في مقابلة مع "المجلة" في مكتبه، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة الحالي يائير لبيد في كثير من المواضيع السياسية، وكشف عن رأيه في عدد من القضايا المثيرة حاليا، ومنها الدولة الفلسطينية المرتجاة، واليمين المتطرف الصاعد في إسرائيل وحركة "حماس".
يقول لبيد إن الإسرائيليين والفلسطينيين بحاجة إلى بذل كل ما في وسعهم لحل الصراع المستمر منذ عقود بطريقة تضمن للأجيال القادمة حياة آمنة ومزدهرة في المنطقة. وسئل ما إذا كان "حل الدولتين" قد أصبح مرادفا للفشل الدبلوماسي، فقال لبيد، الذي خدم لفترة وجيزة كرئيس للوزراء عام 2022 ووزيرا للمالية عام 2014، أنه يجب أن يكون للفلسطينيين دولة، وأن يحكموا أنفسهم، ويعيشوا مع الفلسطينيين بكرامة. ويضيف: "لا أعتقد أن الفكرة ماتت؛ لكن أعتقد أنه سيتم تأجيلها بشكل كبير بعد هجمات السابع من أكتوبر، لأننا بحاجة إلى إيجاد طرق لضمان سلامة شعبنا".
ويقول لبيد إن سياسة "إدارة الصراع" على مدى العقود الماضية، في أوقات الحرب والسلم، ليست فعالة، وأثبتت فشلها، ويعتقد أنه من المهم أن يُحل الصراع. ويضيف: "لقد انتهى الوقت الذي يجب أن نكون فيه غامضين بشأن مستقبل بلدنا".
وتنص وصفة السلام المدعومة دوليا على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في قطاع غزة والضفة الغربية على حدود 1967، إلى جانب إسرائيل، على أن تكون القدس عاصمة مشتركة للطرفين.
ويعتقد لبيد، الذي شكل حزبه "يش عتيد" (هناك مستقبل) ذي الأيديولوجيا الليبرالية عام 2012، أن إسرائيل تحتاج إلى سياسات وسطية اليوم وأن اليمين المتطرف "يشكل تهديدا للبلاد". وأضاف: "إنهم يجيدون الصراخ فقط، لكنهم لا يجيدون الحكم".
وشدد لبيد، الصحافي السابق الذي امتهن السياسة في السنوات الأخيرة، على أن إسرائيل لا تستطيع العيش، وفي جوارها حركة "حماس" بعد هجمات السابع من أكتوبر، ويعتقد أنه يجب أن يُقضى عليها كتنظيم وكأيديولوجيا.
سألته عما تغير في التفكير السياسي الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر، وما إذا كانت الدولة الفلسطينية اليوم قد أصبحت ضرورة لأمن إسرائيل القومي، والاتهامات الموجهة للجيش الإسرائيلي بأن الحرب على غزة، شهدت استهدافا عشوائيا للمدنيين، ما أسفر عن مقتل الآلاف.
ولا يعتقد لبيد أن إسرائيل تواجه تهديدا وجوديا من "حماس" أو "حزب الله" اللبناني. ويضيف: "نحن هنا لنبقى. الشيء الوحيد الذي يجب على العالم العربي أن يفهمه هو أننا لسنا ضيوفا في الشرق الأوسط".
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
في سياق الأمن القومي الإسرائيلي، هل يعتبر إنشاء دولة فلسطينية الآن ضرورة أم إن هناك تحولاً نحو عدم التفاوض مع الفلسطينيين حول دولتهم؟
للأسف، أدت أحداث السابع من أكتوبر إلى تراجع احتمالات "حل الدولتين"، وهو المفهوم الذي أؤيده شخصيا. لقد أكد المدافعون عن الدولة الفلسطينية دائما على أهمية ضمان اتخاذ تدابير أمنية قوية لإسرائيل لحماية شعبها. ولكن فهم ما يشكل الأمن لشعبنا تغير بشكل جذري في ذلك اليوم. إن "حماس"، وهي منظمة إرهابية أصولية، لا تسعى إلى تحقيق مفهوم الدولة كما نفهمه. وتركز أيديولوجيتهم، الشبيهة بأيديولوجيا تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، على إقامة خلافة تمتد من العراق إلى مصر. ولذلك، فإنهم لا يؤيدون الدولة الفلسطينية، ويعملون بنشاط ضد هذه الفكرة. وفي حين أنني لا أعتقد أن فكرة الدولة الفلسطينية قد ماتت، فمن المؤكد أنها تأخرت بشكل كبير. أولويتنا الآن هي إيجاد سبل لضمان سلامة وأمن شعبنا.
ولكن "حماس" لم تقل من قبل إنها تريد إقامة "خلافة إسلامية"، بل تريد إنشاء دولة فلسطينية. من أين أتيت بهذا الزعم؟
أقترح عليك أن تقرأ الميثاق المؤسس لـ"حماس". ويمكنك التركيز بشكل خاص على الأجزاء المتعلقة باليهود والمسيحيين. إنهم يريدون القتل، وهذا هو الشيء الذي يجمعهم في خانة واحدة مع تنظيم "داعش". إنهم يريدون قتل اليهود والمسيحيين وحتى المسلمين المعتدلين. ومن أجل منع ذلك علينا جميعا أن نتحد ونعمل ضد "حماس".
تدير إسرائيل الصراع منذ سنوات عديدة. ما تقييمك لهذه الاستراتيجية السياسية؟
أعتقد أن اليسار الإسرائيلي ارتكب خطأ عندما ظن أن توقيع ورقة في الشرق الأوسط سيؤدي إلى وفاق بين الجميع وانتهاء الصراع. لكن الأمور لا تسير بهذا الشكل هنا. أما خطأ اليمين، فكان ما قلته، وهو ظنهم أنه بإمكانهم إدارة الصراع. لا يمكن إدارة الصراع، بل علينا حله، ولكن بشكل تدريجي. يجب حل الصراع بعناية، من خلال الاستجابة الصحيحة لاحتياجات إسرائيل الأمنية، كما يجب حل المشكلة الأساسية التي نواجهها مع الفلسطينيين؛ إذ يرغب الفلسطينيون في أن يعيشوا بكرامة، وأن يُحترموا كأفراد قادرين على حكم أنفسهم، وهذا أمر أرحب به. وهذه ليست فقط وجهة نظري كزعيم سياسي، ولكن كوالد أيضا، فأنت لا تورث أطفالك المشكلات التي يمكنك حلها، بل تسعى جاهدا لحلها. لذلك أعتقد أن دوري ودور جيلي يجب أن يتجاوز مجرد إدارة للصراع. علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لحل هذه المشكلة بطريقة تضمن حصول أطفالنا على حياة مزدهرة هنا في المنطقة.
في الفكر السياسي الاستراتيجي في إسرائيل، ما الذي تغير بعد السابع من أكتوبر؟
هذا سؤال رائع. إن الإدراك الرئيس الذي توصلنا إليه هو ضرورة تعزيز تحالفاتنا الاستراتيجية في مواجهة عدو وحشي يتمتع بقدرات كان يستهان بها في السابق. إن هذه التهديدات تشكل خطراً ليس علينا فحسب، بل على المنطقة بأكملها، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ومصر ولبنان، وبالتأكيد الأردن، كما نلاحظ بالفعل. وللمضي قدما، سيكون تركيزنا كمجتمع له شقان: أولاً، تعزيز إجراءاتنا الأمنية؛ وثانياً، تعزيز وتعميق التحالفات الاستراتيجية. إن التعاون مع الشركاء الإقليميين لمواجهة هذه التهديدات المشتركة بشكل مشترك أمر بالغ الأهمية لسلامتنا واستقرارنا الجماعي.
هل كنت قلقاً قبل 7 أكتوبر، وهل حذّرت الآخرين– ربما – من أن "حماس" قد تكون تخطط لهجوم كبير ضد إسرائيل؟
نعم، لقد فعلت. في 20 سبتمبر، ألقيت خطاباً هنا خالفت فيه إرادة طاقمي بأكمله. وقلت إننا معرضون لخطر انفجار متعدد الساحات. لقد قلت وفعلت ذلك بسبب نوع المعلومات الاستخباراتية التي وصلتني. وقد ذكرت غزة ليس كاحتمال عرضي، بل كاحتمال قوي أيضا. وقد قلت إننا يجب أن نكون أكثر يقظة تجاه المخاطر الأمنية. في ذلك الوقت، كما تتذكرون، كانت البلاد بأكملها منخرطة تماما في نزاع داخلي حول القضايا القانونية. لذلك كنا نعاني اضطراباً سياسياً كبيراً، وكنت أدعو إلى التركيز أكثر على الأمن، وأنبه إلى أن ثمة أخطاراً أمنية لم يجر التعامل معها والاهتمام بها.
ماذا كان رد الفعل؟
لم تكن هناك استجابة كبيرة. انظر، أنا لا أدعي أن لدي بعد نظر خاص، ولا أريد أن أبدو متباهيا بتوقعاتي. لم يكن ممكنا لأي أحد أن يتوقع ما حدث لاحقا. ومع ذلك، كان ما يقلقني هو أن البلاد كانت منشغلة أكثر من اللازم بالقضايا السياسية، وكانت تهمل الاهتمام اللازم بالمسائل الأمنية.
ما رأيك في تقييم أقرب حليف لإسرائيل، الولايات المتحدة، التي يعتقد وزير دفاعها أوستن لويد أن إسرائيل تدفع المدنيين إلى "أحضان العدو" في غزة، كما قال، إذا لم تحم المدنيين في الحرب الحالية، وأن إسرائيل تخاطر بتحويل "انتصار تكتيكي إلى هزيمة استراتيجية؟"
إسرائيل ليس لديها أي إرادة أو رغبة في إيذاء المدنيين، ونحن نبذل كل ما في وسعنا لتجنب الأشخاص الذين ليس لديهم أي علاقة بهجمات "حماس" الإرهابية.
لكن الجيش الإسرائيلي استهدف بالفعل كثيرا من المستشفيات، والمنازل، ومختلف المرافق الحيوية في قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل الآلاف من المدنيين؟
المعضلة التي نواجهها في غزة هي معضلتنا الدائمة مع "حماس"، ألا وهي أنهم يستخدمون شعبهم كدروع بشرية، هذا كل شيء. إنها فكرة وحشية، فكرة غير معقولة، ويجد الناس صعوبة بالغة في الفهم، ولكن هذا هو العدو الذي يجب أن نحاربه، وسنفعل كل ما في وسعنا لضمان توفير المياه والطعام والدواء والمساعدات الإنسانية للناس. ونحن نحاول إبعادهم عن منطقة المعركة بقدر ما نستطيع، ولكن على الناس أن يفهموا أننا سنقضي على "حماس" في غزة. إذ لا يمكننا أن نعيش بجوار "حماس" في غزة، لأننا رأينا ما حدث، وما يحدث عندما تسمح لمنظمة إرهابية بأن تكون على عتبة بابك.
هل تعتقد أن "حماس" تزداد شعبية في غزة والضفة الغربية؛ بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين على خلفية الرد العسكري الإسرائيلي على هجماتها؟ هناك انتقادات متزايدة للحملة العسكرية، التي يُنظر إليها على أنها عقوبة جماعية ومتهورة وانتقامية؟
حسنا، لربما كان هذا هو رد الفعل الأول، لكنه لن يستمر. أعني أنه عندما ينقشع غبار الحرب، وينظر الجميع حولهم، سيرون أن "حماس" لم تجلب سوى الموت والدمار لشعب غزة. أعني أن الإسرائيليين كانوا ضحايا "حماس" في 7 أكتوبر، وشعب غزة هم ضحايا "حماس" الآن. وأعتقد أنني أثق في ذكاء أهل غزة لفهم من جلب هذا الدمار على رؤوسهم، ألا وهي "حماس". لذلك ربما يكتسبون شعبية الآن، وهو أمر مفهوم تقريباً في زمن الحرب، ولكنهم لن يحافظوا على شعبيتهم لدى أهل غزة. وسيدرك الفلسطينيون عموما والعالم العربي المصير المروع الذي ألحقته "حماس" بأهل غزة عندما تنتهي الحرب.
ماذا لو أجرى الفلسطينيون انتخابات ديمقراطية وحرة، وصوتوا لـ"حماس" بعد الحرب؟
حسنا، في هذه الحالة، لن تكون هذه الانتخابات حرة، وأي بلد ديمقراطي سيخبرك بذلك، فالمنظمات الإرهابية لا يُسمح لها بالترشح للمناصب. هل يمكنك تخيل أن يترشح "حزب الله" في فرنسا أو أن تترشح "القاعدة" في إنجلترا؟ لا، لا ينبغي السماح لمنظمة "حماس" الإرهابية بالترشح للانتخابات إذا ما أُجريَت انتخابات ديمقراطية. لذا فإن السيناريو الذي وصفته مستحيلاً أن يحدث.
كيف يمكنك أن تكون واثقاً من القضاء التام على "حماس"، بما أن الأمر لا يتعلق بالعوامل العسكرية فحسب، بل بفكرة، بأيديولوجيا؟
حسناً، بداية يقول الجميع إنه لا يمكنك استئصال فكرة. لعل هذا صحيح، ولكن يمكنك استئصال فكرة سيئة. و"حماس" فكرة سيئة. نحن نعرف حجم "حماس"، نعرف الحجم الفعلي لـ"حماس" ونعرف كيف تعمل. لقد فاجأتنا يوم 7 أكتوبر. أما الآن فنحن لسنا متفاجئين، وعازمون كل العزم للقضاء عليها، حتى لو كانت المعركة طويلة. سوف يتحقق ذلك. انظروا، الجميع يعلم أن أهل غزة يعانون، بينما يعيش قادة "حماس"، مثل: إسماعيل هنية، وخالد مشعل، وعائلاتهم مثل المليارديرات في الخارج. شعبهم يعيش في الخيام، بينما هم يعيشون في عقارات فاخرة وفنادق ومراكز تجارية خاصة بهم حول العالم. ونحن نتحدث بالفعل مع الأميركيين لضرب المحفظة المالية لـ"حماس" بقوة أيضا.
هل تعتقد أن "حل الدولتين" أثبت أنه فشل دبلوماسي كبير؟
حقيقة وجود هذا التحالف الشرير الذي يضم كلا من إيران، و"حزب الله"، و"حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، وجميعهم يبذلون قصارى جهدهم لمنع فكرة السلام بين اليهود والعرب، الإسرائيليين والفلسطينيين، بالطبع، ليس بالأمر المفيد.
إذن أنت تعترف أن "حل الدولتين" هو مثال للفشل؟
لا. أقصد أن ذلك لم يحدث بعد. هناك الكثير من العقبات. إن واجبنا تجاه الأجيال القادمة، من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، أن يعيشوا جنباً إلى جنب في سلام.
هل ما زلت تؤمن بـ "حل الدولتين" إذن؟
نعم، كنت رئيساً للوزراء عام 2022، وتحدثت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن حقيقة أنني أؤمن بأن "حل الدولتين" هو الحل الصحيح.
إذن، ماذا ستفعل إذا كنت على رأس السلطة اليوم، خاصة مع التوسع في المستوطنات. اليوم لديك حوالي 800 ألف مستوطن ومواطن إسرائيلي في الضفة الغربية، وهناك مستوطنات في قلب الضفة الغربية أنشأتها حركات صهيونية دينية متطرفة، وتعتبر الأمم المتحدة والكثير من الحكومات الأجنبية كل المستوطنات غير قانونية؟
ببساطة، أي اتفاق سلام يتعلق بالتنازلات. خلاف ذلك، لن يكون اتفاقا. ولكن اسمح لي أن أذكرك بأنه منذ حرب 1967، عرضت إسرائيل أربع مرات على الفلسطينيين إقامة دولة خاصة بهم، ورفضوا في المرات الأربع. كان آخرها في عام 2014، عندما كنت في الحكومة. وعُرف ذلك باسم إطار عمل (وزير الخارجية الأميركي الأسبق) جون كيري، وكنت أنا جزءا من فريق التفاوض. وأقول لك، عرضنا عليهم إنشاء دولة، وكان نتنياهو رئيسا للوزراء، وكانت المستوطنات موجودة، وعرضنا عليهم حصة فيها. وذهب رئيس السلطة الفلسطينية (محمود) عباس إلى البيت الأبيض، وجلس مع الرئيس أوباما. ولكنهم رفضوا عرضنا وأي فرصة للحكم الذاتي، وهو أمر مؤسف. ولكننا نحتاج أيضا إلى جار لا يعلم في مدارسه أن اليهود قردة وخنازير. وسنجد بأنفسنا طرقا للتسوية إذا نجحوا في القضاء على ثقافة الكراهية.
اسمح لي أن أعيد سؤالي إذا لم يكن واضحاً بما فيه الكفاية، كيف يمكن للفلسطينيين أن تكون لهم دولتهم الخاصة مع وجود مستوطنات في عمق الضفة الغربية؟
حسناً، ليس الأمر أنك لم تطرح السؤال. لقد طرحت السؤال، ولكنني لم أكن أرغب في أن أكون محددا جدا، لذلك قلت لك إن الجميع يفهمون أن التنازلات هي جزء حاسم من أي اتفاق سلام. ولكنك لا تدخل في التفاصيل حتى تضطر إلى ذلك. في الوقت الحالي، نحن منشغلون فقط بمصير الرهائن الإسرائيليين والمواطنين الإسرائيليين الذين اختطفوا في غزة على يد "حماس". نأمل في الحصول على المساعدة من جميع أصدقائنا في المنطقة. ونأمل في الحصول على كل ما يمكنك فعله لمساعدتنا على إعادة جميع أناسنا وأطفالنا إلى الوطن.
هناك تزايد في شعبية اليمين المتطرف واليمين في إسرائيل. اليمين المتطرف متحالف فعلا مع بنيامين نتنياهو، وهم المعروفون بعنصريتهم ضد العرب والفلسطينيين؟
يسعدني أن أخالفك. يمتلك اليمين المتطرف داخل الائتلاف حوالي 14 مقعدا في الكنيست. الآن لديهم ما بين سبعة إلى عشرة. لذا فإن الأرقام تظهر خلاف ما قلت. وأنا سعيد بهذا، لأنني أعتقد أنهم يشكلون تهديدا للبلاد. إذن هم لا يكتسبون شعبية، لأنه كما تعلم، ما يثير الاهتمام أنهم عندما يكونون في السلطة، عندما يكونون جزءا من الائتلاف يميل الناس إلى ملاحظة أنهم جيدون كثيرا في الصراخ والمسيرات، لكنهم لا يعرفون كيف يحكمون البلد.
إذا هل ستكون الحكومة الجديدة أو الحكومة الائتلافية في إسرائيل بقيادة وسطية؟
الشعب اليوم يريد الوحدة. يريدون منا أن نتحرك نحو بعضنا بعضا بدلا من تباعدنا. ويدرك الناس إلى حد ما أن الدولة الوسطية هي وحدها القادرة على القيام بأشد ما نحن بحاجة إليه. لذا إن كنا ننظر إلى فرص المستقبل، فأعتقد أن الحكومة التي يقودها الوسط ستجلب الأمن والازدهار. إسرائيل بحاجة إلى ذلك. لقد تعرضنا للتو لضربة مروعة، إلا أننا شعب يعرف كيف يتعافى. كان والدي طفلا في الحي اليهودي في بودابست أثناء المحرقة. لقد ذهبنا إلى الأماكن المظلمة من قبل، ونعرف كيف نتعافى منها وكيف نستخلص أقصى فائدة منها.
مناحيم بيغن وشامير ورابين وباراك، كلهم كرؤساء وزراء سابقين كان لديهم مشاريع سلام مع الفلسطينيين. لكن نتنياهو، في نظر كثير من السياسيين حول العالم والكثير من المواطنين الإسرائيليين، قوض أي إمكانية للسلام. هل تعتقد أن أيديولوجيته السياسية اليمينية ستستمر بعد انتهاء هذه الحرب؟
أعتقد أننا نسير نحو إسرائيل جديدة، وأعتقد أن كل شيء قد تغير. أعتقد أن المؤسسة السياسية الإسرائيلية مدينة بأن تقدم للجمهور تفسيرا ورؤية أكثر وضوحا لمستقبل الأجيال المقبلة. ودون أن أعني شخصا على وجه التحديد، أقول إن الوقت الذي يكون فيه مستقبل بلدنا غامضا بالنسبة لنا قد ولى، نحن بحاجة لأن نعمل أكثر، بحاجة لأن نتأكد من أن الناس يفهمون ما هي رؤيتنا عن مستقبل إسرائيل، ولا علاقة لهذا الأمر بالأمن فحسب، أو بالفلسطينيين أو بعملهم، بل له أيضا علاقة بنوع السياسة التي نريدها، ونوع الاقتصاد الذي نريده. ولكن من جانب آخر، جلي أننا بحاجة إلى إقامة تحالفات مع العالم العربي والدول السنية الأكثر اعتدالا. لذلك لا أعرف إذا كان الجواب يتعلق بنتنياهو، لكنه جواب يتعلق بإسرائيل.
هل يمكنك توضيح المزيد عما تقصده بالتحالفات الاستراتيجية في المنطقة؟
أعني بذلك إقامة علاقات قوية مع الدول الأكثر اعتدالا، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
نحن بحاجة إلى هذا النوع من التعاون، هذا هو نوع التفكير الاستراتيجي في الشرق الأوسط بأكمله. وأعتقد أن التطبيع مع المملكة العربية السعودية مهم للغاية وسيحدث ولن يخيفه الإرهابيون، الذين أرادوا تقويض التطبيع في 7 أكتوبر.
وإذا كانت هناك رؤية محددة للعلاقة، فسوف تتبع الرؤية الخاصة، ولن يُسمح لمجموعة من الإرهابيين بأن يلووا الذراع. والأمر نفسه ينطبق على إسرائيل. أعتقد أننا بحاجة الآن إلى المضي قدما في كل الأمور الإيجابية التي يمكننا العمل عليها معا.
هل تواجه إسرائيل تهديداً وجودياً من "حماس" و"حزب الله"؟
لا، فـ"حماس"، و"حزب الله" منظمتان إرهابيتان ونحن ما زلنا القوة العسكرية الأقوى في المنطقة. إنهما يمثلان تهديدا إنما ليس تهديدا وجوديا لإسرائيل. نحن هنا لنبقى. ما ينبغي على العالم العربي أن يفهمه هو أننا لسنا ضيوفا على الشرق الأوسط. نحن هنا لنبقى، إسرائيل ستبقى. وهي تتواصل مع دول عربية. وينبغي أن تكون بداية أي حوار هي الفهم التام بأننا لن نذهب إلى أي مكان. و"حزب الله" و"حماس" هما من سيختفي.
هل تعتقد أن الحوار مع إيران أمر ممكن أم إن المواجهة هي أفضل خيار بالنسبة لك؟
حسنا، إذا كان هناك ما يعلمنا إياه السابع من أكتوبر، فهو تذكيرنا بأنه لا يمكنك أن تتعامل مع الأصوليين، مع الأصوليين المتوحشين. إذا فككت إيران برنامجها النووي بالكامل، وإذا فككت بالكامل الميليشيات التي ترسلها إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط لتقوض أي حكومة أخرى، عربية كانت أو إسرائيلية. وإذا كفت إيران عن أن تكون الممول الأكبر للإرهاب في جميع أنحاء العالم، فربما نتمكن من بدء المفاوضات معها. ولكن إيران اليوم ليست أيا مما سبق. لذا ينبغي أن لا نتفاوض معها، بل ينبغي أن نؤكد وقوفنا جميعا معا في مواجهة الإرهاب.
ماذا عن الادعاءات والتسريبات التي تقول إن إسرائيل لديها خطط لإجبار الفلسطينيين على الدخول إلى سيناء المصرية؟ أعني أن الفلسطينيين يتعرضون لضغوط مستمرة لتهجيرهم من الشمال إلى الوسط والآن إلى الجنوب منذ بداية الحرب؟
مهما كان ما سيحدث، فسوف يحدث بالتنسيق مع المصريين، لدينا اتفاق سلام معهم. مصر دولة ذات سيادة وهي دولة مهمة أيضا. وكل ما سيحدث على الحدود المصرية سيكون أمرا ننسقه بعناية شديدة مع المصريين؛ لذا لن نفرض شيئا على المصريين. ونحن في حوار مثمر للغاية معهم. وسوف نتأكد من أن هذه الطريقة هي التي ستستمر بها الأمور. لن نجبر الناس على الدخول إلى مصر.