حضّ الرئيس الأميركي جو بايدن، الكونجرس، على اتخاذ خطوات "طارئة" لتجاوز الخلافات بشأن المساعدات العسكرية لكييف، معتبراً أن الهجوم الصاروخي الذي شنّته روسيا صباح الجمعة يؤشر إلى رغبتها في "محو" أوكرانيا.
وقال بايدن في بيان "ما لم يتخذ الكونجرس خطوات طارئة في السنة المقبلة، لن نتمكن من الاستمرار في إرسال الأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي الحيوية التي تحتاجها أوكرانيا لحماية شعبها"، داعياً الكونجرس إلى التحرك "من دون أي تأخير إضافي".
ويأتي هذا بعد أن أعلنت واشنطن، الأربعاء المنصرم، الإفراج عن آخر حزمة مساعدات لكييف في العام 2023، ودعا بلينكن بدوره الكونجرس إلى التحرك "في أسرع وقت ممكن لتعزيز" مصالح الأمن القومي لبلاده "من خلال مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها".
واعتبر بيان لبلينكن خلال الإعلان عن حزمة المساعدات أن الأخيرة "توفر هذه الحزمة ما يصل إلى 250 مليون دولار من الأسلحة والمعدات بموجب عمليات السحب الموجهة مسبقاً لأوكرانيا".
وأوضح أنها تشمل "ذخائر الدفاع الجوي، ومكونات أخرى لنظام الدفاع الجوي، وذخيرة إضافية لأنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة، وذخائر مدفعية 155 ملم و105 ملم، وذخائر مضادة للدروع، وأكثر من 15 مليون طلقة ذخيرة".
بدوره حث مجلس الأمن القومي الأميركي الكونجرس على السماح بمواصلة دعم أوكرانيا، وقالت المتحدثة باسم المجلس أدريان واتسون في تغريدة عبر منصة إكس "الجمعة، نعلن عن الحزمة الأخيرة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا لهذا العام. كانت مساعدتنا حاسمة في مساعدة أوكرانيا على الدفاع عن حريتها واستقلالها ضد روسيا".
وأضافت: "يجب على الكونجرس أن يتحرك بسرعة في العام الجديد لضمان استمرار دعمنا".
وقدّمت واشنطن دعماً عسكرياً لحليفتها كييف بأكثر من 43 مليار دولار منذ أن بدأت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022.
ومؤخراً، أقر الكونجرس الميزانية الدفاعية لعام 2024 بما يتيح تحرير 300 مليون دولار لصالح كييف، لكن هذا التمويل يقتصر على نحو 0,5% من دعم بـ61 مليار دولار يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن لإقراره في حزمة لتسليح أوكرانيا لا تزال قيد المناقشة.
"مئات الصواريخ" البريطانية
وأعلن وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس، الجمعة، أن بريطانيا سترسل نحو مئتَي صاروخ للدفاع الجوي لأوكرانيا. وقال على منصة "إكس" إن "المملكة المتحدة تتحرك بسرعة لتعزيز الدفاع الجوي لأوكرانيا عقب الضربات الجوية القاتلة التي نفذها بوتين. يتم إرسال مئات من صواريخ الدفاع الجوي البريطانية الصنع لضمان حصول أوكرانيا على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها من قصف بوتين الهمجي".
وأشارت وزارة الدفاع إلى أن هذه الصواريخ ستساهم في إعادة تكوين مخزون أنظمة الدفاع الجوي البريطانية القادرة على إسقاط المسيرات والصواريخ الروسية "بقدر هائل من الدقّة".
والصواريخ "جو-جو" المتقدمة قصيرة المدى والتي تصنّعها المملكة المتحدة مصممة ليتم إطلاقها من طائرات بينها مقاتلات "تايفون" و"إف-35".
وأضافت وزارة الدفاع البريطانية أن هذه الصواريخ أثبتت أنها "حلول فعّالة جدًا ومنخفضة التكلفة للجبهة لتلبية متطلبات عاجلة" مع معدّل إصابة يصل إلى 90% ضد بعض الأهداف الجوية الروسية. وتابعت "أصبح المشغّلون الأوكرانيون ماهرين في استخدامها، وطلبوا مزيدًا من الصواريخ لحماية بلدهم".
معارضة جمهورية في الكونجرس
ومطلع الشهر الجاري رفض الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي، مشروع قانون لتقديم مساعدات أمنية بمليارات الدولارات إلى أوكرانيا وإسرائيل، بسبب عدم تضمّنها إصلاحات في مجال الهجرة يطالبون بها.
ويريد المشرّعون الجمهوريون وقف الدعم، ورفضوا المصادقة على حزمة جديدة ما لم يوافق الديموقراطيون أولاً على إجراءات صارمة لكبح الهجرة عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
وتضمنت حزمة الإنفاق البالغة 111 مليار دولار المعروضة على مجلس الشيوخ، 50 مليار دولار لأوكرانيا. كما نصّ على تقديم 14 مليار دولار لإسرائيل التي تشن حرباً على غزة.
وغادر أعضاء مجلس النواب إلى إجازاتهم حتى 8 يناير؛ بسبب عطلة نهاية السنة، دون الموافقة على طلب بايدن.
ووجه بايدن انتقادات للجمهوريين، معتبراً أنهم يأخذون المساعدات "رهينة"، وقال متوجّهاً إلى خصومه المحافظين: "عندما يصفّق لكم من يتولّون الدعاية لروسيا، ربّما يكون الوقت قد حان للتفكير في ما تفعلونه".
رهان موسكو على تراجع الدعم
ومنذ بداية النزاع، يراهن الكرملين على تراجع المساعدات الغربية، ويعزّز أي تردد من جانب حلفاء كييف اعتقاد روسيا بأنّ رهانها سيفوز.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي السنوي: "هذه الهدايا قد تتوقف ذات يوم. ومن الواضح أنّها بصدد التوقف".
والأربعاء قال الكرملين إن أي مساعدة جديدة يقدمها الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا لن تؤثر على نتيجة الصراع هناك، معتبراً أن مثل هذه النفقات ستضر فقط بالاقتصاد الأوروبي.
وفيما يتعلق بخطط الاتحاد الأوروبي لتقديم 20 مليار يورو لأوكرانيا، والتي تتفادى المعارضة التي تأتي من المجر، صرح المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف بأن الأمر عائد لدافعي الضرائب في الاتحاد الأوروبي ليدركوا أن أموالهم تنفق هباءً.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أشار بيسكوف إلى أن موسكو رصدت تراجعاً في الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا، وذلك على خلفية الزيارة التي أجراها الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي إلى واشنطن.
وقال بيسكوف "لقد وعدهم نظام كييف بأنه إذا منحتمونا 100 مليار دولار، فسنحقق النصر في ساحة المعركة.. وأدرك الأميركيون الآن أنهم تعرضوا للخداع. ليس هناك نصر في ساحة المعركة، ومن المؤكد، القوات الأوكرانية تفقد مواقعها بسرعة".
وتابع أن الأميركيين "بدأوا حقاً.. في طرح هذا السؤال على أنفسهم: ما الذي ينفقون عليه هذه الأموال؟".
أكبر هجوم روسي
والجمعة، شنّت روسيا هجوماً وصفه مسؤولون أوكرانيون بأنه "واحد من أكبر الهجمات الصاروخية" منذ بدء الحرب، وأسفر عن سقوط 31 شخصاً وإصابة 120 آخرين.
وقال سلاح الجو إنه أسقط 87 من صواريخ كروز و27 طائرة مسيرة من إجمالي 158 "هدفاً" جويا أطلقته روسيا.
وأوضح قائد الجيش الجنرال فاليري زالوزني، أن الهجوم استهدف البنية التحتية الحيوية والمنشآت الصناعية والعسكرية.
وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي عبر تطبيق تيليجرام "روسيا هاجمت بكل ما في ترسانتها.. ما يقرب من 110 صواريخ انطلقت تم إسقاط أغلبها".
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا "اليوم استيقظ ملايين الأوكرانيين على صوت الانفجارات المدوية. أتمنى لو أن العالم يمكنه سماع أصوات الانفجارات في أوكرانيا". ودعا حلفاء بلاده لدعمها عسكرياً على المدى الطويل.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية إن الهجوم الجوي الضخم الذي يأتي في نهاية العام يظهر أنه لا ينبغي أن يكون هناك "حديث عن هدنة" مع الكرملين في وقت تخيم فيه حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الدعم الغربي الحيوي لكييف.
وتحذر أوكرانيا منذ أسابيع من أن روسيا ربما تكدس صواريخ لشن حملة جوية كبرى تستهدف أنظمة الطاقة. وفي العام الماضي قبع الملايين في الظلام والبرد إثر ضربات جوية روسية استهدفت بشكل خاص شبكة الكهرباء والطاقة.