حذَّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، فيليب لازاريني، الأربعاء، مما وصفه بالحملة الخبيثة للقضاء على عمل الوكالة.
جاء ذلك خلال جلسة مجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط، حيث تحدث المسؤول الأممي عن الآثار التي خلفتها 6 أشهر من القصف المتواصل و"الحصار الذي لا يرحم في غزة".
مجاعة وشيكة
وفيما طالب لازاريني بإجراء تحقيق مستقل، وضمان المساءلة عن التجاهل الصارخ لوضع الحماية المكفول للوكالة بموجب القانون الدولي لعاملي الإغاثة، وأنشطتها، ومرافقها، أشار إلى "مجاعة وشيكة من صنع البشر" في قطاع غزة.
وبشكل تفصيلي، أوضح لازاريني: "في الشمال، بدأ الرضع والأطفال الصغار يموتون بسبب سوء التغذية والجفاف. وعبر الحدود ينتظر الغذاء والماء النظيف. ولكن الأونروا لا يُسمح لها بتوصيل هذه المساعدات وإنقاذ الأرواح".
وقال إن الأونروا تواجه حملة لإبعادها عن الأرض الفلسطينية المحتلة، ففي غزة، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إنهاء أنشطة الوكالة.
وأوضح: "طلبات الوكالة لتوصيل الإغاثة إلى الشمال تُرفض بشكل متكرر. موظفونا ممنوعون من المشاركة في اجتماعات التنسيق بين إسرائيل والجهات الإنسانية. والأسوأ من ذلك، استهدفت منشآت الأونروا وموظفوها منذ بدء الحرب".
وأشار إلى مصرع 178 موظفاً لدى الأونروا في غزة منذ 7 أكتوبر. وذكر أن موظفي الأونروا الذين احتجزتهم قوات الأمن الإسرائيلية تحدثوا عن شهادات مروعة لسوء المعاملة، والتعذيب في الاحتجاز.
نظام الفصل الإسرائيلي
وقال المفوض العام للأونروا إن الهجمات اليومية من المستوطنين الإسرائيليين والاقتحامات العسكرية وتدمير المنازل والبنية الأساسية المدنية في الضفة الغربية "جزء من نظام الفصل والقمع".
وكرر لازاريني التأكيد على أن الدعوات لإغلاق وكالة الأونروا لا تتعلق بالامتثال للقواعد الإنسانية، ولكن بمحاولة إنهاء "وضع اللجوء" لملايين الفلسطينيين. وقال إن اتهام الأونروا بأنها تطيل أمد حالة اللجوء هذه "كاذبة".
بيان المجموعة العربية
من جانبه، ألقى مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد العزيز الواصل، بياناً نيابة عن المجموعة العربية خلال جلسة الإحاطة بشأن وكالة (الأونروا).
وجاء في البيان: "واجهت الأونروا وموظفوها خلال الأشهر الماضية حملة تشهير شرسة وظالمة وغير مسبوقة في تاريخ المنظمات الدولية، وتم رمي الادعاءات والتهم دون أي أدلة أو مبررات، سوى الرغبة في القضاء على الأونروا".
وأضاف: "شهدنا جميعاً كيف امتزجت دماء العاملين في الأونروا بدماء الأبرياء المدنيين العزل، حيث قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 176 موظفاً من وكالة الأونروا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع".
وقال البيان: "إن الأونروا خرجت من رحم منظمة الأمم المتحدة، وأسباب إنشائها لا تخفى على الجميع، ولا تزال تلك الأسباب قائمة، فالشعب الفلسطيني تعرض ولا يزال يتعرض لتهجير ممنهج مستمر حتى يومنا هذا".
وتابع: "عاصرت الأونروا أزمة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود وعايشت نكباته ونكاساته، لحظة بلحظة وجيلاً بعد جيل، ودورها غير قابل للاستبدال مطلقاً فهي شريان الحياة الباعث للأمل للاجئين الفلسطينيين".
وأعاد البيان التأكيد على دعم المجموعة العربية الكامل لوكالة الأونروا والإشادة بدورها المهم، مع الدعوة للاستمرار في تمويلها.
فلسطين: الأونروا جزءاً من تاريخ اللاجئين
بدوره، قال زياد أبو عمرو الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني إن الأونروا "ليست مجرد مشروع إنساني، إنما هي شاهد تاريخي على التزام المجتمع الدولي، بل واجبه تجاه اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من ديارهم بسبب نكبة عام 1948".
وأكد أن الأونروا أصبحت جزءا من تاريخ اللاجئين الفلسطينيين، وأصبح دورها محورياً في حاضرهم، وفي حياتهم اليومية، وهي بالنسبة للكثيرين شريان الحياة الوحيد الذي يساعدهم على العيش الكريم، خاصة في ظل واقع خطير وقاس تتزايد فيه المخاوف والتوترات، مشدداً على أن أي بديل عنها لن يحظى بهذه المكانة ولا بثقة اللاجئين الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الحملات الإسرائيلية على الأونروا ليست جديدة، داعياً إلى الضغط على إسرائيل لكي تتوقف فوراً عن عرقلة عمليات الأونروا "وانتهاك ولايتها"، مضيفاً: "لقد حان الوقت لحل مشكلة اللاجئين الأكبر والأطول في التاريخ".
الجزائر تطالب بـ"موقف شجاع"
وفي الجلسة ذاتها، قال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إن الوكالة تتعرض "لهجوم سافر واستهداف مشين من قبل الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني".
واعتبر أن هذا الاستهداف "جزء لا يتجزأ من المخطط الإسرائيلي الرامي لتصفية القضية الفلسطينية، وإفراغ المشروع الوطني الفلسطيني من محتواه، وهدم أركان ومقومات الدولة الفلسطينية".
وأضاف عطاف، أن المجموعة الدولية مطالبة بالرد بموقف جريء وشجاع لحماية وكالة الأونروا، وتسهيل استمرارية أنشطتها الحيوية. وأعلن تقديم بلاده "مساهمة مالية استثنائية" للأونروا قدرها 15 مليون دولار.
الأردن يحذر من "حملة تضليل"
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في كلمته، إن إسرائيل تريد كسر الأونروا التي تعد العمود الفقري للجهود الإنسانية في غزة.
ودعا أعضاء المجلس إلى عدم السماح لها بذلك. وأوضح: "الأونروا تستحق دعمكم، لأنها الوحيدة القادرة على تقديم المساعدة الحقيقية للفلسطينيين الجائعين في غزة، وتوفير الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس".
ومناطق عمليات الأونروا هي: غزة، الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، الأردن، لبنان وسوريا.
وقال الصفدي، إن حملة التضليل التي تقوم الحكومة الإسرائيلية ضد الأونروا يجب ألا تشكل النظرة العالمية للوكالة. وأضاف أن الهدف من الهجوم على الأونروا هو القضاء على حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
"دور لا غنى عنه"
من جانبه، قال روبرت وود، نائب المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن الكونجرس الأميركي أوقف تقديم مساهمات إضافية للوكالة في أعقاب "الادعاءات الخطيرة" بشأن المشاركة المزعومة لعدد من موظفيها في هجمات 7 أكتوبر، وحث "الأونروا ومنظومة الأمم المتحدة الأوسع على اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لتعزيز حياد المنظمة، وتحسين استدامة الأونروا".
ورغم ذلك، قال المسؤول الأميركي إن بلاده تعترف بـ "الدور الذي لا غنى عنه" للأونروا في غزة، وحث على استمرار وصولها الإنساني إلى القطاع "ورفع القيود المرهقة على عملها".
وأكد أن الوكالة ليست محورية فقط لتجنب "خطر المجاعة الوشيكة الحقيقي للغاية" في غزة، ولكنها تلعب أيضاً دوراً حاسماً في جميع أنحاء المنطقة لدعم اللاجئين الفلسطينيين.
إسرائيل: لا وجود لحق العودة
فيما زعم السفير الإسرائيلي جلعاد إردان أن الأمم المتحدة "مسؤولة بشكل مباشر عن إدامة" الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، "وأحد الأسلحة التي صنعتها لإطالة أمد هذا الصراع هي الأونروا".
واعتبر أنه "لا وجود لحق العودة، وأن الوكالة تخلق بحراً من اللاجئين الفلسطينيين- الملايين منهم - الذين تم تلقينهم أن إسرائيل ملكهم".
وتابع: "لمجرد أن الأونروا لديها طبقة من الأوروبيين المسؤولين عن جمع التبرعات وحشد الدعم، فإن ذلك لا يغير حقيقة أن الأونروا منظمة فلسطينية ملتزمة تماماً بتدمير الدولة اليهودية".
وأضاف إردان أن الوكالة هي "أكبر مناصر في العالم لحل الدولة الواحدة، دولة فلسطينية من النهر إلى البحر".
وقال إنه "ينبغي دمج اللاجئين الفلسطينيين في أماكن إقامتهم وتجنيسهم، بما في ذلك في لبنان وسوريا والأردن".