الخرطوم: الإمارات تدعم قوات الدعم السريع في الحرب.. وأبوظبي: ادعاءات لا أساس لها

"الدعم السريع" يثير سجالاً دبلوماسياً بين الإمارات والسودان في الأمم المتحدة

جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن الحفاظ على السلام والأمن الدوليين. 18 مارس 2024 - Reuters
جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن الحفاظ على السلام والأمن الدوليين. 18 مارس 2024 - Reuters
دبي -الشرق

أثارت تصريحات ممثل السودان في مجلس الأمن الدولي ضد دولة الإمارات سجالاً دبلوماسياً بين البلدين، بعدما اتهمها بـ"دعم قوات الدعم السريع" في الحرب الدائرة منذ عام مع الجيش السوداني، فيما اعتبرت أبوظبي أن هذه الاتهامات "لا أساس لها من الصحة".

وقالت مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية لانا زكي نسيبة، الاثنين، إن بلادها ترفض تصريحات المندوب الدائم للسودان أمام مجلس الأمن، مشددة على أنها "مزاعم لا أساس لها من الصحة".

وأفادت وزارة الخارجية الإماراتية، بأنها وجهت رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل الجاري، ذكرت فيها أن "نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة بعد مرور عام على الصراع في السودان، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان".

وأضافت أن "الإمارات أكدت في هذا الصدد أنها ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ومواصلة العمل مع جميع المعنيين لدعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية.

واندلع القتال بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، على نحو مفاجئ في منتصف أبريل 2023، بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين.

خطاب الإمارات إلى مجلس الأمن

ووجه سفير الإمارات ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة محمد أبو شهاب خطاباً إلى الرئيسة الحالية لمجلس الأمن، مندوبة مالطا فانيسا فرايزر، أعلن فيه رفض الإمارات بشكل قاطع "الادعاءات التي أدلى بها مندوب السودان في جلسة مجلس الأمن رقم 9611 بتاريخ 19 أبريل 2024 في إطار بند جدول الأعمال (تقارير الأمين العام بشأن السودان وجنوب السودان)، والتي لا أساس لها من الصحة"، بحسب الخطاب.

وقال إن "تلك الادعاءات تتعارض مع العلاقات الأخوية الراسخة بين بلدينا، ويبدو للأسف أن هذه ليست أكثر من مجرد محاولة لصرف الانتباه عن الصراع وعن الحالة الإنسانية المتدهورة الناجمة عن استمرار القتال".

واعتبر السفير الإماراتي أن "كافة الادعاءات المتعلقة بتورط الإمارات في أي شكل من أشكال العدوان أو زعزعة الاستقرار في السودان، أو تقديمها لأي دعم عسكري أو لوجستي أو مالي أو سياسي لأي فصيل في السودان، هي ادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها".

وقال إنه "منذ اندلاع الصراع في السودان، لطالما أعربت الإمارات عن إيمانها الراسخ بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع، ويساورنا بالغ القلق إزاء عدم استجابة أطراف النزاع للدعوة المتكررة للوقف الفوري للأعمال العدائية أو الجهود الرامية إلى إيجاد حل مستدام للصراع من خلال الحوار، بما في ذلك الدعوة الأخيرة من قبل مجلس الأمن في القرار 2724 (2024)".

وأضاف أنه "بالرغم من النداءات العديدة التي صدرت عن الجهات الإقليمية والمجتمع الدولي بأسره، إلا أن أطراف النزاع استمرت في إطالة الأعمال العدائية، والتي تسبب للشعب السوداني مشقة ومعاناة لا يمكن وصفها، وتهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها".

"معلومات مضللة"

وتابع السفير الإماراتي حديثه قائلاً: "وفي هذا السياق، تعرب الإمارات أيضاً عن قلقها البالغ إزاء نشر معلومات مضللة وروايات كاذبة، والتي من شأنها تقويض أي جهود تهدف إلى تعزيز الحوار البناء وتمهيد الطريق نحو تحقيق السلام الدائم في نهاية المطاف".

وقال السفير: "بالنيابة عن حكومتي، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعيد التأكيد على احترام والتزام الإمارات بإعلاء مبادئ القانون الدولي، بما في ذلك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، كما تحترم الإمارات سيادة الدول الأخرى وتمتنع عن أي تدخل في شؤونها الداخلية وتلتزم بالامتثال التام لقرارات مجلس الأمن وبالتعاون مع المجلس وهيئاته الفرعية".

وأكد أنه "بناءً على ذلك، ستظل دولة الإمارات ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، وتحقيقاً لهذه الغاية، ستواصل الإمارات العمل مع جميع أصحاب المصلحة، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية".

وأضاف: "تواصلت الإمارات بشكل فعال مع الأطراف في السودان وأصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) والاتحاد الإفريقي، ودعمت المحادثات في جدة والمنامة، كما شاركت في المؤتمر الإنساني الدولي بشأن السودان والبلدان المجاورة، والذي عقد مؤخراً في باريس، وانضمت إلى إعلان المبادئ الصادر عنه من أجل الدفع قدماً بمبادرات السلام الخاصة بالسودان، وتعهدت بتقديم 100 مليون دولار أميركي دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار".

وشدد على أن الإمارات "تؤمن إيماناً راسخاً بأن الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجة المظالم وتمهيد الطريق نحو السلام المستدام في السودان، وتؤكد على ضرورة التزام جميع الأطراف التزاماً حقيقياً بالمشاركة في محادثات السلام بحسن نية، إذ يجب على جميع الأطراف في السودان التركيز على المشاركة البناءة والحوار الهادف بدلاً من التهرب من المسؤولية وتقويض الجهود الرامية إلى حل الصراع ومعالجة الأزمة الإنسانية في السودان، فالوضع الحالي في السودان يتطلب من جميع الأطراف المعنية إظهار التزام حقيقي بتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في السودان".

وأكد أن الإمارات "ستواصل دعم جميع الجهود الحقيقية الرامية إلى تحقيق السلام والاسقرار في السودان، وستظل ملتزمة بالتعاون مع جميع أصحاب المصلحة من أجل التوصل إلى حل سلمي الصراع".

شكوى ممثل السودان بمجلس الأمن

ودعا ممثل السودان، مجلس الأمن الدولي في جلسته بتاريخ 19 أبريل، إلى "إدانة الامارات رسمياً"، وحثها على "وقف تزويد قوات الدعم السريع بالعتاد الحربي وتمويل المقاتلين"، وفق قوله.

وفي 29 مارس، قدّم ممثل السودان شكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد الامارات، متهماً إياها بـ"التخطيط لإشعال الحرب ودعم قوات الدعم السريع بمساعدة من تشاد"، وفق ما جاء في الشكوى.

واتهم ممثل السودان الإمارات في هذه الشكوى بـ"التخطيط والإعداد للحرب عبر مليشيا قوات الدعم السريع"، كما اتهمها بـ"رعاية المليشيا بالتمويل والإسناد الدبلوماسي والإعلامي والدعائي واللوجيستي وبالتدخل العلني".

وجاء في الشكوى، أن "الدعم السياسي والإعلامي والدبلوماسي والمالي، إلى جانب الإمداد بالسلاح والعتاد وجلب المرتزقة من شتى الدول، الذي قدمته، ولا تزال تقدمه الإمارات لمليشيا الدعم السريع، وهي تحارب الجيش الوطني السوداني، يشكل نمطاً من أنماط استعمال القوة المتعارضة مع ميثاق الأمم المتحدة ومع مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً للميثاق".

وقال ممثل السودان إن "القانون الدولي والممارسات الراسخة للدول تؤكد على عدم مشروعية استعمال القوة المسلحة للاعتداء على إقليم أي دولة أو إخضاعها ولو مؤقتاً لاحتلال وعدوان عسكري غير مباشر مثلما تقوم به الإمارات حالياً تجاه السودان، أو القيام بأي تدبير من تدابير القوة الغاشمة لخرق ميثاق الأمم المتحدة، وبهذا تدخل تصرفات الإمارات تحت طائلة الحرب العدوانية التي يستدعي الواجب دعم حكومة السودان لقمعها حتى لا تكون سابقة تمر دون مساءلة وحساب"، بحسب تعبيره.

تصنيفات

قصص قد تهمك