"حماس" تبدي مرونة.. وحكومة إسرائيل تمنح "ضوءاً أخضر"

رغم "محادثات معقدة".. تحركات نحو صفقة جديدة لتبادل الأسرى وهدنة مؤقتة في غزة

أب فلسطيني يحمل طفلته المصابة جراء غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة. 30 ديسمبر 2023 - AFP
أب فلسطيني يحمل طفلته المصابة جراء غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة. 30 ديسمبر 2023 - AFP
دبي -الشرق

بدأت معالم صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، تلوح في الأفق، إذ أكدت مصادر إسرائيلية وفلسطينية أن ترتيبات الصفقة الجديدة "بلغت مراحل متقدمة"، ومن المرتقب أن تُعقد في منتصف يناير، وذلك بعدما أبدت حركة "حماس"، مرونة تجاه أفكار الوساطتين القطرية والمصرية، فيما أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن "هناك عراقيل تعقد مسار التفاوض بشكل كبير".

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، السبت، إن مجلس الحرب في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، منح رئيس جهاز المخابرات "الموساد"، دافيد برنياع، ضوءاً أخضراً لتنفيذ صفقة تبادل للمحتجزين مع حركة "حماس" بموجب المبادرة القطرية الأخيرة، التي تتضمن إطلاق سراح عشرات المحتجزين الإسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار لعدة أسابيع، وإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين من المحكوم عليهم بالسجن لفترات طويلة.

ويأتي هذا فيما تشترط "حماس"، وقفاً كلياً للحرب الإسرائيلية على غزة، من أجل المضي قدماً في الصفقة، قبل أن تقوم بتعديل مطلبها، حيث أبلغت قطر إسرائيل، الخميس، بتغيرات في موقف "حماس" التي باتت تبدي "مرونة" تجاه أفكار الوساطة القطرية الجديدة بشأن تبادل المحتجزين، ووقف مؤقت للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

محادثات معقدة

وأشارت القناة 11 الإسرائيلية، إلى أن مجلس الحرب سيجتمع، الأحد، لبحث هذه الصفقة، لكن القناة 12 الإسرائيلية، قالت إنه لا تقدم بعد في صفقة التبادل.

وقال مصدر مطلع على المحادثات لصحيفة "هآرتس" السبت: "إن هناك محادثات جادة بين إسرائيل وحماس، من خلال وسطاء في محاولة لكسر الجمود، لكن التقدم لا يزال بطيئاً، ولم يتم تحقيق اختراق كبير بعد".

وقدر مسؤول إسرائيلي في تصريحات للصحيفة، أنه "سيكون من الممكن فهم إلى أين تتجه الحركة في اليومين المقبلين، قبل وصول وفد (حماس) إلى مصر لإجراء محادثات".

وقال مصدر مطلع على المفاوضات لصحيفة "هآرتس"، إن "مواقف الجانبين (الإسرائيلي والفلسطيني) متباعدة للغاية، ولم يتم تبادل أي مسودات. ولن تنضج هذه الخطوة في أي وقت قريب"، وفق تعبيره.

وصرّح مسؤول إسرائيلي، أنه إذا تقدمت المحادثات، فإنها ستكون "أكثر تعقيداً بشكل كبير" من مفاوضات الصفقة السابقة.

مقابل ذلك، توقع مصدر فلسطيني، الجمعة، عقد الصفقة بعد منتصف يناير المقبل، حسبما نقلت وكالة أنباء العالم العربي AWP.

بنود الصفقة المحتملة

وقال مسؤولون في حركة "حماس" الفلسطينية لـ"الشرق"، السبت، إن الحركة تبدي مرونة تجاه أفكار الوساطة القطرية الجديدة بشأن تبادل الأسرى، ووقف مؤقت للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، سعياً إلى وصول دائم لوقف النار، موضحين أنها تقوم على مراحل لتبادل الأسرى والمحتجزين، يجري خلالها وقف متجدد لإطلاق النار.

وتنص الاقتراحات القطرية المبنية على المبادرة المصرية، على القيام بمرحلة أولى من تبادل الأسرى تشمل إطلاق سراح 40 محتجزاً إسرائيلياً من كبار السن والمرضى والنساء والقاصرين، مقابل إطلاق سراح 120 أسيراً فلسطينياً من فئات مماثلة، إلى جانب وقف إطلاق النار لمدة تبلغ نحو شهر.

ووفقاً للمسؤولين، فإنه بعد القيام بهذه المرحلة تجري عملية تبادل لبقية الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين مقابل أعداد متفق عليها من الأسرى الفلسطينيين مترافقة مع وقف لإطلاق النار.

إصرار على وقف كامل لإطلاق النار

ورغم حديث عن مراجعات من قبل "حماس" بشأن الصفقة الجديدة، يصر الجانب الفلسطيني على ضرورة وقف كلي للحرب الإسرائيلية على غزة، حيث قال القيادي في حركة "حماس"، عزت الرشق، السبت، إنه لا بد من وقف الحرب على قطاع غزة أولا وقبل كل شيء، مؤكداً أن الهدن المؤقتة والمجتزأة "صارت وراءنا".

وأبلغ مصدر فلسطيني وكالة أنباء العالم العربي، الأسبوع الماضي، بأن "حماس لم تغلق الباب أمام تفاوض لهدن مؤقتة، تمهد لهدنة طويلة وفق الطرح المصري، لكنها تنتظر رأي القيادة العسكرية".

وعبرت "حماس" عن استعدادها من حيث المبدأ للعودة إلى طاولة المفاوضات، مع تخليها عن مطلبها العلني بوقف كامل للحرب، لكن حتى الآن لا يوجد أي تقدم حقيقي، بل إشارات ورسائل أولية".

استمرار الحرب

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال، السبت، إنه "إذا كانت هناك صفقة تبادل، فسيتم تنفيذها".

وقال نتنياهو للصحفيين خلال مؤتمر صحافي، غاب عنه وزير الدفاع يوآف جالانت، وعضو مجلس الحرب وزير الدفاع السابق بيني جانتس: "سياستي واضحة: سنواصل القتال حتى يتم تحقيق جميع أهداف الحرب، وفي المقام الأول القضاء على حماس والإفراج عن جميع المحتجزين". 

وشدد على أن الحرب ستستمر "أشهراً عديدة أخرى".

وقال نتنياهو إنه يتعين على بلاده أن تسيطر بشكل كامل على محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة لضمان "نزع السلاح" في المنطقة.

وأضاف: "محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدّق نقطة التوقف الجنوبية (في غزة)، يجب أن يكون تحت سيطرتنا. يجب إغلاقه. من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".

ولم يخض نتنياهو في التفاصيل. لكن إذا تم إنجاز ذلك، فإن مثل هذه الخطوة ستمثل بحكم الأمر الواقع تراجعاً عن انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، مما يضع "المحور" تحت السيطرة الإسرائيلية الحصرية بعد إدارته على مدى سنوات من حركة "حماس".

مستقبل غزة

وكانت "حماس" قالت إنها اتفقت مع فصائل فلسطينية أخرى على "حل وطني" يقوم على تشكيل حكومة وحدة، مشددة على وقف الحرب على غزة قبل أي تبادل للأسرى مع إسرائيل.

وأضافت أن الفصائل الفلسطينية، التي تشمل أيضا حركة "الجهاد الإسلامي"، و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"الجبهة الديمقراطية"، عبّرت عن رفضها للسيناريوهات الإسرائيلية والغربية لما بعد الحرب في غزة.

ولفت أمين سر العلاقات في حركة "الجهاد" هيثم أبو الغزلان، في تصريحات سابقة، إلى مشاورات فلسطينية تجري حالياً لتشكيل حكومة وحدة وطنية في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، مضيفاً: "تم الاتفاق على تشكيل حكومة متوافق عليها فلسطينياً، وستكون حكومة انتقالية وحكومة تكنوقراط تتولى مسؤولية إعادة إعمار غزة في مرحلة ما بعد الحرب".

مقترحات مصر

في مقابل ذلك، أكدت مصر، السبت، رفضها أي تدخل في الشأن الفلسطيني، مشيرة إلى أنها قدمت "إطاراً لمقترح" بشأن وقف الحرب في غزة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، و"لم تطرح مبادرة بعد"، إلا أنها لم تتلق أي رد حتى الآن.

وشدد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، على أن "ما تم تداوله خلال الفترة الأخيرة غير صحيح، وكل ما يتعلق بموضوع القضية الفلسطينية، هو خاص بالشأن الفلسطيني فقط، ولا أحد يستطيع التدخل فيه، وما تردد بأنه سيتم تشكيل حكومة فلسطينية، بتدخل من أطراف خارجية غير الفلسطينيين غير صحيح".

وأوضح رشوان، أن مصر طرحت مقترحاً يتضمن ثلاث مراحل، تنص على هدن قابلة للتمديد والإفراج التدريجي عن عشرات الأسرى الذين تحتجزهم حركة "حماس"، في مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التوصل لوقف الأعمال القتالية التي اندلعت في السابع من أكتوبر الماضي.

وأفاد رشوان، بأنه وفقاً لهذه الرؤية تُعلن هدنة إنسانية لمدة 10 أيام، تفرج خلالها حركة "حماس" عن جميع الرهائن المحتجزين لديها من نساء وأطفال ومرضى مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يُتَفق عليه من الأسرى الفلسطينيين لديها.

تصنيفات

قصص قد تهمك