أثارت موافقة المحكمة العليا الأميركية على نظر ادعاء الرئيس السابق دونالد ترمب بشأن تمتعه بالحصانة من الملاحقات الجنائية على أفعال ارتكبها أثناء توليه الرئاسة، شكوكاً جديدة حول الجهود المبذولة لمحاكمته بتهمة التدخل في انتخابات 2020، قبل أن يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات المقررة في نوفمبر.
وذكرت "بلومبرغ"، أن المحكمة العليا حددت جلسة 22 أبريل، لسماع مرافعة ترمب، بينما تظل محاكمة ترمب بتهمة التآمر لقلب نتيجة انتخابات 2020 معلقة في الوقت الحالي.
لكن قرار المحكمة بالاستماع إلى حجج ترمب في أواخر أبريل، يشير إلى أن القضاة، الذين عين ترمب 3 منهم، ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ قرار بشأن قضية الحصانة، بل يمكنهم الانتظار حتى نهاية فترة ولايتهم في أواخر يونيو، ما يضع جدوى محاكمته قبل الانتخابات في خطر.
وربما تكون النتيجة، أن يخسر ترمب قضية المحكمة العليا، لكنه يفوز في معركته لتجنب حكم هيئة المحلفين بشأن هجوم الكابيتول في 6 يناير 2021، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن إدانة ترمب ربما تقوض فرص المرشح الجمهوري المحتمل في الانتخابات. وإذا فاز ترمب في الانتخابات وأصبح رئيساً قبل حل الأمر، فيمكنه أن يأمر وزارة العدل بإسقاط التهم عنه القضية.
هل تبطئ المحكمة قضية هجوم الكابيتول؟
قال مؤسس ورئيس منظمة "ديمقراطية 21" ، فريد فيرتهايمر: "إذا انتظروا وأصدروا حكمهم في يونيو، فمن المحتمل أن يكونوا منعوا الناخبين عن عمد من معرفة ما إذا كان ترمب مجرماً مداناً قبل التصويت. سيكونون كافأوا استراتيجية التأجيل التي اعتمدها ترمب على حساب البلاد والمحكمة العليا.
ووفقاً لـ "بلومبرغ"، فإن المحكمة تتحرك بسرعة بالفعل، إذ وافق القضاة على المراجعة على الرغم من أن ترمب لم يطلب ذلك رسمياً، وقرروا تسريع جدول الإحاطة، الذي يمتد عادة 3 أشهر ونصف، حتى يمكن حل القضية خلال هذا الفصل.
لكن هذا الجدول الزمني، أقل عدوانية من الجدول الذي اعتمدته المحكمة في قضية الاقتراع في كولورادو، عندما استمع القضاة إلى المرافعات بعد 36 يوماً من تقديم ترمب استئنافه.
وفي صراع الحصانة، ستكون الجلسة بعد 70 يوماً على الأقل من إقامة ترمب القضية أمام المحكمة العليا، وهذا لا يأخذ في الاعتبار الطلب الذي قدمه المستشار الخاص جاك سميث، في ديسمبر، عندما طلب من القضاة التدخل دون انتظار حكم محكمة الاستئناف.
ولفتت الوكالة"، إلى أن الجدول الزمني للحصانة أطول مما كان عليه في المواجهة الانتخابية الرئاسية عام 2000، وقضية عام 1974 بشأن التسجيلات السرية للمكتب البيضاوي لرئيس الولايات المتحدة الـ 37 ريتشارد نيكسون، ومعركة عام 1971 بشأن نشر أوراق وزارة الدفاع "البنتاجون".
قضية "بوش ضد جور"
وتطرق خبراء إلى قضية "بوش ضد جور"، عندما أصدرت المحكمة العليا في 12 ديسمبر 2000، قراراً تاريخياً أدى إلى تسوية نزاع إعادة فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية في فلوريدا عام 2000 بين جورج دبليو بوش، وآل جور (نائب بيل كلينتون آنذاك).
وقال الأستاذ بكلية الحقوق في جامعة هارفارد، لورانس ترايب، لقناة MSNBC: "لا يوجد سبب للتأخير لعدة أشهر، في قضية بوش ضد جور، تحركت كل الأمور بسرعة أكبر 10 مرات، هذه مسألة أبسط بكثير. كان من الممكن حل الأمر بسرعة كبيرة".
وأشار أستاذ القانون في كلية ويسترن ريسيرف، جوناثان أدلر، إلى قضية بوش ضد جور أيضاً، قائلاً: "نوعاً ما هم في وضع ملعون إذا فعلوا، وملعون إذا لم يفعلوا. أجده (ترمب) غير لائق على الإطلاق للمنصب، وأعتقد أن بعض التهم الموجهة إليه لها ما يبررها".
هل هناك محاكمة؟
من شأن الجدول الزمني الذي حددته القاضية التي تتولى المحاكمة الفيدرالية، تانيا تشوتكان، في وقت سابق، أن يمنح الجانبين حوالي 3 أشهر إضافية للتحضير للمحاكمة.
ويعني هذا الجدول الزمني، أنه إذا رفضت المحكمة طلب الحصانة الذي قدمه ترمب في أواخر يونيو، فربما تبدأ المحاكمة في أواخر سبتمبر.
لكن تشوتكان، ربما تسرع الأمور، معتبرة أن استئناف الحصانة يمنح فريق دفاع ترمب متسعاً من الوقت للاستعداد، ونظراً لأن المحاكمة ربما تستغرق شهوراً بمجرد أن تبدأ، فمن شبه المؤكد أن يزعم ترمب أنها ستجرى في وقت قريب للغاية من الانتخابات الرئاسية.
وقالت المدعية الفيدرالية السابقة التي تدرس في كلية الحقوق بجامعة ميشيجان، باربرا ماكويد: "ستكون المحاكمة مشددة بلا شك، لكنني أعتقد أنه من الممكن أن يصدر القرار في أواخر الربيع أو أوائل الصيف، ويمكن أن تبدأ المحاكمة في أواخر الصيف أو أوائل الخريف وتكتمل قبل الانتخابات".
ومن المقرر أن يمثل ترمب، الذي يواجه 4 تهماً جنائية، أمام محكمة ولاية نيويورك في 25 مارس، في قضية "شراء الصمت"، والمتهم فيها بدفع أموال لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز.
هل تؤخر المحكمة الحسم؟
من الممكن أن تؤخر المحكمة حسم القضية، إذ أن صياغة المحكمة للقضايا تترك الباب مفتوحاً أمام احتمال ألا يحسم القضاة بشكل نهائي ادعاء ترمب بالحصانة الكاملة من الملاحقة القضائية.
وقالت المحكمة العليا الأميركية، عند الموافقة على المراجعة، إنها ستنظر "ما إذا كان وإلى أي مدى" يتمتع الرئيس السابق بالحصانة من "السلوك المزعوم أنه ينطوي على أعمال رسمية".
ومن الممكن أن توفر المحكمة العليا، التي تضم 6 أشخاص عملوا ذات يوم في السلطة التنفيذية، ملاذاً آمناً للرؤساء ثم تعيد القضية إلى المحاكم الأدنى لإعادة النظر فيها، ومن شأن هذا النهج أن يقضي على فرص المحاكمة قبل نوفمبر.