مسؤول أميركي: عدد الضحايا والمجاعة في القطاع تسببا في "مشكلة مصداقية كبيرة"

التوتر مع واشنطن يدفع إسرائيل للبحث عن بدائل تسليح في حرب غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الغربية. 07 فبراير 2024 - AFP
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس الغربية. 07 فبراير 2024 - AFP
دبي -الشرق

تفاقمت حدة التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على اجتياح مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، ما دفع تل أبيب للبحث عن "سبل بديلة" للحصول على الذخيرة ومواصلة القتال، رغم تحذيرات أميركية من "الضرر" الذي قد يلحق بسُمعة إسرائيل بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلي "مكان"، عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله: "أهم وجهة لنا هي الولايات المتحدة، لكن هناك مخاوف من أن ينعكس التوتر بشأن اقتحام رفح، على الدعم العسكري".

وأضاف المصدر الأمني أن الجهة الأساسية لإسرائيل هي الولايات المتحدة، "ولا تزال هناك مساعدات، كل يوم هناك قطار جوي يصل، لكن الخشية الكبرى هي أن التوتر بسبب المشكلة الإنسانية واقتحام مدينة رفح قد تؤثر على مدى الاستعداد الأميركي لدعم إسرائيل عسكرياً بنفس الوتيرة".

وأشار المصدر، إلى أنه "لا توجد مخزونات في أوروبا، الجميع يحرصون على شراء وسائل أكثر تقدماً".

وحذّر المصدر الأمني من أن "تزايد الانتقادات ونزع الشرعية التي تغذيها مختلف الأطراف، من مسلمين ومعاديين للسامية، يُعرّض للخطر استمرار تسليح إسرائيل والتزود بالذخائر وبالوسائل القتالية".

وقالت الهيئة، إن المسؤولين في إسرائيل يحاولون "إيجاد طرق التفاف بديلة للحصول على الأسلحة والذخيرة، لسد النقص الحاصل في هذه الذخائر الحيوية والضرورية لمواصلة القتال".

"مقاطعة هادئة"

وأشارت الهيئة، إلى أن هناك دول توقفت عن توفير الذخائر القتالية لإسرائيل، وتنتهج "المقاطعة الهادئة"، وأعلنت دول أخرى، التزامها بقوانينها التي لا تسمح ببيع الأسلحة لدول في صراع، وثمة دول أخرى تترك إسرائيل تنتظر المصادقة على هذه الامدادات.

وذكرت أن هذه الدول تشمل "إيطاليا التي ليست مستعدة لبيع أسلحة لسفن سلاح البحرية الإسرائيلية، وكندا، التي قدمت قطع غيار مثل بطاقات إلكترونية ورقائق بمختلف أنواعها وعشرات المكونات الفرعية التي تستخدم أيضاً في منظومة القبة الحديدية".

وأضافت: "في ذات الوقت تهدد فرنسا وألمانيا بمقاطعة ووقف توريد المعدات، وبالإضافة إلى ذلك هناك أيضاً نقص عالمي في الذخيرة بسبب سباق التسلح العالمي وخلاله تقوم جميع دول العالم بتجهيز نفسها.

في غضون ذلك، بدأ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، الاثنين، سلسلة اجتماعات مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض بهدف التيقن من استقرار إمدادات الذخيرة لإسرائيل، والدعم الأميركي لاستمرار العملية العسكرية في قطاع غزة.

"مشكلة مصداقية كبيرة"

وفي واشنطن، حذر مساعد وزير الخارجية الأميركي بيل روسو، نظيره الإسرائيلي، في حوار حاد في وقت سابق من الشهر الجاري ، من "الضرر" الذي قد يلحق بسُمعة تل أبيب بسبب للحرب المستمرة في قطاع غزة، حسبما كشفت مذكرة داخلية للمحادثة التي دارت بينهما.

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إن المذكرة الداخلية، التي حصلت عليها الإذاعة الوطنية العامة NPR، تقدم دليلاً آخر على الخلاف بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وإسرائيل، الذي كان مدفوعاً إلى حد كبير بشعور الولايات المتحدة المتزايد بالقلق من الخسائر الإنسانية الناجمة عن الصراع، ودور تل أبيب في جعل الوضع أسوأ، وذلك على الرغم من الحماية التي توفرها واشنطن للأخيرة في المنتديات الدولية ومساعدتها لها في تجديد آلة الحرب.

ووفقاً لـ NPR، فإن روسو قال في مكالمة هاتفية، في 13 مارس الجاري، إن إسرائيل، والولايات المتحدة، باعتبارها الضامن الأمني لتل أبيب وحليفها الوثيق، "تواجهان مشكلة كبيرة تتعلق بالمصداقية" بسبب الحرب في غزة، وعدد الضحايا الهائل بين الفلسطينيين، والمجاعة التي تجتاح المناطق المدمرة في القطاع، والاستياء العالمي المتزايد إزاء إصرار إسرائيل على إطالة أمد الحرب للقضاء بشكل كامل على حركة "حماس".

وجاء في المذكرة: "يبدو أن الإسرائيليين لا يدركون حقيقة أن سُمعتهم تتعرض لضرر كبير، ربما يستمر على مدى الأجيال، وذلك ليس في المنطقة فحسب ولكن في أماكن أخرى من العالم، ونحن قلقون من أن يرتكب الإسرائيليون خطأ استراتيجياً كبيراً".

رفض إسرائيلي للانتقادات

ولكن المسؤول الإسرائيلي الذي كان يحاور روسو، سخر من هذا الادعاء، قائلاً إن الغضب تجاه إسرائيل يبدو أكثر انتشاراً عبر الإنترنت وعلى منصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" مقارنة بموقف العالم الحقيقي، وفقاً للمذكرة، وهو الرأي الذي اعتبرت "واشنطن بوست" أنه يتوافق مع الرفض الإسرائيلي الحالي للانتقادات الخارجية، بما في ذلك تأكيداتها الأخيرة على أن تقييدها تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة لا يتعارض مع القانون الدولي.

والسبت، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، للصحافيين عند معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، عن محنة الفلسطينيين في القطاع، الذين نزح الجزء الأكبر منهم من منازلهم ويعانون الآن من الجوع.

وقال  جوتيريش: "الناس في جميع أنحاء العالم غاضبون من الفظائع التي نشهدها جميعاً في الوقت الفعلي، وإنني أحمل أصوات الغالبية العظمى من العالم الذين يقولون: لقد رأينا وسمعنا ما يكفي".

وأشارت الصحيفة إلى أن نداءات جوتيريش لم تحرك المسؤولين الإسرائيليين، بل إنه في اليوم نفسه، وبينما كرر نظرائه في الأمم المتحدة الدعوات إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وتحقيق هدف أعمق يتمثل في حل الدولتين، تحدث جلعاد إردان، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، عن حاجة تل أبيب إلى فرض برنامج على كافة السكان الفلسطينيين لـ"القضاء على التطرف"، قائلاً إن "غالبية الفلسطينيين لا يريدون السلام، مشبهاً إياهم بالألمان المنتمين للرايخ الثالث".

وجاءت تصريحات السفير الإسرائيلي في الوقت الذي فشل فيه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مرة أخرى في الاتفاق على قرار يدعو إلى شكل من أشكال الهدنة.

"مأزق" الإدارة الأميركية

وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأميركيين يجدون أنفسهم الآن في "مأزق صعب"، وذلك لأنهم يدعمون حكومة إسرائيلية معزولة بشكل متزايد ولا تحظى بشعبية، بينما يحاولون بشكل متقطع، وراء الكواليس، إقناع رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو بالسير في طريق مختلف، بعد ما يقرب من نصف عام من بدء الحرب، ولكن الأخير يتمسك بموقفه ورفض مؤخراً طلبات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لإعادة النظر في الهجوم العسكري الذي يلوح في الأفق على مدينة رفح.

"واشنطن بوست" لفتت إلى أن "التناقض الأميركي" لم يعد مقبولاً، وأن قادة عالميين في أماكن أخرى، وحتى حلفاء، باتوا يوبخون الولايات المتحدة لتواطئها في الأزمة المستمرة في غزة، كما أن الأمر يؤدي إلى انقسامات أكثر وضوحاً داخل إدارة بايدن نفسها.

ونقلت الصحيفة عن أحد مستشاري البيت الأبيض قوله، إن "الوضع الإنساني (في غزة) لا يُحتمل بالمعنى الحرفي للكلمة، وهو وصمة على ضمير الإنسانية"، مضيفاً: "ما يجري هناك لا يمكن أن يحدث في العصر الحديث، فالوضع الإنساني هو الذي دفعنا إلى تجاوز النهج المتبع والدخول في مواجهة مفتوحة مع الإسرائيليين".

وحاولت مجموعة من 17 عضواً ديمقراطياً في مجلس الشيوخ الأميركي تكثيف الضغط على إسرائيل، ودعوا إدارة بايدن إلى رفض مزاعم إسرائيل بأنها لا تنتهك القانون الدولي من خلال تقييد المساعدات الإنسانية، وجاء تدخلهم هذا في وقت يتزايد فيه الجدل داخل بعض الدوائر في واشنطن حول تعليق عمليات إرسال الأسلحة إلى حكومة نتنياهو.

ونقلت الصحيفة عن السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، قوله: "لا أتخيل كيف يمكن لأي شخص أن يصف الوضع داخل غزة في الوقت الراهن على أنه يتضمن نظاماً مقبولاً لتوصيل المساعدات الإنسانية، فمن الواضح تماماً أن القيود التي فرضتها حكومة نتنياهو هي المساهم الرئيسي في الأزمة الإنسانية هناك".

ومن جهة أخرى، أصدرت منظمتا "أوكسفام" و"هيومن رايتس ووتش" تقريراً مشتركاً، الأسبوع الماضي، يوثق ما وصفه بـ"انتهاكات إسرائيلية" و"عرقلة تل أبيب تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، ودعوا إدارة بايدن إلى الالتزام بالقانون الأميركي وتعليق عمليات إرسال الأسلحة.

وقالت سارة ياجر، وهي مديرة مكتب "هيومن رايتس ووتش" في واشنطن، في بيان: "هناك أسباب وجيهة وراء حظر القانون الأميركي إرسال الأسلحة للحكومات التي تمنع المساعدات المنقذة للحياة أو تلك التي تنتهك القانون الدولي، ونظراً للأعمال العدائية المستمرة في غزة، فإن تأكيدات الحكومة الإسرائيلية لإدارة بايدن بأنها تفي بالمتطلبات القانونية الأميركية ليست ذات مصداقية".

تصنيفات

قصص قد تهمك