قالت رئيسة تايوان، تساي إينج ون، الاثنين، إن العلاقات مع الصين "يجب أن تقررها إرادة الشعب"، وإن "السلام ينبغي أن يرتكز على الكرامة"، وذلك بعد أن قال الرئيس الصيني شي جين بينج إن "إعادة التوحيد" مع تايوان "أمر حتمي".
وتكثف الصين ضغوطها العسكرية لتأكيد مطالبتها بالسيادة على تايوان الخاضعة لحكم ديمقراطي، والتي ستُجري انتخابات رئاسية وبرلمانية في 13 يناير الجاري.
وجاءت تعليقات شي في خطاب ألقاه عشية العام الجديد، وكانت أقوى من تصريحاته في العام السابق، عندما اكتفى بالقول إن الشعبين على جانبي المضيق هم "أفراد من نفس العائلة".
وحضت رئيسة تايوان بكين على المساعدة على الحفاظ على السلام في المنطقة في خطاب في المكتب الرئاسي في تايبيه بمناسبة العام الجديد، قبل أسبوعين من انتخابات تشهد تنافساً شديداً، هيمن عليها الجدل بشأن علاقات الجزيرة مع الصين.
"إرادة الشعب"
ورداً على سؤال عن خطاب الرئيس الصيني، قالت رئيسة تايوان، إن "الديمقراطية هي المبدأ الأهم فيما يتعلّق بالمسار الذي يجب اتباعه في العلاقات مع الصين".
وأضافت: "هذا يشمل الإرادة المشتركة لشعب تايوان لاتخاذ قرار. وفي نهاية الأمر نحن دولة ديمقراطية".
وشددت رئيسة تايوان، على أنه يتعين على الصين احترام نتيجة الانتخابات التي ستُجرى في تايوان، مشيرة إلى أن مسؤولية الحفاظ على السلام والاستقرار في المضيق تقع على عاتق الجانبين.
وتابعت: "نأمل أن يتمكن جانبا مضيق تايوان من العودة إلى إجراء تبادل للآراء بشكل صحي وبناء. لن نُستفز أو نستسلم، لكننا سنكسب ثقة المجتمع الدولي، ونعمق تعاوننا مع الشركاء الديمقراطيين، حتى نتمكن من مواجهة العالم والصين بثقة وهدوء"، وفق ما أوردت "بلومبرغ".
وروّجت رئيسة تايوان لسياساتها خلال ثماني سنوات في المنصب، ويشمل ذلك جذب الاستثمار الأجنبي، وتقليل الاعتماد على التجارة من الصين، وتعزيز الدفاع الوطني.
وفي حديثها إلى جانب نائبها لاي تشينج تي، المرشح الأبرز للرئاسة، قالت إن التواصل مع الصين أمر مهم ولكن سيكون "ثمناً باهظاً للغاية لاستبدال سيادتنا بهذا التواصل".
وأردفت: "نرحب بالعلاقات الصحية والمستمرة عبر مضيق تايوان، لكن التجارة والتبادل الاقتصادي لا يمكن أن يصبحا أداة سياسية، ولا يمكن أن تصبح فرص العمل تهديداً سياسياً. يجب ألا نعود إلى طريق الاعتماد على الصين".
منافسات انتخابية شرسة
وتصف الصين الانتخابات في تايوان، بأنها خيار بين "الحرب والسلام"، ورفضت عروضاً متعددة من تساي إينج ون، لإجراء محادثات قائلة إنها "انفصالية".
وقالت حكومة تايوان مراراً، إن الصين تحاول "التدخل في الانتخابات" سواء باستخدام أخبار كاذبة، أو بالضغط العسكري أو التجاري. وعبرت رئيسة تايوان عن أملها في انتباه الناس في تايوان لهذا الأمر.
"بلومبرغ" أشارت إلى أن الانتخابات الرئاسية ستساعد أيضاً في تشكيل مسار العلاقات الأميركية الصينية لسنوات، إذ يسعى الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم إلى تعزيز علاقات تايبيه مع واشنطن، في حين أن حزب "كومينتانج" أكبر أحزاب المعارضة هو الشريك المفضل لبكين في التفاوض.
وتبادل المرشحون للرئاسة الانتقادات اللاذعة بشأن مسألة الصين في مناظرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكن الثلاثة قالوا إنهم يرحبون بالحوار المباشر مع بكين.
وتعترض الصين بشكل خاص على نائب رئيسة تايوان، لاي تشينج تي، الذي يتقدم في استطلاعات الرأي بنسب متفاوتة، قائلة إنه "انفصالي خطير".
كما أثار ترشح لاي مخاوف الولايات المتحدة من تصاعد التوتر مع الصين، نظراً لمواقفه المتشددة بشأن الاستقلال عن بكين، لكن تقارير قالت إن المرشح الرئاسي الأبرز في البلاد، يحاول أن يكون المرشح القادر على تحقيق الاستمرارية، وخفض حدة التوتر مع الصين.
ويقول الحزب الديمقراطي التقدمي، وحزب "كومينتانج"، أكبر أحزاب المعارضة، إن شعب الجزيرة وحده هو الذي يستطيع أن يقرر مستقبله.
ولا يمكن لتساي إينج ون، أن تترشح مرة أخرى بعد فترتين في السلطة. ومن المقرر أن تتنحى في مايو عندما يؤدي الرئيس الجديد اليمين.
توتر مع واشنطن
وأثار خطر نشوب صراع عسكري بشأن تايوان مخاوف بين أصحاب المصالح في المنطقة، بحسب "بلومبرغ".
وفي خطاب متلفز بُثّ مساء الأحد، قال شي إن "توحيد الوطن الأم بأكمله حتمية تاريخية"، مضيفاً أن "كل المواطنين أبناء الوطن الواحد على جانبي مضيق تايوان يجب أن يجمعهم شعور واحد، ويتملكهم شعور الفخر بتجديد شباب الأمة الصينية".
ويأتي خطاب الرئيس الصيني في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية بين الصين والغرب، إذ تشعر الولايات المتحدة وحلفاؤها بالقلق إزاء ما يصفونه بـ"عدوانية الصين" في المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وزيادة النشاط العسكري حول تايوان، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
وكان الرئيس الصيني شي جين بينج، أبلغ نظيره الأميركي جو بايدن خلال اجتماعهما في نوفمبر في سان فرانسيسكو، بأن بلاده لن تخوض حرباً مع أي طرف، لكن تايوان تظل المسألة "الأكثر حساسية" في علاقتهما. وقال بايدن مراراً إن الولايات المتحدة ستأتي لمساعدة الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي إذا تعرضت للهجوم.
تاريخ الأزمة
وتتمتع تايوان بالحكم الذاتي، منذ انفصلت عن الصين في خضم الحرب الأهلية في عام 1949.
وتأسست رموز تايوان الوطنية ومؤسسات الدولة في البر الرئيسي للصين، بعد الإطاحة بأسرة، مانشو تشينج، في عام 1911.
ونقل الحزب القومي الصيني بقيادة، تشيانج كاي شيك، الحكومة إلى تايوان في عام 1949، بعد استيلاء الحزب الشيوعي على البر الرئيسي للصين بقيادة، ماو تسي تونج، بعد حرب أهلية دموية استمرت سنوات.
والآن يواصل القوميون في المعارضة التايوانية، حزب كومينتانج، دعم هدف الصين المتمثل في التوحيد النهائي بين الجانبين. وقاطع الرئيس السابق لتايوان وزعيم حزب كومينتانج، ما يينج جيو، وغيره من السياسيين القوميين احتفالات وطنية في العام الجاري 2023، لأن الحكومة استخدمت مصطلح "تايوان" بدلاً من الاسم الرسمي لـ"جمهورية الصين" في الإشارات الإنجليزية إلى المناسبة.
وقطعت الصين معظم الاتصالات مع حكومة رئيسة تايوان الحالية، تساي إينج ون، بعد فترة وجيزة من توليها منصبها في عام 2016.