إسرائيل تقتطع 140 مليون دولار شهرياً من موازنة حكومة فلسطين.. و1.8 مليار دولار خسائر

حرب غزة.. ركود وبطالة وبيع بلا أرباح في الضفة الغربية

فلسطينيون يسيرون داخل "سوق الميلاد" في بيت لحم بالضفة الغربية. 2 ديسمبر 2021 - Reuters
فلسطينيون يسيرون داخل "سوق الميلاد" في بيت لحم بالضفة الغربية. 2 ديسمبر 2021 - Reuters
رام الله -محمد دراغمة

تعرض الكثير من المحال التجارية في الضفة الغربية بضاعتها بأسعار التكلفة، ومنها معارض السيارات، والكثير من محال الملابس التي استوردت كميات كبيرة من الملابس الشتوية قبل حرب غزة، ولم تتمكن من تسويقها بعد اندلاع الحرب، وما رافقها من أزمة اقتصادية تزداد حدتها يوماً وراء يوم.

بدأت إسرائيل حربها المدمرة على قطاع غزة في 7 أكتوبر، وتزامنت هجماتها مع قيود اقتصادية واسعة على كل قطاع غزة والضفة الغربية على السواء، ما ترك آثاراً سلبية كبيرة على الاقتصاد الفلسطيني يمكن لمسها في مختلف مظاهر النشاط الاقتصادي.

في الضفة الغربية، أغلقت السلطات الإسرائيلية الطرق الرئيسية بين المدن، وفرضت قيوداً شديدة على حركة الأفراد والسلع. وألغت تصاريح المرور لأكثر من 150 ألف عامل، ما حال دون وصولهم إلى أماكن عملهم في إسرائيل، ودفعهم إلى البطالة. وفعلت الشيء ذاته مع آلاف التجار ورجال الأعمال.  

وقررت الحكومة الإسرائيلية اقتطاع 140 مليون دولار شهرياً من الإيرادات الجمركية للحكومة الفلسطينية، هي قيمة ما تحوله الحكومة شهرياً إلى قطاع غزة لصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين، ونفقات تشغيلية لمؤسسات صحية وتعليمية واجتماعية تحت ذريعة فرض عقوبات شديدة على القطاع باعتباره "كياناً معادياً" وفق تعبيرها. 

برتوكول باريس

وينص بروتوكول باريس، وهو الملحق الاقتصادي لاتفاق أوسلو بين الفلسطينيين وإسرائيل، على أن تجمع تل أبيب الإيرادات الجمركية عن السلع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية، بسبب سيطرتها على المعابر الخارجية والموانئ، وتحويل الإيرادات في نهاية كل شهر إلى الحكومة الفلسطينية، بعد اقتطاع مصاريف إدارية تعادل 3% من قيمتها.

وتشكل هذه الإيرادات بين 65% إلى 70% من موازنة الحكومة الفلسطينية.

وأدى اقتطاع إسرائيل هذه المبالغ إلى عجز الحكومة الفلسطينية عن دفع رواتب الموظفين وتمويل النفقات التشغيلية للمؤسسات الحكومية الصحية والتعليمية وغيرها.

وأدت الإجراءات الإسرائيلية مجتمعة، إلى ركود وأزمة اقتصادية ارتفعت معها معدلات البطالة، وتراجعت مستويات الإنتاج.

تراجع النمو والأداء

وأفاد تقرير حديث لوزارة الاقتصاد الفلسطينية، بأن 85% من المنشآت الاقتصادية في الضفة الغربية، شهدت تراجعاً في الأداء منذ اندلاع الحرب، وتراجع أداء نصفها بنسبة كبيرة زادت عن 50%.

وتقدر خسائر الاقتصادي الفلسطيني خلال الشهور الثلاثة الماضية، بـ1.8 مليار دولار، وهي نسبة يقول الخبراء إنها كبيرة على اقتصاد صغير مثل الاقتصاد الفلسطيني الذي لا تتجاوز قيمة إنتاجه 16 مليار دولار سنوياً.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم، إن "الإنتاج المحلي تراجع بنسبة 6% جراء هذه الإجراءات".

وأضاف لـ"الشرق": "كان من المتوقع حدوث نمو بنسبة 3% مع نهاية العام الجاري، لكنه تراجع بنسبة 6% ما يعني أن التراجع الحقيقي يبلغ 9%".

معدلات غير مسبوقة للبطالة

وأظهرت الإحصاءات الرسمية، أن البطالة في الضفة الغربية ارتفعت أثناء الحرب من 13% إلى 20%، فيما وصلت في قطاع غزة إلى 75% وهو مستوى غير مسبوق في القطاع.

وقال الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، إن قيمة الدخل الذي حققه العمال الفلسطينيون في إسرائيل بلغت أكثر من مليار شيكل شهرياً (أكثر من 250 مليون دولار)، قبل الحرب، وهو ما توقف بسبب عدم تلقي الموظفين في الحكومة رواتبهم، ما أصاب الاقتصاد الفلسطيني بركود واسع.

اقتراض لصرف الرواتب

وحصلت الحكومة الفلسطينية، أخيراً على قرض تجميعي من مختلف البنوك العاملة في فلسطين بقيمة 400 مليون دولار لتتمكن من دفع 65% من رواتب الموظفين لهذا الشهر، وتوفير جزء من النفقات التشغيلية، ومستحقات مزودي الخدمة من القطاع الخاص.

والشهر الماضي، دفعت الحكومة 25% من الرواتب من خلال قرض بنكي مماثل بفائدة 3%، ما يرتب عليها أعباء مالية إضافية ناجمة عن الإجراءات الإسرائيلية العقابية.

وطالبت الإدارة الأميركية، حكومة إسرائيل، منذ الشهر الأول للحرب، بدفع المستحقات المالية المحتجزة للسلطة الفلسطينية، محذرة من إلحاق أضرار كبيرة بمكانة السلطة ودورها السياسي وقدرتها على إدارة قطاع غزة بعد الحرب، لكن الحكومة رفضت الاستجابة لهذه المطالب المتكررة، كما رفضت فكرة عودة السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة متهمة إياها بالعداء لإسرائيل، شأنها في ذلك شأن حركة "حماس".

وأعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، هذا الأسبوع، أنه لن يسمح بتحويل الأموال المقتطعة إلى السلطة الفلسطينية التي وصفها بـ "النازية" مهما بلغت شدة المطالب أو الضغوط الأميركية.

وأضاف: "ما دمت وزيراً في هذه الحكومة، فإنني لن أحول هذه الأموال لهذه السلطة النازية".

تجاوز حدود الاقتراض

خبراء اقتصاديون، اعتبروا أن السلطة الفلسطينية استنفذت أدواتها للحصول على المال ودفع رواتب الموظفين والنفقات التشغيلية في الشهور المقبلة، ما لم تتوقف إسرائيل عن احتجاز إيرادات الجمارك.

وقال الدكتور نصر عبد الكريم، إن الحكومة الفلسطينية لن تستطيع اللجوء إلى الاقتراض مجدداً؛ لأنها تجاوزت الحد المسموح به للاقتراض من البنوك العاملة في فلسطين، ولا توجد أية جهة تستطيع تقديم منح ومساعدات كافية". 

وأضاف: "الحكومة لن تكون قادرة على العمل في الشهور المقبلة، ما لم تفرج إسرائيل عن الأموال المحتجزة، وتتوقف عن احتجازها".

 وتابع عبد الكريم: "ما لم يحدث ضغط أميركي فعال على الحكومة الإسرائيلية لدفع الأموال المحتجزة، فإن الحكومة الفلسطينية لن تكون قادرة على العمل في الفترة المقبلة، وستزداد الأزمة الاقتصادية".

تصنيفات

قصص قد تهمك