قدّمت أستراليا، الأربعاء، أول استراتيجية دفاعية وطنية لها على الإطلاق تركّز على المحيط الهادئ، وذلك في مواجهة ما أسمته بـ"التكتيكات القسرية" الصينية والمخاطر المتزايدة لنشوب صراع إقليمي، فيما ردت بكين على إعلان الاستراتيجية قائلة إنها "لا تمثل خطراً" على أي بلد.
وقال وزير الدفاع الأسترالي، ريتشارد مارليس، إنّ "الافتراضات المتفائلة التي وجّهت التخطيط الدفاعي بعد نهاية الحرب الباردة، ولّت منذ فترة طويلة"، كاشفاً النقاب عن الاستراتيجية الجديدة ومحذّراً من أنّ المنطقة قد تشهد نزاعاً خلال السنوات الـ10 المقبلة.
وأضاف أنّ "الصين استخدمت تكتيكات قسرية في سعيها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية"، موضحاً أنه "بدلاً من التركيز على جيش متوازن يمكنه القيام بمهام متعدّدة في أيّ مكان في العالم سيتعيّن على أستراليا أن تركّز على حماية مصالحها في منطقتها المباشرة".
وأردف: "نحن دولة جزيرة تجارة بحرية"، مضيفاً أنّ أستراليا يجب أن تكون قادرة على "منع خصومها من خنق التجارة أو منع وصولها إلى ممرّات الشحن الحيوية".
وأضاف مارليس أنّ "غزو أستراليا احتمال غير مرجّح في أيّ سيناريو، وذلك على وجه التحديد، لأنّ الكثير من الضرّر يمكن أن يلحق ببلادنا من قبل خصم، دون أن يضطر إلى أن تطأ قدماه الأراضي الأسترالية".
وأوضح أنّ عماد الاستراتيجية الجديدة يكمن في "امتلاكنا القوة البحرية الأكثر قدرة في تاريخنا، وذلك من خلال بناء أسطول من الغواصات الخفية التي تعمل بالطاقة النووية، ومضاعفة القدرات الصاروخية الرئيسية ثلاث مرات، وبناء أسطول كبير من السفن الحربية".
ورداً على الإعلان، قالت الصين الأربعاء، إنها "لا تمثل خطراً" على أي بلد، ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية لين جيان كانبيرا إلى "الامتناع عن توجيه اتهامات ضد الصين عند أي مناسبة".
ما مضمون الخطة الأسترالية؟
ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الحكومة الأسترالية تخطط لاستثمار 50 مليار دولار أسترالي إضافي، أو ما يقرب من 32 مليار دولار، في الدفاع على مدى العقد المقبل، مع توقع بأن يرتفع تمويل الدفاع إلى 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2033-2034 مقارنة بـ 2.1% في 2024-2025.
ومن المتوقع أن ينمو الإنفاق الدفاعي من حوالي 55 مليار دولار أسترالي في 2024-2025 إلى حوالي 100 مليار دولار أسترالي في 2033-2034.
كما حدد الحليف الرئيسي للولايات المتحدة خططاً لإصلاح قواته العسكرية، إذ قال المسؤولون إن الفكرة هي "ردع محاولات أي خصم محتمل لاستعراض قوته من خلال المناهج الشمالية لأستراليا".
وفي هذا الصدد، قال المسؤولون إنهم يريدون أن يكون الجيش الأسترالي "قوة أكثر تركيزاً يمكنها معالجة أهم المخاطر الاستراتيجية التي تواجهها البلاد، وهذا يعني أن أستراليا تخطط لتطوير قوة بحرية أكبر وأكثر فتكاً، وجيش يمكنه العمل بشكل أفضل في البيئات الساحلية، وقوة جوية أفضل، فضلاً عن المزيد من القدرات السيبرانية والفضائية".
وتشمل الأولويات الفورية، وفقاً لاستراتيجية الدفاع الوطني الجديدة، خطة للحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية من خلال شراكة "أوكوس" الثلاثية مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وتعزيز الضربات بعيدة المدى وتصنيع الصواريخ.
مواجهة الصين
يأتي ذلك في وقت، قال فيه مسؤولون أميركيون إن الجيش الصيني تلقى تعليمات بالاستعداد لغزو تايوان بحلول عام 2027، ما دفع واشنطن إلى تعزيز شبكة تحالفاتها في المنطقة، لردع بكين.
وقامت أستراليا بتعميق تعاونها الدفاعي مع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، وكثيراً ما يتدرب جيوش البلدين معاً ويشترون المعدات نفسها، إذ انضمت مؤخراً إلى الولايات المتحدة واليابان والفلبين في مناورات بحرية في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.
وفي الوقت نفسه، سعت الحكومة الأسترالية ذات الميول اليسارية، برئاسة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، إلى تحسين العلاقات الدبلوماسية مع الصين، أكبر شريك تجاري لها، حيث استؤنف الحوار رفيع المستوى بين البلدين منذ فوز ألبانيز بالانتخابات في عام 2022، وتحركت بكين مؤخراً لرفع القيود التجارية عن السلع الأسترالية.