صادرات الأسلحة الأميركية لإسرائيل.. خطة إمداد طويلة تواجه "نقطة تحول"

وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن جفير يحضر حدثًا يتم فيه توزيع أسلحة جديدة على فرق الأمن التطوعية بالشرطة الإسرائيلية في عسقلان. إسرائيل في 27 أكتوبر، 2023. - Reuters
وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن جفير يحضر حدثًا يتم فيه توزيع أسلحة جديدة على فرق الأمن التطوعية بالشرطة الإسرائيلية في عسقلان. إسرائيل في 27 أكتوبر، 2023. - Reuters
دبي-الشرق

في خريف عام 2016، أبرمت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، اتفاقاً عسكرياً كبيراً مع إسرائيل تلتزم فيه واشنطن بتزويد تل أبيب بأسلحة تقدر قيمتها بـ38 مليار دولار على مدى 10 سنوات.

وقال أوباما حينها إن "استمرار إمداد تكنولوجيا الأسلحة الأكثر تقدماً في العالم، سيضمن امتلاك إسرائيل القدرة على الدفاع عن نفسها أمام جميع أنواع التهديدات".

وكان هذا الاتفاق غير مثير للجدل في ذلك الوقت، والذي كان هادئاً نسبياً بالنسبة لإسرائيل، لكن عدداً قليلاً من المسؤولين في واشنطن أعربوا عن قلقهم بشأن كيفية استخدام الأسلحة الأميركية في المستقبل، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وذكرت "نيويورك تايمز" في تقرير، السبت، أن حزمة المساعدات العسكرية أصبحت في الوقت الحالي "نقطة تحول" بالنسبة لإدارة الرئيس الحالي جو بايدن. حيث تقدم 3.3 مليار دولار سنوياً لشراء الأسلحة لإسرائيل، بالإضافة إلى 500 مليون دولار مخصصة للدفاع الصاروخي.

وأضافت الصحيفة أن أقلية صاخبة من المشرعين في الكونجرس، وبدعم من النشطاء الليبراليين، يطالبون بايدن بفرض قيود على شحنات الأسلحة إلى إسرائيل أو حتى وقفها، بسبب حملتها العسكرية في غزة.

ووجّه بايدن انتقادات حادة لما وصفه في إحدى المناسبات بـ"القصف العشوائي" في حملة الحرب الإسرائيلية، لكنه عارض فرض قيود على المساعدات العسكرية الأميركية.

"التفوق العسكري النوعي"

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن إسرائيل اشترت الكثير من معداتها الحيوية من الولايات المتحدة، بما في ذلك المقاتلات، والمروحيات، وصواريخ الدفاع الجوي، والقنابل الموجهة وغير الموجهة التي تم استخدامها في غزة.

وينص الاتفاق العسكري على مساعدة الحكومة الأميركية لإسرائيل، في الحفاظ على "التفوق العسكري النوعي" على الدول الأخرى في الشرق الأوسط.

ووصفت "نيويورك تايمز" عملية نقل الأسلحة لإسرائيل بـ"الغامضة"، كما وصفت خط إمداد الأسلحة بـ"الطويل"، لافتةً إلى أن الولايات المتحدة أرسلت عشرات الآلاف من الأسلحة إلى إٍسرائيل منذ الهجوم الذي شنته حركة "حماس" في 7 أكتوبر الماضي.

وذكرت الصحيفة أن الكونجرس ووزارة الخارجية أقرّا هذه الشحنات منذ فترة طويلة، وجرى تمويلها بأموال منصوص عليها في الاتفاقية التي أُبرمت في عهد أوباما، والتي تعرف باسم "مذكرة التفاهم".

وأضحت "نيويورك تايمز" أن بايدن يمتلك القدرة على فرض قيود على أي شحنات أسلحة تُرسل إلى الخارج، حتى تلك التي وافق عليها الكونجرس في وقت سابق. 

ثغرة قانونية

ومع ذلك، يضغط الرئيس الأميركي لتمرير طلب قدمه بعد فترة وجيزة من هجمات 7 أكتوبر، بتخصيص 14 مليار دولار لتقديم أسلحة إضافية إلى إسرائيل، وتمويل العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط.

وتعثرت هذه الأموال في الكونجرس وسط خلافات بشأن المساعدات المقدمة لأوكرانيا وأمن الحدود الأميركية، وتواجه مخاوف متزايدة من قبل الديمقراطيين.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى وجود ثغرة قانونية سمحت لوزارة الخارجية بعدم إخطار الكونجرس أو الشعب الأميركي ببعض طلبات شراء الأسلحة التي قدمتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر، وتقل قيمتها عن مبلغ معين.

وانتقد مسؤولون في الكونجرس، السرية التي تتناقض مع حديث إدارة بايدن العلني عن شحنات الأسلحة التي تُرسل إلى أوكرانيا، وفقاً للصحيفة.

ومنذ هجمات "حماس"، واصل مسؤولو وزارة الخارجية السماح بتزويد إسرائيل بالأسلحة التي تمثل دفعات من أوامر الشراء التي وافق عليها الكونجرس والوزارة في وقت سابق، ومع ذلك، وصف مسؤولون هذه الخطوة بـ"الصورية".

وبيّنت "نيويورك تايمز" أن السماح بإرسال شحنات الأسلحة استمر بشكل شبه يومي في الأسابيع الأخيرة، مضيفة أن ذلك يتماشى مع سياسة بايدن المتمثلة في تقديم الدعم الكامل لإسرائيل.

تحول محتمل

لكن بايدن ألمح، الخميس الماضي، إلى تحول محتمل في سياسته، محذراً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مكالمة هاتفية من أن السياسة الأميركية قد تتغير إذا لم تتخذ إسرائيل المزيد من الإجراءات لحماية المدنيين وعمال الإغاثة في غزة، وفقاً للبيت الأبيض.

وتتلقى إسرائيل بانتظام أسلحة من وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، كما تحصل عليها بشكل مباشر من شركات تصنيع الأسلحة الأميركية. 

وعادة ما تُنفذ طلبات شراء الأسلحة الكبيرة على مدار سنوات بإرسال مجموعات صغيرة من الأسلحة.

وتطلب وزارة الخارجية من "البنتاجون" إصدار خطاب قبول للمشتري عند توريد الأسلحة، والتي تتضمن أغلى أنظمة الأسلحة، وغالباً ما يكون إصدار خطاب القبول خطوة شكلية، ويعني توقيع المشتري عليه وجود عقد قانوني لاستكمال طلب الشراء الأكبر.

اقرأ أيضاً

بيلوسي تنضم إلى نداءات تطالب بايدن بوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة

وقعت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة على رسالة موجهة من الديمقراطيين إلى الرئيس‭‭‭ ‬‬‬جو بايدن يطالبون فيها بوقف عمليات نقل الأسلحة لإسرائيل.

 إسرائيل تطلب "24 ألف بندقية"

وتنتظر إسرائيل موافقة وزارة الخارجية الأميركية على طلب شراء 24 ألف بندقية هجومية قدمته قبل هجوم 7 أكتوبر، وخضع هذا الطلب للتدقيق من قبل بعض مسؤولي الوزارة ومشرعين بسبب عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وقالت "نيويورك تايمز"، إن بعض الأسلحة التي طلبت إٍسرائيل شراءها منذ 7 أكتوبر يهدف إلى تعزيز دفاعاتها ضد الجهات الفاعلة الداعمة لـ"حماس"، بما في ذلك جماعة "حزب الله" اللبنانية وغيره من الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة، وكذلك طهران نفسها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن "أحد أسباب امتناعهم عن فرض قيود على مبيعات الأسلحة لإسرائيل هو خطر إضعاف قدرتها على ردع هؤلاء الخصوم".

وقبل وقت قصير من سقوط 7 موظفين من منظمة "المطبخ المركزي العالمي" في غارات جوية إسرائيلية الاثنين الماضي، طلب مسؤولو وزارة الخارجية من البنتاجون إصدار خطاب موافقة على حصول إسرائيل على دفعة ذخائر، وفقاً لمسؤولين أميركيين.

وقال المسؤول إن هذه الدفعة تأتي بعد شحنات أخرى أُرسلت إلى إسرائيل على مدى سنوات لتلبية طلبات شراء ذخائر وافق عليها الكونجرس ووزارة الخارجية في عامي 2012 و2015.

وفي حالات نادرة، كان أحد مساعدي وزير الخارجية يطلب من مسؤولي الوزارة الامتناع عن إخبار نظرائهم في "البنتاجون" بإصدار خطاب موافقة، بسبب مخاوف بشأن البلد المُشتري، وفقاً لجوش بول، الذي استقال من مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية احتجاجاً على السياسة التي ينتهجها بايدن تجاه الحرب.

وقال بول للصحيفة: "يُمكنهم أن يقولوا: لقد غيّرنا رأينا"، مشدداً أن كبار المسؤولين في الوزارة يُمكنهم التدخل في أي وقت قبل حصول المشتري على سند الملكية.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى حالات أوقف فيها مسؤولون أميركيون كبار عمليات تسليم أسلحة حتى بعد حصول الدول المشترية على سندات الملكية، مثل تركيا وباكستان.

تصنيفات

قصص قد تهمك