قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الاثنين، إن السلطة الفلسطينية قادرة بدعم المجتمع الدولي، على السيطرة على جميع الأراضي الفلسطينية، في إشارة إلى اليوم التالي لانتهاء حرب غزة، لكنه أشار إلى أن ذلك يحتاج إلى "طريق حقيقي" لإقامة دولة فلسطينية.
وشدد في مقابلة مع قناة "فرانس 24" على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، على أن احتمالية تنفيذ عمليات إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة "أمر غير مقبول تماماً"، واعتبر أن إيران "لا تريد حرباً أوسع نطاقاً في المنطقة".
وأضاف الأمير فيصل بن فرحان: "لدينا كارثة إنسانية بين أيدينا مع ما حدث في غزة.. هناك مستوى وفيات من المدنيين ودمار لا يمكن تصوره، 17 ألف يتيم و30 ألف ضحية أو أكثر، والأهم من ذلك مستويات الجوع والاحتياجات الإنسانية الأخرى، بسبب عدم وصول المساعدات، ما يضاعف هذه الكارثة الإنسانية".
وأضاف: "منذ البداية قلنا إننا بحاجة إلى وقف إطلاق النار ونحن بحاجة إلى ذلك الآن أكثر من أي وقت مضى.. ويجب علينا معالجة مسألة دخول المساعدات الإنسانية".
وأشار إلى أنه "من غير المقبول أن تدخل أقل من 100 شاحنة يومياً إلى غزة.. خاصة أن الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى قالت إن هناك حاجة إلى 500 شاحنة على الأقل، ورغم أن إسرائيل أعلنت التزمها بذلك مراراً، إلا أن ذلك لم يتحقق، ما يضاعف من المأساة الرهيبة ومستوى معاناة المدنيين، وهذا انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي".
وشدد الأمير فيصل بن فرحان على "أهمية فتح المجال لوصول هذه المساعدات الإنسانية، ومنع أي معاناة أخرى لشعب غزة من أجل الحفاظ على مصداقية النظام الدولي".
وأكد أن احتمالية تنفيذ عمليات عسكرية في رفح، والتي وصفها بـ"آخر ملاذ آمن" للفلسطينيين، "أمر غير مقبول تماماً".
وأوضح وزير الخارجية السعودي أن "الحل الضروري الذي يجب أن نتحدث عنه، هو كيف نحمي المدنيين في غزة؟ وهذا في أيدي المجتمع الدولي، وإسرائيل وأيدينا جميعاً، من خلال السماح والضغط لوصول المساعدات الإنسانية ووقف القتال".
وذكر أن "الإدارة الأميركية لديها رأيها.. وأعتقد أنهم يفهمون خطورة الوضع.. وبالتأكيد أعتقد أنها البلد الذي لديه القدرة على فهم الوضع أكثر من غيره، ومن الواضح تماماً مستوى المعاناة الإنسانية (في غزة)".
وأضاف: "نأمل أن يتخذ المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة موقفاً واضحاً بشأن وقف إطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية.. لقد عملنا مع واشنطن لمحاولة معالجة هذه القضية، وسنواصل القيام بذلك، ولكن من الضروري للغاية من أجل الحفاظ على مصداقية النظام الدولي أن نجد الآن طريقاً لوقف هذا القتال والحصول على الإغاثة اللازمة للمدنيين في غزة".
اليوم التالي للحرب
وبشأن اليوم التالي للحرب، ومساهمة الرياض في ذلك، قال الأمير فيصل بن فرحان: "ليست السعودية فقط المهتمة بالأمر، ولكن جميع دول العربية ستناقش ذلك في سياق معالجة واسعة للقضية الفلسطينية، وإذا عالجنا ذلك، فإن مسألة كيفية إدارة غزة تصبح أسهل بكثير، وأعتقد أن السلطة الفلسطينية ستكون قادرة تماماً على السيطرة على جميع الأراضي الفلسطينية بدعم المجتمع الدولي، ولكن هذا يحتاج إلى طريق حقيقي لإنشاء دولة وأمل للشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن "السلطة الفلسطينية تعترف أنها بحاجة إلى عملية إصلاح قوية، لإعادة إنشاء أو تنشيط عملياتها.. وأعني أن الأمر متروك للفلسطينيين ليقرروا، لكن ما سأجادل به هو أن السلطة أظهرت قدرتها ومصداقيتها بشكل مذهل، عندما يتعلق الأمر بقضايا الحفاظ على الأمن في الضفة الغربية".
ونوه الأمير فيصل بن فرحان إلى أن "السلطة الفلسطينية أثبتت قدرتها في الحفاظ على الأمن في ظل أصعب الأوضاع"، لافتاً إلى "نقص التمويل عبر حجب (إسرائيل) الأموال المستحقة لهم، واستمرار النشاط الاستيطاني غير القانوني والاستفزازات المستمرة من قبل المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية".
وأكد وزير الخارجية السعودي أن "ما يحدث في القطاع بعد ذلك (الحرب)، هو شيء يحتاج إلى مناقشة بين جميع الأطراف، وفي جميع أنحاء العالم، ولكن الأولوية الآن يجب أن تكون تخفيف المعاناة والكارثة الإنسانية التي نراها الآن".
إقامة دولة فلسطينية
وعلق الأمير فيصل بن فرحان على إقامة الدولة الفلسطينية، قائلاً: "أزعم أن هناك دولة فلسطينية، فهي على أرض الواقع، ونحن نعترف بها.. إنها موجودة ولكنها مقيدة، لأنها لم ترسم حدودها بعد مع إسرائيل، وبالطبع هذه نقطة حرجة..".
وأضاف أن "من الأشياء المشجعة للغاية، هو سماع شركائنا في المجتمع الدولي يتفقون بصوت واحد على أن الطريق إلى الاستقرار والأمن في المنطقة، وأمن إسرائيل هو قيام دولة فلسطينية.. وحقيقة أن دولاً أوروبية وغربية بما في ذلك الولايات المتحدة مستعدة لمناقشة قضية الاعتراف بفلسطين حتى قبل التفاوض على قضايا الوضع النهائي، هي إشارة واضحة على أن هذا الاقتناع بأن الدولة الفلسطينية ضرورية للغاية، لأنه من حق الفلسطينيين أن يقرروا مصيرهم وهو أمر إيجابي للغاية".
وأشار إلى أن نهج بلاده كان علنياً وواضحاً، وصدر بيان، أخيراً، من وزارة الخارجية السعودية بذلك، بأن "الطريق نحو الاعتراف (بدولة إسرائيل) يتطلب أمرين يقتضيان، الأول إنهاء القتال في غزة وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية، والثاني الطريق إلى دولة فلسطينية.. بدون ذلك لن نكون قادرين حتى على النظر في هذه القضية".
ولفت إلى أن "الجميع يتفق على أن من مصلحة إسرائيل أن تكون منفتحة على العمل مع جيرانها، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال دولة فلسطينية".
وأجاب الأمير فيصل بن فرحان، عما إذا كان التزام إسرائيل السياسي بالاعتراف بدولة فلسطينية يكفي لتطبيع العلاقات، قائلاً: "هذا في حد ذاته شرط أساسي، ولكنه لا يكفي.. لأننا بحاجة إلى مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية لا يمكن أن يكون مجرد التزام سياسي".
وتابع: "ما يجب أن يدخل حيز التنفيذ الآن، هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتعريف حدودها.. هذه هي الأشياء التي تحتاج إلى تعريف وفهم واضح وهذا ما نطلبه".
توسيع رقعة الصراع
وبشأن توسيع رقعة الصراع في المنطقة بما يشمل لبنان وإيران والعراق والبحر الأحمر، بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، قال الأمير فيصل بن فرحان: "نعم من الواضح أننا قلقون.. أعني أنك تعرف أن الصراع الإقليمي هو شيء نريد تجنبه، وهذا سبب في أننا شاركنا في الدبلوماسية بالمنطقة، ولكن بالطبع كلما طال أمد الصراع، كلما زاد خطر سوء التقدير والتصعيد.. لذلك يجب أن نتجنب ذلك بأي ثمن".
وأضاف: "نتحدث مع جيراننا في إيران.. ولدينا الرسالة نفسها بأنه يجب تجنب التصعيد في أي حال"، وتابع: "لا أعتقد أن الإيرانيين يريدون حرباً أوسع نطاقاً.. هذا ما أشعر به".
وأجاب بشأن ما إذا كانت حرب غزة ستعرض خطة السلام في اليمن للخطر، قال: "نحن ملتزمون تماماً بخارطة الطريق التي اعتمدتها الأمم المتحدة.. ومستعدون للتوقيع عليها في أقرب فرصة.. وأعتقد أننا وصلنا إلى النقطة التي يقترب فيها هذا من الاكتمال، وسنواصل السير على طريق السلام في اليمن، وأعتقد أنه من وجهة نظرنا من المهم حمايته".