ولي العهد السعودي: اقتربنا من تحقيق أهداف "رؤية 2030" قبل موعدها

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - VIA REUTERS
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - VIA REUTERS
دبي -الشرق

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء، إن لدى المملكة الكثير من الفرص الضخمة في مختلف المجالات يتم العمل على تطويرها ضمن رؤية 2030، لافتاً إلى أن النفط خدم المملكة بشكل كبير جداً، لكن مع زيادة عدد السكان لم يعد كافياً لتلبية جميع الاحتياجات.

وأضاف الأمير محمد بن سلمان، في لقاء مع الإعلامي عبد الله المديفر بثته قناة السعودية ومجموعة من القنوات العربية، أن "رؤية 2030 ضاعفت الاستثمارات الأجنبية إلى 17 مليار ريال سنوياً".

وتابع ولي العهد خلال اللقاء الذي جاء بمناسبة مرور 5 أعوام على إطلاق "رؤية المملكة 2030": "المملكة تريد أن تتفادى مسألة اعتماد الاقتصاد بشكل رئيسي على النفط".

وأكد أن لدى المملكة فرصاً ضخمة جداً في مختلف المجالات، مثل التعدين والسياحة والاستثمار "نعمل على تطويرها ضمن رؤية 2030"، مشيراً إلى أنه بعد 5 سنوات من إطلاق الرؤية تمكنت المملكة من حل مشاكل كثيرة في قطاع الإسكان.

وقال الأمير محمد بن سلمان إنه "إذا كانت أمامنا أي فرصة ولا نعمل على تحقيقها سيتم اتهامي بالتقاعس، وسنعمل على تطوير أدوات الحكومة لتحقيق الفرص المتاحة في أسرع وقت"، مضيفاً: "اقتربنا من تحقيق أهداف الرؤية قبل موعدها بكثير".

وأشار ولي العهد السعودي إلى قطاع الإسكان، وأوضح أن مشكلة تملُّك المساكن كانت من أبرز التحديات في المملكة، وكانت قائمة منذ أكثر من 20 عاماً، ولكن "رؤية السعودية 2030" ساهمت في رفع نسبة الإسكان.

وأرجع أسباب تلك المشكلة إلى أن "مركز الدولة كان ضعيفاً للغاية، وكان الوزراء جزراً متفرقة، ولا توجد سياسة عامة تساعد وزير الإسكان على التنسيق مع قطاعات الدولة الحكومية والخاصة".

وتابع الأمير محمد بن سلمان: "رؤية المملكة ساهمت في رفع نسبة تملُّك المساكن من 47% إلى 60% في 4 سنوات فقط، وهذا يعطي مؤشراً إلى ما تتجه له المملكة".

الاقتصاد غير النفطي

وقال ولي العهد السعودي إن "النمو الاقتصادي في القطاع غير النفطي كان يسير بمعدلات غير طموحة للمملكة، ولكن في الربع الأخير خلال عام 2019 بلغ 4.5%، ولولا الجائحة في 2020 لاستمر وصوله لأكثر من 5%"، مضيفاً: "سنعود هذا العام، والعام المقبل لنفس المستويات ونزيد في المستقبل".

وأضاف الأمير محمد بن سلمان أن "البطالة في بداية رؤية المملكة كانت 14%، وفي الربع الأول من 2020 وصلنا إلى 11%، كنا أفضل سادس دولة في مجموعة العشرين أداءً، ونرى الآن في إعلان الربع الأخير من 2021 أننا نعود إلى 12% بطالة، وسنكسر حاجز 11% في العام الحالي وصولاً في 2030 إلى 7%".

وتابع: "الإيرادات غير النفطية ارتفعت من 166 مليار ريال إلى 350 مليار ريال، كما تضاعفت الاستثمارات الأجنبية 3 مرات من 5 مليارات ريال سنوياً إلى 17 مليار ريال".

وفيما يتعلق بالسوق السعودي، أشار إلى أنه كان عالقاً في 4 آلاف نقطة، والآن تجاوز 10 آلاف وهذا يدل على أن القطاع الخاص بدأ ينمو.

مستقبل أرامكو

وبشأن شركة أرامكو، كشف ولي العهد أنه قد يكون هناك بيع لبعض الحصص إلى مستثمرين دوليين رئيسيين، سوف يعلن عنه خلال السنة أو السنتين القادمتين.

وأوضح أن هناك نقاشاً للاستحواذ على 1% من أرامكو من قبل إحدى الشركات الريادية في الطاقة عالمياً، وهذه ستكون صفقة مهمة جداً لتعزيز مبيعات شركة النفط السعودية.

وقال ولي العهد السعودي إن هذه الشركة إذا حصلت على 1% سوف تعزز صناعات أرامكو في السعودية، وتعزز الطلب على منتجاتها في الدولة التي تنتمي إليها.

وأضاف أن هناك نقاشات أيضاً مع شركات أخرى لشراء حصص مختلفة، لافتاً إلى أن جزءًا من أسهم أرامكو قد تحول لصندوق الاستثمارات العامة، فيما سيطرح جزء آخر "طروحات ثانوية" في السوق السعودي.

وزراء غير أكفاء

وقال ولي العهد السعودي إنه "بدون مركز دولة قوي يضع سياسات واستراتيجيات ويوائم بين الجهات المختلفة ويعطي لكل وزارة دورها الواضح لتنفيذه، لن يتحقق شيء".

ووصف عام 2015 بـ"الصعب للغاية"، كاشفاً: "كان 80% من الوزراء غير أكفاء، والخط الثاني شبه معدوم من نواب أو وكلاء وزراء، القيادات في الوزارات كانت مفقودة بنسبة عالية، والعمل كان روتينياً للغاية، ولا يوجد عمل استراتيجي لتحقيق أهداف المستقبل". 

وتابع: "قبل أن تحقق أي شيء يجب أن تبني فريقاً يساعدك لإنجاز تطلعات السعوديين، لذا كان عام 2015 عاماً صعباً تمّ فيه تنفيذ جزء بسيط من إعادة هيكلة الحكومة، وبعض الوزارات والقطاعات وتعيين الوزراء والنواب والوكلاء، ثم تعيين فريق القيادات القادر على تنفيذ الاستراتيجية".

منافسة عالمية

وأشار ولي العهد إلى أنه بعد إنجاز أهداف رؤية 2030 ستبدأ رؤية 2040، وقال "رؤية 2030 تضعنا في موقع متقدم جداً في العالم، لكن 2040 سوف تكون مرحلة المنافسة عالمياً".

وأكد أن "المواطن السعودي هو أعظم شيء تملكه المملكة للنجاح، وبدون المواطن السعودي لن نستطيع أن نحقق أي شي مما حققناه".

وشدد على أن "الخوف ليس موجوداً في قاموس السعودي"، مضيفاً: "حققنا إنجازات كبيرة جداً في الأربع سنوات الماضية، ونتطلع لتحقيق أكثر".

تطوير التعليم

وبخصوص التعليم بالمملكة، قال ولي العهد السعودي: "لدينا 5 جامعات في مؤشرات مختلفة مصنفة من أهم 500 جامعة في العالم، وتستهدف الرؤية أن يكون لدينا 3 جامعات من أهم 200 جامعة في العالم".

وأضاف "تعليمنا ليس سيئاً وأغلب القياديين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص هم من خريجي التعليم في المملكة العربية السعودية"، مشيراً إلى أن مصادر التعليم أصبحت مفتوحة، وأن التركيز سيكون في خطط التطوير على المهارات.

الرياض أكبر محفز للنمو 

وفيما يتعلق بزيادة عدد سكان الرياض، قال ولي العهد: "80% من اقتصاديات العالم قائمة على المدن، فإذا أردت أن تخلق تنمية اخلق تنمية في المدينة.. ومدينة الرياض خططت بشكل جيد من قبل الملك سلمان، وهي أفضل مدينة من ناحية البنية التحتية في المملكة، ومن أفضل المدن في الشرق الأوسط".

وكشف أن عدد الوظائف في الرياض تقريباً 3 ملايين وظيفة، مضيفاً أنه "إذا أردنا الوصول إلى 20 مليون نسمة نحتاج إلى خلق 6 ملايين وظيفة إضافية في مدينة الرياض".

وتابع ولي العهد السعودي، أن الرياض تشكل تقريباً نصف الاقتصاد غير النفطي للسعودية، مما يعني أنه إذا أردت خلق وظائف ونمو عليك التركيز على مدينة الرياض لأنها أكبر محفز لخلق النمو الضخم.

العلاقات الأميركية

وحول العلاقات مع الولايات المتحدة، قال ولي العهد إن "الولايات المتحدة شريك استراتيجي للمملكة منذ أكثر من 80 عاماً. وهناك توافق سعودي مع إدارة الرئيس بايدن بنسبة 90% من الأفكار".

وأضاف أنه "مع أي إدارة أميركية وأخرى قد يزيد هامش الخلاف أو يقل، ولكن مع إدارة الرئيس جو بايدن هناك أقل 10% من الخلافات نعمل على تقليلها وحلها"، لافتاً إلى أنه ليس هناك أي اتفاق مئة بالمئة بين الدول وهذا هامش اختلاف طبيعي.

وأضاف: "المصالح نعززها دائماً"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة بلا شك شريك استراتيحي للمملكة، وهذه الشراكة لها أثر كبير جداً على المملكة، وأيضاً على الولايات المتحدة الأميركية".

شراكات استراتيجية

وقال ولي العهد: "مع ذلك نحن نعمل مع العالم كله"، ونعمل على الحفاظ على شراكاتنا الاستراتيجية مع شركائنا في المنطقة، الذين هم أهم شركاء لنا، ابتداء بدول الخليج، والدول العربية، ودول الشرق الأوسط، كما نعمل على تعزيز تحالفاتنا مع شركائنا في أنحاء العالم، الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وأوروبا.

وأضاف "كذلك نعمل على صنع شراكات جديدة مع الجميع، سواء روسيا أو الهند أو الصين أو أميركا اللاتينية أو إفريقيا، أو غيرها، لمصالح المملكة، بما لا يضر أي دولة أخرى في العالم".

وأشار ولي العهد السعودي إلى أن الصين أعلنت أن المملكة شريك استراتيجي، وكذلك الهند وروسيا أعلنتا الأمر نفسه، وأضاف: "لا تزال السعودية شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة، نعزز مصالحنا مع الجميع، بما يخدمنا، وبما يخدمهم، وبما يخدم المصالح الدولية".

وتابع "في الأخير كل دولة لها الخيار، إن استطعنا العمل معهم على إنجاز ما فيه الخير للجميع كان بها، وإن لم نستطع فالخيارات واسعة في العالم". وأكد أن المملكة "لن تقبل أي ضغط أو تدخل في شأنها الداخلي".

إيران واليمن

وحول إيران، قال ولي العهد السعودي، إنه يهدف لأن تكون علاقات المملكة بإيران طيبة وقوية وفيها منفعة للجميع. وأوضح أن "إيران دولة جارة وكل ما نطمح له أن تكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران، لا نريد وضع إيران أن يكون صعباً بالعكس".

وأضاف: "لدينا مصلحة في استقرار إيران، ولكن الإشكال في التصرفات السلبية لإيران في برنامجها النووي، وبرنامج صواريخها البالستية، ودعمها لمليشيات خارجية". وتابع: "نعمل لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات، وأن تكون العلاقة طيبة وقوية وفيها منفعة للجميع".

وعلق الأمير محمد بن سلمان، على قضية اليمن بالقول إنها ليست أول أزمة تمر بين المملكة واليمن، إذ سبقتها عدة أزمات كان آخرها عند توسع الحوثي عام 2014 حتى وصل إلى صنعاء في 2015، وهو ما وصفه بالأمر "غير القانوني في اليمن أو أي دولة أخرى".

وأضاف: "ليست هناك دولة في العالم تقبل بوجود ميليشيا على حدودها. هذا غير مقبول للسعودية، وغير مقبول لدول المنطقة، وأيضاً غير مقبول للشرعية في اليمن". وتابع: "نتمنى أن يجلس الحوثي على طاولة المفاوضات مع جميع الأقطاب اليمنية للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن، وتضمن مصالح دول المنطقة".

وحول علاقة جماعة الحوثي بإيران، قال ولي العهد السعودي: "أعتقد أن الحوثي له علاقة قوية بالنظام الإيراني، لكن الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة عروبية. أتمنى يراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شئ آخر".