مشاركة واسعة في المشروع تشمل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ودول بالمنطقة

"ميناء مساعدات غزة".. أسابيع من الإنشاءات و"ممر بحري" عبر قبرص للإمداد

فلسطينيون على ساحل غزة في انتظار المساعدات الإنسانية التي يتم إسقاطها بالطائرات الحربية على القطاع. 26 فبراير 2024 - Reuters
فلسطينيون على ساحل غزة في انتظار المساعدات الإنسانية التي يتم إسقاطها بالطائرات الحربية على القطاع. 26 فبراير 2024 - Reuters
دبي -الشرق

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن خلال خطاب "حالة الاتحاد"، أنه أمر الجيش الأميركي بالبدء في إنشاء "ميناء بحري" أو "رصيف مؤقت" على ساحل البحر المتوسط أمام غزة، لنقل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، بينما قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إن بلاده ستشارك مع واشنطن وشركاء آخرين في فتح ممر بحري لإيصال المساعدات إلى غزة.

ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مصدر مطلع قوله إن "إسرائيل تؤيد وترحب بإنشاء هذ الرصيف مؤقت"، مشيرة إلى أن واشنطن ناقشت مع تل أبيب تلك المبادرة التي سيتم تنفيذها بالتنسيق بين الجانبين.

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قالت إن عملية البناء ستتم بالتعاون مع دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، إذ يوفر المرفق الجديد طريقة جديدة لإيصال المساعدات إلى القطاع عبر قبرص، ولكنه لن يحل المشكلة المركزية المتمثلة في توزيع المساعدات داخل غزة مع استمرار القتال والقصف الإسرائيلي المكثف على جنوب ووسط القطاع، ومع تفاقم الفوضى في الشمال إلى درجة دفعت بمنظمات الإغاثة إلى تعليق عملياتها. 

كما أكد مسؤولون أميركيون لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أنه "بمجرد إنشاء الميناء المؤقت ستتدفق شحنات المساعدات، التي سيبدأ مسارها من قبرص، من قبل الولايات المتحدة وتحالف من الشركاء والحلفاء إلى غزة".

كيف يعمل الرصيف العائم؟

لطالما روج الجيش الأميركي، لفكرة تجميع رصيف عائم كوسيلة لنقل الإمدادات إلى الشاطئ في المناطق التي تكون فيها الموانئ غير كافية أو تضررت أثناء صراع ما.

ويُعرف هذا المفهوم باسم "الخدمات اللوجستية المشتركة على الشاطئ"، ويمكن أن يشمل إنشاء جسور عائمة وسفن متخصصة مجهزة بالرافعات وسفن الدعم اللوجستي، إذ سيتم استخدام مركبة إنزال برمائية، يمكنها العمل في المياه الضحلة دون ميناء، حيث دُمر ميناء غزة إلى حد كبير خلال الأسابيع الأولى من حرب إسرائيل على غزة منذ أكتوبر الماضي.

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فقد زارت بعثة عسكرية أميركية شمال القطاع وفحصت نقاطاً مناسبة لإقامته، إذ تفاجأت إسرائيل بالسرعة التي يخطط بها الأميركيون لتنفيذ الخطوة.

كم تستغرق مدة الإنشاء؟

وقال مسؤولون أميركيون إن تنفيذ الميناء سيستغرق من 30 إلى 60 يوماً، لكنه يمكن أن يستوعب مئات أو آلاف الجنود الأميركيين على متن السفن قبالة الشاطئ، تماشياً مع قرار الرئيس الأميركي جو بايدن "بألا تطأ أقدام الجنود الأميركيين أرض غزة"، مع احتدام الصراع.

وسيشارك لواء النقل السابع بالجيش الأميركي، وهو لواء مشاة أميركي، في عمليات البناء، حسبما نقلت "نيويورك تايمز".

لكن السفن الضخمة التي تحمل المساعدات، ستحتاج إلى حراسة مسلحة، خاصة عندما تدخل نطاق ساحل غزة، الأمر الذي يدفع بتعزيزات عسكرية أميركية إضافية في المنطقة لضمان حماية تلك السفن.

الأطراف المشاركة

مسؤول أوروبي كبير، قال لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن المساعدات سيتم تسليمها من قبرص إلى منصة قبالة غزة ستقيمها الولايات المتحدة. 

وقد وضعت الولايات المتحدة الخطة، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وقبرص، والإمارات، والأمم المتحدة، التي ستتولى في نهاية المطاف إدارة الإمدادات إلى غزة، حسبما أكد مصدر مطلع على الخطة للصحيفة، كما أعلنت بريطانيا، على لسان وزير خارجيتها ديفيد كاميرون المشاركة في هذا الممر البحري.

واقترحت قبرص لأول مرة إنشاء ممر بحري في أكتوبر الماضي، لكن على مدى أشهر لم يحظ هذا الاقتراح باهتمام كبير. ومن المقرر أن تزور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قبرص، الجمعة، لافتتاح الممر البحري رفقة مسؤولين محليين.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الخطة، تدعو إلى بدء إرسال شحنات المساعدات الجديدة إلى غزة عن طريق البحر في الأيام القليلة المقبلة، على أن تتولى "شركة خاصة" التعامل مع الأمور اللوجستية.

وقال المطلعون على الخطة، وفق الصحيفة، إن الرحلة بين قبرص وساحل غزة ستستغرق حوالي 23 ساعة، وإذا نجحت، يأمل المسؤولون أن تصل حمولة 200 شاحنة من المساعدات يومياً خلال 28 يوماً.

ووفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الرصيف المؤقت سيكون قادراً على استيعاب سفن كبيرة تحمل الطعام والأدوية والماء وملاجئ مؤقتة. 

شركات للتنسيق

وقال مسؤولون وأشخاص مطلعون على الخطة لـ "وول ستريت جورنال"، إن شركة "فوجبو" Fogbow الأميركية ستتولى عمليات تسليم المساعدات في غزة عبر الممر البحري الجديد، مشيرين إلى أن الشركة ستقود جهود تأمين السفن، والتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية، والأمم المتحدة وسكان غزة على الأرض.

وكان مسؤولون قطريون، قالوا إن حكومة بلادهم، وافقت على تمويل لدعم استخدام السفن التجارية إلى غزة، لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق رسمي مع أي شركة بعد.

وستقوم إسرائيل بفحص الشحنات في قبرص، لضمان عدم تضمين أي أسلحة أو منتجات أخرى يمكن أن تكون مفيدة لحركة "حماس" في غزة، كما ستراقب الطرق البحرية التي تسلكها سفن الشحن بعد مغادرتها قبرص، لضمان عدم تهريب أي بضائع على متنها أثناء الرحلة، حسبما أكد مسؤول أوروبي كبير لـ"وول ستريت جورنال".

احتياجات سكان غزة

وفي هذا الصدد، قال مدير البرامج الأميركية في مجموعة الأزمات الدولية، مايكل وحيد حنا، لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن المبادرة "لن تلبي الاحتياجات العاجلة لسكان غزة".

وأضاف: "لا يمكن أن يكون هذا الخيار الوحيد، وإلا فإن المجاعة ستصيب أعداداً أكبر من المدنيين. هناك حل أسهل بكثير، وهو أن تسمح إسرائيل بدخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود البرية القائمة".

كما أثار حنا تساؤلات بشأن مقدمي المساعدة، خاصة وأن إدارة بايدن علقت تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وقال مسؤولون أميركيون، إنه سيتعين نقل المساعدات براً داخل غزة للوصول إلى المحتاجين بمجرد وصولها إلى الرصيف، مضيفين أنهم يعملون مع الأمم المتحدة وشركاء آخرين لإيجاد طرق آمنة داخل القطاع.

الموقف الفلسطيني

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رمزي رباح،  اعتبر في تصريحات صحافية، الجمعة، أن الحديث الأميركي عن إنشاء ميناء في غزة لاستقبال المساعدات بحراً من قبرص، "يندرج تحت إطار الخداع والتضليل العالمي"، و"محاولة أميركية للالتفاف على مطلب كسر حصار غزة". 

وأضاف في تصريحاته لوكالة أنباء العالم العربي AWP، "هذا الممر بمثابة تسليم بالحصار والصيغة الإسرائيلية، وهنا تكمن خطورة الحلول التي تقدم من الجانب الأميركي".

أما القيادي في حركة "حماس"، محمود مرداوي، فأكد في تصريحات صحافية، عدم تلقي الحركة أي تفاصيل بشأن الميناء المقترح، وقال لوكالة أنباء العالم العربي: "حتى اللحظة لم نتلق أي تفاصيل بشأن هذا الأمر، ولا نستطيع إعطاء ردود فعل أو موقف على شيء لم يصلنا بشكل رسمي عبر الوسطاء".
          
وأضاف: "عند وصول تفاصيل بشكل رسمي، سنعطي موقفنا بكل وضوح، لكن ما نؤكده أن اليوم التالي للحرب يحدده الشعب الفلسطيني، ومن يريد تقديم أي مساعدة للشعب وفق سيادة الفلسطينيين على أرضهم لا مانع في ذلك، لكن من يحدد مصير الفلسطينيين والواقع على الأرض هو الشعب فقط".

تصنيفات

قصص قد تهمك