لا يزال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يمثل حضوراً كبيراً في تراجع سياسة الجمهوريين بالكونغرس، على الرغم من رحيله عن البيت الأبيض، إذ قدم قادة حزبه وجهات نظر متضاربة خلال تجمعهم السنوي حول انتخابات 2020، الذي عُقد في فلوريدا، وناقشوا سبل استعادة السيطرة على مجلس الشيوخ ودوره في مستقبل الحزب.
واشتد الانقسام في الحزب، بعد أن اقتحم حشد من أنصار ترمب مبنى الكابيتول في 6 يناير الماضي، احتجاجاً على تصديق الكونغرس على انتصارات الرئيس جو بايدن الانتخابية. وبعد أربعة أشهر، اتحد قادة الحزب في مجلس النواب إلى حد كبير بشأن السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ولكنهم انقسموا حول الدور الذي يجب أن يلعبه ترمب، مع دخول الحزب دورة الانتخابات النصفية.
وخلال أول 100 يوم من إدارة بايدن، رسم زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي ورئيسة مؤتمر الحزب في المجلس ليز تشيني مسارات مختلفة للحزب الجمهوري، إذ حثت الأخيرة الحزب على "اتباع سياسة النأي بالنفس عن الرئيس السابق"، بينما أكد مكارثي "ضرورة اتباع نهج الوحدة مع ترمب".
ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الانقسام بين مكارثي وتشيني يُعد رمزاً لخلاف أوسع داخل الحزب الجمهوري الذي لا يزال على اختلاف شديد حول كيفية التعامل مع ترمب، منذ خروجه من منصبه قبل أكثر من ثلاثة أشهر.
يأتي ذلك فيما أظهر استطلاع أجرته شبكة "إن بي سي نيوز"، الثلاثاء، أن 44 % من ناخبي الحزب الجمهوري قالوا إنهم يعتبرون أنفسهم "مؤيدين لترمب أكثر من كونهم مؤيدين للحزب الجمهوري".
معسكران مختلفان
انقسم الحزب إلى معسكرين، أحدهم يؤيد مكارثي، وهم من معتنقي سياسات ترمب، ودافعوا عن مزاعمه بأن الانتخابات سُرقت، كما ظلّ مكارثي عل اتصال وثيق بترمب، بما في ذلك زياته مرتين على الأقل بمنتجعه في فلوريدا هذا العام.
وقالت جين تيمكين، رئيسة الحزب الجمهوري السابقة في أوهايو، إن ترمب "الجمهوري الأكثر شعبية في أميركا، وعملت أجندته لصالح أهالي أوهايو".
وتابعت: "دافعت عن سياسات أميركا أولاً خلال السنوات الأربع الماضية، وسأدافع عن ترمب في مجلس الشيوخ لأنه الأفضل لأوهايو".
وفي المعسكر الآخر، يوجد تشيني ومؤيدوها الذين انتقدوا الرئيس السابق مراراً، ويبدو أنهم "مستعدون لتجاوز الاضطرابات والجدل الذي رافق سنواته الأربع في المنصب".
وفي هذا السياق، قالت تشيني في مقابلة أوردتها صحيفة "وول ستريت جورنال": "علينا أن نتعلم من دروس عام 2020، بسبب مزاعم ترمب حول الانتخابات المسروقة، صوّت واحد من 10 جمهوريين لعزله في يناير، بعد تحريضه على أعمال الشغب، لكن تمت تبرئته في مجلس الشيوخ".
وعندما سُئلت عن دور ترمب، قالت تشيني: "أعتقد أن قادتنا المنتخبين هم المسؤولون عن الحزب الجمهوري".
وتابعت: "بينما نترقب (انتخابات التجديد النصفي للكونغرس والرئاسة) 2022 و2024، سنركز بشكل كبير على المضمون والقضايا".
يستعد ترمب للعب دور في الانتخابات المقبلة، ولكن تشيني استبعدت تأثيره ليس على انتخابات التجديد النصفي فحسب، ولكن في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولاء لترمب
ونقلت صحيفة "ذا هيل" عن أحد المحللين الاستراتيجيين الجمهوريين المشاركين في العديد من السباقات الرئيسية، والذي طلب عدم الكشف عن هويته: "ستنتهي الحمى في النهاية، لكننا الآن في وقت يكون فيه المؤهل الرئيسي للفوز في الانتخابات التمهيدية، هو ما إذا كان المرشح يدعم ترمب".
وأضاف: "يظل ترمب أفضل جامع تبرعات داخل الحزب الجمهوري، أكثر من أي مرشح آخر في تاريخ الحزب".
وكان ترمب سعى إلى الحفاظ على نفوذه في الحزب الجمهوري، إذ قام بجمع التبرعات للمرشحين الذين ينفقون الأموال للتواصل مع المانحين في منتجعه بفلوريدا، كما يؤيد أولئك الذين يعتبرهم داعمين بما فيه الكفاية.
ويقول المراقبون إن الولاء لترمب هو "علامة على قبضته على الناخبين الجمهوريين الأساسيين، حتى لو كان بعض دعمه قد تراجع".
استعادة البيت الأبيض
من جهته، لم يستبعد ترمب القيام بمحاولة لاستعادة البيت الأبيض، وربما يكون منافساً رئيسياً على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري.
وقبل أسبوعين، قال الرئيس السابق لأعضاء في الحزب الجمهوري، إنه سيساعدهم في الفوز بانتخابات الكونغرس العام المقبل، ولكنه أحجم عن توضيح ما إذا كان سيسعى للفوز بفترة ولاية رئاسية في انتخابات 2024.
ووفقاً لوكالة "رويترز"، فقد أقام ترمب مأدبة عشاء في ناديه بولاية فلوريدا لمانحي اللجنة الوطنية الجمهورية، الذين يمضون مطلع الأسبوع في مدينة بالم بيتش (مقر إقامة ترمب في فلوريدا)، لإعداد مسار الحزب في المستقبل.