صوت البرلمان اليوناني مساء الخميس، ضد مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة قدمها نواب من المعارضة اليسارية يتهمون رئيس الوزراء المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس بإخفاء المسؤوليات السياسية في كارثة حادث القطار الذي وقع في 2023.
ورفض البرلمان المكون من مجلس واحد بأغلبية 159 نائباً من أصل 300 هذه المذكرة التي قدمها حزب "باسوك" الاشتراكي المدعوم من حزب المعارضة اليساري الرئيسي "سيريزا" لإسقاط الحكومة.
وصوت لصالح المذكرة بقية الأعضاء وعددهم 141 نائباً.
وكانت هذه النتيجة محسومة سلفاً، إذ إنّ حزب "الديمقراطية الجديدة" اليميني بزعامة ميتسوتاكيس يتمتّع بالأغلبية المطلقة بـ158 مقعداً من أصل 300.
وجرى التصويت مساء الخميس إثر كلمة ألقاها ميتسوتاكيس أمام النواب، وشدّد فيها على أنّه "لم يصدر أيّ أمر على الإطلاق لإخفاء" المسؤوليات السياسية في هذه القضية.
وأضاف بنبرة حاسمة ملؤها الغضب: "أنا أنظر إليكم في أعينكم وأقولها لكم"، وذلك ردّاً على عدد من النواب اليساريين الذين كانوا يطلقون صيحات مناهضة له.
وأكد رئيس الوزراء في كلمته أن هذا الحادث الذي سبق له وأن اعتبره "صدمة وطنية" هو نتيجة "اجتماع الإخفاقات المزمنة للدولة بخطأ بشري".
وشدد ميتسوتاكيس على أنه يقول "الحقيقة" في مواجهة "مجتمع مرتاب وغاضب".
وقبيل التصويت، تجمّع عشرات المتظاهرين أمام البرلمان رافعين لافتة سوداء كبيرة كُتب عليها "لا ننسى شيئاً - نطالب بالعدالة".
وتعرض رئيس الوزراء اليميني لهجوم شديد بسبب إدارته التي اعتبرت كارثية لحادث الاصطدام الذي خلف 57 ضحية في 28 فبراير 2023، وأثار صدمة في البلاد.
وأسدلت عملية التصويت الستار على نهارين وليلتين كاملين من النقاشات الحادة التي تم خلالها توجيه اتهامات بالإهمال والأعمال الإجرامية ضد الحكومة.
وانتقد نيكوس باباس رئيس كتلة "سيريزا" البرلمانية الحكومة قائلاً إن "الرأي العام خلص إلى استنتاج ثابت: أفعالكم تهدف إلى التستّر على" المسؤوليات.
وأضاف: "أنتم مدعوون لتقديم أجوبة".
وقال نيكوس أندرولاكيس زعيم حزب "باسوك"، إنه "في كل الفضائح خياركم السياسي هو التستر على الحقيقة".
وأضاف أن "الازدراء غير المسبوق لدولة القانون والمؤسسات من قبل الحكومة لن يمرّ".
"زعزعة الاستقرار"
وجاء تقديم مذكرة حجب الثقة، الثلاثاء، بعد أن كشفت صحيفة "تو فيما" الصادرة الأحد، أنّه تمّ التلاعب بتسجيلات المحادثات بين مدير محطة القطارات والسائقين في يوم وقوع الحادث لدعم فرضية الخطأ البشري.
ونفى المتحدث باسم رئيس الوزراء بشدة هذه المعلومات، واتهم المعارضة بالسعي إلى "زعزعة استقرار" البلاد.
لكن منذ عام واصلت أسر الضحايا والقادة السياسيون المدعومون من جزء من المجتمع المدني إدانة الإهمال الخطير الذي تسبّب بالحادث.
وسلّط حادث الاصطدام بين قطار ركاب وآخر للبضائع الضوء على "الثغرات غير المقبولة في نظام سلامة السكك الحديد في اليونان" وفق نص مذكرة حجب الثقة، ولا سيما تأخر اليونان كثيراً في تحديث أنظمة الإشارات في شبكتها للسكك الحديد.
وتابع النص: "أضيفت إلى الأوليجارشية الإجرامية محاولة إجرامية ومنهجية للتستر على هذه القضية". وهاجمت المذكرة بالإضافة إلى ميتسوتاكيس وزير النقل السابق كوستاس كارامانليس الذي استقال في اليوم التالي للكارثة.
وأمام البرلمان قال الوزير السابق الذي احتفظ بمقعده النيابي "لم أتستر يوماً، ولا أتستر وراء أي حصانة برلمانية".
وتابع: "إذا كان لدى أي شخص اتهامات حقيقية ضدّي مع أدلة فليكفّ عن الصراخ ويقدمها. أنا هنا".
ومنذ أشهر يطالب تجمع أسر الضحايا بقوة رفع الحصانة البرلمانية عن كارامانليس وسلفه اليساري كريستوس سبيرتزيس.
كما هاجمت المعارضة اليسارية لجنة التحقيق البرلمانية التي تمّ تشكيلها بعد حادث الاصطدام، والتي "استغلتها الأغلبية الحاكمة لخدمة هدفها" وإخفاء المسؤوليات السياسية.
"التستر"
وفي البرلمان الأوروبي اتهمت ممثلة التجمع ماريا كاريستيانو الحكومة بـ"التستر". وتمت محاكمة أكثر من 30 موظفاً في السكك الحديد حتى الآن في هذه القضية، لكن لم تحاكم أيّ شخصية رفيعة المستوى.
ومدير محطة لاريسا، المدينة الأقرب لموقع الحادث الذي وقع على بُعد حوالي 300 كيلومتر شمال غرب أثينا، رهن الاحتجاز المؤقت بتهمة "القتل بسبب الإهمال".
وأثار الاصطدام غضباً عارماً في صفوف اليونانيين الذين نزلوا إلى الشوارع هاتفين "قتلة".
وعزا رئيس الوزراء الحادث "لخطأ بشري مأساوي"، وأكد منذ ذلك الحين أن على القضاء كشف ملابسات هذه القضية.
وفي 28 فبراير، بين الغضب والحزن، تظاهر نحو 30 ألف شخص مجدداً لإحياء ذكرى الحادث الذي وصفه العديد من اليونانيين بأنه "جريمة".