الناجون من حرب السودان.. 4 حكايات عن محاولة البقاء على قيد الحياة

لاجئون سودانيون يتجمعون للتزود بالمياه من نقطة مياه بمخيم فرشانا للاجئين في تشاد. 8 أبريل 2024 - AFP
لاجئون سودانيون يتجمعون للتزود بالمياه من نقطة مياه بمخيم فرشانا للاجئين في تشاد. 8 أبريل 2024 - AFP
كفرون (تشاد)أ ف ب

بعد عام على بدء الحرب في السودان، تتواصل حكايات الناجين من المعارك بحثاً عن مكان آمن يتيح لهم السعي من أجل البقاء على قيد الحياة.

فقد تمكّن ألاباكي عباس إسحق، وهو أحد الناجين مما تعتبره الأمم المتحدة "إبادة جماعية" محتملة في دارفور، من الفرار إلى تشاد المجاورة، حيث يعيش في مخيم للاجئين منذ شهر.

يقول إسحق (24 عاماً) إنه اختبأ عاماً تقريباً لينجو بحياته من المجازر التي تحدث في هذه المنطقة الواقعة في غرب السودان، والتي كانت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مسرحاً لفظائع وحشية، قبل أن يفرّ إلى تشاد، حيث يعيش منذ شهر في مخيم للاجئين في بلدة كفرون الحدودية.

في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور على مسافة 20 كيلومتراً من الحدود التشادية، تنقّل إسحق بين أنقاض منازل مدمّرة هرباً من قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).

واندلعت المعارك في الخرطوم في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه في ذلك الحين محمد حمدان دقلو.

وأدّت هذه الاشتباكات التي امتدت إلى مساحات واسعة من البلاد إلى سقوط آلاف الأشخاص، من بينهم ما يتراوح بين 10 آلاف إلى 15 ألفاً في مدينة الجنينة وحدها، وفق الأمم المتحدة.

الهرب من الدعم السريع

ويروي إسحق أن قوات الدعم السريع "حاولت تجنيدي للمشاركة في المجازر، لكنني رفضت ووضعوني على قائمة الأشخاص الذين سيعدمون".

ويضيف: "رأيتهم يلقون أشخاصاً أعرفهم في مقابر جماعية ويدفنونهم أحياء.. وعندما يصبح هناك الكثير من الجثث، تجمعها قوات الدعم السريع مثل القمامة قبل إحراقها".

ويقول إنه يكسب في كفرون "أحياناً القليل من المال من خلال العمل في السوق المحلية"، ولا يأكل إلا "وجبة واحدة كل يومين"، معرباً عن خشيته من موسم الأمطار، ويمضي بالقول: "ليس لديّ ما أبني به ملجأ".

ويوضح أنه يستخدم حصائر قش كسقف فوق رأسه مثلما يفعل اللاجئون في كفرون والبالغ عددهم 9100 وفقا للأمم المتحدة.

مليون لاجئ

تضمّ تشاد أكبر عدد من اللاجئين السودانيين، مع مليون سوداني. وخلال عام، وصل إلى البلاد أكثر من 571 ألفا سيراً على الأقدام، أو على بغال، ليضافوا إلى أكثر من 400 ألف سوداني فروا من الحرب السابقة في دارفور منذ العام 2003.

تعد أدري، المدينة التشادية الواقعة أيضاً على الحدود، نقطة الدخول الرئيسية للسودانيين.

ويتكدّس أكثر من 160 ألف لاجئ وصلوا في الأشهر الأخيرة، في أحد المخيمات هناك، من بينهم هدى إسحق فضل الله التي وصلت مطلع نوفمبر مع أولادها السبعة.

وتخبر هدى البالغة 56 عاماً: "دخل أفراد من قوات الدعم السريع منزلنا، وأطلقوا النار على زوجي قبل أن يسرقوا كل ما في وسعهم فيما كان آخرون يضربوننا".

وتتكرر المشاهد في قصص الناجين في أدري، حيث تمثل النساء والأطفال حوالي 90% من اللاجئين السودانيين الذين يصلون إليها منذ العام الماضي، وفقاً للأمم المتحدة.

برنامج الأغذية

قبل شهر، حذّر برنامج الأغذية العالمي أنه سيضطر في أبريل لوقف مساعداته للاجئين السودانيين في تشاد بسبب نقص التمويل، داعياً إلى حشد تبرعات لـ"تجنب كارثة".

وتقول هدى: "الإعاشات الشهرية التي يوزّعونها علينا لا تكفي إلا لعشرين يوماً كحد أقصى، وأنا أضطر إلى اصطحاب طفلَي الأكبر سناً (9 و14 عاما) للعمل معي عندما أجد ما أكسب منه بعض الأموال، مثل غسل الملابس أو صنع الطوب".

من جهتها، لم تعد أشا محمد موسى، وهي لاجئة منذ عشرة أشهر في تونجوري الواقعة على مسافة 15 كيلومتراً من أدري، تعتمد على حصص برنامج الأغذية العالمي.

وتقول هذه الشابة البالغة 23 عاماً، والتي فرّت من الجنينة: "تلقيت 3 (حصص) فقط منذ وصولي، ولم أتلق أي شيء منذ فبراير".

أما زوجها فبقي هناك، وانضم إلى إحدى الميليشيات المشاركة في القتال.

انفلات أمني

يبدو الجزء الذي تعيش فيه في المخيم المصنوع من القش والقصب، شبه مهجور.

تسببت الرياح في انهيار بعض الأكواخ فيما تحول بعضها الآخر إلى رماد أسود ممزوج بالرمل إذ "خلال الشهرين الماضيين، أحرق 210 ملاجئ" وفق ما توضح أشا.

والمخيمات الأخرى ليست بمنأى عن الانفلات الأمني المتزايد.

في فرشانة الواقعة على مسافة نحو 40 كيلومتراً من الحدود، يتكدّس 42 ألف لاجئ.

تظهر المزارعة الشابة حمرة آدم محمد بفخر المنزل الصغير الذي بنته بمفردها خلال شهرين، بعدما "سرق لصوص أغراضها، وقطعوا القماش المشمع" لملجئها الأول.

وتشكو حمرة من توترات مع سكان فرشانة التشاديين قائلة: "لا يوجد ما يكفي من الماء أو الغذاء للجميع".

ويؤكّد حاكم المنطقة بشار علي سليمان أن التجاوزات تحصل بشكل متزايد، وطلبنا تعزيزات من قوات الدرك" مستنكراً غياب التعبئة الدولية.

ويضيف: "عندما نرى الاهتمام الإنساني بأوكرانيا أو فلسطين، نشعر بأننا منسيون".

تصنيفات

قصص قد تهمك