القاهرة تحذر من أي عمل عسكري بالشريط الحدودي.. وتل أبيب: قرار لم يُتخذ بعد

"محور فيلادلفيا".. خطط إسرائيل "المعقدة" تخاطر بـ"انتهاك محتمل" لاتفاق السلام مع مصر

ناقلة جنود مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي أثناء دورية أخيرة قبل الانسحاب من (محور فيلادلفيا) على الحدود المصرية جنوب قطاع غزة. 11 سبتمبر 2005 - REUTERS
ناقلة جنود مدرعة تابعة للجيش الإسرائيلي أثناء دورية أخيرة قبل الانسحاب من (محور فيلادلفيا) على الحدود المصرية جنوب قطاع غزة. 11 سبتمبر 2005 - REUTERS
دبي -الشرق

تخطط إسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية "معقدة"، لاستعادة السيطرة على الشريط الحدودي الاستراتيجي بين مصر وقطاع غزة "محور فلادلفيا"، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، والتي وصفت العملية بأنها "محفوفة بالمخاطر"، فيما حذّرت القاهرة، تل أبيب، من أي عمليات في المنطقة، وأبلغت واشنطن بالرسالة ذاتها.

وأشارت الصحيفة الأميركية، السبت، إلى أنه منذ انسحابها من قطاع غزة قبل ما يقرب من عقدين، سيطرت إسرائيل على جميع حدود القطاع الفلسطيني باستثناء المنطقة الحدودية المعروفة باسم "محور فيلادلفيا" (طريق صلاح الدين)، على الحدود الجنوبية مع مصر، والذي يخضع التعامل معه إلى اتفاق السلام الموقع بين القاهرة وتل أبيب في عام 1979، وسط "قلق مصري" من أن العملية الإسرائيلية المحتملة "يمكن أن تنتهك شروط معاهدة السلام".

ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين، ومسؤولين مصريين قولهم، إن "مسؤولين إسرائيليين أبلغوا مصر بأنهم يخططون لعملية عسكرية على امتداد جانب غزة من الحدود".

وأوضح المسؤولون، أن "العملية من المحتمل أن تتضمن إبعاد مسؤولين فلسطينيين من نقطة عبور رئيسية، وتمركز قوات إسرائيلية على امتداد شريط من الأرض من الزاوية الجنوبية الشرقية لغزة متاخمة لكل من إسرائيل ومصر باتجاه البحر المتوسط على بعد نحو 8 أميال (12.87 كيلومتر) إلى الشمال الغربي".

ويقول قادة إسرائيليون، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إنه يجب على إسرائيل أن تسيطر على المنطقة الحدودية، لمنع حركة "حماس" من تهريب الأسلحة إلى القطاع.

"قرار لم يتخذ بعد"

وقال نتنياهو، السبت، إن إسرائيل لم تتخذ قراراً بعد بشأن السيطرة العسكرية على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، والمعروف باسم "محور فيلادلفيا" (طريق صلاح الدين)، لـ"منع تدفق الأسلحة إلى غزة"، فيما ردت الخارجية المصرية قائلة، إن "مصر تضبط وتسيطر على حدودها بشكل كامل"، وأن تلك المسائل "تخضع لاتفاقيات قانونية وأمنية بين الدول المعنية".

وذكرت مصادر مصرية لـ"الشرق"، أن القاهرة حذرت إسرائيل من القيام بأي عمليات في المنطقة، وأنها نقلت التحذيرات للجانب الأميركي كذلك.

ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي في تل أبيب، بشأن السيطرة العسكرية المحتملة على الشريط الحدودي، قال نتنياهو "هناك إمكانية لذلك، ولكن إسرائيل لم تتخذ قراراً بعد".

وتابع: "لن ننهي الحرب في المنطقة الجنوبية، دون أن نغلق الثغرة التي تدخل منها الأسلحة (إلى غزة)، سنعمل من أجل أن ننزع السلاح عن غزة، من خلال إغلاق هذه الثغرة الجنوبية، نحن نفحص إمكانية إغلاقها، ولكننا لم نتخذ قراراً بهذا الشأن بعد".

وفي 31 ديسمبر الماضي، قال نتنياهو، إنه يتعين أن تسيطر إسرائيل بشكل كامل على محور فيلادلفيا لضمان "نزع السلاح" في المنطقة، وأضاف: "محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدّق نقطة التوقف الجنوبية (في غزة)، يجب أن يكون تحت سيطرتنا. يجب إغلاقه. من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".

وتشترك مصر في حدود يبلغ طولها 13 كيلومتراً مع غزة، وهي الحدود الوحيدة للقطاع التي لا تسيطر عليها إسرائيل مباشرة.

وقال الناطق باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، في تصريحات تلفزيونية، السبت، رداً على تصريحات نتنياهو، إن مصر تضبط وتسيطر على حدودها بشكل كامل، وأن تلك المسائل "تخضع لاتفاقيات قانونية وأمنية بين الدول المعنية"، وشدد على أن أي حديث في هذا الشأن يخضع للتدقيق، ويتم الرد عليه بمواقف معلنة.

وقالت مصادر مصرية لـ"الشرق"، السبت، إن القاهرة حذرت الجانب الإسرائيلي من القيام بأي عمليات عسكرية على محوّر فيلادلفيا.

وذكرت المصادر أن مصر ترفض القيام بأي عمليات عسكرية على محور فيلادلفيا، وأنها لم تنسق مع الجانب الإسرائيلي بهذا الخصوص.

وأشارت المصادر، إلى أن القاهرة نقلت تحذيرها أيضاً للجانب الأميركي بخصوص تلك النقطة.

"ضربة استراتيجية"

وبالنسبة لإسرائيل، فإن استعادة المنطقة الحدودية ستشكل "ضربة استراتيجية" لحركة "حماس"، وهذا سيسمح لإسرائيل بإغلاق أنفاق الحركة في المنطقة، والحد من تدفق الأسلحة، ومنع مقاتليها من الهروب من قطاع غزة، وإنهاء أي سيطرة للحركة على نقطة العبور، بحسب "وول ستريت جورنال".
 
وبالنسبة للفلسطينيين، سيكون ذلك بمثابة "تقويض أحد رموز السيادة الفلسطينية"، كما يمكن أن يفتح الباب أمام إسرائيل للاحتفاظ بالسيطرة على الحدود لمدة أطول بعد الحرب، ما يغير الترتيب الأمني مع غزة الذي كان قائماً منذ ما يقرب من عقدين.
 
ووفقاً للصحيفة، تشعر مصر بالقلق، لأن العملية الإسرائيلية يمكن أن "تنتهك شروط معاهدة السلام الموقعة بين البلدين عام 1979"، التي تفرض قيوداً على عدد القوات التي يمكن لكلا البلدين نشرها بالقرب من الحدود في المنطقة. 

كما أن أي عملية عسكرية إسرائيلية، تهدد بإلحاق أضرار بطريق الخطأ داخل الأراضي المصرية، فيما يقول مسؤولون إسرائيليون، إنهم "يعملون على معالجة هذه المخاوف من خلال تنسيق خططهم للتوغل في جانب غزة مع مصر".
 
وفي الأيام الأخيرة، رفضت مصر اقتراحاً إسرائيلياً يتضمن تمركز أفراد أمن إسرائيليين على الجانب المصري من الحدود للقيام بدوريات مشتركة مع مصر، قائلة إن ذلك ينتهك السيادة المصرية. 

وقال مسؤولون مصريون إن مصر أبلغت إسرائيل بأنها تعزز الحواجز على جانبها من الحدود، وتنشئ المزيد من أبراج المراقبة، وثبت كاميرات مراقبة، لكنها لن تشارك بيانات المراقبة مع إسرائيل.

اقرأ أيضاً

مصادر: مصر ترفض طلباً إسرائيلياً بـ"رقابة مشتركة" على محور فيلادلفيا

قالت 3 مصادر أمنية مصرية إن القاهرة رفضت مقترحاً إسرائيلياً لتعزيز الإشراف الإسرائيلي على المنطقة العازلة على الحدود بين مصر وغزة، المعروفة بمحور فيلادلفيا.

 
ووفقاً للصحيفة، لم يعط القادة الإسرائيليون الضوء الأخضر النهائي لتنفيذ عملية على امتداد الحدود، وسيعتمد توقيت أي عملية على المفاوضات مع الحكومة المصرية، التي تحاول التوسط من أجل التوصل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم "حماس"، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ووقف إطلاق النار في غزة.

عملية عسكرية معقدة

ورجحت "وول ستريت جورنال"، أن شن هجوم في المنطقة سيكون "معقداً" من الناحية العسكرية؛ بسبب وجود أكثر من مليون مدني فلسطيني، فروا من بقية القطاع، وتمركزوا في المنطقة، يتجمع معظمهم في مدينة رفح المتاخمة للحدود، أو يخيمون في مناطق على طول الحدود.

وحتى القيام بعملية عسكرية محدودة لاحتلال مساحة من الأرض يبلغ عرضها بضع مئات من الياردات، سيتطلب من القوات الإسرائيلية التوغل عبر مدينة رفح، التي تمتد على الحدود، والمناطق التي يتجمع فيها النازحون في مخيمات، فيما يخشى محللون أمنيون من أن تؤدي مثل هذه العملية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، السبت، ارتفاع عدد ضحايا حرب إسرائيل على القطاع إلى 23 ألفاً و843 شخصاً، وإصابة 60 ألفاً و317 آخرين منذ 7 أكتوبر الماضي.

ونقلت الصحيفة عن الرئيس السابق لقسم شؤون الفلسطينيين في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مايكل ميلشتين، قوله: "لا توجد فرصة لأن نسمح لهذا المعبر بالعمل كما كان من قبل".

وأضاف ميلشتين: "لكن الحقيقة إنه وضع معقد للغاية، وبشكل أكبر مما هو عليه في المواقع في شمال ووسط غزة، حيث تعمل القوات البرية الإسرائيلية حتى الآن".

ورداً على أسئلة بشأن الخطة، قال متحدث عسكري إسرائيلي، إن الجيش "سيضرب حماس حيثما كان ذلك ضرورياً"، لكنه امتنع عن التعليق أكثر على التخطيط العملياتي. 

وأشار مسؤولون عسكريون إسرائيليون، إلى أنهم "سيتجنبون القيام بعملية تطهير واسعة النطاق في رفح مثل تلك التي نفذوها في شمال غزة".

مستقبل غزة

وفيما يتعلق باستعدادات "اليوم التالي" للحرب على غزة، نقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع، قوله: "إسرائيل لا تريد أن تكون مسؤولة عن غزة على المدى الطويل، ولكن السؤال هو كيف يمكن التأكد من بقاء غزة منزوعة السلاح؟". 

وأضاف المسؤول: "إنها معضلة حقيقية. الطريقة الوحيدة للسيطرة على منطقة جغرافية ما هي التحكم بما يدخل إليها ويخرج منها".

وتابع: "في الوقت الراهن، على المدى القريب، في العقود القليلة المقبلة، تحتاج إسرائيل إلى السيطرة على الحدود بسبب المسائل الأمنية".

وذكرت الصحيفة أنه عندما سحبت إسرائيل جنودها ومستوطنيها من قطاع غزة في عام 2005، احتفظت بسيطرتها على المجال الجوي لقطاع غزة، والمياه الإقليمية، ومعظم المعابر الحدودية باستثناء معبر رفح. 

وتخلت عن السيطرة على هذا المعبر الحدودي لصالح مصر والسلطة الفلسطينية وبعثة مراقبة تابعة للاتحاد الأوروبي. وغادر مراقبو الاتحاد الأوروبي، عندما سيطرت "حماس" على غزة في عام 2007، رغم أن إسرائيل "احتفظت ببعض السيطرة على المعبر الحدودي من خلال الحفاظ على التعاون الأمني الوثيق مع مصر".

ويقول بعض المحللين والمسؤولين الإسرائيليين، إن إنهاء السيطرة الفلسطينية على معبر رفح الحدودي جزء أساسي من رؤية إسرائيل لمستقبل غزة، التي بموجبها سيحل "كيان فلسطيني غير مسلح" بصلاحيات محدودة، محل "حماس" ويتولى مسؤولية الشؤون المدنية في القطاع.

وتدعو خطة عسكرية إسرائيلية تدرسها الحكومة، إلى تشكيل سلطات حاكمة محلية لزعماء عشائر وعائلات فلسطينية، بحسب مسؤولين إسرائيليين. ويتصور بعض المسؤولين الإسرائيليين، انتقال قوة أمنية إقليمية أو دولية في نهاية المطاف إلى غزة، لكن لم تلتزم أي دولة بتوفير قوات لمثل هذه القوة.

ويدعو اقتراح أميركي، يواجه معارضة في الحكومة الإسرائيلية، إلى سيطرة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على السلطة. وتدعو خطة مصرية إلى تشكيل حكومة فلسطينية جديدة تضم "حماس"، وهي خطوة تقول إسرائيل أيضاً إنها "لن تقبلها".

تصنيفات

قصص قد تهمك