وسط مخاوف من "صراع شامل".. جهود أميركية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"

جنود إسرائيليون يقفون بجانب وحدة مدفعية متنقلة قرب الحدود اللبنانية شمال إسرائيل. 15 يناير 2024 - REUTERS
جنود إسرائيليون يقفون بجانب وحدة مدفعية متنقلة قرب الحدود اللبنانية شمال إسرائيل. 15 يناير 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

يقترب القتال بين إٍسرائيل و"حزب الله" اللبناني من التحوّل إلى "صراع شامل"، ما دفع السكان على جانبي الحدود إلى الفرار، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، بينما يعمل دبلوماسيون أميركيون على الوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين.

وأشارت الصحيفة الأميركية، الثلاثاء، إلى أن "حرباً غير مُعلنة" تشتعل على طول التل الذي يفصل بين إسرائيل ولبنان، وأن حجم القوات المشاركة فيها مماثل لتلك التي في حرب غزة. ووصفت القتال بأنه "معركة ساكنة إلى حد كبير" تُستخدم فيها قذائف، ومدفعية، وغارات جوية، وعمليات تسلل خفي.

وقالت الصحيفة، إن القتال اشتد هذا الشهر، على الرغم من أن "حزب الله" لم يستخدم أسلحته طويلة المدى بعد، وعدم إصدار إسرائيل أوامر بتحريك دباباتها، ولا أحد يعرف إلى متى يمكن أن تستمر المعركة الحدودية قبل أن تتحول إلى حرب عنيفة.

ونقلت عن المقدم في الجيش الإٍسرائيلي دوتان رازيلي،  قوله: "ليس لدينا حتى الآن وصف له"، مُشيراً إلى الصراع عبر الحدود، مُضيفاً أن السكان في جميع أنحاء شمال إسرائيل وجنوب لبنان بدأوا يصفونها بـ"الحرب".

ويسعى دبلوماسيون أميركيون، دون جدوى حتى الآن، إلى التوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار ينطوي على سحب "حزب الله" مقاتليه من على الحدود مع إسرائيل. وتعهدت الحركة المُسلحة بمواصلة إطلاق الصواريخ على إسرائيل ما دامت القوات الإسرائيلية تقاتل في قطاع غزة، حسبما ذكرت الصحيفة.

وقالت "وول ستريت جورنال"، إن واشنطن حثت إٍسرائيل على عدم شن هجوم بري على جنوب لبنان، الخطوة التي من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد خطير للحرب في الشرق الأوسط.

تجنب الحرب الشاملة

ورجحت الصحيفة أن "حزب الله"، الذي "تفاجأ بالأحداث" التي وقعت منذ 7 أكتوبر الماضي، يسعى إلى تجنب الدخول في "حرب شاملة"، من خلال شن هجماته على بلدات وقواعد العسكرية في شمال إسرائيل فقط. لكن إسرائيل تقول إنها لن يكون أمامها خيار سوى إبعاد "حزب الله" عن حدودها، ما لم تتحقق انفراجة دبلوماسية غير متوقعة.

ويقول إسرائيليون من مزارعي التفاح إلى قادة بالجيش، إن الوضع في الشمال لا يُحتمل. وتخشى إسرائيل خسارة جزء كبير من المساحة الصالحة للعيش التي اكتسبتها بشق الأنفس، فيما حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي في الأيام الأخيرة من أن "الوقت ينفد".

وأجلت إسرائيل معظم المدنيين من المنطقة الحدودية. وقال جيورا زالتس، رئيس المجلس الإقليمي في منطقة الجليل الأعلى (شمال)، إن عدد النازحين الحالي بلغ نحو 120 ألف شخص، مضيفاً: "اقتصاد المنطقة توقف". 

ووفقاً للصحيفة، تحولت مستوطنة "حنيتا" وغيرها من المستوطنات في شمال إسرائيل إلى قرى خاوية. وقال سكانها إنهم لن يعودوا إلى منازلهم ما دام مقاتلو "حزب الله" متمركزين بالقرب من السياج الحدودي، ويشمل ذلك قوة الرضوان التابعة لـ"حزب الله" التي حاولت مراراً عبور الحدود في مجموعات صغيرة منذ أكتوبر الماضي.

"وول ستريت جورنال" أوضحت أن الصدمة الناجمة عن هجوم 7 أكتوبر، "حطمت شعور الإسرائيليين بالأمن"، وجعلتهم يشعرون بالخوف من أن يشن "حزب الله" هجوماً مماثلاً، لافتة إلى أن قوات "حزب الله" مسلحة ومدربة بشكل أفضل من حركة "حماس".

مخاوف من التصعيد

ولفتت الصحيفة إلى أن مقاتلي "حزب الله" يطلقون الصواريخ وقذائف الهاون من أماكن خفية في غابات الصنوبر على عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين المتمركزين في مواقع دفاعية في الغابات شمال البلاد.

وأوضحت الصحيفة أن مقاتلي "حزب الله" يطلقون صواريخ موجهة بأشعة الليزر، روسية من طراز "كورنيت"، والتي يصل مداها إلى ستة أميال ومُصممة لاختراق دروع الدبابات الأكثر سمكاً، لكنها تُستخدم ضد أهداف عسكرية ومدنية، بما في ذلك المركبات والمنازل. وفي المقابل، يرد الإسرائيليون بالمدفعية باستخدام دبابات "ميركافا" والغارات الجوية.

في هذا الصدد، قال المقدم في الجيش الإٍسرائيلي رازيلي: "في الغالب نحن قوة هجومية، ونأخذ زمام المبادرة. الدفاع لمدة 100 يوم أمر صعب للغاية". 

وأشار إلى أن القتال على التلال أثناء هطول الأمطار في الشتاء يربك العديد من الجنود، وأنه حتى "الأشخاص ذوي الخبرة يضطرون إلى إعادة تدريب آذانهم لمعرفة مدى قرب، أو بعد الأصوات".

"وول ستريت جورنال" حذّرت من أن غزو إسرائيل للبنان مجدداً، من شأنه أن يحدث دماراً هائلاً في كلا البلدين، وأن "حزب الله" بنى في السنوات الأخيرة ترسانة تضم 150 ألف صاروخ بمساعدة إيران وسوريا.

وأضافت الصحيفة، أن هذه الصواريخ قادرة على الوصول إلى أي مدينة في إسرائيل وميناء إيلات في البحر الأحمر، بينما تمتلك إسرائيل أحد أفضل شبكات الدفاع الصاروخي في العالم، لكن الحجم الهائل لمخزون "حزب الله" يمكن أن يتغلب عليها.

في تعليق على الأمر، قال إيال حولاتا، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، للصحيفة: "إذا أطلقوا كل ما لديهم، رغم جودة أنظمتنا الدفاعية، سيقع الكثير من الضحايا".

وكانت المرة الأخيرة التي تغزو فيها إسرائيل لبنان في عام 2006، عندما اختطف مقاتلو  "حزب الله"، جنديين إسرائيليين. وأودى القصف الإسرائيلي آنذاك بحياة نحو ألف مدني لبناني، ودمر البنية التحتية المدنية، بما في ذلك مطار بيروت، لكنه ألحق أضراراً محدودة بـ"حزب الله".

تصنيفات

قصص قد تهمك