مسؤولون: روسيا أطلقت مركبة فضائية "لاختبار نشر سلاح نووي بالفضاء" قبل غزو أوكرانيا

الصاروخ الروسي سويوز 2.1B يقلع وعلى متنه 18 قمراً اصطناعياً روسياً وأجنبياً من فوستوشني كوزمودروم، أقصى شرق إقليم أمور. 29 فبراير 2024 - Reuters
الصاروخ الروسي سويوز 2.1B يقلع وعلى متنه 18 قمراً اصطناعياً روسياً وأجنبياً من فوستوشني كوزمودروم، أقصى شرق إقليم أمور. 29 فبراير 2024 - Reuters
دبي-الشرق

قال مسؤولون أميركيون إن روسيا أطلقت قمراً اصطناعياً، في فبراير 2022، "لاختبار مكونات سلاح محتمل مضاد للأقمار الاصطناعية يمكن أن يحمل جهازاً نووياً"، حسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وأشار المسؤولون إلى أن القمر الاصطناعي الذي تم إطلاقه في الفضاء "لا يحمل سلاحاً نووياً"، ولكنه "مرتبط ببرنامج نووي روسي مضاد للأقمار الاصطناعية، ما أثار قلق إدارة بايدن والكونجرس وخبراء خارج الحكومة بصورة متزايدة في الأشهر الأخيرة.

وأضاف المسؤولون أن هذا السلاح، حال تم نشره، سيمنح موسكو القدرة على "تدمير مئات الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض عبر تفجيرات نووية".  

وتم إطلاق القمر المعني، والذي يحمل اسم Cosmos-2553، في 5 فبراير 2022، ولا يزال يدور حول الأرض في مدار غير معتاد.

وقال مسؤولون آخرون لـ"وول ستريت جورنال" إن هذا القمر الاصطناعي يعمل "سراً كمنصة للبحث والتطوير لمكونات نظام الأسلحة الجديدة غير النووية"، التي لم تنشرها روسيا بعد.  

من جانبها، قالت روسيا إن المركبة الفضائية مصممة "لأغراض البحث العلمي"، وهو ما وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه "غير معقول".  

ورغم علم الولايات المتحدة باهتمام روسيا بالقدرات النووية المضادة للأقمار الاصطناعية منذ سنوات، إلا أنها لم تتمكن سوى مؤخراً من أن تحدد على نحو أفضل مدى التقدم الذي حققه البرنامج الروسي، حسبما قال المسؤولون الأميركيون لـ"وول ستريت جورنال".  

وأوضحوا أن هذا السلاح في صورته النهائية، حال ومتى تم نشره في المدار، "يمكنه أن يمحو الأقمار الاصطناعية في الجزء من الفضاء الذي تهيمن عليه الحكومة الأميركية، والأصول التجارية، بما فيها كوكبة "ستارلينك" التابعة لشركة SpaceX، التي أثبتت أهميتها في الحرب في أوكرانيا.

وتفسر التفاصيل المتعلقة بالقمر الاصطناعي البحثي، التي لم تُنشر من قبل، حالة "الهلع" التي أصابت واشنطن مؤخراً بسبب طموحات الفضاء النووية التي تراود روسيا.  

"بيان مبهم"

وانطلق هذا النقاش في فبراير عندما أصدر النائب الجمهوري عن ولاية أوهايو ورئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي، مايك تيرنر بياناً مبهماً حول "تهديد خطير غير محدد للأمن القومي" الأميركي، وطلب من الرئيس بايدن رفع السرية عن المعلومات المتعلقة به. 

وفي وقت لاحق، أكد البيت الأبيض علناً أن روسيا تسعى إلى الحصول على ما أسماه قدرات مضادة للأقمار الاصطناعية "مثيرة للقلق". كما وصف مسؤولون الأمر بأنه "مصدر قلق بالغ"، رغم أنه "لا يشكل تهديداً حيوياً لسلامة الأميركيين"، وعزوا ذلك إلى أنه "لم يتم نشر السلاح في الفضاء، وأنه غير مصمم لمهاجمة أهداف على الأرض". 

ووصف شخص مطلع على الأمر القمر الاصطناعي الذي تم إطلاقه بأنه "نموذج أولي" لسلاح، ولكن آخرين أكدوا أن البرنامج الروسي "لم يتقدم بهذا القدر"، حسبما أوردت "وول ستريت جورنال". 

وفي فبراير، وصف الكرملين التقارير التي تتحدث عن ضلوع روسيا في تطوير نظام نووي مضاد للأقمار الاصطناعية بأنها "مجرد افتراءات".

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق من الشهر الجاري، إن "موقفنا واضح وشفاف؛ فقد كنا دائماً ضد نشر الأسلحة النووية في الفضاء بشكل قاطع، ونحن الآن نعارضها بشكل قاطع أيضاً".

والشهر الماضي، سعت الولايات المتحدة واليابان إلى وضع روسيا في موقف حرج من خلال مطالبة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتصويت على قرار يؤكد معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 التي تحظر نشر أسلحة نووية في المدارات.  

وصوتت روسيا ضد القرار، وقالت إنه فشل في الذهاب إلى أبعد من ذلك من أجل حظر جميع أنواع الأسلحة الفضائية.

 

وقوبلت الجهود الأميركية لمناقشة مخاوف واشنطن بشأن البرنامج المضاد للأقمار الاصطناعية مباشرة مع المسؤولين الروس بالرفض أيضاً، حسبما قال المسؤولون الأميركيون لـ"وول ستريت جورنال". 

تجربة علمية؟

وتم إطلاق القمر الصناعي Cosmos-2553 عن طريق صاروخ روسي إلى المدار قبل 19 يوماً من إصدار بوتين أوامره إلى الجيش الروسي بغزو أوكرانيا في 24 فبراير 2022.  

وقالت وزارة الدفاع الروسية، وفقاً لخدمة TASS الإخبارية التابعة للدولة الروسية، إن المركبة الفضائية مجهزة بـ"أدوات وأنظمة مطورة حديثاً على متنها لاختبارها في ظروف التعرض للإشعاع وتحت ضغط الجسيمات الثقيلة المشحونة".  

وخلال تصريحات عامة في وقت سابق من الشهر الجاري، انتقدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي مالوري ستيوارت، بقوة هذا التفسير، من دون أن تحدد التفاصيل الخاصة بالقمر الاصطناعي. 

وقالت خلال استضافتها في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن "المدار يقع في منطقة لا تستخدمها أي مركبة فضاء أخرى، وهذا في ذاته أمر غير عادي إلى حد ما". 

وأضافت أن "المدار يقع في منطقة ذات إشعاع أعلى من المدارات الأرضية السفلية العادية، ولكنه ليس عالياً بما يكفي لخلق بيئة إشعاعية تسمح بإجراء اختبارات سريعة للإلكترونات، بما يتعارض مع الأغراض التي أعلنتها روسيا".

وأكدت ستيوارت أن الولايات المتحدة كانت "على دراية بمساعي روسيا للحصول على هذا النوع من القدرات منذ سنوات، ولكننا تمكننا مؤخراً من تقييم ما أحرزه الروس من تقدم على نحو أدق". 

ولا يزال القمر الصناعي Cosmos-2553 في المدار، وفقاً لما نقلته "وول ستريت جورنال" عن متتبعي أقمار اصطناعية محترفين.  

وأشارت الصحيفة إلى أن المتحدثين باسم أجهزة الاستخبارات الأميركية ومجلس الأمن القومي "رفضوا مناقشة القمر الاصطناعي وعلاقته ببرنامج موسكو المضاد للأقمار الاصطناعية".  

ومنذ سنوات يشعر المسؤولون الاستخباراتيون الأميركيون بقلق بالغ بشأن القدرات الفضائية الروسية والصينية، وطالما اعتبروا الأقمار الاصطناعية "أهدافاً مشروعة" حال اندلاع صراع كبير ضد أي من الخصمين.  

ولكن هذه المخاوف باتت أكثر إلحاحاً في السنوات الأخيرة، بعد أن صارت الأقمار الاصطناعية أكثر تكاملاً مع القدرات العسكرية وأنظمة الاتصالات العالمية.  

وازداد اعتماد وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" على الأقمار الاصطناعية التجارية غير المدعومة ـ على عكس المركبات الفضائية العسكرية والاستخباراتية ـ لتحمل الإشعاع المكثف الناتج عن الانفجارات النووية.

الأجهزة النووية الروسية قد تغير معادلة 

ويمكن استخدام الجهاز النووي الروسي المضاد للأقمار الاصطناعية لتهديد المركبات الفضائية في المدار الأرضي المنخفض، حيث تباشر الشركات والوكالات الحكومية الأميركية نشاط تشغيل الأقمار الصناعية أكثر من أي دولة أخرى، وفق المسؤولون الأميركيون.

واعتباراً من نهاية أبريل، كان هناك ما يقرب من 6700 قمر اصطناعي أميركي تعمل في هذا الجزء من الفضاء، وفقاً لشركة البيانات الفضائية LeoLabs، فيما تمتلك الصين 780 قمراً اصطناعيا في نفس البقعة الفضائية، وروسيا 149 قمراً.   

وتشكل معظم الأقمار الاصطناعية الأميركية جزءاً من شبكة StarLink للإنترنت عبر الأقمار الصناعية، والتابعة لشركة SpaceX، فيما تمتلك شركات أخرى أجهزة تلتقط بيانات حول الأنشطة التي تجري على الأرض. 

وتعمل وكالة تطوير الفضاء، وهي جزء من قوة الفضاء الأميركية، على تطوير شبكة أقمار جديدة لتوفير أجهزة تتبع الصواريخ وغيرها من الخدمات العسكرية في المدار الأرضي المنخفض، والذي لا يتجاوز ارتفاعه 1200 ميل.

وخلال مقابلة مع "وول ستريت جورنال" وصف رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي، مايك تيرنر خطط روسيا بهذا الشأن بأنها "أزمة الصواريخ الكوبية التي حلت بالفضاء". 

وبالنسبة لمسؤولي البنتاجون الذين ينصب تركيزهم على الفضاء، فإن وجود أسراب من الأقمار الاصطناعية بالقرب من الأرض يزيد من مرونة عملهم، لأنه "إذا استولى أحد الخصوم على مركبة فضائية منفردة، فإن الشبكة العامة ستظل تعمل وتزود الجيش بالقدرات". ولكن الأجهزة النووية الروسية المضادة للأقمار الاصطناعية يمكن أن تغير هذه المعادلة، وفق "وول ستريت جورنال".  

وقال جون بلامب، كبير مسؤولي السياسة الفضائية في البنتاجون إن استخدام هذا السلاح من شأنه أن يدمر أو يلحق أضراراً بالأقمار الاصطناعية غير المدعومة ضد التفجير النووي، كما يمكن أن يجعل المدار الأرضي المنخفض غير قابل للاستخدام لبعض الوقت.

وقال بلامب مؤخراً أمام الكونجرس إن هذا السلاح النووي الفضائي الروسي سيكون "عشوائياً" لأنه "ليس له حدود وطنية، ولا يميز بين الأقمار الاصطناعية العسكرية والمدنية والتجارية". 

تصنيفات

قصص قد تهمك