تفكك السودان والمجاعة في مؤتمر تستضيفه فرنسا بعد عام على الحرب

طفل سوداني يمسك خراطيش بندقية. الخرطوم، السودان. 13 مايو 2023 - Reuters
طفل سوداني يمسك خراطيش بندقية. الخرطوم، السودان. 13 مايو 2023 - Reuters
دبي-أ ف ب

تشهد العاصمة الفرنسية باريس، الاثنين، انطلاق مؤتمر دولي بشأن السودان في الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب التي استحالت "أزمة منسية" ذات عواقب إنسانية كارثية ومخاطر جيوسياسية كبيرة.

ويشمل الاجتماع، الذي تشارك ألمانيا في رئاسته، شقّاً سياسياً في الصباح، على المستوى الوزاري، لمحاولة إيجاد مخارج للنزاع، وشقّاً إنسانياً هدفه تعبئة التبرعات وتقديم معونة ضخمة لهذا البلد المدمر في القرن الإفريقي. كما يضم اجتماعاً لنحو 40 شخصية من المجتمع المدني.

وقال نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان: "الفكرة هي إعادة الأزمة إلى صدارة جدول الأعمال. يجب ألا يُسمح بأن يصبح السودان أزمة منسية".

وشددت الخارجية الفرنسية على أن "الاهتمام الدولي ينصب على غزة وأوكرانيا أكثر من السودان"، مشيرة إلى أن الأزمة السودانية "إنسانية، لكن جيوسياسية أيضاً". وقالت إن "خطر تفكك السودان وزعزعة استقرار القرن الإفريقي بكامله كبير جداً".

وتستضيف باريس المؤتمر الدولي من أجل السودان بعد مرور عام على بدء الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.

وخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف الضحايا بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في إحدى مدن غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

كما دفعت الحرب البلاد، البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة، إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص بحسب الأمم المتحدة.

وشددت منظمة "العمل لمكافحة الجوع" (أكسيون كونتر لا فان) غير الحكومية على الحاجة إلى تحرك "عاجل" في تشاد لتوفير المساعدات إلى اللاجئين الذين يتدفقون عبر الحدود من السودان المجاور.

بدوره، أكد مدير السودان في المجلس النرويجي للاجئين وليام كارتر أن "المدنيين يعانون الجوع والعنف الجنسي الهائل والمجازر العرقية على نطاق واسع والإعدامات.. ورغم ذلك، يواصل العالم الإشاحة بنظره".

وشدد، في بيان، على أن "اليوم (الذكرى السنوية) يمثّل محطة مخزية للطرفين المتحاربين في السودان، بالإضافة إلى المجتمع الدولي الذي ترك هذه الكارثة تزداد سوءًا".

تغييب طرفي النزاع

وأعربت الخارجية السودانية، الجمعة، عن "بالغ دهشتها واستنكارها" لاستبعادها عن المؤتمر الإنساني الدولي من أجل السودان الذي سيعقد في باريس منددة "بالاستخفاف" بمبدأ سيادة الدول.

ولم تتم دعوة أي من الطرفين المتحاربين في السودان لحضور مؤتمر "المانحين" في باريس، والذي يسعى إلى معالجة ضعف تمويل الطوارئ في السودان والدول المجاورة والنقص الذي يبلغ أكثر من 2.5 مليار دولار.

وأعربت الخارجية السودانية "عن بالغ دهشتها واستنكارها" لانعقاد "هذا المؤتمر حول شأن من شؤون السودان، الدولة المستقلة وذات السيادة والعضو بالأمم المتحدة، بدون التشاور أو التنسيق مع حكومتها وبدون مشاركتها".

وانتقدت الخارجية السودانية الحكومة الفرنسية لاستضافتها المؤتمر قائلة إن سلوكها يمثل "استخفافاً بالغاً بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبدأ سيادة الدول".

ودانت الخارجية السودانية قيام منظمي المؤتمر باستبعاد الطرفين، واتهمتهم بـ "الاختباء خلف ذريعة الحياد بين من يسميهما المنظمون طرفي نزاع لتبرير تجاهل السودان في تنظيم هذا الاجتماع"، مستنكرة "المساواة بين الحكومة الشرعية والجيش الوطني من جهة، ومليشيا إرهابية متعددة الجنسيات".

ونقلت وزارة الخارجية السودانية مكاتبها إلى مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر منذ اجتاحت قوات الدعم السريع العاصمة الخرطوم ومدن أخرى في المراحل الأولى من الحرب.

"محطة مخزية"

وفي حين يحتاج نحو 25 مليون شخص في السودان، أي نحو نصف عدد السكان، إلى المساعدة، حذّر رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود جان ستويل، في بيان، من "فراغ إنساني يثير القلق للغاية".

وتابع: "إضافة إلى الوفيات المرتبطة بأعمال العنف، نرى الأطفال يتوفون جراء سوء التغذية ونقص اللقاحات، ونساء يعانين مضاعفات بعد ولادات خطرة".

وأوضحت الخارجية الفرنسية أن "تمويل النداء الإنساني للأمم المتحدة في العام الماضي لم يبلغ سوى النصف. وهذا العام، لم تتخط نسبة التمويل 5%"، مؤكدة أنها لا تتوقع سدّ هذا العجز خلال مؤتمر باريس "لكن نأمل في أن يستيقظ المجتمع الدولي".

ويسعى مؤتمر "المانحين" في باريس إلى معالجة ضعف تمويل الطوارئ في السودان والدول المجاورة والنقص الذي يبلغ أكثر من 2.5 مليار دولار. 

وتعثرت جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة والسعودية منذ أشهر. وأعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو، الخميس، عن أمله في أن يساعد مؤتمر باريس على استئناف المحادثات.

وعلى المستوى السياسي، من المقرر أن تعقد اجتماعات سياسية تشارك فيها دول الجوار (مصر، تشاد، ليبيا، كينيا، جيبوتي، جنوب السودان وإثيوبيا)، إضافة إلى الخليج (السعودية والإمارات)، والقوى الغربية (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج).

كما ستحضر منظمات إقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيجاد"، إضافة إلى وكالات للأمم المتحدة.

ويأمل المجتمعون في "الاتفاق على إعلان مبادئ وإجراء تقييم لمختلف مبادرات إحلال السلام" في السودان، وفق الخارجية الفرنسية.

وتزامناً، يجتمع نحو 40 شخصاً يمثلون المجتمع المدني السوداني في معهد العالم العربي في باريس. وأكدت الخارجية الفرنسية أنه ستتوافر لهؤلاء، وبينهم ناشطون ونقابيون وباحثون وصحافيون ورجال أعمال وغيرهم، "مساحة للتحدث عن مسار السلام ومرحلة ما بعد الحرب".

وحضّت مديرة القرن الإفريقي في منظمة هيومن رايتس ووتش ليتيسا بدر على صدور "رسالة صارمة" وعقوبات دولية ضد طرفي الحرب، متهمة إياهما بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية" ونهب ما وصل منها، والتخطيط لعمليات "قتل العاملين الإنسانيين"، إضافة إلى سلسلة من الانتهاكات بحق المدنيين.

وشددت على أن "من الضروري أن يعقد هذا المؤتمر، لكنه لا يجب أن يصبح ذريعة لنسيان السودان مرة أخرى".

تصنيفات

قصص قد تهمك