموال اللازمة للأفراد، وتكاليف التشغيل، ونفقات البرامج لمقره، وموظفيه الدوليين، بينما تُغطي الميزانية العسكرية تكاليف تشغيل مقر هيكل قيادة الحلف، والبعثات، والعمليات حول العالم.
زيادة إنفاق الدول الأعضاء
كان الإنفاق العسكري لدول الناتو، انخفض خلال فترة الحرب الباردة (1947-1991)، من نحو 3% من الموازنة السنوية إلى 1.3% تقريباً بحلول عام 2014، وفقاً لبيانات الحلف، ثم بدأت الأمور تتغير بعد الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم عام 2014، ولكن ببطء بحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في نوفمبر الماضي.
وارتفع الإنفاق الدفاعي في الاتحاد الأوروبي بنسبة 20% في العقد الماضي، وفقاً للبرلمان الأوروبي. وفي نفس الفترة، ارتفعت الميزانية الدفاعية لكل من روسيا والصين بنسبة 300% و600% على التوالي.
وفي عام 2014، وافق الحلفاء في الناتو، على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء في غضون 10 سنوات، ومن المتوقع أن تُحقق 11 دولة فقط، البالغ عددهم 31 دولة، هذا الهدف.
وكانت الحروب في أفغانستان والعراق، بالإضافة إلى تخفيض الميزانيات العسكرية، أدت إلى جعل تركيز معظم الجيوش الأوروبية منصباً على "مكافحة التمرد" في دول بعيدة وغير مجهزة بشكل جيد لمحاربة عدو مسلح بشكل جيد في حرب برية طاحنة، مثل حرب أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومات الغربية تجاهلت خلال العقود التي تلت الحرب الباردة، مسألة ضعف الجيوش الأوروبية، بسبب اعتماد حلف شمال الأطلسي وسياسات الدفاع الأوروبية، على القوة العسكرية الهائلة التي تمتلكها الولايات المتحدة، لكن القلق تزايد بعد ما يقرب عامين من القتال الدامي في أوكرانيا واتخاذ واشنطن موقفاً أكثر انعزالية، وعودة ظهور التهديد المحتمل الذي تشكله روسيا على أوروبا.
وضعفت بشكل كبير قدرة أوروبا على إنتاج الأسلحة، بسبب تخفيض الميزانيات على مدى سنوات، ما يعد تحدياً في وقت تواجه فيه معظم الحكومات قيوداً مرتبطة بالميزانيات في ظل تباطؤ اقتصادي وشيخوخة السكان، فضلاً عن المعارضة السياسية الكبيرة لتخفيض الإنفاق في مجال الرعاية الاجتماعية لتمويل الدفاع.
ضغوط أميركية
وخلال ولايته الوحيدة في البيت الأبيض، لطالما وجه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب انتقادات للدول الأعضاء في الناتو، إذ رغم دعمه بند الدفاع المشترك في ميثاق الحلف، لكنه اختلف قادة دول الحلف، على مسألتي التمويل وأعداد القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة.
ويحث قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، أوروبا منذ وقت طويل على إنفاق المزيد من الأموال على الدفاع.
وفي سبتمبر الماضي أعرب وزراء دفاع غربيين بشكل متزايد عن خشيتهم من أن الناخبين في بلادهم "لن يقبلوا الثمن الباهظ للردع العسكري"، وذلك في ضوء استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا الذي شكل "إنذاراً قاسياً" لجميع الحكومات الغربية، في ظل صعود الصين، والتهديد الذي يشكله احتمال حيازة إيران لأسلحة نووية.
ورجّحت صحيفة "فاينانشيال تايمز" في تقرير خلال سبتمبر الماضي، أن أوروبا لا يُمكنها الاستمرار في الاعتماد على الولايات المتحدة، التي تبلغ موازنتها الدفاعية 860 مليار دولار، أي ضعف ميزانية كل الدول الأعضاء الأخرى في الناتو مجتمعة.