أفاد المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط سفين كوبمانس، الثلاثاء، بأن التكتل الأوروبي يعمل مع الولايات المتحدة وعدة دول عربية من أجل خلق "خارطة طريق" تنتهي بإقامة "دولة فلسطينية حرة جنباً إلى جنب مع إسرائيل"، معتبراً أن "الوقت الحالي مناسب لتطبيق حل الدولتين".
وقال كوبمانس لـ"الشرق"، إنه من الضرورة بمكان أن يكون هناك "استعداد لليوم التالي لحرب غزة"، لافتاً إلى أن "الاتحاد الأوروبي يعمل مع الكثير من الدول العربية والدول الصديقة في أنحاء العالم، على حل الدولتين فالوقت مناسب الآن".
وسبق أن طرح كوبمانس فكرة شخصية يعمل عليها الاتحاد الأوروبي، تسمى بـ"الهندسة العكسية للسلام"، وتهدف لإرساء الحل السياسي للأزمة بين إسرائيل والفلسطينيين وهو حل الدولتين.
وفي السياق، أكد كوبمانس أن التكتل الأوروبي يحتاج إلى "العمل على مسار لتنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية حرة تنعم بالسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل التي تنعم به أيضاً".
وأشار إلى أن "فكرة الهندسة العكسية للسلام هي إيجاد خارطة طريق تتكون من عدة خطوات، وتستمر لسنوات من أجل الوصول إلى الحل"، موضحاً أن الفكرة هي "خطوة أساسية تنتهي بإقامة دولة فلسطينية حرة، وكذلك تضمن أمن إسرائيل"، لافتاً إلى أن "مسألة الأمن والجوار يعمل الاتحاد الأوروبي عليها مع الدول العربية خاصة مصر والسعودية وجامعة الدول العربية وغيرهم من الشركاء".
وذكر أن "الاتحاد الأوروبي يعمل بشكل تفصيلي على تحديد أوجه التعاون الاقتصادي والسياسي لمتطلبات الأمن وإنهاء الصراع، مع الدول العربية وفلسطين وإسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ليصلوا إلى إيجاد الخطوط العريضة لحل الدولتين".
وأردف: "رغم رفض (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية، إلا أنه بالمقابل يعمل الفلسطينيون على إيجاد حل لإقامة دولتهم".
ولفت المبعوث الأوروبي للسلام إلى أن "هناك دولاً عربية تعمل معهم على إنجاز هذه الفكرة"، مشيراً إلى أنه "في سبتمبر من العام الماضي، تمت مناقشة هذا المقترح في اجتماع كبير بالأمم المتحدة، ورحبت أميركا به، بمشاركة وزراء خارجية عرب من مصر والسعودية وعدة دول عربية أخرى، والصين واليابان، والكل عمل سوياً على صياغة هذا المقترح، وأن هناك زخماً في هذا السياق".
وتابع: "عندما نصل إلى الخطوط العريضة للدولة الفلسطينية وقتها نستطيع كأوروبيين بالتعاون مع شركائنا أن نبدأ من النهاية".
الاعتراف بفلسطين
وعن عزم دول أوروبية منفردة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، أكد كوبمانس أن "جميع الدول الأوروبية بصورة فردية يمكن أن تعبر عن نفسها للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967"، لكنه أوضح في الوقت ذاته أن "بعض الدولة الأوروبية تتحدث عن قيام الدولة الفلسطينية في وقت قريب، لكن البعض الآخر، ربما يريد الوصول إلى حل واتفاق سلام نهائي ودائم أولاً".
وأعرب المبعوث الأوروبي عن رغبته في "العمل مع كل المعنيين بهذا الشأن، وكل من يرغب في القيام بهذا الاعتراف الآن، والعمل أيضاً مع من يريد أن تكتمل صياغة عملية السلام، لإقامة دولة فلسطينية حرة، وتحقيق الأمن لإسرائيل".
وأكد أن الاتحاد الأوروبي "يعمل مع الولايات المتحدة لإنجاز السلام، ولكن ليس ذلك فحسب، بل أيضاً بالتنسيق مع الصين واليابان"، مشدداً على أن الدعم الأميركي والأوروبي وحده "غير كاف لعملية السلام".
وشدد على حاجة الأوروبيين لـ"العمل بشكل أفضل من أجل وضع مزيد من الجهود لإرساء السلام، ووضع مزيد من الضغوط على الأطراف المعنية لإنهاء الصراع"، لافتاً إلى أنه "يرى أن الأميركيين يركزون الآن على وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المحتجزين، ودخول المساعدات الإنسانية".
ضغوط أوروبية
وعن مطالبات منظمات حقوقية في أوروبا بضرورة وقف الدعم العسكري لإسرائيل، أوضح كوبمانس أن "الاتحاد الأوروبي لديه علاقات جيدة مع الفلسطينيين والإسرائيليين، وأنه من الأفضل أن يتم دعم الروابط القوية معهم، وليس تقويضها".
ولفت إلى أن "هناك دولاً عربية أيضاً لديها علاقات مع إسرائيل، والهدف هو استغلال هذه الروابط لتحقيق عملية السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية".
ولفت إلى أن "أوروبا تزيد الضغوط بطريقة معينة، وهي كذلك محظوظة، لأن لديها 27 وزير خارجية ومسؤولين مختلفين في كافة المجالات"، مضيفاً أن "هذا يساعد التكتل في العمل بشكل أسرع على صياغة إجراءات عقابية ليست فقط ضد حركة (حماس) بسبب هجمات 7 أكتوبر الماضي، بل أيضاً ضد المستوطنين الإسرائيليين الذين يرهبون الفلسطينيين في الضفة الغربية".
لكنه اعتبر أن "العقوبات الأوروبية وحدها لا يمكن أن تضع حداً للعنف في الضفة الغربية"، مشدداً على "وجوب استخدام المزيد من العناصر التي تتخطى العقوبات لوضع حد لهذا العنف".
ورأى أن "العقوبات لها أهميتها، لكنها لا تكفي، فالعمل الجماعي لمنع عنف المستوطنين هو وحده الكفيل بخلق بيئة فعالة لإقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل".
الاستيطان الإسرائيلي
وعن ضرورة وقف تمدد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أوضح كوبمانس أن "المستوطنات الإسرائيلية لن تستفيد بأي من برامج الاتحاد الأوروبي التعاونية في كافة المجالات، وهذا أمر هام بالنسبة للإسرائيليين"، مؤكداً أن "أوروبا جهة داعمة للفلسطينيين في الضفة".
وأشار إلى "انزعاج أوروبا من الاستيطان وتوسع أنشطتهم التخريبية، وهدم المنازل وبعض مقرات للأمم المتحدة التي شيدها الاتحاد الأوروبي"، وأكد أن "أوروبا متحدة تماماً في هذا الشأن لتحقيق الحرية والكرامة للشعب الفلسطيني".
وفيما يتعلق بالعملية الإسرائيلية المرتقبة في رفح، توقع المبعوث الأوروبي أن "تؤدي العملية العسكرية في رفح إلى كارثة إنسانية ضخمة للغاية".
وأوضح أن "هذا النوع من العمليات العسكرية البرية في هذه المنطقة لا يمكن أن يتم"، لافتاً إلى أنه "تحدث مع القادة الأوروبيين بشأن هذا الأمر، وأنه من غير المقبول أن تمضي هذه العملية قدماً".